قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج2- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 7381
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج2- رشيد جبر الأسعد
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج2- رشيد جبر الأسعد

كلمات في التاريخ.. للتأمل...

.... دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة.

  (الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه)

.... من لم يشك، لم ينظر، ومن لم ينظر، لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي العمة والضلال.

الإمام محمد أبو حامد الغزالي (المنقذ من الضلال)

.... إذا لم يكن للأمة مجد تالد وتاريخ ناطق واثر باق، فلا تدوم سلطتها ولا تتأصل حضارتها.

(العلامة أبي خلدون)

.... من حق الكاتب إن يتخذ موقفا خاصا من التاريخ، ولكن ليس من حقه إن يزور هذا التاريخ.

(محمد جلال كشك)

لقد صدق زميلي في الدراسة المجاهد الأستاذ أكرم زعيتر حين قال:

-  إن (إسرائيل) قد استعانت على اغتصاب بلادنا بتزييف الحقائق أكثر مما عنينا نحن بإيضاحها.

 (الدكتور المؤرخ احمد سوسة)

.... إن من غير الممكن تجاهل حقيقة إن فلسطين كانت بلدا عربيا تقيم فيها غالبية عربية منذ عهد طويل، وتسودها الثقافة العربية وان اليهود ما هم سوى غزاة وغرباء.

(مندوب غوايتمالا في الأمم المتحدة)

.... سيكون مصير اليهود – آي نهايتهم – احد المشاهد التي سيدعو القرن القادم البشرية لمشاهدتها.

(نيتشة)-(آي هذا القرن الذي نعيشه)

.... وعمليا، فيما يتعلق بيهود فلسطين، فان المسلمين قد جاؤا كمنقذين، وليس كمضطهدين..

  المؤرخ اليهودي (هيا مسون)

.... إن فتح العرب المسلمين للبلاد أنقذ يهود فلسطين من الدمار الكامل..

(دائرة المعارف اليهودية)

.... لا خلاف فلسطينيا وعربيا على إن القرن الغالب كان بائسا وظالما وعدوانيا بالنسبة لنا ولقضيتنا.. وكان متآمرا علينا من أوله إلى نهايته.

(نواف الزرو / قضيتنا بين قرنين)

.... إن جميع اليهود الذين دخلوا فلسطين منذ وعد بلفور، آي منذ عام 1917 هم مواطنون غير شرعيين.          

(حميد فرنجيه / وزير خارجية لبنان في مناقشات الأمم المتحدة عام 1947م)


((الفصل الأول))

مدينة حيفا.. اجزم من قراها

 

- حيفا عروس البحر.. قاهرة الغزاة.. هازمة الطغاة..

  .. عرفها الكنعانيون العرب قبل الميلاد بأربعة ألاف سنة..

-  قال عنها العلامة الجغرافي الإدريسي: حيفا فيها مرفأ حسن للسفن والملاحة.. على ساحلها تأسس أول أسطول بحري حربي عربي إسلامي في عهد عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان..

-  عندها لملم المجرم نابليون جراحه.. وهزيمته.. خائبا مدحورا..

-  بعد الثلاثينات من القرن الماضي ازدادت أهميتها بسبب مد أنبوب النفط العراقي.. وغدت محط أنظار الزعماء السياسيين والسواح.. والعمال..

-  تحولت إلى معقل للعمال والفلاحين وعرينا للشيخ القائد الرمز عز الدين القسام.. من خلال جامع الاستقلال.. منطلق الجهاد في العصر الحديث..

-  سلمها الانكليز عبيد الصهيونية والدولار.. سلمها لعصابات الصهاينة المسلحة في صفقة غادرة مفضوحة لئيمة يوم 21/4/1948..

حيفا.. حبيبة العرب في كتابات محمد نمر الخطيب ونواف أبو الهيجا وغيرهم..



حيفا مدينة عربية كنعانية قديمة، قدم الكنعانيون العرب، والمرجح أنها أنشئت في زمن الكنعانيين الذين استوطنوا وعمروا فلسطين بجميع أجزائها لعدة ألاف من السنين سبقت الميلاد.

أما كلمة حيفا التسمية فقد تعددت فيها أقوال المؤرخين العرب والأجانب فقيل إن اسم أو (الحيفة)عربية معناها (الناحية) وقد ورد ذكرها في القرن الرابع الميلادي باسم (ايفا).

فاصل تسمية المدينة بهذا الاسم يرى البعض إن أصل الكلمة حيفا من حف بمعنى شاطئ،[1]بينما يرى صاحب معجم البلدان بان الأصل مأخوذ من حيفا وهي من الحيف بمعنى الجور[2] وقد تكون التسمية مأخوذة من الحيفة آي بمعنى الناحية كما تقدم [3] كما يرجح رأي أخر بان الأصل في الحقيقة بمعنى المظلة والمحمية وذلك نظرا لان جبال الكرمل تحيط بها وتحميها وتظللها[4].

كما عرفت حيفا بأسماء متعددة عبر العصور ذات معاني عديدة مختلفة، فهي في (الكتاب المقدس) الشاف، وكيفيا، وكلامون، ودعاها الفرنجة بور ميريا الجديدة نظرا لكثرة الأصداف على سواحلها.[5]

تعتبر حيفا مصدرا رئيسا لصناعة الأصباغ البورفيرية، ومن أسمائها الأخرى ايفا، وسيكيمينوس وتعني ارض الجميز آنذاك.[6]

على الرغم من تعدد أسماء هذه المدينة العربية العريقة وظهور اسمها بعدة أشكال في اللغات الأوربية، إلا إن التسمية اللاحقة لها والدارجة والمتعارف عليها الآن هي التسمية العربية حيفا HAIFA.

كانت حيفا في العصور القديمة قرية صغيرة، إلا إن ميزتها الكبرى في موقعها الطبيعي الأخاذ على الطرف الجنوبي من خليج عكا، وعلى سفوح جبل الكرمل، كما وأنها منفذ طبيعي للسهل الساحلي، ولمرج أبي عامر، ولجبال الجليل. وقد بدأت أهميتها كميناء تجاري تزداد منذ مد الخط الحديدي العثماني الذي انشيء قبل الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 فتحولت التجارة تدريجيا من ميناء عكا إلى حيفا، حتى أصبحت أعظم مرفأ في فلسطين وثالث ميناء على البحر الأبيض المتوسط بعد تشييد المرفأ الكبير عام 1933 الذي يبلغ عرض مدخله (173) مترا كما إن متوسط عمق الماء فيه يزيد على عشرة أمتار، وكان متوسط ما يدخلها من السفن في العام 1500 سفينة.

ازدادت أهميتها بعد مد مشروع خط أنابيب نفط العراق عام 1933 في عهد الملك غازي (رحمه الله)، بحيث أصبح ما يصب فيها من نفط العراق نصف ما كان ينتجه العراق من الذهب الأسود.


وبهذا اتسعت كثيرا وأمها العمال والفنيين لطلب الرزق والطلاب، والسياسيين من سائر المدن والقرى الفلسطينية[7] والمدن والبلدان السورية واللبنانية على السواء فزاد عدد نفوسها وازدحمت بالسكان حتى وصل عدد سكانها قبل النكبة 1948 إلى ما يزيد عن (150) إلف نسمة، بينما كان عدد سكانها عام 1923 لا يزيد عن 25 إلف نسمة. وهذا رقم عال إذا ما قورن بعدد سكان المدن الفلسطينية الأخرى حتى العام 1948 وكان فيها معامل كثيرة للفائف التبغ والتسميك ومصانع الصابون والاسمنت ومطاحن الدقيق ومعامل الحلويات والمطاعم والفنادق والحدائق وأخيرا مصانع تكرير النفط الهائلة، يتوسطها شارع نسيج يمتد من الشاطئ حتى جبل الكرمل.[8]

على قدم مدينة حيفا وضواحيها، فبعد التاريخ المدون كان العرب الكنعانيون أول من سكن ديار حيفا وعمروا قضاءها والكثير من المدن والقرى حولها، ذكرها العالم الجغرافي الإدريسي بقوله:

(حيفا تحت طرف الكرمل وهو طرف خارج في البحر وبه مرسى حسن لإرساء الأساطيل..)

كانت وستبقى حيفا مدينة فلسطينية عربية إسلامية، فهي مدينة ساحلية جميلة تغفو على ساحل البحر لترتبط بجبال الكرمل الكبيرة، وترتبط بحرا وبرا وجوا بموانئ ومدن فلسطينية وعربية وعالمية.


أنها مقر النضال والأحزاب الفلسطينية والعربية.. حينما تتذكرها تتذكر عماراتها الجميلة التي تحوي في بعضها على أعلى المصاعد الكهربائية وهي الأولى في الوطن العربي بهذا المجال وشوارعها الفسيحة وأزقتها النظيفة ومناطق مشهورة كوادي الجمال والكولونية الألمانية والكرنك ودير الياس والمستشفيات التبشيرية والأبنية الحديثة والحدائق الغناء وشارع الملوك وشارع الناصرة وساحة الحناطير، وشاطئ الخياط، ومقر ومنطلق الأحزاب والعمل السياسي والنضالي وجامع الاستقلال عرين المجاهدين ومأوى ضحايا ظلم الانتداب والحركة الصهيونية فهي المدينة والقضاء والميناء.. أنها عروس البحر لها موقعها الاقتصادي ولها تراثها الحضاري والجهادي والثقافي والسياسي والتاريخي..( وحيفا وجه فلسطين البحري، ومنفذها الرئيسي على العالم الخارجي ومع مرور الزمن أصبحت حيفا الشريان الحيوي لفلسطين والأردن وسورية والعراق وإيران وغيرها من الأقطار الأسيوية فوقوعها على خليج بحري عميق جعل منها مرفأ (ميناء) محميا طبيعيا يصلح لرسوا السفن الكبيرة.

وارتبطت حيفا بشبكة من الطرق المعبدة والسكك الحديدية ففي عام 1905 افتتح الفرع الغربي للخط الحجازي الحميدي رسميا في حيفا.

واخذت حيفا مكانها الريادي في الحركة الثقافية في فلسطين وفي الفترة الواقعة بين عام 1908 -1948 شهدت حيفا ميلاد عدد كبير من الصحف والمجلات التي كانت تصدر في فلسطين.

وكانت حيفا في مطلع القرن الحالي (آي القرن العشرين) وحتى احتلالها – مركزا ثقافيا مرموقا ومنذ أواخر العهد العثماني والطباعة متقدمة فيها وأخرجت أجيالا من المثقفين.

ويكفي مدينة حيفا وأهلها فخرا واعتزازاً أنها احتضنت المربي والقائد الرائد الشيخ محمد عز الدين القسام رائد حركة التحرر العربية والإسلامية الفلسطينية المعاصرة.. وخطبه المعبرة الساخنة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في جامع الاستقلال.. واقترنت مدينة حيفا بجامع الاستقلال وخطيبه عز الدين القسام الشهيد الرائد.. رمز المقاومة والفداء

وأبطال فلسطين وشهدائهم الكثيرون الذين هم من حيفا أو من مدن وقرى أخرى أو الذين عملوا لفلسطين وضحوا.. في حركة القسام وهم فرحان السعدي وعبد الرحيم الحاج محمد وعطية احمد عوض ويوسف أبو درة وغيرهم فكان لأهل حيفا دورهم الرائد في النضال وفي الأحداث.. شانهم شان كل مدن وقرى الوطن الحبيب..

حيفا مدينة كبيرة هامة فهي اكبر مدينة بفلسطين بعد القدس، آي ثان مدينة فلسطينية بعد القدس، كما إن (53) قرية وخربة ترتبط بها اداريا وجغرافيا، واجتماعياً من هذه القرى، قرية اجزم فهي ثان قرية بالاهمية في قرى حيفا من حيث المساحة ومن حيث السكان ومن حيث الاهمية..

تتبع حيفا (53)قرية وخربة فلسطينية، من هذه القرى: اجزم، جبع، عين غزال، عين حوض، كفر لام، المزار، وغيرها، ومن الخرب خربة المنارة في اجزم، عند شواطئ حيفا رست السفن وحل القادة والملوك والغزاة..

رفع العرب المسلمون عليها راية الإسلام.. وراية انطلاق وتاسيس وانبثاق أول أسطول عربي إسلامي حربي بحري جهادي في عهد خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ولاية معاوية ابن أبي سفيان على بلاد الشام وفلسطين وحيفا جزء منها.

شهد التاريخ إن حيفا كانت محطة لملم عندها نابليون القائد الفرنسي لملم فيها جراحه وهزيمته وبقايا هيبته بعد انكساره على ابواب عكا واسوار عكا وصمود وبطولات أهل عكا وفلسطين.. والشام.. صمودهم ضد الغزو والعدوان الفرنسي.. في الفترة 1798م- 1802م.

إن لنا موعدا ولقاءا نعانق فيه حيفا.. كما طهرناها وغيرها من الغزو الفرنسي.. ثم دنسها الغزو البريطاني.. لنا يوم نطهر حيفا وكل فلسطين من الاغتصاب الصهيوني إن شاء الله.. لاجل عيون حيفا قال الشاعر العربي:

 

وعـيون حيفــا بالدموع ترقـرقـت * فرحا فان النصر غير مؤجل

يا قــدس قـد إن الاوان فــابشري *  النصر ات فاصبري وتجـملي

فاليوم دوى في القطاع رصاصــــنا * وغدا سيعلو في جبال الكرمل

وستشـهد الأيــــام إن جباهـــنا * حقا لغـير الله لــــم تتذلل

 

ابن قرية إجزم

الكاتب

رشيد جبر الأسعد

2012م

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] محمود العابدي: من تاريخنا (المجموعة الثانية)، 1963م صفحة (137).

[2] ياقوت الحموي: معجم البلدان، ح3، بيروت 1974، ص332.

[3] قسطنطين خمار: جغرافية فلسطين المصورة، بيروت 1967 منشورات المكتب التجاري، صفحة: 12\.

[4] جميل البحري: تاريخ حيفا، دمشق، 1982م، ص (4).

[5] د. احمد عبد الرحمن حمودة: قصة مدينة حيفا، سلسة المدن الفلسطينية، تصدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في دائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية صفحة (8).

[6] د. احمد عبد الرحمن حمودة: قصة مدينة حيفا المصدر السابق ص (8).

[7] سكن في حيفا العديد من شرائح المجتمع الفلسطيني ومن مختلف القرى، ومن قرية اجزم – موضوع البحث – سكنت حيفا عشرات العوائل الفلسطينية القريبة القادمة من قرية اجزم وخربة المنارة لمختلف الاسباب.

[8] قسطنطين خمار: جغرافية فلسطين المصورة، ص (96).