الوليد والتنف وأبو الهول محطات ثلاث .. واللجوء عنوانها

بواسطة قراءة 8342
الوليد والتنف وأبو الهول محطات ثلاث .. واللجوء عنوانها
الوليد والتنف وأبو الهول محطات ثلاث .. واللجوء عنوانها

*التشريعي: سوريا استجابت لطلب قبولهم .. وننتظر التنفيذ .

*المجلس الوطني: نسعى لتأمين مساكن مؤقته لهم ولكن...

*حماس: ثلاث سنوات تحت ظل المفوضية ..التوطين يترصد!.

*مختص: دول الجوار أولى.. والحل يحتاج إلى إرادة عربية . 

غزة- تحقيق رنا الشرافي :

في ساعات الصباح الأولى خرج أبو رائد صباح (67) عاماً ليحرك قدميه قليلاً، وما لبث أن عاد حيث تقبع زوجته، صفية (58) عاماً التي لا تقوى على الحركة، مغلقاً الباب هربا من رشقات الرمل الفضولية التي اقتحمت عليه خيمته، وملاذاً من الأفاعي والعقارب التي تنشط حركتها وقت الظهيرة.

قطرات من العرق اعتلت جبهتيهما، والزمن يمضي ببطء شديد، وعتمة المكان زادت الطين بلة.. لا ماء ولا كهرباء.. انعزال كامل عن العالم المحيط في عصر ثورة التكنولوجيا والانترنت الذي حول العالم إلى قرية كونية صغيرة.

ودون سابق إنذار.. رن جرس الهاتف النقال داخل الخيمة..!!، نعم فهذه الخيمة كانت الوحيدة التي تحوي وسيلة اتصال بمخيم الوليد الحدودي مع سوريا داخل الأراضي العراقية.. أبو رائد: ألوو منو معاي؟!.. (؟) السيد أبو رائد العبد صباح؟.. أبو رائد: إي آني..!!، (؟): معك صحيفة "فلسطين" من قطاع غزة..لهجته العراقية لم تمح البصمة الفلسطينية من كلماته، ضيف "فلسطين" عبر الخط الهاتفي وزوجته صفية لم يصدقا أن غزة التي عاشا فيها بعد خيام نكبة الثمانية وأربعين لا تزال تذكرهما بعد ستين عاماً من المأساة.

لا أدري كيف أصفه، أهو فرح أم توتر أم ماذا، لم يستطع أن يتحدث وألقى بالهاتف تجاه زوجته، وما إن علمت هوية من يخاطبها، حتى أسهبت في شرح معاناتهم وكأنها بالفعل غريق تعلق بقشة..!!.

هكذا هو الحال

صفية أحمد حسن أبو شوارب (58) عاما، تؤكد تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية في مخيم الوليد والذي يحوي نحو (1900) لاجئ فلسطين، بعد أن توفي العشرات منهم نتيجة الإهمال الطبي، قائلة:" تعوا شوفوا التلة مليانة قبور..".

وتابعت:"الوضع تعبان جدا، وعلاج ماكو"، موضحة أنها مريضة تعاني من زيادة نسبة الأملاح والدهون في جسدها مما يمنعها من الحركة، مضيفة:" بنعاني والله بنعاني، أنا إليّ بحكي معاكي الآن ما بقدر أمشي،  من سنة تقريبا ما طلعت من الخيمة".

وبينت أن التيار الكهربي مقطوع عن المخيم منذ أسبوع ، وأن المياه لا تأتي سوى ساعتين أو ثلاث يوميا ومن لم يسعفه الحظ في أخذ مؤونة يومه من الباب فليدع الله أن يأخذ دوره غداً، ولم يقف الحال عند الماء والكهرباء بل تجاوز ذلك لما هو أشد مرارة، لافتة الى أن المخيم لا يوجد به مستوصف، وأن الطبيب الوحيد بالكاد يعاين بضعة مرضى ويغادرنا تاركاً خلفه العشرات يعانون آلام المرض.وقالت:" أولهم زوجي محمود العبد صباح.. ذهب للعلاج فقالوا له تأخرت... مستعجلين.. المريض هنا بموت قبل ان يتم علاجه.. حيث لا اهتمام من الأطباء"، وتابعت:" لدينا فتاة فلسطينية اسمها إنعام الصيفي، صحفية وهي في العقد الخامس من سكان البصرة قد تموت الآن ومن المقرر ان يتم نقلها الى بغداد للعلاج .. حيث لم تحدد ما هي طبيعة المرض الذي ألم بها".

وعن المساعدات التي تصل المخيم قالت:" ان الكمية محدود ولا تتجاوز كيلو من كل صنف .. وان القائمين على التوزيع هم من يتحكمون في المادة التموينية".

ولفتت الى انها بدأت رحلتها في المخيم بتاريخ 8/7/2007م ، ولم تتلق كشفاً طبياً سوى الشهر الماضي فقط..!!.زوجها بدأ حديثه قائلا:" نحن الفلسطينيين  شعب الله المختار، فكيف يصبح حالنا على ما هو عليه؟! مضيفا :" أنا من مواليد سنة  من1941 قرية بربرة، يوما ما جلست بالقرب من المجلس التشريعي بمدينة غزة أنا وعائلتي، وانتقلنا لمخيم جباليا ورقم عمارتنا هناك 27 مقابل نادي الشباب..".

وأضاف:"حالتنا متدهورة.. عمري الآن 67 سنة، حيث بدأت حياتي  في الخيام سنة 48 والآن نهاية عمري أيضا في الخيام، رغم إني سجلت بالمفوضية السامية في الأردن ومازلت أنتظر نقلي الى أي بلد أجنبي.. ومن شتات لشتات".  

"شعب الجبارين"، لم تقف معاناته عند الجوع والتشريد، بل تجاوزت ذلك إلى حد الاستهداف والذبح والتنكيل بمليوني لاجئ فلسطيني في العراق فروا إلى الحدود مع سوريا والعراق في ثلاثة مخيمات هي التنف وأبو الهول في المنطقة الحرام بين سوريا والعراق، والوليد داخل الأراضي العراقية في صحراء الأنبار.

صفية.. وهي الأم الثكلى التي راح بكرها رائد 22 عاماً ضحية الانفجارات التي حدثت في العراق تقول:" ابني مات في الانفجارات، يعني الهَم "هد حيلنا".

بعيد عن العين والقلب..!!

هكذا بدا الحال على الحدود العراقية، فماذا قدم لهم كل من تغنى بحقوق اللاجئين ورفع شعار العودة؟سؤال حملته "فلسطين" للمجلس التشريعي والذي قال على لسان مقرر لجنة شئون اللاجئين الدكتور عاطف عدوان:" نحن هنا في قطاع غزة واقعنا صعب ومرير ومن الصعوبة بمكان عمل شيء ملموس للاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق.

وأوضح في حديث لـ "فلسطين" أن اللجنة تحاول قدر المستطاع أن تلفت انتباه المجتمع العربي والدولي ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمة العالمية لشؤون اللاجئين، و (الأنروا) لتوفر لهم مناخات الحياة المناسبة، "وهذا ما تستطيع القيام به".

وأفاد، أن وزارة شئون اللاجئين كانت تقوم بمتابعة هذا الملف وانه تم زيارة المخيم والاستماع الى معاناتهم وقد قدم لهم دعم مادي ومعنوي، مضيفاً:"أجرينا اتصالات بجهات عديدة ولكن دون جدوى، للأسف الواقع العربي مرتهن بشكل كبير في الضغوط السياسية، ولا يرحب باستقبال فلسطيني لديه، الكثير من المشاكل على المستوى الأمني والاقتصادي.

أما المجلس الوطني الفلسطيني فقال على لسان أمين سر دائرة شئون اللاجئين، وليد العوض:" قدمنا لهم بعض الخيام وبعض المواد التموينية التي تمكنهم من أن يستمروا في الحياة على الحدود العراقية مع سوريا والأردن، ولكن حتى الآن لم تنجح الجهود في تأمين دخولهم إلى الأراضي السورية والأردنية".

وللسودان موقف

وذكر، أن أعداداً من هؤلاء اللاجئين استطاعوا الوصول إلى نيجيريا والبرازيل، وبلدان أخرى.وقال:" إن السودان وافقت على استضافة هذه العائلات، ولكن هناك مماطلة وتباطؤ في التنفيذ(...)  الآن نحاول تأمين مساكن مؤقتة لهؤلاء خاصة وأننا على أبواب فصل الشتاء، الذي عادة ما يكون قاسياً في الصحراء .

وأضاف:" لقد أصبح لدينا اليوم مقابر على الحدود نتيجة الإهمال الصحي وعدم توفر الماء والغذاء والدواء وكذلك عدم وجود مراكز طبية لعلاج المرضى الذين يضطرون للوصول الى المستشفيات التى تبعد عدة كيلومترات عن أماكن تواجدهم بتصاريح خاصة".

أما دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، فأكدت على لسان مسؤولها، حسام أحمد، أن لجنة إغاثة اللاجئين التي أقامتها الحركة على الحدود ، تقوم بالجهد الأكبر على مدار الساعة لتوفير كل النقص.

وقال:" إن اللجنة أمنت شبكات كهرباء ومولدات إضافة إلى مراحيض متنقلة، وتبنت الحالات المرضية المستعصية وعلاجها بسوريا ثم إرجاعها من حيث أتت وذلك بحسب الاتفاق مع الحكومة السورية.

وأوضح أن الأمر أكثر يسراً في مخيمي التنف والهول من الوليد، وأن قيادة الحركة المقيمة في سوريا تبحث الموضوع باستمرار مع القيادة السورية، التي قدمت تفسيرات ومبررات لعدم قبولها بهم، قبلتها الحركة في بداية الأزمة، لكن أن تستمر أزمتهم لأكثر من ثلاث سنوات دون أي سبب يبرر استمرار احتجازهم ".

وأشار الى أنهم تواصلوا مع (الأنروا) التي وافقت بدورها على أن تضمنهم داخل كشوفها، وذلك في حال دخولهم الأراضي السورية، وأن لاجئي مخيم الهول حصلوا منها على بطاقات (مؤقتة) .ولفت إلى جهود الدكتور محمود الزهار وزير الخارجية، التى نجحت في إقناع القيادة السورية، السماح بدخول عدد من اللاجئين، مشدداً على أن هذه الخطوة بحاجة إلى موقف عربي وأن تتبنى الجامعة العربية حل قضيتهم.

لماذا يا سوريا؟؟!

عتاب كبير حمله ضيوف تحقيق "فلسطين" إلى الدول العربية المجاورة للعراق لا سيما الأردن وسوريا اللتان تحويان العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، وقال احمد:"المشكلة أن من يترك العراق من العراقيين ويتجه لسوريا أو الأردن يقبلون به، اما اللاجئ الفلسطيني  يبقى محتجزاً (...) إن ذلك مخز للعالم العربي والإسلامي أن يترك أطفال وحرائر وشيوخ فلسطين في الصحراء القاحلة لسنوات، دون أن تتحرك نخوة أي زعيم عربي.

ودعا الحكومة السورية إلى أن تكون عند ظن الشعب الفلسطيني بها، لاسيما وانها تمثل عمقاً استراتيجياً للقضية الفلسطينية وهي لم تتخل عن واجباتها في دعم القضية الفلسطينية.

وقال:" نتوقع منها أن تعامل اللاجئين على الحدود كما تعامل اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء داخل سوريا، دون تمييز بين سوري وفلسطيني بل العكس هناك امتيازات يحصل عليها الفلسطيني في سوريا لا تتوفر لشخص آخر".

وبدوره استهجن عدوان بقاء اللاجئين الفلسطينيين في الخيام على الحدود العربية العربية، بينما اللاجئ العراقي تُفتح له الدول الأبواب، وقال:" لاجئونا لا يتجاوز عددهم 1500 لاجئ، في حين استقبلت الأردن وسوريا أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ عراقي".

وكشف عدوان عن موافقة نائب الرئيس السوري على مساعدة اللاجئين والسماح لهم بدخول الأراضي السورية، ولكن؛ مع وقف التنفيذ..!!، وقال:"نتمنى على سوريا أن تفي بوعدها لأن سوء الحال يزداد"، ملفتاً أن السلطات العراقية لا تأبه بهم، بل على العكس هي تضيق عليهم الخناق حتى لا يعودوا للأماكن التي جاؤوا منها، وكانت وزارة اللاجئين، راسلت الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وطلبت منه التدخل، ولكن ما من مجيب..!!

الخال متخلي

الكعكة التي لم يتقاسمها أحد، بعثرها الساسة في رمال الصحراء، الكل يدعي أنه يحمل الهم، والكل يريد الحل على طريقته الخاصة ولا يهم ما إذا كان هذا الحل في صالح اللاجئ أو وفقا لرغبته أم لا..!!الحكاية بدأت عندما اتفق السفير الفلسطيني في العراق، دليل القسوس، مع وزارة الداخلية العراقية على إعادة اللاجئين وعددهم نحو ثلاثة آلاف لاجئ، وهو الأمر الذي رفضه اللاجئون خشية على أنفسهم من تكرار مسلسل القتل والتنكيل.

دائرة شئون اللاجئين في حركة حماس، رأت أن القسوس يحاول اللعب خارج الملعب، وقال حسام أحمد مسؤول الدائرة:" لاجئونا فروا من الداخل إلى الحدود نتيجة تعرضهم لهجمات، ومازالوا مهددين حتى اللحظة، فكيف يعودون إذن، ولم يحدث استقرار في العراق بعد؟؟!".

وأكد أن الفلسطينيين في العراق حتى اللحظة يتعرضون لهجمات من العصابات الطائفية، وأن الأمن مفقود للعراقيين أنفسهم فما بال الفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل على الهوية..!!.

وأوضح أن الفلسطينيين هناك يشكون من القسوس، وأنهم كثيراً ما كانوا يذهبون إليه لعمل بعض الإجراءات فيجدون السفارة مغلقة دون إشعار، أو لا يجدون السفير، وقد لا يكون عدد الموظفين كافياً لتقديم الخدمة المناطة بالسفارة، والتي تكون (شبه مشلولة).

وقال:"القسوس يقوم بدور سياسي لتحسين صورة السفارة ولكن دون جدوى..حاجة الناس هي الأمن، وبالتالي ينبغي على السفير أن ينقل معاناتهم للرئيس محمود عباس وللسفير الفلسطيني في سوريا والأردن والعمل من أجل الضغط على الحكومتين – سوريا والأردن- لاستقبال اللاجئين". 

أما وزير شئون اللاجئين سابقاً "عدوان" رأى أن ما يقوم به القسوس (ليس سيئا)، وقال: إن اللاجئين على الحدود تعبوا من مكان تواجدهم داخل خيام وسط الصحراء، بأقل الامكانيات الغذائية والخدماتية، ورغبتهم في العودة إلى مساكنهم في العراق تزداد ولكن المشكلة أن الأمن معدوم  وإن خفت حدة الخطر في الخمسة شهور الأخيرة".وكانت وزارة شئون اللاجئين في الحكومة العاشرة طلبت من (الأنروا) ضم الفلسطينيين في المخيمات داخل كشوفها؛ إذ لم يكونوا مشمولين لديها، كما راسلت الوزارة المرجعيات الشيعية في العراق لوقف هجمتها ضد الفلسطينيين، فحصلت على فتوى من آية الله علي السيستاني تحرم التعرض للفلسطينيين وهو ما ذكره السيستاني للوزير عدوان قبل حل الوزارة.

الكرة الضائعة

واتهم أحمد، منظمة التحرير بعدم التعاون مع وزارة شئون اللاجئين عندما كانت قائمة، وقال:"منذ انطلاق الحكومة العاشرة رفضت المنظمة التعاون معنا..".

وتابع:" زرنا والدكتور عدوان، الدكتور زكريا الأغا مسؤول ملف اللاجئين في المنظمة وعرضنا عليه التنسيق في رعاية شؤون اللاجئين لنحقق نجاحات أكبر، وقدمنا له صيغة مناسبة، لكنه ينسق معنا بحسب الاتفاق..".

وقال:" إذا كانت المنظمة تمثل اللاجئين في الداخل والخارج وتعتبرهم ضيوفاً عند إخوانهم فإن الذي يمثلهم هي وزارة شئون اللاجئين، وبالتالي ينبغي التواصل معها، مشيراً إلى أنه يوجد هيئة عامة للاجئين في سوريا والأردن.

وقال:" عرضنا الوزارة على مدير عمليات الأنروا في غزة جون كينج فقبلها، ولكن الأغا رفض..!!، ملفتاً أن الدائرة راسلت هيئة اللاجئين في الأردن وحصلت منها على بعض الأوراق ولكنهم توقفوا عن ذلك، كاشفاً عن زيارة مرتقبة لسوريا وللمخيمات الحدودية قد تكون نهاية آب الجاري.

بدوره قال العوض:" إن تشكيل وزارة للاجئين تخل عن الجزء الموجود في الخارج، وقال:"وهذا سبب تحفظنا عليها وليس بسبب كونها كانت في الحكومة العاشرة، وهذا موقفي منذ سنة 1996 "، موضحاً أن الوزير حينها زار المخيمات في إطار الزيارة السياسية.

وأوضح أن الحكومة مُنحت الثقة من قبل المجلس التشريعي المنتخب من قبل الشعب الفلسطيني المتواجد داخل أراضي السلطة الوطنية فقط، وأن المعني بتقديم الخدمات للفلسطينيين في الخارج هو (الأنروا)، وأي انتقاص منها هو انتقاص من حق اللاجئين.

وأجاب عن سؤال "فلسطين": لماذا انتقاص دور (الأنروا) اعتبرته انتقاصاً من حق اللاجئين وهي تسعى للتوطين؛ إذ أقامت مدنا وليس مخيمات؟، قائلاً:"بحسب قرار 302 الذي صدر عام 1949م، (الأنروا) مطالبة بتقدم الرعاية الصحية والتعليمية والخدماتية للاجئين الفلسطينيين  إلى حين عودتهم إلى ديارهم".واعتبر سحب هذه الصلاحية من (الأنروا) لأي أسباب كانت، هو إعفاء المجتمع الدولي من مسؤولياته، وقال:" ولذلك علينا أن نتمسك بهذه المؤسسة الدولية وألا ننقل صلاحياتها لأي دولة عربية ولا حتى للفلسطينيين أنفسهم، لأن هذا دين على المجتمع الدولي ويجب أن نطالبه باستيفائه إلى أن يصل اللاجئين إلى ديارهم..".

تسكين أم توطين

وبين أن هناك خلطاً كبيراً بين (الأونروا) والمفوضية التي تقدم خدمات إنسانية وصولاً للتوطين ولهذا السبب أنشئت، وقال:"كثير من القائمين على ملف اللاجئين الفلسطينيين يخلطون بين المفوضية السامية و(الأنروا)..".

واتفق أحمد مع العوض حول طبيعة مهمة المفوضية معتبراً أن بقاء اللاجئين على الحدود تحت رعايتها لثلاث هو نذير خطر، وقال:"تجربتنا معها شهد عليها لاجئو مخيم الرويشد في الأردن حيث اتفقت المفوضية مع الحكومة الأردنية على ترحيل لاجئي ذاك المخيم إلى شتى أصقاع الأرض".

وأوضح أن هذا الأمر يؤثر على الأسرة الفلسطينية والسياسات العربية التي أوغلت في تشتيت الفلسطيني وتمزيق أسرته على يد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"، ورأى أن الحل يكمن في العمل على خلق قناعة لدى الأطراف العربية للعمل مع سوريا والأردن للقبول بدخول اللاجئين لأراضيهما وأن يلتحقوا بعوائلهم هناك.

إرادة عربية

الكاتب والباحث المختص في قضايا اللاجئين، عماد صلاح الدين، فسر ما يحدث بقوله:"هنالك مشروع أمريكي وإسرائيلي له سوابق في توطين اللاجئين خارج الإطار العربي والإسلامي، وكما هو معروف فإن القضية الفلسطينية في جوهرها هي قضية لاجئين".

وقال:" (إسرائيل) والدول الغربية منذ خمسينيات القرن الماضي وعبر وسائل عديدة تحاول توطين اللاجئين وتحديداً في الدول العربية إلا أن هذه المشاريع فشلت بسبب تمسك اللاجئين بأرضهم".

ولفت إلى أن المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة يهدف إلى تجزيء المجزأ، وتلازم مع استهداف اللاجئين ، وكانت منطلقة من العراق في مشروع عاصفة الصحراء ومشروع السلام الهادف إلى تصفية قضية اللاجئين، وملاحقتهم إلى الحدود مع سوريا والأردن .

وأشار إلى أن الموساد الإسرائيلي في العراق هدف إلى خلق أجواء تدفع الفلسطينيين إلى القبول بالتوطين ولو في سياق جزئي من خلال إبعادهم وتوطينهم في الدول المجاورة، والتي رفضت استقبالهم، وقال:" على سبيل المثال الأردن التي فيها 600 ألف عراقي وترفض استقبال بضع مئات من الفلسطينيين للإقامة المؤقتة فيها، وهذا يطرح علامة استفهام كبيرة؟".

وأضاف:"سوريا لم تقصر واستقبلت بعضا منه، في ظل ظروفها الخاصة وحالة الحصار الإقليمي المفروض عليها"، موضحاً أن أفضل الحلول هي الواقعية أي التي تسمح لهم بأن يكونوا في الإطار العربي بشكل عام وتحديدا في الجوار ( الأردن- سوريا).

واعتبر الحديث عن التوطين (مهزلة) لوجود احتياجات مدنية وإنسانية، وتساءل:" ما علاقة انتمائي الوطني بفقداني لحقوقي واحتياجاتي الإنسانية والخدماتية، بل على العكس فإن توفرها يمنحني القدرة على الصمود، وادعاء غير ذلك هو يضر الشعور الوطني".

وشبه الأمر بحرمان لبنان للاجئين الفلسطينيين من مزاولة سبعين مهنة بزعم عدم التوطين، وقال:"يفترض أن يكون هناك تحرك من مؤسسات حقوق الإنسان والفصائل و(الأنروا) والمفوضية والجميع، لتوفير منازل لهم تقيهم برد الشتاء، وحر الصيف، وذلك في إطار الحقوق الإنسانية المؤقتة".

وأكد على أن قضية اللاجئين بحاجة إلى إرادة عربية لاستقبالهم في إطار عربي يحفظ بقاءهم إلى حين عودتهم لديارهم، وتساءل:" لماذا يقذفون بعيدا، يراد بهذا الأمر -بتواطؤ عربي وإقليمي- تسجيل سابقة التوطين للاجئين الفلسطينيين..".

ويبقى ملف اللاجئين شائكا .. يحتاج الى كل الجهود، وصولا الى حل شامل، حلما يراودنا والقضية ما زالت تراوح مكانها منذ ستين عاما.." فلسطين" تفتح الملف على مصراعيه.. وتطرق لجوء ثلاث سنوات في الصحراء، فهل يحمل آب رغم حرارته.. قطرات مطر تخفف من معاناتهم وسط الصحراء.

19-8-2008