بدأ النقاش حين نشر المذيع مقالا له يتهجم فيه على
شخصية المسيح عليه السلام كما هي مذكورة في الإنجيل حيث انه (حسب رأيه) "مدمن
على العاهرات وأنه كان يستغل الناس بالربا وأنه إنتهازيا وما شابه ذلك". لم
يكن ذلك الكلام صحيحا و"الساكت عن الحق شيطان أخرس", والغريب أن "المسيحيين"
المتشددين لم يردوا عليه إلا بعد مداخلتي. وكان في مداخلتي أن المسيح عليه السلام لم
يكن كما يدعي وأن الإنجيل محرف وفيه من الأقاويل اكثر من كلام الرب. وأن المسيح عليه
السلام كان رسولا يحمل رسالة عبودية لله وأنه لم يكن ابن الله وأنه كان يشفي
الأعمى ويحيي الموتى بإذن الله . الكثير من "المسيحيين" أيدوا رأيي رغم
أنني أنفي انه ابن الله وهذا يعني أنهم ربما في قرارة انفسهم ليسوا مقتنعون بالامر.
وكانت هناك ردود من المذيع احيانا جيدة وأحيانا ممزوجة بالخطأ ولكن اليهود لم
يستطيعوا ان يتجنبوا نقاشا بين مسلم و"مسيحيين" وملحدين دون ان يحاولوا
إثارة الفتنة.
فجأة تحول النقاش ضد المسلمين وذلك حين قام يهودي نتن
بسؤال "من منكم بإمكانه أن يسمي عالم مسلم مميز واحد في القرون الخمس
الماضية". ومع أن هذا السؤال ليس في محله فالنقاش يدور حول المسيح عليه
السلام , إلا ان اليهود الآخرين الموجودين بدأوا يعلقون على السؤال ليجذبوا إنتباه
الناس وليحولوا دون التطرق إلى الحقيقة أن اليهود حاولوا قتل المسيح عليه السلام .
وهنا بحثت في صفحة ويكيبيديا فوجدت صفحة فيها أسماء العلماء المسلمين وهم بالمئات
فنسخت وصلة عنها ووضعتها ردا له وقلت له:"أنت تريد واحد.. وهذا صعب فهم
بالمئات ولكني اترك لك الإختيار". ومع أنه اشار ان هؤلاء ليسو من القرون
الخمس الماضية إلا انه لم يستطع إنكار فضلهم. وفورا قام بنشر أسماء العلماء اليهود
الحائزين على جوائز نويل وهم بالمئات أمثال آينشتاين وغيرهم الكثير. كان واضحا أنه
يستعرض أمامنا أنهم الافضل. والغريب أن هؤلاء العلماء حازوا على تلك الجوائز في ال
100 سنة الماضية فسألته: ألا تجد ان الامر غريب بأن يحصل مئات العلماء اليهود على
جوائز نوبل في خلال فترة قصيرة من الزمن بينما العلماء الآخرين في العالم ينتظرون
وقد يكونوا هم الأحق؟؟ الا ترى بأن هناك اسباب سياسية خلف الموضوع؟؟ ومع ذلك فإننا
نحترم العلماء ونكن لهم التقدير لجهودهم. وهذا بالتاكيد يؤكد غروركم واعتقادكم بأنكم
"شعب الله المختار" .. لم يرد اليهودي على ذلك, وكيف بإمكانه أن يرد على
أمر مريب كهذا؟.
وكوني أعلم أن هذا اليهودي من مدينة شكون عالية في
فلسطين المحتلة وأنه عاش هناك 12 عام ويتحدث العبرية بطلاقة فقد استشاط غضبا حين
قلت له أن كل علماء اليهود منذ بدأ الخلق حتى الآن لا يستطيعون أن يغطوا جرائم
اليهود في فلسطين. أنتم اليهود وراء كل خراب في هذا الكون وبروتوكلاتكم الفاسدة
المفسدة وأعمالكم الإجرامية في فلسطين والعالم هي اكبر دليل على ذلك. ثم
واصلت:"لو ان الشعب الاسترالي يعاملكم بنفس الطريقة التي تعاملون بها
الفلسطينيين لاتهمتوهم بمعاداة السامية" جن جنون اليهودي الذي صار يتهجم
بكلامه وحينها فرحت أنا لأن ذلك يعني أنه في خانة اليك, فسألته :"ما بك ؟؟
أغضبتك؟؟؟ هل أستطيع أن أخفف عنك بمسدس أو بقنبلة يدوية تلقيها علي؟؟ ... ولكن
نسيت.. نحن في أستراليا .. وليس بإمكانك أن تفعل شيئا... فعض حذاءك عسى ذلك أن
يخفف عنك" كاد الرجل ينفجر من غضبه حتى الثمالة فصارت ردوده قصيرة ولا تمت
للسؤال بصلة. وشيئا فشيئا انسحب من النقاش بهدوء ولم يظهر بعدها إلا في لايك هنا
وهناك وربما بضحكة أو تعليق خفيف ليعيد لنفسه صورة الإنسان المثقف.
الاسترال المتابعين كانوا يراقبون نقاشا بين يهودي
صهيوني وفلسطيني وكانوا يرون مني الفكاهة وإن كانت صحيحة وكانوا يرون منه الغطرسة
والكبرياء وإن كانت احيانا صحيحة. ويعدها وصلني ايميلات من المذيع نفسه يشكرني على
جرأتي وعلى دفاعي عن ديني ومعتقداتي ... لا وبل أكد لي ان ""إسرائيل"
يدها ملطخة بالدم" وأن الفلسطينيين يستحقون الاستقلال وأنه يؤيد ذلك. كان ايميله
يتعدى الـ3 صفحات وكله جاء لي رافعا لمعنوياتي وداعما قويا ضد الشرذمة اليهود
اللذين هم اصلا غير مرغوب فيهم في ذلك الموقع ولكنهم " لزقات" مثل الدود
الذي يبحث عن جيفة.
آسف لطول القصة ولكني مازلت من داخلي مكسورا ومتأثرا من
النقطة التي اثارها ضدنا ... فلا يوجد علماء مسلمين على مستوى عال ومميز مثل
اينشتاين وغيرهم في القرون الماضية الاخيرة ... اليس هذا محزننا؟؟ لماذا انصرفنا
عن العلم الراقي والتهينا بالسياسة البالية والغناء .. أكثر المشاهير العرب هم مغنيين
وممثلين .. ليس منهم فائدة .. والحائزين على جوائز نوبل من بلاد المسلمين هم غالبا
ما يكونوا في السلام أو الأدب ... باستثناء Ahmed Zewail كيميائي من مصر و Abdus Salamفيزيائي
من الباكستان ... وأمريكا تتقدم اللائحة بـ 338 عالم وتليها بريطانيا ب 119
وألمانيا ب 103... الهذا الحد وصل الحال بمليارين مسلم ؟؟؟ مهما تكن الظروف فلا بد
ان "نقهرها" ومهما صعبت الاحوال فلا شيء يقف امام الإصرار على إنجاز
علمي. إخوتي ارجو أن تقف في هذه اللحظة على حياتك وأن تسال نفسك : هل انا راض عما
انجزت في حياتي؟؟ هل بوسعي ان افعل المزيد؟ وما بوسعي ان افعل؟ الفرق بيننا وبينهم
أننا نيأس وليس لدينا الإرادة فهم مروا بحروب عالمية مات فيها الملايين ومع ذلك لم
يتوقفوا عن الإبداع.
المصدر : دنيا الرأي – صحيفة دنيا
الوطن الفلسطينية
17/4/2013