بسم الله الرحمن الرحيم
مجمع البلديات ذلك المجمع الذي كان يضم أكثر من تسعة ألف نسمة وكان يلبس ثوبه الأبيض قبل عام 2003 وكان كما يقول المثل يعج ويرج بالحركة والزحمة وكان هذا المجمع عند دخول أي فرد غريب عليه يحسده ويقول انتم كلكم أقارب لوجود ألفة والمحبة والترابط فما حاله اليوم .
كان المجمع سابقا يضم عدد من الرجال الكبار في السن نعتبرهم بقايا الجيل الأول الأجداد وكثير من الجيل الثاني الآباء فكان لوجودهم بركة وألفة وحس ربما لان دمائهما امتزجت سويا يوم من الأيام ، فكنا ونحن صغار نفرح بقدوم العيد عندما نجد هؤلاء الكبار يجمعون الأبناء والأحفاد ونرى مجاميع هنا وهناك تتزاور بالأعياد ، وكنا نجدهم ما من فتنة تريد أن تكون أو مشكلة إلا وحلت على الفور بدون وجود الهاتف النقال افتقدناهم ولم يبقى وجود لأنهم رحلوا إلى عالم آخر رحمة الله عليهم .
والجيل الثاني لم يبقى منه إلا بقايا يبدو أن هموم الحياة أفقدت ذاكرتهم استذكر من تلك الشخصيات رجل اسمه أبو محمد الجياب يذكرني بشخصية والدي فهو رجل خير معطاء كان مختارا لهذا المجمع بأخلاقه ، فكان يخدم الصغير والكبير والذي يعرفه والذي لا يعرفه ولو على حساب صحته فعندما سألت عنه قالوا لي إنه في بانكوك ويتمشى بين درابين وأزقة بانكوك التي لا شيء فيه يذكره بأهله وحارته ويمشي بين تلك الدرابين وهو يصرخ يا أبو عمر وينك يا أبو عدنان .. وينك يا أبو خالد .. وينك فسألت ماذا أصابه فقالوا يريد أن يطفئ نار غربته وهكذا يصرخ أبو محمد في تلك الأحياء فلا من مجيب ولا من سامع .
ورجل آخر مثقف خريج أزوره في منزله وهو وحده ساكن بين الجدران حزينا وكغير عادته بدء يجيد الشعر فما بالك يا حجي فلان فقال لي تركتني وحيد والتحقت بأولادها في المهجر ورجل آخر عندما ذهبت ازور والدي في مقبرة غزالي وجدته يجهش بالبكاء فاعتقدت انه فقد شخص حديث فقال لي لا أكثر من سبع سنوات ولماذا هذا البكاء قال لي إني سأفقده إلى الأبد وكيف فقال لي سأذهب إلى دولة نيوزلندا عند احد أبنائي .
وامرأة ساكنة في عمارتنا في الطابق الأرضي يطل على ممشى العمارتين والابتسامة لا تفارقها ويحبها كل أهل الحارة لحسن ملقاها فقدناها فجئتنا وعندما ذهبنا نتفقدها رأينا أن المرض أصبح حبيسها حزينة على مصير ابنها الذي ذهب إلى تركيا آملا للذهاب إلى أوربا فمسكته الشرطة التركية .
وهناك أم فلان ولا داعي لذكر الأسماء هنا الذي غادروا أهلها جميعا إلى مخيم الحسكة ولم يبقى لها احد في بغداد ولا أعمامها ولا أخوالها فأصابتها كآبة ، وامرأة أخرى تعاني مع زوجها من المشاكل لأنه يريد الذهاب إلى سورية وهي ترفض ، وجامع القدس الذي كان يعج بالمصلين يصل صفوفه إلى أكثر من 6 صفوف وقت العصر فلم يعد نصف هذا العدد وهكذا تغير فجأة كل شيء وقصص كثيرة في هذا المجمع الذي فقد ذكراه الجميلة فترى غيمة الحزن فوقه وترى الأغراب ملؤوه وبدء المجمع يفقد حركته وحيويته وهكذا أصبحنا كل ما يطل علينا النهار نسمع بان فلان غادر ولماذا لم يقل حتى نودعه فيقول أنت تعرف السبب وعندما نعرف أو نتذكر السبب يبطل العجب آآآه يا هل القلب تفقد أحبابك بدون وداع وهكذا بدأ المجمع يعج بمشاكل كثيرة وأصبحت الوجوه غير الوجوه وأصبح نهاره ليلا بهيما وليله مخيفا وذلك لفقدانه الأحبة
ولكن هناك نوعان للفراق..
فراق لقاؤه مستحيل وهو لمن غابوا عن دنيانا فلقائهم مستحيل في هذه الدنيا
وفراق آخر الأمل فيه ضعيف للتلاقي وهو شبيه لمن قبله ولكن الفرق أنهم موجودين على هذه الدنيا .
آآآه من الفراق الأول وآآآآآه من الفراق الثاني
القلب يعتصر من ذلك الفراق..
والصدر امتلاء بالآهاااات..
والعين اغرورقت من الدموع...
فمن الذي يحتمل فراق الأحبة..؟؟
ومن سيحتمل فراق عزيز عليه..؟؟
آآآه من مرارة الفراق......
وعذااابه..
وأيامه..
ولياليه..
فمتى التلاقي؟؟؟
فهذا هل هو أمر مستحيل..
24/5/2009
بقلم : الزيداني
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"