أقصانا لا كيبورهم – دراسة تحليلية تاريخية
إعداد: د- ناصر إسماعيل جربوع (اليافاوي)
بات من المؤكد من خلال الدراسات التوراتية والتلمودية ، وانطلاقاً من عقيدة الثالوث الحلولى اليهودية التي تعتمد على (الله والأرض والإنسان) ، انه وفي ظل التشرذم العربي والفلسطيني أصبح من السهل عند اليهود تنفيذ مخططكم الكبير لإعادة هيكلهم المزعوم، وإعادة أمجاد مملكة إسرائيل ، ورغم أن الدراسات الأركولوجية والتاريخية لم تثبت بالدليل المادي والقطعي أصلاً عن وجود هيكل لليهود للقدس ، وان كلمة هيكل أصلاً كلمة كنعانية وتعنى (هيكالوس) بمعنى معبد ، وفكرة المعابد ولدت مع جميع الحضارات الفلسطينية الكنعانية وغيرها ، وذهبت بعض الروايات وخاصة الأستاذ كمال صليبي في كتابه ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) لنسف الكثير من الادعاءات التوراتية ويثبت أن مملكة إسرائيل لم تكن موجودة في القدس ولا فلسطين ، بل كانت عند جبل (السراة) الواقع على الحدود السعودية اليمنية (عسير) ، ويطرح صليبي العديد من الأدلة التي تؤيد وجهة نظره ، منها قصة هدهد سليمان (حين قال مخاطبا سليمان )بسم الله الرحمن الرحيم (فمكث غير بعيد ) (وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) ويقارن الكاتب بين فكرة غير بعيد و كلمة جئتك وليس آتيتك لتدل على قرب المكان للتدليل على أن ملك سليمان كان في اليمن وليس في فلسطين 0 ونرجع إلى سياق دراستنا التاريخية ، وبسبب الوضع المزري التي فرضته الماسونية وأذيالها وإلهاء الأمة العربية بمشاكل داخلية خاصة ، والشعب الفلسطيني بمشاكل معقدة جعلتهم يتلهون بعظمة نتنة لا قيمة لها ، واليمن ملهى بالحوثين ، والإمارات بجزرها ، وسوريا بجولانها ، والعراق باحتلالها ، ومصر بأمنها ، كل هذه المشاكل المصنوعة بفكر ماسونى صهيوني صليبي ، والمخططات تزاد يوما بعد يوم ، والقدس تغرق بالمستوطنات ومعالمها العربية الإسلامية تمحى كل يوم ولا من مبالي ، واليهود مجهزين لحجرهم المعتقدين انه من بقايا هيكل سليمان والبقرة الحمراء جاهزة لذبحها يوم موعد الانطلاق ، وستكون البداية السنوية بمناسبة دينية وعادة ما يكون البدء والهجوم يوم ما يسمى( كيبور) وفى هذه المرة أعلنت إسرائيل نيتها اقتحام المسجد الأقصى خلال 'عيد الكيبور' اليهودي.
وفي سبيل تحقيق ذلك حدثت فى الأيام الأخيرة اجتماعات سرية بين قادة المجموعات اليهودية المتطرفة وحاخامات المستوطنين وبعض المسئولين السياسيين والعسكريين في حكومة نتنياهو، عقدت في مغتصبات (معاليه أدوميم يتسهار واريئيل وبسجوت وجفعات زئيف) ، تحضيرا لاقتحام المسجد الأقصى المبارك بأعداد كبيرة وغير مسبوقة والبقاء في ساحاته خلال الأيام القليلة المقبلة، لفرض سياسة الأمر الواقع تمهيدا لتقسيمه على غرار ما حدث للحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل.
وكثيراً هي الأخطار المحدقة بالأقصى، ومنها إحاطته بأكثر من مائة كنيس يهودي وسبع حدائق توراتية تحت مسمى حدائق وبساتين ومتنزهات عامة، إضافة إلى الاستيلاء على عشرات العقارات في البلدة القديمة بالقدس الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك وتحويلها إلى بؤر استيطانية ومواصلة الحفريات أسفله، والاقتحامات اليومية لساحاته. ومن الملاحظ أن محاولات الاقتحام هذه تتزامن مع حلول الذكرى التاسعة لاقتحام وتدنيس آرئيل شارون بحماية أكثر من ثلاثة آلاف جندي احتلالي المسجد الأقصى المبارك وكان ذلك أيضا في يوم (كيبور) ! ، ولكن لماذا غالبا يبدأ الهجوم على الأقصى في يوم ( كيبور) وما هو يوم كيبور؟ هذا ما سنتطرق إليه فى دراستنا التاريخية :
يوم كيپبور، يوم هاكيپبوريم أو عيد الغفران ، هو اليوم العاشر من شهر "تشريه"، الشهر الأول في التقويم اليهودي، وهو يوم مقدس عند اليهود مخصص للصلاة والصيام فقط. ويوم كيبور هو اليوم المتمم لأيام التوبة العشرة والتي تبدأ بيومي رأس السنة، أو كما يطلق عليه بالعبرية (روش هاشناه ) ، وحسب التراث اليهودي هذا اليوم هو الفرصة الأخيرة لتغيير المصير الشخصي أو مصير العالم في السنة الآتية، ومن هذه النقطة يسعى اليهود لتغير معالم ومصير مدينة القدس والمسجد الأقصى يبدأ يوم كيبور حسب التقويم العبري في ليلة اليوم التاسع من شهر تيشريه في السنة العبرية ويستمر حتى بداية الليلة التالية.
يعتبر يوم كيبور في الشريعة اليهودية يوم عطلة كاملة يحظر فيه كل ما يحظر على اليهود في أيام السبت أو الأعياد الرئيسية مثل الشغل، إشعال النار، الكتابة بقلم، تشغيل السيارات وغيرها، ولكنه توجد كذلك أعمال تحظر في يوم كيبور بشكل خاص مثل تناول الطعام والشرب، الاغتسال والاستحمام، المشي بالأحذية الجلدية، ممارسة الجنس وأعمال أخرى بهدف التمتع. وبينما تعتبر أيام السبت والأعياد الأخرى فرص للامتناع عن الكد وللتمتع إلى جانب العبادة، يعتبر يوم كيبور فرصة للعبادة والاستغفار فقط.
يوم كيبور هو من المناسبات الدينية التي يتبعها اليهود غير المتدينين أيضا، خاصة في إسرائيل حيث تحترم الأغلبية الساحقة من اليهود العلمانيين الحظر على السياقة والسفر بسيارات في هذا اليوم. عدم الصيام في يوم كيبور هو أحد الدلائل الرئيسية على ترك الدين بشكل تام ، إذ كانت هذه الوصية الدينية ذات أهمية كبيرة في نظر اليهود "التقليديين"، أي اليهود الذين يتبعون وصايا الدين بشكل جزئي.
حسب الحسابات التي يستند التقويم العبري إليها، فإن يوم كيبور قد صادف أو سوف يصادف في الأيام التالية حسب التقويم الميلادي: يوم 27- ليلة 28 - 2009 و يوم 18 -9- 2010 م ، بمعنى أن هذه الأيام ستشهد تخريبا يهوديا أو محا ولولات هجومية حتى تطبيق حلمهم اليهودي وهدم الاقصى اسم "يوم الغفران" الشائع في لغة العربية إشارة إلى هذه المناسبة اليهودية ينجم عن الغاية المركزية من هذا اليوم وهي الاستغفار وطلب الرحمة. أما الاسم العبري "يوم كيپور" أو "يوم هكيپوريم" فمعناه "يوم التكفير" أو "يوم غسل الخطايا". وكلمة "كيپور" مشتقة من جذر سامي قديم يوجد في اللغة الإكدية العراقية القديمة بمعنى "غسل"، ويستخدم في اللغة العبرية بمعنى "تكفير" فقط.
أصل العيد
يوم كيبور هو من الأعياد المذكورة في التوراة، في سفر اللاويين ، حيث ورد في (الإصحاح ال16، 29-34): مايلي :
(ويكون لكم فريضة دهرية - أنّكم في الشهر السابع[1] في عاشر الشهر تذللون نفوسكم وكل عمل لا تعملون، الوطني والغريب النازل في وسطكم. لأنه في هذا اليوم يكفَّر عنكم لتطهيركم من جميع خطاياكم - أمام الرب تطهرون. سبت عطلة[2] هو لكم و تذللون نفوسكم - فريضة دهرية. ويكفر الكاهن الذي يمسحه[3]، والذي يملأ يده للكهانة عوضا عن أبيه، يلبس ثياب الكتان الثياب المقدسة. ويكفر عن مقدس القدس، وعن خيمة الاجتماع[4] والمذبح يكفّر، وعن الكهنة وكل شعب الجماعة يكفّر. وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بني إسرائيل من جميع خطاياهم مرة في السنة، ففعل كما أمر الرب موسى." ) ويعتبر هذا اليوم من أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق ويقع في العاشر من( تشري) وهو اليوم الأخير من أيام التكفير أو التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة وتنتهي بيوم الغفران). ولأنه يُعتبَر أقدس أيام السنة، فإنه لذلك يُطلَق عليه «سبت الأسبات»، وهو اليوم الذي يُطهِّر فيه اليهودي نفسه من كل ذنب ، وبهدم المسجد الأقصى يعتقد اليهودي انه يطهر من ذنوبه ويزداد طهرا إن سفك الدم العربي أو المسلم وبحسب التراث الحاخامي، فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه (لوحا) الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي. وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب ككل الغفران من الإله.
ولذا، فإن الكاهن الأعظم كان يقدم في الماضي كبشين (قرباناً للإله نيابة عن كل جماعة يسرائيل) وهو يرتدي رداءً أبيض (علامة الفرح) وليس رداءه الذهبي المعتاد. وكان الكاهن يذبح الكبش الأوَّل في مذبح الهيكل ثم ينثر دمه على قدس الأقداس.، من هنا ندرك أهمية اقتحام المسجد الأقصى ، ولو تتبعنا دخولهم ولبس كبير حاخاماتهم والخيمة البيضة المصاحبة لهم لتيقننا أن بداخلها كبشين ، من المحتم ذبحهم فوق ارض الأقصى في مثل هذا اليوم حسب العقيدة الصهيونية أما الكبش الثاني، فكان يُلقَى من صخرة عالية في البرية لتهدئة عزازئيل (الروح الشريرة)، وليحمل ذنوب جماعة يسرائيل (وكما هو واضح، فإنه من بقايا العبادة الإسرائيلية الحلولية ويحمل معتقدات إثنوية، ذلك أن عزازئيل هو الشر الذي يعادل قوة الخير). ولا يزال بعض اليهود الأرثوذكس يضحون بديوك بعدد أفراد الأسرة بعد أن يُقرَأ عليها بعض التعاويذ. وهناك طقس يُسمَّى «كابَّاروت» يقضي بأن يمسك أحد أفراد الأسرة بدجاجة ويمررها على رؤوس البقية حتى تعلق ذنوبهم بالدجاجة. وفي هذا العيد، كان الكاهن الأعظم يذهب إلى قدس الأقداس ويتفوه باسم الإله «يهوه» الذي يُحرَّم نطقه إلا في هذه المناسبة. ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في طقـوس المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلف تابوت لفائف الشريعة بالأبيض في ذلك اليوم على عكس التاسع من آف (( احد شهورهم العبرية) حيث يُلف بالأسود.
ويبدأ الاحتفال بهذا اليوم قبيل غروب شمس اليوم التاسع من تشري، ويستمر إلى ما بعد غروب اليوم التالي، أي نحو خمس وعشرين ساعة،. والصلوات التي تُقام في هذا العيد هي أكثر الصلوات اليومية لليهود وتصل إلى خمس، وهي الصلوات الثلاث اليومية مضافاً إليها الصلاة الإضافية (مُوساف) وصلاة الختام (نعيَّلاه)، وتتم القراءة فيها كلها وقوفاً. وتبدأ الشعائر في المعبد مساءً بتلاوة دعاء كل النذور ويختتم الاحتفال في اليوم التالي بصلاة النعيلاه التي تعلن أن السماوات قد أغلقت أبوابها. ويهلل الجميع قائلين: «العام القادم في أورشليم المبنية»، ثم يُنفخ في البوق (الشوفار) بعد ذلك. ويتكرر هذا الدعاء الدينى عند اليهود، ويقصد هنا (بالمبنية ) أي بناء الهيكل وقيام مملكة إسرائيل ،هذا حسب زعمهم التاريخى !!
وفي سياق آخر تقوم دائرة الآثار الصهيونية بتخصيص رحلات خاصة تلمودية للأنفاق التي تقوم بعثات دينية يهودية وانجليكانية بحفرها تحت مسجد قبة الصخرة ، وقال احد الزائرين للإنفاق ( أصبح الآن مسجد قبة الصخرة معلق فوق قشرة غير سميكة من الأرض ، لقد رأيت مناظر مهولة حتى جذور الأشجار بانت واضحة ، وقال لنا احد الحاخامات أننا نعمل على موت الأشجار المحيطة بالمسجد ، ليموت كل كائن حي له علاقة بالعرب ، وأضاف نحن الآن تحت ما يسميه العرب مسجد قبة الصخرة ، إن العرب اغتصبوا أرضنا وهذا هو مكان هيكلنا وسنبنيه قريبا بذكري يوم كيبور!) هذا هو حال مدينتا المقدسة التي تعتبر جزءا أساسيا من عقيدتنا الإسلامية وقرآننا المجيد ، فهل لازال أكثر من مليار مسلم مؤمنون بما جاء بسورة الإسراء ،بسم الله الرحمن الرحيم "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" صدق الله العظيم أم ينظرون قيام إسرائيل بأكذوبة رختير الاصطناعية بعدما أصبح مسجد قبة الصخرة معلق فوق كومة هشة من التراب ، صلبة من الثوابت الدينية ، أم نردد معا شعار عبد المطلب ( للبيت رب يحميه ) .
د-ناصر إسماعيل جربوع ( اليافاوي)
موجه التاريخ بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية
28/9/2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"