كثر اللغط أخيراً حول أسباب فرار مجموعة اللاجئين الفلسطينيين من ايطاليا إلى السويد والبالغ عددهم أكثر من 170 فلسطيني وما تعرضوا له من أذى واعتداء في ايطاليا ولتوضيح الحقيقة نرى انه أصبح لزاماً علينا أن نسرد الحقائق كما هي وكما تشير إلى ذلك وثائقنا ولقطع دابر التأويل والتجريح الذي تعرضنا له من بعض المعلقين على أخبارنا وكذلك على من سولت له نفسه أن يكون ناطقاً باسمنا دون الرجوع إلينا لمعرفة الحقيقة كما هي .
وسنبدؤها بالعبارة التي استفزت مشاعر الكثيرين البعيدين والذين لم يغوصوا بالبحث عن المعنى الحقيقي للكلمة ألا وهي الاغتصاب وعلى المهتمين بهذه الكلمة أن يعرفوا أن فلسطين اغتصبت عام 1948 واغتصب معها حق الشعب الفلسطيني بحياة حرة كريمة على أرضه وعلى ارض إخواننا العرب الذين استضافونا ولم يتحملوا معنا انتظار تحقيق أملنا بالعودة إلى ديارنا وأجبرونا بعد التنكيل والقتل والطرد باللجوء إلى الأغراب لحمايتنا مما تعرضنا له من أذى في العراق وفي مخيمات اللجوء المختلفة..
فكان نصيب أكثر من 170 لاجئ فلسطيني نقلهم إلى ايطاليا كحصة لجوء في الاتحاد الأوربي وبإشراف المفوضية السامية لشئون اللاجئين.. اعترضنا واعتصمنا في مخيم التنف فما كان من المفوضية إلا أن تغتصب حقنا في رفض البلد الذي حددته لنا واحترام مخاوفنا بعد أن وصلت إلينا معلومات بأن ايطاليا بلد لا يحفظ حق اللاجئ ولا يوفروا له الأمن والأمان فكان قرار المفوضية من لا يذهب إلى ايطاليا سيتم تسليمه إلى السلطات العراقية وان تتخلى المفوضية عن حمايته (نفذ ثم ناقش ) وشطبت أول شعارات الديمقراطية التي كنا نتمنى أن نراها ومرغمين حملنا مخاوفنا وآمالنا وذهبنا إلى ايطاليا باستثناء خمس ملفات أصرت على الرفض وكان مصيرها أن تعاقب ولا زالت لحد الان في مخيم الهول ( الحسكة )!!
وفي أول دقائق من وصولنا تم احتجازنا واغتصاب مشاعرنا وإرسالنا إلى سجن يبعد بضع كيلو مترات عن المطار وبرفقة عدد من رجال الشرطة لأكثر من 10 ساعات أخذت بصماتنا وتم توقيعنا على أوراق مكتوبة باللغة الايطالية لا نعرف محتواها بعدها تم نقلنا جواً إلى مقاطعة كلابرية في الجنوب الايطالي ولمدة أربعة أشهر بقينا حبيسي المنازل ولا نحصل سوى على سلة مواد غذائية تسلم لكل عائلة مرة في الأسبوع فقمنا بمناشدة المسئولين وكانت النتيجة أن استبدلت سلة الغذاء بكوبون نقدي مطبوع كتب على وجهته الأولى.. "لا للعنصرية" وعلى الوجه الأخر كتب "لا للمافيا"!!
وتصرف هذه العملة في محلين في هذه القرية الصغيرة فقط ومن هنا بدأت مأساتنا بعد أن استفز هذا المطبوع عناصر المافيا والعنصريين واعتبروا أن حملنا وترويجنا لهذا الكوبون هو تحدي لهم وموافقة من قبلنا لمحاربة هاتين الجهتين فبدئوا أول الأمر بمضايقتنا وبعدها بأسابيع نفذ أول تهديد لهم بأن اختطفوا إحدى الفتيات القاصرات أمام أنظار الكثيرين تمكنت برعاية الله وحفظه من التخلص من أيديهم والفرار منهم دون أن تمس بأي ضرر سوى الضرر النفسي فقط..
تم إبلاغ الشرطة بذلك وإبلاغ البلدية التي أهملت الموضوع ولم تتحرك مع الشرطة للبحث عن الفاعلين علماً بوجود كاميرات مراقبة في الشوارع ومكان الحادث أما لخوفاً منهم أو لتواطؤ أو لسكوت لا نعرف معناه وبعدها تم تسجيل ست بلاغات في الشرطة حول اعتداء بالضرب وتحرش بأطفال من قبل عناصر معروفين للشرطة والبلدية وسجلت هذه الدعاوي ضد مجهول رغم إننا قمنا بإرشادهم إلى مكان تواجد هؤلاء العناصر وللعلم لم يتم ثلم شرف أي من الحالات الستة باستثناء تعرضهم لحالات من الخوف والهلع والاضطراب النفسي أثناء خروجهم مع عوائلهم أو أثناء نومهم كما وتعرضت عدد من أخواتنا النساء لحالات القذف والسب والشتم ونزع الحجاب عن رؤوسهن فأزداد الضغط علينا بقيام الشرطة بعمليات مداهمة منازلنا وتفتيشها وبعثرة حوائجنا كما حدث مع أهلنا أثناء الاحتلال في فلسطين ومعنا أثناء الحرب في بغداد بحجة أنهم يفتشون تفتيش روتينيٍ!!
ومن جهة أخرى قام عدد من العنصرين أو من عناصر الجريمة المنظمة بتهديد شبابنا في الشوارع و الملاعب بالقتل إن لم يغادروا هم وعوائلهم وازدادت الحالة سوءا نتيجة اللامبالاة للسلطات الحكومية ومفوضية روما التي كانت تعرف بكل ما يحدث لنا من خلال مراقبها المعين من المفوضية والتعتيم الذي قامت به مفوضية روما على ما يحدث لنا بما يخالف أساس قانون إنشاء المفوضية لعام 1950 والقرار 428 الذي يحدد واجبات المفوضية السامية بحماية اللاجئ وتوفير حلول دائمة لإنهاء معاناتهم ولا زالت المفوضية السامية تتكتم وتخفي مأساتنا وتتبرأ من مسؤولياتها لإيجاد حل دائم لنا لحد الان وكانت نتيجة لذلك مأساتنا الأكبر بمقتل أخينا اللاجئ السياسي الفلسطيني حسن شباكي 49 عاماً رحمه الله الذي وجد معلقاً على شجرة زيتون مشنوقاً ومفقأةً عيناه وبدل أن تقوم المفوضية بواجباتها تهربت وامتنعت عن التدخل أو الاستفسار وكأن من قتل لا قيمة له أو خارج مسئوليتها وكذلك فعلت البلدية!!
وعند السؤال عن الحادث تكتمت الشرطة عن الإدلاء بالحقائق و نتيجة التشريح الطبي و التحقيق والبحث عن الجناة و تهديد الشهود الذين تعرفوا على جثة الشهيد وبناءا على كل ما تقدم ولوصول الأمور إلى مرحلة الخطر ولحفظ أرواحنا وأعراضنا من الانتهاك قرننا الهروب من ايطاليا إلى السويد لنعلن صرختنا ومأساتنا للعالم أجمع قد يفكر البعض لماذا اخترنا السويد نقول لهم أولا لكون السويد هي صاحبة مشروع إغلاق مخيم التنف و توزيع اللاجئين الفلسطينيين منه كحصص على دول الاتحاد الأوربي وثانيا لكون السويد بلد مسجل بأنه ديمقراطي وإنساني وامن اخترنا السويد وكانت معاناتنا الجديدة في مخيم مونكدال ولا زالت مستمرة دون تدخل من احد لمساعدة العوائل الفلسطينية بالنجاة من الكارثة التي هم فيها وأخيرا نشكر المنظمة الحقوقية للتنمية الدولية لما قامت به من مساعدة بإيصال صوتنا إلى العالم وحرك ضمائر الكثيرين أمثال قناة الجزيرة التي وثقت الحقائق على ارض الواقع من مصدرها الرئيسي .
إخوتي إن كانت قلوبكم معنا فلا تكن سيوفكم وأقلامكم علينا أدعو لنا ولكل أبناء شعبنا المظلوم بالتوفيق والأمن والعيش الكريم.
مجموعة اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من إيطاليا
16/10/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"