أوسلو ... صرخة شيطان في يوم عرفة - محمد سليمان

بواسطة قراءة 2116
أوسلو ... صرخة شيطان في يوم عرفة - محمد سليمان
أوسلو ... صرخة شيطان في يوم عرفة - محمد سليمان

بنادق "زغردت" صوّت في عرس "الشهيد"، نار أحرقت شبح اللجوء فأطفئناها بفنجان من الثلج النرويجي ... فأي ذنب اقترفناه يا سادة الثورة؟! .

أوسلو هذه الكلمة التي أصبحت فاصلا حقيقا لزمنين مختلفين، زمن النشوة والثورة والحلم المخضب بصورة المقلاع والحجر وقنبلة الملوتوف، إلى زمن المصافحة بيد ترتجف فوق طاولة المذبح الفلسطيني .

لم تعد الحقائق تهمنا، ولم يعد التاريخ يعنينا، ولم يعد في صفحاتنا ما يؤنس القراء علما، فقد بعنا كل ألوان العلم بصورة تذكارية على أعتاب البيض الأبيض .

ونشهد أنكم جاهدتم في الله حق جهاده بأن بعتم وإشتريتم وإزدادت أرصدتكم وقتلتم وشردتم وسلبتم ودمرتم وفسقتم، فطوبا لكم ما فعلتم بنا يا إخوان الأرامل وسند أبناء "الشهداء" .

أوسلوا... فعلا تلك صرخة الشيطان والنكبة الثانية في تاريخ هذا الشعب الذي لم يعد على امتداد جسده سوى طعنات من هنا وهناك، لم يعد يرى في يوم مشمس سوى سراب الوطن، وفي ذاكرته سوى صورة تابوت في المنفى ليحتضر في أزقة المخيمات .

هل تأملتم لحظة بما فعلتم ؟ .

هل رايتم واقعنا بعدما إتفقتم ؟ .

هل عشتم لحظة دفعتم ثمنها من بكاء الأطفال على الحواجز ؟ .

هل ضاقت الدنيا بكم من شدة الفقر وضيق السبل عندما رفضتكم كل الدول للعمل بها ؟ .

هل وهل وهل ... ؟ .

قائمة طويلة من إسهاماتكم التي دفعت بنا إلى ما نحن عليه الآن من الإنقسامات والتبيعة لغير الوطن والعلم ... فكل يلحق بصاحب السلطان في بلاد الشتات ليعيش ما تبقى من رمق الحياة .

مزقتم اشلائنا بدل أن تنثروا فوق أرواحنا التراب، والنتائج كما نرى الآن، كما قيل في زمن الجد والجدة (لنا في كل عرس قرص)، ليس من الحلوى ولا من الفرح، وإنما من القتل والتشريد .

إن أردتم شاهدا فلكم ما ترون ... شعب يطرد من العراق ... ليبيا ... مصر ... يقتل في لبنان ... في سوريا ... شباب ينتظر كرت التموين ... في ألمانيا ... السويد ... النروج ... لم تعد خارطة العالم تكفي للرسم والشرح .

هل رأيتم ما تبقى من فلسطين؟ هل رأيتم دولتان على مساحة ملعب كرة قدم؟ هل رأيتم فلسطين فلان وفلسطين فلان الآخر؟هل أجهدتم أنفسكم بحمل سطل من الماء لإطفاء المسجد الأقصى؟ هل رأيتم كيف يعتقل الشاب أو الفتاة لأنهما من المخربين بإتفاقية كتبت بإمضاء أيديكم ؟ .

هل رأيتم صورة إمرأة عجوز ملقاة على الأرض بعدما هدمت الجرافات بيتها فوق رأسها؟ هل سمعتم صوت آلاف الخريجين الجامعيين وهم يناشدون ولاتكم في عمل هنا، وسفر هناك هربا من بطش الجوع ؟ .

هل جمعتم الصور عن مخيمات البؤس في بلاد الشتات؟ ألم يخبركم أحد أن الأطفال يموتون عند أبواب المستشفيات ؟ .

أعتذر عن أسئلتي الكثيرة ... فأنتم منشغلون بقضايا أهم وأكبر من كل تلك الصرخات .

لم يعد في قلمي ما يكفي لسرد القصص والحكايات، فلن تجدو متسعا من الوقت لقراءة رواية ألف ليلة وليلة الفلسطينية ...

هنيئا لكم يا ساداتنا المُعبّئين ببدل لا يتعدى لونها السواد، فلن تنالوا لون دم "الشهداء" ما حييتم، ولسوف تلفظكم الأرض يوم مماتكم، فاللأرض لا تقبل إلا عطر الزيتون .

 

المصدر : موقع الحدث الإخباري المستقل

9/9/2012