المرأة بين الاسلام وما يسمى بعيد الأم!- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 5309
المرأة بين الاسلام وما يسمى بعيد الأم!- رشيد جبر الأسعد
المرأة بين الاسلام وما يسمى بعيد الأم!- رشيد جبر الأسعد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ...

 في معظم شعوب اوربا و الغرب  كظاهرة عامة و واقع معروف يعيشون حالات الإفلاس الأخلاقي ، و الخواء الروحي ، و الانغماس المطلق حتى الإذنين في الحياة المادية و الحياة الإباحية المتمثلة بالانفلات الجنسي التام و نتائجه الوخيمة و الكارثية  و المتمثلة بأحد نتائجها كثرة إنجاب الأطفال اللقطاء غير الشرعيين و التي بلغت نسبتها المئوية ( أي زنا و ليس نكاح شرعي ) زنا خارج إطار الحياة الزوجية الشرعية و القانونية النظيفة و ضوابطها ، لذلك بلغت تلك النسب من 10% بل60% و 65%  في كثير من بلاد الغرب الإباحية مضافاً الى ذلك انتشار زنا و نكاح المحارم ..!؟

ان هذه النسب المئوية هي زنا و إباحية و مجون خارج نطاق و ضوابط الحياة الزوجية السليمة و النظيفة و الشرعية .

في الغرب المعروف ان الفتاة و الفتى متى بلغ سن المراهقة و سن البلوغ و الرشد في عمر 17 و 18 سنة يمنح هؤلاء الخروج الحر من البيت ، و التصرف الحر ، و الانفلات الحر من كل ضوابط خلقية ، و المخالطة المشبوهة الحرة ، و الصداقة الحرة مع أي كان و ممارسة حياة العبث و المجون و السهر و شرب الكحول و التأخر في المجيء للبيت ليلاً حتى منتصف الليل او أكثر ، بل المبيت خارج البيت ، هذا واقع مر ، و هذه حقيقة مأساوية تعيشها تلك المجتمعات البائسة و المنحرفة .

فالفتاة تصادق و تسهر مع من تشاء ، و الفتى ان كان حقاً أخاها الشاب يصادق و يسهر مع من يشاء مع ذكر او أنثى .. تحت عدة مسميات براقة لامعة ، و عدم طاعة الوالدين بالمعروف و الإحسان ، و عدم إعطائهم حقهم بمنحهم تلك المكانة التي لها كل الاهتمام و الاحترام ، بعد الله سبحانه و تعالى ، ثم بعد رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم ، و هذه المكانة معروفة و محفوظة عند المسلمين و ما يكون عليه سلوك الأبناء تجاه الآباء و ما على الآباء تجاه الأبناء من مهام و واجبات و حقوق و أحكام شرعية .

 فالآباء هم بداية يتحملون وزر هذا الجفاء و الضياع تجاه الأبناء لأنهم لم يحسنوا التربية ، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو عق ولده فأمر الخليفة بإحضار الابن للاستفسار منه و سأله ان أبوك يشكو عقك له ، فقال الابن قبل كل شيء أريد ان اعرف حقوق الابن على الأب في الإسلام ، فقال له سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ان يختار له إماً صالحة مؤمنة مسلمة ، و اسماً جميلاً و يعلمه القرآن الكريم  . فقال الابن لسيدنا عمر : يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك: لقد اختار لي أماً مجوسية ، و سماني جعل و هو حيوان يعيش على النفايات ، و لم يعلمني حرفاً من القرآن ،، فالتفت سيدنا عمر قائلاً  للأب : لقد عققت ابنك قبل ان يعقك .

 و هكذا في بلاد الغرب عقوا أبنائهم أهملوا تربيتهم ، لم يسألوا عنهم فحصدوا الجفاء و الضياع و القطيعة و العقوق و الجحود و النكران . لهذا نرى في بلاد الغرب الأم مهملة ، منسية ، مهمشة ، من قبل الأبناء ليس لها ذلك الدور الريادي ، و ليس لها ذلك الموقع الممتاز الذي تتمتع به المرأة في بلاد المسلمين و الشرق العربي و الإسلامي ، لم يسأل عنها إلا نادراً و كان جزائها حين تتعدى الأربعين ان تنسى و تهمل وقد توضع في (سجن)المسنين..؟؟

في بلاد الغرب و عن طريق هيئة الأمم المتحدة و مجالسها و لجانها و مسمياتها ، تفتق الذهن العلماني الغربي الاباحي و المادي ، و المجتمع اللاديني ، عن طريقة لتكريم الأم ، و التي يعرف الإسلام و المسلمون ان لها دور مفصلي رئيسي بارز في بناء العائلة و المجتمع و تنشئة الجيل المؤمن السليم و إدخال البهجة و السعادة في المجتمع و الحياة و بصلاحها و استقامتها و عفتها إسعاد الآخرين و إصلاح المجتمع هذا الأمر لا يعرفه ساسة الغرب  .

فجاء إجراء الأمم المتحدة و المتمثل بجعل يوم 8 آذار من كل عام هو عيداً للام و تكريماً لها . أي تكريم و أي عيد هذا ؟؟

ان هذا الإجراء المسخ خرج من الإناء الذي نضح بالمساوئ المخلة بالنواميس و السنن ، فجاء هذا الإجراء ما يسمى ( بعيد الأم ) كسلوك يعتريه النقص و العيوب و الخلل بل ان تخصيص يوم واحد في السنة للتذكير بالأم هو في الحقيقة : إهانة للأم ، و امتهان لها و لكرامتها و جحود فضلها و نكران دورها ، و إغفال مكانتها و تأثيرها في الأخلاق و المجتمع و الحياة .

هؤلاء الأبناء ذكوراً و إناثاً في معظم بلاد الغرب يلفهم الإفلاس الأخلاقي و الضياع حين ينغمسون في حياة الاختلاط المشبوهة و التبرج و التعري و ممارسة الملذات الحرام و الدنس و كل أعمال الموبقات ( المنافية للسنن و للفطرة و الأديان ) من شرب مشروبات الكحول و السهر الطويل و لعب القمار و ممارسة الجنس و الإباحية و المجون ، بعيداً عن الحياة  الدينية الموجه ، بعيدا عن الضوابط و التعاليم الدينية السليمة أياً كانت ، بدون وازع و ضوابط ، بدون ندم او توقف ، بدون رادع .. تبقى هذه الحياة المادية الماجنة تسير بسرعة مستمرة .. بدون توقف .. تسير بسرعة جنونية في حياة صاخبة كالثور الهائج .. إذاً بعد ذلك ماذا بقي للأم أصلاً و الحالة هذه لم يبقى في ذهن الأبناء متسع من التفكير في الأم بل إهمال تام و نسيان كامل للام ولدورها و مكانتها فمن اجل إعادة (الاعتبار) لها في نظرهم و تذكرها تقرر ان يخصص لها يوم في السنة انه يوم لا يغني و لا يسمن من جوع ، فالذين صدروا قرار عيد الأم و كأنهم يقولون للأبناء استمروا في حياة الصخب و العقوق و المجون و الفساد و الخواء الروحي و الضياع و الدنس ، و لقد سددنا الفراغ حول نسيان الأم و تهميشها و اجحادها بان جعلنا لكم يوماً تتذكروها ، يوم في السنة ..!؟ اجل يوم في السنة ؟!!  و كفى ..؟

هذا هو موقفهم الواضح من منزلة الأم عقوق مع جفاء و نكران و نسيان و إهمال و قطيعة .. موقف مشين ، بعيداً عن التعاليم الدينية ، بعيداً عن منهج الله في الأرض ، بعيداً عن الفطرة و سننها .
بينما الحال و منذ أكثر من [1400] سنة و الى قيام الساعة في بلاد العرب و المسلمين ، قد يبلغ الابن او الابنة ، مبلغاً من العمر ، و مبلغاً من المكانة و المنصب و المال و الشهادة العلمية و المنصب الإداري كوزير او وكيل وزير او مدير عام او أستاذ جامعة او معلم او رجل أعمال او كاسب و أي مسلم مؤمن ، مهما بلغ من حالة الانشغال و العمل و المنصب و المال و الإدارة و حجم المسئوليات .. كل هذا لا ينسى الابن و لا تنسى الابنة من زيارة الأم يومياً او كل بضعة أيام او أسبوعياً و عدم التحرج أمام كل الناس بتقبيل يديها و العمل على نيل رضاها و السؤال عن صحتها و حالها و مزاجها ..و رضاها الذي هو من رضا الله .

الابن البار و الابنة البارة لا يتحرجون أمام كل الناس و أمام الأبناء ( أي الأحفاد ) من ان يخصصون الساعات للام يومياً او أسبوعياً و خاصة إذا كانوا في نفس المدينة او البلدة او المحلة يتوددون الى الأم ، يقبلون يدها ، يتمنون رضاها و يسمعون من إسلامهم و أبائهم : رضا الله من رضا الوالدين .

يحسنون التعامل معها بأدب و خشوع و هدوء  ، طاعة و حباً و احتراماً لفضل الأم و معاملتها بخلق حسن و بمودة و إكرام و احترام مدى الحياة .

هكذا هو الإسلام ، يتعامل في الإسلام الابن مهما علت منزلته و كثرت مسئولياته وزادت أشغاله يتعامل مع الأم بلطف و مودة و تودد و خلق إسلامي حسن ..و يمنحها من وقته الكثير الكثير .. يتعامل مع الأم بأدب  و تواضع و ببساطة و خفض جناح الذل لهما و يكلمها بصوت هادئ منخفض .. يقبل أمه من وجنتيها او خديها مع تقبيل اليدين و طلب رضاها .. دائما.. يسأل عنها كل حين بزيارتها شخصياً او بالهاتف كل يوم او كل أسبوع و يسأل و يطمئن على صحتها و سلامتها ..و رضاها ..

يفرش لها  السجادة و يقدم لها الطعام و الشراب و الفواكه .. و الدواء كلما احتاجت لذلك .. يأخذها معه و زوجته و يركبها بجانبه في المقعد الأمامي في السيارة لزيارة الأقارب او الأصدقاء او الذهاب للجامع للصلاة او للنزهة .. او للطبيب .. او لحضور مناسبات دينية او وطنية او سفرات عائلية .

إذا كانت الأم في عقدها الثالث او الرابع او في عقدها السابع او الثامن الابن يعاملها نفس المعاملة اللطيفة الرقيقة . و نفس التودد و حسن الأدب في التعامل مع الأم .. و هناك من نالوا درجات علمية عليا كالماجستير و الدكتوراه على بحوثهم فصارت عادة متبعة تقريباً ان يكون الإهداء في مقدمة الرسالة او الأطروحة يقدم الى الوالدين اعترافاً بفضلهم و بمكانتهم و جهودهم سواء كانوا في الأحياء او في الأموات  فيهدون لهم هذا الإهداء دعاءاً و ترحماً و حباً و تقديراً و اعترافاً بمنزلتهم و فضلهم .

في معظم بلاد و مجتمعات اوربا و الغرب عموماً ، و على الأغلب ، الأم منسية ، مهمشة ، مسكينة ، مهملة ، ضائعة ، وقد تتعدى الأربعين فلا لزوم لها فيعمل ابنها ( فضل ) عليها و على زوجها بإيداعها دور المسنين و العجزة اجل فعلاً ان دور المسنين للذين عقوهم أبنائهم ، الأم تهمل و تنسى ان كانت في بيتها ، او في دار المسنين، فيتذكرها الابن في السنة مرة واحدة و يوم واحد  بعد ان يذكره احدهم بهذه المناسبة لئلا ينسى فيقوم الابن بمهاتفة أمه للسؤال عنها ان كانت ميتة او طيبة و يهنئها بعيد الأم , او من يتذكر أمه بالسنة بباقة ورد و باقة زهور ، او بتقديم هدية بسيطة لها كقنينة عطور ، او علبة شامبو ، او ( تكة سكاير ) ، او يتذكرها بالسنة يوم في عيد الأم فيرسل لها رسالة او هدية بسيطة أخرى و كأنه قد قام ببر أمه و والديه .. إنها العقلية العلمانية اللادينية المشلولة الشاذة القاصرة ..و التي تتنافى مع الذوق و الشرع و المنطق و سنن الفطرة .. و الأخلاق و الإيمان .

في بلاد الغرب ، ان هذا السلوك ، سلوك الأبناء مع الآباء و خاصة مع الأم هو سلوك شائن و شاذ و مرفوض بل ان ما يسمى ( بعيد الأم ) هو انتقاص من كرامة الأم و إهانة لها ، و التقليل من شأنها و إنكار فضلها ، و جحود مكانتها ، و إلغاء دورها بل إنها جريمة العقوق و الجحود و الجريمة بعينها على إهمال الأم و تركها و نسيانها و فراقها و عقوقها و إهمالها ..

ان الأم كما جاء بالشرع الحنيف ، و ما ورد بالكتاب و السنة ، و ما كان ملائماً لسنن الفطرة و العقل و المنطق و الحق هو ان الأم في الدرجة الأساس ، هي أولى بالرعاية و المعايشة و الصحبة و الحب ، لما قامت به من وظائف الأمومة و ما عانته و ما اجتازت و ما كابدت من تضحيات و الأم و معاناة و مشقة و مصاعب و سهر .. اجل, نعم ، الأم أولى وأحق بالصحبة .

 قال تعالى في احترام الأم و الأب و تقديرهما و عدم إغضابهما او إزعاجهما او عقهما او نسيانهما :
(
فلا تقل لهما أف  و لا تنهرهما و قل لهم قولاً كريماً و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً )  سورة الإسراء : الآية : (23/24)

فالله سبحانه و تعالى يأمر الأبناء بالإحسان الى الآباء و البر بهم و قدم إحسان الأم و قدم برها على الأب في قوله تعالى :

(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن ، و حمله و فصاله في عامين ان اشكر لي و لوالديك إليّ المصير ) سورة لقمان : الاية (14)

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله, أردت أن أغزو, وقد جئت أستشيرك ، فقال:  هل لكَ من أم؟ قال: نعم.. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فالزمها فإن الجنة عند رجليها . ( صحيح سنن النسائي)

وجاء رجل الى رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم فقال : أريد الخروج معك للجهاد ، فسأله هل لكَ أبوين قال نعم . فقال له رسول الله ففيهما فجاهد .

و في رواية أخرى غيرها جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه و سلم يطلب الغزو في سبيل الله معه ، فسأله أعندك أبوين ، فقال : تركتمها يبكيان ، فقال له رسول الله عد إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ، نعم العقيدة و نعم المدرسة و نعم التربية و نعم المنهج .

أما في الصحبة فان الأم أحق بالصحبة مع ولدها و ابنها ليقابلها بالمعروف و الحسن و اللطف ..
جاء رجل الى رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم ، يسأله من أحق الناس بالصحبة ،
فأجابه النبي صلى الله عليه و سلم :

امكَ ، فقال الرجل : ثم من ؟ أجابه رسول الله : امكَ ، فقال الرجل ايضاً :

ثم من يا رسول الله ؟ فأجابه رسول الله : امكَ ، ، فسأل الرجل : ثم من ؟فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثم أباك .( حديث شريف متفق عليه )

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، او علم ينتفع به ، او ولد صالح يدعو له ) ( رواه الأمام مسلم )

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( من أصبح مرضياً لأبويه أصبح له بابان مفتوحان الى الجنة و من أمسى فمثل ذلك و ان كان واحداً فواحداً ، و ان ظلما و ان ظلما و ان ظلما . و من أصبح مسخطاً لأبويه أصبح له بابان مفتوحان الى النار و من أمسى فمثل ذلك و ان كان واحداً فواحداً و ان ظلما و ان ظلما) ( رواه الأمام البخاري في الأدب المفرد و أخرجه البيهقي في شعب الإيمان )

و الحديث الشريف: ( إنما النساء شقائق الرجال ) صحيح الجامع .

و من ثمرة بر الآباء قال النبي محمد صلى الله عليه و سلم :(عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم و بروا آباءكم تبركم أبناؤكم و من أتاه أخوه متنصلاً فليقبل ذلك محقاً او مبطلاً فان لم يفعل لم يرد على الحوض ) ( رواه الحاكم )

 وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :(الجنة تحت أقدام الأمهات )و الحديث الشريف ( ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم )

و الحديث الشريف :

(استوصوا بالنساء خيراً ) و غيرها عشرات من الآيات القرآنية الكريمة و الأحاديث النبوية الشريفة في التوصية بالنساء و حبهن و إكرامهن و معاملتهن بالحسن و باللطف و حسن الأدب و بالخلق الحسن سواء من قبل الأبناء او الزوج .

ان الأم هي الحياة و الحب و العاطفة و الحنان ، الأم هي السكن و التدبير و العقل ، الأم هي مفتاح الأمل و الإيمان و السعادة و المسرة و الهناء و السرور ..

الأم منجبة للأطفال ، موجهة للرجال ، و معقد الآمال ، و خالقة الأبطال ورافده الأمة و المجتمع ، رافده الوطن بالرجال و القادة و المصلحين و العلماء و الدعاة ..

إذاً دور الأم دور مفصلي و رئيسي و حيوي و مهم و خطير في المجتمع و الحياة ، ان صلحت الأم و استقامت ، صلح المجتمع و صلحت الأمة و استقامت و قويت و نهضت ..

للأم دور رئيسي في التربية و في التنشئة و حسن الخلق .. و في صلاح المجتمع و الأمة ..

رحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حينما تغنى بالأم و بدورها و فضلها :

الأم مدرسة إذا أعددتها           أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا             بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الألى              شغلت مآثرهم مدى الآفاق
ربوا البنات على الفضيلة إنها        في الموقفين لهن خير وثاق
وعليكم أن تستبين بناتكم           نور الهدى وعلى الحياء الباقي

ان هذه الضجة المفتعلة ، و الصيحة المزعومة حول تحرير المرأة في منظارهم و في مفهومهم و تفسخهم ، هو تحرير المرأة المسلمة من الحجاب و الحشمة ، تحرير المرأة من الحياء ، تحرير المرأة من ضوابط العفة  و الشرف و الفضيلة ، الهدف هو إخراج المرأة المسلمة من بيتها و من وظيفتها النظيفة الى ميادين المسارح و الشهوات و الأضواء و السينما ، و جعل المرأة المسلمة – لا سمح الله - تعيش حياة التبرج و التعري باسم عارضات الأزياء ، و باسم ملكات الجمال ، و باسم الفن .. و غيره من أنواع الخداع و التضليل ..

و في هذه اللحظة أقول حقيقة تاريخية على كل فتاة ان تدركها و ان تعيها ، و هي ان التهافت على جذب الفتيات للعمل بمسابقات الجمال ، و الأزياء ، و دور المسارح و  السينما ، و الأعمال المشبوهة الأخرى هو إنما ينصب على الفتاة ذات الشباب و النضارة ، ذات الجمال و الأنوثة فمن اجل مشاريعهم الافسادية العديدة يعرضون على مثل تلك البنات و الفتيات الجميلات يعرضون عليهن ملايين الدولارات مقابل العمل باسم مسابقات الجمال ، و دار الأزياء ، و العمل في النوادي الليلية باسم الفن كل ذلك لإفساد المرأة و المجتمع ، الحقيقة التي يجب الانتباه إليها و قولها انه في الغرب العلماني المادي النفعي عندما تذهب نضارة و جمال المرأة ليس لهم بها حاجة ، إنما فقط يركزون في الفتيات على الجسد و الأنوثة و التعري ، بهدف الإغراء و إفساد الناس و المجتمع و كلما تقدم العمر بالمرأة – وهذا أمر بديهي – قل جمالها ، قلت نضارتها ، قل الاهتمام بها .. هذا دينهم .

إذاً الهدف هو الجسد حتى الكل يراه و يتمتع به . و مقاييس تلك المؤسسات ليس مقدار ما تملك الفتاة من رزانة و حسن خلق و ذكاء و دراسة ، و ليس ما تحمل من شهادة علمية و بحوث ، و ليس مقدار المرأة بقدر ما أنجبت و ربتهم على فضائل الأخلاق ، هذا ليس مقياسهم ، و إنما مقياسهم و قياسهم عرض الخصر و الجسم و الطول و الصدر و العمر و الوجه .. بعد سنوات تقل نضارة تلك الفتيات و يذهب جمالهن فيكونن في نظر هؤلاء السماسرة يكونن نسياً منسياً ..

إذاً الهدف ، هدف متعة رخيصة ، و الهدف مادي و إفساد و نشر الفحشاء و الرذيلة بواسطة الإغراء و التعري و المخالطات المشبوهة ..

عن وضع المرأة المزري في معظم بلاد الغرب و إهمال الأم قال فضيلة الشيخ الدكتور الداعية محمد متولي الشعراوي ( رحمه الله) : 

حين نقارن البيئات الإسلامية بالبيئات الغربية، نرى ان المرأة و الضجة حولها تحوم ما دامت في نضارتها و ما دامت في كامل أنوثتها ، و توظف الوظائف الرائعة الراقية ، و لكنها حين يتغضن وجهها و حين يبيض شعرها ، و يذهب بهاؤها ، تغسل الأطباق ، و تنظف المرافق الصحية ، و تكنس البارات ، و لا يوجد ولد – حتى من أبناءها – يحن عليها ، لأنهم كانوا يأخذونها زينة كانوا يأخذونها متعة ، و لما ذهبت نضارتها و جمالها ، انتهى كل شيء ، و ربما تمر الأعوام الكثيرة و الولد لا يرى أمه ، و لا يعرف كيف تعيش ، وربما ذهبت الى ملجأ من الملاجئ لتعيش فيه .. لماذا؟ لأنه – و الجميل لها – في سن 14 سنة يقولون للبنت هيا اكسبي معاشك .. إذاً فلم يذوقوا منهم الحنان . و لذلك فهؤلاء معذورون في ان يجعلوا لهم عيداً يسمونه عيد الأم ، لان عندهم جفافاً بين الأمومة و بين البنوة إلا في يوم واحد في العام حيث تستطيع الأم ان ترى فيه أولادها و نحن ليس لدينا عيد الأم ، فكل لحظة من اللحظات عيد أم و الأم عندنا عندما تكبر و يبيض شعرها ، تزيد في نظرنا جمالاً ،و تزيد في نظرنا إعزازاً ، و ندخل لنقول لها :

-أنت لا تعملي أي عمل .. كفى ارتاحي ، أنت تجلسين فقط على فرشة الصلاة ، و يترضاها الكل ،الولد يترضاها ، و الحفيد يترضاها و تصبح سيدة البيت الموقرة ، إذاً هم معذورون في ان يبحثوا عن عيد الأم ، و لكن نحن لا فكل لحظاتنا أعياد أم ، فتشريعنا كالأتي :

-امك ثم امك ثم امك ، هذا هو الدين الإسلامي ، أما الغرب فالمرأة فيه تحتاج الى أعياد يتذكر فيها الولد أمه فيحضر لها هدية ، أما نحن فعيدنا في كل لحظة حيث لا يخرج الواحد منا من بيته إلا بعد ان يقبل يد أمه ، و يسألها الدعوات ، و يجلس عند قدميها ، و يسألها عن صحتها ، و كلما ابيض شعرها و كلما زادت في الكبر تزيد في قلبه حباً و هياماً و عشقاً .هذا هو وضعنا بالنسبة للمرأة )

قال الشاعر أيمن العتوم في حنان الأم :

يا أم هذا فؤادي قبليه فما                       دعاه للحب إلا وجهك النظرُ
و لتمنحيه حناناً لا انقضاء له                  و لتسمعيه حديثاً شاقه السمرُ
يا أم يفديكِ قلب لستُ املكهُ                 و خاطري و الجوى و السمع و البصرُ
فلستُ ارجو من الدنيا و ما حملتْ             إلا رضاكِ و ذنباً فيّ يغتفرُ
طوال عمري سأبقى ناثراً درري              بطهر قلبك حتى ينفد العمرُ 

قيل لإمام المجاهدين الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما :انتَ من ابر الناس بأمك و لا نراك تواكلها ، فقال :أخاف ان تسير يدي الى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها .

و قيل لعمر بن ذر : كيف كان بر ابنك ؟ قال :ما مشيت نهاراً قط إلا وهو خلفي و لا ليلاً إلا مشى أمامي و لا رقى سطحاً و أنا تحته .

ان وضع المرأة في المجتمع الإسلامي مع التزامها و حجابها هو وضع جيد و ممتاز تحسده عليه نساء الغرب ، قال الأستاذ محمد قطب :ان وضع المرأة في مجتمعنا لا يمكن ان تحلم به تلك المرأة الغربية سواء كانت بنتاً او زوجة او أماً و بنظرة موضوعية لوضع المرأة في الغرب وهي بنت تتقاذفها أيدي الذئاب البشرية ، نقول بنظرة منصفة الى حال المرأة المسلمة في مجتمعنا وهي بنت مصونة يحافظ عليها الرجل كجزء من حياته و كيانه .. ))

و لله در الشاعر عماد فليح حسن القائل :

سبحان من سوى جمالك مبدعاً        هلا تكوني بالحجاب بديعة ُ
صوني جمالك بالحجاب تحصناً        يبقيكِ دوماً كالحصون منيعة ُ
ليس الحجاب وسلة لكنما              هو غاية الإسلام فيكِ جميعهُ
فالغرب لا يرضاكِ ان تتحجبي         بل كان يرضى ان يراكِ خليعةُ
ضاعت من الغرب الودائع كلها        لو كنتِ يوماً في يديه وديعهُ

حقاً ان وضع المرأة في الغرب ، هو وضع مزري ، و بائس و مشفق و خاصة المرأة في معظم بلاد الغرب وضعها مزري و بائس و مشفق ، كيف ذلك ؟ لأنها مبتذلة و رخيصة  و متناول كل من هب و دب للمتعة الحرام و الزنا الحرام و الدنس و الفحشاء ، لا حصانة ، لا ضوابط ، لا قيود ، انفلات تام ، انفلات مطلق في حياة الإباحية و ممارسة الجنس ، وحياة العبث و المجون .. فلم يبقى من متسع في عقولهم و في أذهانهم شيء للحلال و للحرام ، و لم يبق شيء للجوانب الروحية ، و تذكر الأمهات و الآباء و العمل لإسعاد الآخرين و مرضاة الله سبحانه و تعالى .. إنهم لا يعرفون قدسية الحياة الزوجية إلا الانغماس في الشذوذ و ارتكاب الحرام ..

قال فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي : انه عندما زار لندن قبل 3 سنوات رأى في شوارعها و أسواقها مناظر شاذة مؤذية من الشذوذ الجنسي بين الذكر و الذكر فاستنكر عليهم ذلك و غضب و احتج ، و لما اقترب حوله جمع من الناس و الجمهور البريطاني قال لهم :

ان هذا عمل مستهجن و مرفوض و حرام في كل الأديان اليهودية و النصرانية و الإسلام ، و يرفضه الحاخامات و الرهبان و علماء الإسلام ، هذا عمل تحرمه التوراة و الإنجيل و القرآن ..

حياة يتخللها السباق في ارتكاب الموبقات و الفوضى و التخبط و العربدة و الطيش ، و إهمال الأم ، و إهمال الأب ، و إهمال الأهل ، حيث لا مكان لروابط الأم و الأب و لا لصلة الرحم .. فوضى عارمة ..

أما عندنا الأم لها منزلة متفردة متميزة عظيمة ، و لها شأن و إكبار .. كلما كبرت كلما زاد احترامها و التقرب و التودد لها من قبل أبناءها و أحفادها صغاراً و كباراً انه الحب و الوفاء و الإخلاص و المعروف .. ان الأم هي المدرسة و الأمل و المسيرة ، هي أساس المجتمع و أساس سعادته .. هي مدرسة الحياة / مدرسة الأوائل ..

رحم الله الشاعر محسن عبد المعطي الذي قال في حق الأم :

الأم مدرسةُ الأوائلْ         حظيتْ بألوان الفضائل ْ
قد علمتّ أبناءها          ان يحفظوا أحلى الشمائلْ
الحب فيها قائدُ             أعلى .. وفيه من الدلائلْ
الصدقُ فيها مرشدٌ        فطن الى دار النــــــــعيمْ
و الحق يبدو مشرقاً         يهديكم في الليل البهيمْ
مرحى لها مرحى لها         أوصى بها الله الحكيمْ
طوبى لمن أعطى لها         كلَّ الحقوق بلا عقوقْ
فهي الضياء و نورها       ينجيكَ من هول الطريقْ
منْ عقها هو خارجُ         عن شرع ِ رب العالمينْ
فاحذرْ صديقي دائماً         عصيانها او ان تهونْ

 

رشيد جبر الأسعد

2/3/2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"