إذ كان أبناءُ القضيةِ ضحيةَ كل «تغييرٍ سياسيٍ» في المنطقة ها هم
فلسطينيو العراق ما لبثوا أن يَنعموا في ظِلِ نظامٍ لم يعتبرهم يوماً لاجئين , حيث
لم يكن العراقُ طرفاً في قانون اللاجئين عام 1952 وكانوا يعاملون في ظل حكومة صدام
حسين كما يعامل العراقي، وكانت حقوقهم المدنية مكفولة في العمل والدراسة و"التملك"
والاستثمار , عاملهم هذا النظام «وفقا لبروتوكول الدار البيضاء عام 1965 حيثُ بلغ
تِعدادهم 34.000نسمة تقريبا».
هذا النوعُ من المعاملةِ مع الفلسطيني «لم يَشهدهُ جُزء آخر من
اللاجئين لغير العراق» فكان طيبُ أصلِ العراقي وعُروبتِهِ يوجدان نَسيجاً
اجتماعياً رائعاً لِغيرها من الدولِ المستضيفةِ, وكانَ كَرَمُ أَبناءِ الأرض
فائضا, حيث بلغَ التعايشُ بينهم حجماً كبيراً فتمثلت معاملاتهم في التشاركِ فيما
بينهم من الأعمالِ والعقاراتِ والاستثمار, تعايشٌ اتصل بتخالطِ الأنسابِ لِيُوحدوا
ما حاول أعداءُ العُربِ يوماً تفرقته, ولكن هذا الحال لم يعجب ذاك العدو الغاشم
وما لبثَ هذا النعيمُ إلا وأن تَبَدل من حالٍ لحال, بعد سقوط عاصمة الرشيد و رأس نظامها
في حرب العراق عام 2003, لِتَدورَ الدائرةُ على الفلسطينيين الذين كانوا أحد ضحايا
هذه الحرب, فجرح فلسطين الذي لم يلتئم يوما نَقلهم من جرحها إلى جرحٍ جديد،
لِيُعانقوا المعاناةَ و المأساة حيث قدم الفلسطينيون عددا ليس بقليل من "الشهداء"
الذين سقطوا على أرضِ العراقِ لمجردِ أنهم فلسطينيون, هؤلاءِ "الشهداءُ"
الذين لم يسمح لذويهم أخذ جثامينهم ليتذوقَ الفلسطينيُ مذاقا آخر من العذاب، ويكأن
التهمة باتت اليوم أنك « فلسطيني أو لاجئ » ما عاد الفلسطيني يعرف أي السببين أسخط
عليه : موته أم لجوؤه، فصنوف العذاب كانت تشدد يوما بعد يوم بعد أن تعلم تلك
القوات المسلحة أنك فلسطيني.
ومنذ عام 2005 بدأت الأنظمة الجديدة تمارس اضطهادها على الفلسطيني
بأشكال متعددة لم يَعتدها, ومنها «العمل على تصريح إقامة و تجديده كل شهرين، مما
يعرضهم للمرور بمرحلة استجواب صعبه جدا، ولم تكن للاجئ آخر غيرهم في العراق/ ناهيك
عن المضايقات التي يشهدوها عند نقاط التفتيش حال عدم وجود وثائق مطلوبة وسارية
المفعول , وفي أكتوبر من نفس العام أعربت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون
اللاجئين بيان صادر عن وزارة الهجرة لطردهم إلى قطاع غزة « هذا وكان الفلسطينيون
في هذه الفترة وما قبلها قد بدأ لجوؤهم إلى حدودِ العراق وسوريا والأردن والهند،
وعلى حدود كل من سوريا والأردن نوع آخر من المعاناةِ الملازمة لهذا اللاجئ فعلى
حدود الأردن أقام اللاجئون في مخيم الرويشد في الصحراء بمحاولة منهم للتعايش مع جو
الصحراء لم يألفوه ,4 سنوات من المعاناة وصفها مسؤولون بأنها نوع من مخطط غير برئ
حيك للفلسطينيين » , وعلى الطرف الآخر حيث سوريا التي احتجزت عددا من الفلسطينيين
شهرا قبل الإذن لهم بدخولها وفي ظل هذه الأزمة كانت الهند بوابه العبور الآمن لمن
لجأ لها آنذاك.
ومنذ الحرب على العراق وأعداد الفلسطيني وتعدادهم متذبذب، فمنهم
المهاجر والمفقود والشهيد، وأصبحت الهند وإيطاليا وأمريكا والسويد .. حكاية لجوء
أخرى يعانيها فلسطينيو العراق، وهم جزء لا يتجزأ من فلسطينيي الشتات الذين يدفعون
ثمن كونهم فلسطينيين أو لاجئين!.
المصدر : جريدة السبيل الأردنية
5/10/2013