الاحتلال الأمريكي للعراق- بحسب مراقبين - كان بداية
تمزق بلد ظل الأقوى لقرون عديدة، نتج عنه انقسام وطائفية واقتتال لم يتوقف يومًا،
خلف وراءه خسائر بشرية قُدرت بمليون قتيل ومصاب وملايين المشردين، وخسائر مادية
للطرفين تقدر بتريليونات الدولارات، وانزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته خلال
2006-2007.
ففي مثل هذا اليوم من عام 2003، وقبل 16 عامًا، كانت
بغداد على موعد مع محتل غربي، أراد عبر "شرعية أممية" زائفة ومؤامرات
عربية أن يبدأ في تغيير المنطقة، بدأ باتهامات لبغداد بامتلاك أسلحة نووية، وإبادة
لقرى كردية، أعقبه غزو وقصف وبارود أضاء سماء بلاد الرافدين، ومع مرور الأيام نهبت
ثروات العراقيين وقطعت أوصالهم، وباتت الطائفية عنوانًا ليوميات بلاد ظلت لفترات
طويلة أولى بلدان العرب.
وتناول كتاب صدر عام 2017 لرئيس الوزراء البريطاني
السابق، جوردون براون، دوافع تقف وراء قرار لندن المشاركة في غزو العراق.
واتهم "براون" في الكتاب الذي يحمل عنوان
"حياتي وأزمتنا"، الولايات المتحدة، بتوريط الحكومة البريطانية، عن طريق
الخداع في المشاركة بالعملية، موضحًا أن "البنتاجون" كان على علم بأن
بغداد لا تملك أسلحة الدمار الشامل ولم يبلغ لندن بذلك.
وذكر "براون"، الذي كان يتولى إبان غزو
العراق في العام 2003 منصب وزير المالية، وخلف توني بلير في مقعد رئيس الحكومة
العام 2007، أن التقرير الاستخباراتي السري الأمريكي، بشأن مزاعم عن وجود أسلحة
الدمار الشامل في قبضة نظام صدام حسين، لم يسلم أبدًا للحكومة البريطانية، مشيرًا
إلى أنه لو حدث ذلك، لتطورت الأوضاع لاحقًا، حسب سيناريو آخر.
كما اعترفت مستشارة الأمن القومي الأمريكي في عهد
الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، كونداليزا رايس، في مايو 2017، بأن السبب الحقيقي
لاتخاذ الولايات المتحدة قرار غزو العراق للإطاحة بالرئيس العراقي، صدام حسين، لا
لجلب "الديمقراطية" للدولة الشرق أوسطية المحورية، مؤكدة أن الحرب التي
أقيمت في العراق كانت أمريكا تعلم أنها لن تجلب "الديمقراطية" لتلك
الدولة، ولكنها سعت في حقيقة الأمر للإطاحة بصدام.
ومن جهته، أعرب جون سكوت الذي كان "نائبًا"
لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير في عام 2003، حينما شاركت المملكة المتحدة في
غزو العراق عن أسفه لتلك "الغلطة الكارثية"، مؤكدًا أن الغزو "لم
يكن شرعيًا" وأن القرار وتداعياته ستلازمه بقية حياته.
وقال بريسكوت "في العام 2004، قال الأمين العام
للأمم المتحدة كوفي أنان، إن تغيير النظام كان الهدف الأول لحرب العراق وإنه كان
غير شرعي. ببالغ الحزن والغضب أعتقد اليوم أنه كان محقًا".
وأضاف أن "قرار دخول الحرب وتداعياته الكارثية
ستلازمني بقية أيام حياتي"، وأدلى بريسكوت بهذا الموقف في افتتاحية نشرتها
صحيفة "صنداي ميرور" عام 2016 بعد أربعة أيام على صدور تقرير يدين قرار
حكومة بلير المشاركة في غزو العراق.
وفي عام 2014، أي بعد مرور 11 عامًا على غزو العراق،
أعلن جورج بوش الابن، الرئيس السابق للولايات المتحدة، عن ندمه لغزو العراق، وأقر
أنه بذلك مهد الطريق لظهور "تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"
الإرهابي"، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وقال بوش، في مقابلة مع إذاعة "سي بي إس
نيوز" الأمريكية، إن قرار تنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي العراقية عام
2003، كان الأمثل حينها، للإطاحة بالرئيس العراقي السابق "صدام حسين"،
وأنه لم يأخذ تهديد "بوش" على محمل الجد، وحتى بعد القبض عليه، قال لمكتب
التحقيقات الفيدرالي "إنه لم يصدق بوش". وكشف عن ندمه على ظهور "جماعة
إرهابية" جديدة بجانب "تنظيم القاعدة".
وفي عام 2017 وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار
غزو العراق في عام 2003، بأنه "قد يكون أسوأ قرار اتُخذ في تاريخ الولايات
المتحدة على الإطلاق"، مشددًا على أنه ما كان يجب أن يحدث.
وقال ترامب، في أثناء مقابلة مع صحيفتي
"تايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية، في يناير 2017، إن
الهجوم الأمريكي على العراق ما كان يجب أن يحدث في المقام الأول، مشددًا على أن
قرار الغزو كان واحدًا من أسوأ القرارات، وربما أسوأ قرار اتخذ في تاريخ بلادنا
على الإطلاق.
وأضاف ترامب: "لقد أطلقنا العنان.. إنه أشبه برمي
أحجار على خلية نحل، إنها واحدة من لحظات الفوضى العارمة في التاريخ".
المصدر : يونيوز
13/7/1440
20/3/2019