خربشة على ورق - زهير السبع

بواسطة قراءة 2055
خربشة على ورق - زهير السبع
خربشة على ورق - زهير السبع

راحلاً بلا قرار , فمن يملك القرار ؟ نردد هذه الكلمات من الأطلال ونكتم آهات الوجع ,, ونداري العبرات ,, ونحبس الدموع وسط المحاجر .

لأننا لا نستطيع البوح ولا نحتمل ضجيج الصمت ومن الصعب الجمع بين المتناقضات في آن واحد .

خربشة القلم توخز الروح وتعج بالألم , فتنهض المشاعر , لتسقط الذات على الدفتر الممزق الغلاف .

لتصبح وجدان لأعماق الوجع النازف وسط تغريبة الروح ونحن ننتظر نقطة ضوء تنير دهليز
العتمة وتبدد وحشة الإحساس , وتعلن الرفض للمشاعر القاتلة والمتمردة والموت البارد الصامت .. موت الأرواح قبل مغادرتها الحياة ,, لم أجد أمامي سوى قلم كسير... ودفتر متهالك .... وصمت الليل .... وسكون المكان .... وخيبة السؤال .... وغربة الروح .... وحنين للأهل والوطن  !.

زوايا جامدة وبراويز لصور باتت منحوتة في جوف الفؤاد , ذكريات عتيقة وأناشيد الماضي الجميل , وتراتيل الحنين لقاطني صفحات الغياب المر .

وفي غمرة كل هذا الشعور اعتراف قاتل وصرخة مدوية تمزق ثوب العمر ، النفس تحاول سباق الزمن لعلها تظفر بسرقة لحظة من الأيام .. نزهة للروح أو فسحة للبوح .. توحد روحاني بعيداً عن الرياء والتسامي مع الأفكار ,, قد لا استطيع العبور واجتياز ما وراء السطور , والسبب اننا في مجتمعات تحيطها قوانين جاحفة .

تقرأ دون تمعن وتحاسب بلا ذنب ! والعقبة الكبرى ان التدوين الصادق مناجاة للروح وانصهار حقيقي مع المشاعر والأحاسيس وكل هذا نلاحظ في رائعة السياب (أنشودة المطر) :

كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: " بعد غدٍ تعود"
لا بدّ أنْ تعود

وأسطورة المتنبي (الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي) :

أنام ملء جفوني عن شواردها **** ويسهر الخلق جراها و يختصم
وجـــاهل مده في جهله ضحكي **** حتى أتتــــه يــد فراســة و فم
إذا رأيـــت نيوب الليــث بارزة **** فلا تظنـــن ان الليــث يبتســم
الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي **** والسيف والرمح والقرطاس والقلم
صحبـت في الفلوات الوحش منفردا **** حتى تعجـــب مني القور و الأكــم
يــــا من يعز عليـــنا أن نفارقهـــم **** وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم

أمام هذه الكلمات التي ذكرت في التاريخ تنزف الآلام ويتألم البوح تموج الكلمة وتتقوقع أقلامنا خشية ورهبة  !!!.

لذلك نتمحور وتتكسر أقلامنا بين منطق الواقع التعيس وبين التخلف العقلي بعدم الإدراك الإيجابي للأمور .

فيسبح حرفي و يحاول ترميم الأجزاء المتساقطة من جدران الوجدان وجمع شتات الأفكار المتناثرة يبحث عن الحقيقة المختفية خلف الخشية والرهبة .

فأحلامنا الصغيرة والمتواضعة تصنف ضمن قائمة الإرهاب الفكري دون الحاجة لسماعها أو حتى معرفتها ,, فتولد أحوالنا باكية وحزينة وتبقى كل الاتجاهات الأربعة لعبة صعب معرفتها أو حتى التوقع بنتائجها .

قد يكون العبور للمجهول , خطوط متوازية ودوائر متقاطعة عجيبة وغريبة ومتناقضة ( نسأل الله السلامة) لكن ؟ مطالبون بالعبور لا مجال للتراجع !! حتى هنا أدرك انني اكتب مقال غريب مبهم ولكن أبضا يظل القلم الأكثر بوحاً الأكثر إيلاماً للآخر خاصة عندما يلامس حقيقة ذواتنا وذوات الآخرين ومكنونها الداخلي .

ظمأ روح .. وحنين وجدان.. لحد الاحتراق إلى الوطن والى الأهل  بعيدين عنهما بعد الخيال عن الحقيقة .

أعترف ان قلمي يكرر كثير ما كتبه سابقا ولكن لا يوجد لديه سوى هذه العبارات من جمل الأحاسيس فأجد النفس تنصاع إليه لأنها لا تعرف غير هذا اللون في الكتابة .

سيبقى قلمي إن شاء الله يكتب عن الوطن والألم والغربة والظلم والظلام حتى يرى النور حينها سيكتب عن الحب والأمل والربيع والأزهار .

لنتكلم عن هذه الحياة التي نعيشها قليلا فهذه الحياة أضداد مختلفة فكل شيء فيها يحمل وجه آخر للضد بصفة النفي أو انعدام الشيء , فالموت يقابله الميلاد ديمومة بقاء لنهج استمرار ووجود , ومشاعرنا وأحاسيسنا لا نقدر على السيطرة عليها أو التحكم بها واطرح سؤال بصيغة استفهام اكبر من عجزنا العربي والإسلامي هل نجيد القراءة الصحيحة لدواخلنا ؟؟؟ كي نعيش دوامة الحياة بانسجام ونحقق السلام الداخلي لذواتنا , أم اننا نغادر هذه الحياة من البوابة الخلفية وتكسو ملامحنا آثار الخيبة والحسرة والندم ؟؟ .

قد تحكمون على مقالي.... غريب..... قاسي .....مبهم.....مع اني أطلقت عليه تسمية (خربشة على ورق) ولكن عند القراءة الصحيحة قد يحضر الإحساس الحقيقي فأنا لا أتجمل .. وإنما أتأمل .

 

زهير السبع

19/1/2012

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"