المآسي الفلسطينية المتجددة في البرازيل – عصام عرابي

بواسطة قراءة 5659
المآسي الفلسطينية المتجددة في البرازيل – عصام عرابي
المآسي الفلسطينية المتجددة في البرازيل – عصام عرابي

منذ أكثر من سنة مضت على برنامج المفوضية التعسفي بحق اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل ، البرنامج المبني على كل أُسس الكراهية والطغيان ، على أساس تدمير وتفكيك اللاجئين على كافة الأصعدة المعيشية والنفسية والأُسرية ، فما من برنامج إنساني يبيح إلقاء الناس إلى الشوارع وتشريدهم كما بدأ يحدث الآن ، ولطالما أثار هذا البرنامج حفيظة اللاجئ ومن حوله من الأشخاص المحايدين الذين لا تربطهم أي صلة برؤوس الكذب والنفاق وعن ما هو مصير نهاية هذا المطاف في بلد فيها ما يكفيها من الفقر والبطالة والفوضى .

http://www.paliraq.com/images/loai-sameer/loay-sameer01.jpg

اعتقدت رؤوس النفاق والكذب أن في تفريق اللاجئين على شتى المناطق البرازيلية البعيدة عن بعضها وتقطيع الوصل بينهم متبعين في ذلك سياسة فرق تسُد ، أن هذا سيكون الحل الأمثل كي لا تطفوا المشاكل على السطح ، لكن سوء الوضع الذي يعيشه اللاجئين بكافة المناطق التي يسكنونها أصبح مثل البركان المكبوت الذي بدأ يغلي ويغلي إلى أن حانت لحظة الإنفجار وبدأ هذا البركان يصب غضبه في اتجاه واحد وذلك إذ أكد إنما يؤكد أن مشكلة اللاجئين رغم توزيعهم بمناطق مختلفة هي مشكلة واحدة ...

http://www.paliraq.com/images/loai-sameer/loay-sameer03.jpg

وعندما حانة هذه اللحظة التي بدأ فيها اللاجئون البحث عن طريقة يوصلون فيها صوتهم طريقة للتعبير عن الاستياء من الوضع المأساوي ، طريقة في النهاية تحسم هذا الوضع ، وتضع حداً لمعاناة تزداد يوماً بعد يوم ، لم تلبث المسألة أن تطول ، فمن الطبيعي أن الإنسان في بادئ الأمر في مكان جديد عليه لا يعرف فيه شيئاً ، سوف يكون كالمقيد ، لكن سوء الأوضاع التي عاناها اللاجئون جعلتهم يكسرون هذه القيود بأسرع وقت ، فمنذ الأشهر الأولى لم يكن اللاجئين راضين عن هذا الوضع ، فكان وليد هذا المشروع الفاشل الاعتصام الذي بدأه بعضٌٌٌ من الأخوة المسنين والمرضى احتجاجا على سوء الأوضاع المتردية وكذب وإهمال المفوضية والمؤسسات المشرفة عليهم ، ليبدأ المنتفعين من المفوضية بتشويه الكلام والصور والحقائق ، بحجة أن المعتصمين يطالبون مطالب غير واقعية بالذهاب إلى لندن وباريس بينما كنا نرى أن المعتصمين يرفعون علم فلسطين وكان مطلبهم الأساسي العودة إلى فلسطين ولم يرفعوا علم باريس ولندن ..

وأكبر برهان على أن الغرض من هذا الاعتصام والمطالبة من كافة الأخوة الرافضين للبقاء في البرازيل هو الخلاص من هذه المعاناة من هذا الظلم ، أنه عندما أشاعوا مسألة إعادة اللاجئين إلى المخيمات في الصحراء لاقى الموضوع الترحيب والفرحة العارمة من كافة اللاجئين ،، ألا يكفي هذا أكبر برهان على سوء الأوضاع التي يعيشها اللاجئين في البرازيل !!!.

لكن ماذا نقول فالديمقراطية هنا تحتم على اللاجئ أنه إن شاء أم آبى يجب عليه قبول ما هو عليه الآن وما سيكون عليه بعد أشهر قليلة !!.

http://www.paliraq.com/images/loai-sameer/loay-sameer05.jpg

ولمجرد أن لمس البعض حركة رفض واسعة من قبل اللاجئين ومطالبات قاطعة انحصرت بمطلب واحد هو الخروج من هذا الجحيم ، حتى انهالت الألسن أحدُ من السيوف تقطع بمن طلبوا ذلك المطلب وكأنهم يأخذون منهم شيئاً ،، فإذا كان هذا عشقاً للبرازيل فنحن لسنا عشاقٌ ،، ولسنا ملزمين بذلك ، لكم دينكم ولنا ديننا ، وكل حر بما يراه لنفسه ..

ازداد المعتصمون وازدادت الحالات الإنسانية أطفالا ونساء ومسنين ومرضى ومفوضية هاربة

من مسؤلياتها ، وطرد من مكان إلى مكان ، وعندما تحرك القانون تحرك لطرد هذه العوائل بعد فرار المفوضية ولم يتحرك لنصرتهم ، وهذا ليس غريباً لأننا كفلسطينيين نعرف أن مآسينا لا تحرك ساكناً عند أحد ليتحرك لها القانون البرازيلي وربما إذا تحرك القانون البرازيلي يتحرك ضد اللاجئين الفلسطينيين وليس معهم ...

ما الذي نفهمه من هذا كله ، هل هي تصرفات طائشة ليس لها مبرر من قبل اللاجئين ؟

أم هي نتيجة ظلم يقاسيه اللاجئين في البرازيل على أيادي طاغية ، أم هي مثلما صرح الأرعن المجنون مدير المفوضية خافير لأحد الصحف البرازيلية أن هذه ليست إلا مجموعة من المشاغبين ، أم مثلما تصرح مؤسسة آساف المؤسسة التي لم تقل شيئاً حقيقياً لهذا اليوم أن اللاجئين لا يريدون فعل شيء يريدون أن يتقاضوا رواتب مدى الحياة !!!.

ليطمئنوا من هذه الناحية لو أعطونا قصوراً ورواتب لأبناء أبنائنا لن نتراجع عن مطلب الخروج من هذه البلد...

أصبح اللاجئين الفلسطينيين مشاغبين ويريدون البقاء عالة عليهم ولربما يكونون هم المضطهدون وفرت المفوضية من مكتبها نتيجة اضطهاد اللاجئين لها...

إن اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل يتعاملون مع أُناس في قمة النفاق والطغيان ويتعاملون مع أُناس كالمجانين غير مسؤولين عن تصرفاتهم ولا يوجد من يحاسب على شيء وبالذات من جهة اللاجئين الفلسطينيين لا دولة ولا قانون الكل يغض النظر ..

لطالما تحدثنا عن مصير الشوارع والضياع في البرازيل وفعلاً نرى اليوم لاجئين أصبح مصيرهم الشوارع وبقي الضياع هل من محاسب ؟

وهناك وضع مأساوي لمريض في فينانسيو آيريس المريض لؤي سمير عودة على أعتاب الموت في كل يوم يمضي عليه نتيجة الأضرار في رئتيه وعدم قدرته على التنفس ،، يتم التلاعب بكل متعلقات هذا المريض ، فمنذ أشهر قام مدير المفوضية خافير ومعه موظف يدعى فرناندو بالإضافة إلى مديرة آساف وبصحبتها بعض الموظفات من نفس المؤسسة بزيارة للاجئين ومن ضمنهم أخ للؤي سمير وأكد خافير أن حالة لؤي غاية في السوء وأنه لن يعيش لأكثر من ثلاثة سنوات وأنه يجب أن يداوم على الأكسجين بشكل متواصل وسيتم إدراجه ببرنامج حكومي خاص بمثل هذه الحالات وأنه سيتم تأمين ودفع مصاريف الأوكسجين وعلاجه بالإضافة لأكاذيب أُخرى تصل من الأرض للسماء ، من هذا كله ما الذي حدث ؟

http://www.paliraq.com/images/loai-sameer/loay-sameer06.jpg

تم دفع ( 50 ) ريال فقط لما يصرفه جهاز الأوكسجين من كهرباء ومن جهة أُخرى تم قطع غالبية الأدوية التي يستعملها ، وقبل أسبوعين أفادت المؤسسة الملعونة أهل المريض لؤي أن رئتيه سليماتان وليس فيهم شيء من أي مرض وليس بحاجة للأوكسجين وأنه لا يعاني شيئاً  وأن هذا حسب تقارير طبية !!!.

وأُحب أن أُوضح هنا أن حالة المريض لا تحتاج لتقارير طبية فلمجرد النظر لها من قبل شخص عادي وليس طبيب وبالعين المجردة سيتضح مدى سوء حالته وحجم معاناته ، لكن على مل يبدو أن هذه المؤسسة تنوي تزوير تقارير طبية لهذا المريض تثبت فيها أنه لا يعاني شيء ، ونحن نتمنى لو كان كذلك كي لا يعيش ذليلاً تحت رحمة من لا يرحم ولكن للأسف ..

إننا هنا في فينانسيو آيريس مهملين أشد إهمال ، حتى في المساعدات التي وزعتها السفارة الفلسطينية على اللاجئين جميعاً البالغة ( 100 ) دولار للفرد تم توزيعها على اللاجئين بكل مناطق سكناهم من أكبر فرد إلى أصغر فرد إلا هنا أنا لدي عائلة مكونة من أربع أفراد تسلمت المساعدة عن ثلاثة فقط وعند سؤال الشخص الذي سلم قال هذا ما وصل من السفارة وعند الاتصال بالسفارة أكدوا أنهم أرسلوا للجميع وسيرون الموضوع وهذا الكلام قبل أربع أشهر من الآن ولم يرد علينا أحد والعلم عند الله ، وما خفي من معاناة أعظم من ذلك ...

ولو أردنا أن نلخص الكلام بمفردات واختصارات عن وضع اللاجئين في البرازيل نجد سوى كلمات مفادها ( مسنين ومرضى إهمال وسوء أوضاع نساء و أطفال شوراع وضياع كذب ونفاق ومصير مجهول ) أين يجد اللاجئ نفسه من هذه المفردات وكيف يستبشر منها خيراً .

عوائل شردت بالشوارع وعوائل لم تعد تطيق الوضع الذي تعانيه أين يصب كل ذلك وأين القانون الذي يتحدثون عنه لماذا لا يتدخل قانون الديمقراطية الذي يدعون فيه لحل هذه المشاكل ، لم نرى القانون هنا تدخل إلا لقمع اللاجئين الفلسطينيين ونصرة المفوضية ،، لن يعيش لاجئ مرغم في أرض يعاني فيها ورافضاً لها ، إذا فهموا ذلك أم لم يفهموا ...

هناك مؤامرة يشترك فيها الجميع هنا ضد اللاجئين الفلسطينيين فإن غض النظر من قبل الجميع على الإطلاق إذا كانت جهات برازيلية أوجهات أُممية أو سفارات فإن ما يجري من عدم المبالاة بمريض أو معاق أو مسن لم يحدث بسابقة أخطر من التي تحدث مع اللاجئين الفلسطينيين بل أصبح دور الجميع هنا إما المشاركة بأذية اللاجئين أو غض النظر والسكوت عما يحدث معهم عدا المحاولات التي كانت قائمة من قبل البعض من الكذب على اللاجئين بما يصب بمصلحة المفوضية والمؤسسات المشرفة على اللاجئين لكن حبال الكذب قصيرة جداً فلم يلبث الموضوع أن يطول حتى انكشفت جميع الأكاذيب فإن بلداً بمثل أوضاع البرازيل لا تحتاج من الإنسان أن ينصت لما يقوله الآخرين فلمجرد أن يعايش وضعها فترة بسيطة حتى يرى الصورة الحقيقية فيها ، أيها الأخوة الأفاضل لا نعلم إلى متى يضل هذا السكوت على أوضاع متدهورة لأُناس لا يتحملون الإهمال أكثر من ذلك لمرضى بأمس الحاجة للعلاج ، هناك سؤال يطرح نفسه لو كان هؤلاء اللاجئين من جنسية غير الفلسطينية سيعاملون بنفس هذه الطريقة ، ولماذا هذا السكوت ، السكوت البرازيلي ، سكوت المفوضية ، سكوت الإعلام ،سكوت السفارة و الهيئات الفلسطينية ، لماذا ؟

ماذا ينتظرون ؟ ينتظرون موت المرضى ، ضياع الأطفال ، ينتظرون رؤية اللاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا مرفوعي الرأس طيلة حياتهم يتشردون في شوارع البرازيل ويبحث أبنائهم في المزابل عن ما يسدوا به جوعهم ، أين الإنسانية ؟ هل هذا هو البرنامج الإنساني ؟

لقد قلناها لأكثر من مرة وسنضل نقولها أخرجونا من البرازيل من هذا الجحيم من ضياع مستقبل أطفالنا ، من موت مرضانا ، إننا نفضل العودة إلى المخيمات إلى الصحراء أفضل لنا مما نعانيه هنا ، وإذا لم يسمعنا أحد ولم ينصرنا أحد لنا الله خير السامعين وخير الناصرين ..

15/6/2009

بقلم - عصام عرابي - البرازيل

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"