فاروق أبو عبد الله لاجئ فلسطيني من مواليد غزة، وقد جاوز الستين من عمره، ولجأ إلى البرازيل منذ أكثر من سنتين ضمن مجموعة من الفلسطينيين جاؤوا من مخيم الرويشد إثر منحهم اللجوء السياسي من طرف الحكومة البرازيلية بعدما قضوا هناك أربع سنوات.
ولم يخف الفلسطينيون عند وصولهم إلى البرازيل رغبتهم في الاندماج في الحياة الجديدة لنسيان ما تعرضوا له طيلة السنوات الأربع في المخيم الصحراوي، رغم الفوارق الثقافية والدينية واللغوية.
وقد تضمن مشروع الإيواء والدمج الذي أقرته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالاتفاق مع الحكومة البرازيلية، تقديم دروس في اللغة البرتغالية يفترض أن يتأهل اللاجئون بعد اكتمالها للاندماج في الحياة النشطة، علاوة على تأجير مساكن لهم ودفع رواتب شهرية لكل فرد، وتوفير العلاج المجاني طيلة سنتين ينتهي بعدهما المشروع لتؤول إلى كل فرد بعد ذلك مسؤولية القيام بشأنه الخاص.
يقول فاروق أبو عبد الله للجزيرة نت إن قلة من اللاجئين الذين يزيد عددهم على مائة تمكنوا من التحدث باللغة البرتغالية، وإن أغلب من هم في سن متقدمة لم يستطيعوا الاستفادة من الدروس المقدمة لهم.
كما يتهم المنظمات غير الحكومية المشرفة على تنفيذ البرنامج بالتقصير فيما يتعلق بتوفير الخدمات الأساسية، كالعلاج لمن يعانون من أمراض مزمنة مثله، والتعليم لمن لديهم أطفال.
وبعد سبعة أشهر من وصوله إلى البرازيل، قرر فاروق مغادرة مدينة موجي داس كروزس الواقعة قرب سان باولو جنوب البلاد متجها إلى العاصمة برازيليا، وقرر مع عدد من رفاقه الاعتصام أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مطالبين بإعادتهم إلى مخيم الرويشد، ولكن الشرطة تدخلت لإجبارهم على إخلاء المكان.
المسؤولون في المفوضية يقولون إنهم مستعدون للنظر في المطالب التي تقدم بها اللاجئون شريطة إنهاء احتجاجهم والعودة إلى المدن التي جاؤوا منها، وهو ما رفضوه تماما.
وعود مرفوضة
وأبلغ أحمد مصطفى محمود الذي قدم من سانتا ماريا في أقصى جنوب البرازيل الجزيرة نت بأنه جاء إلى برازيليا بعدما يئس من إمكانية العيش في تلك المدينة التي قال إن ما تقدمه المفوضية من مساعدات لا يفي بنصف متطلبات العيش فيها بالنسبة له ولزوجته وطفليه.
وأضاف أنه تلقى وعودا من المفوضية بتقديم طلب للم شمله مع عائلة زوجته الموجودة في السويد، لكن تلك الوعود سرعان ما تبخرت حسب قوله.
ويتساءل محمود: لماذا لم يتم تقديم ملفه للحكومة السويدية كما وعد بذلك؟ غير أن الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لويس فرناندو غودينيو أبلغ الجزيرة نت بأن كل الطلبات التي قدمت إلى دول أوروبية لاستقبال هؤلاء اللاجئين ضمن لم شمل العائلات، قد رفضت من قبل تلك الدول.
وأضاف أن المفوضية تسعى حاليا للتوصل الآن إلى تفاهم مع المعنيين بتدخل من النيابة العامة في برازيليا بعدما وصلتها دعوى من اللاجئين.
ويقضي التفاهم الذي تم التوصل إليه حسب قوله ببقاء مجموعة منهم سيعاد دمجها مجددا في البرنامج الذي كان يفترض أن ينتهي في سبتمبر/أيلول الماضي، وتم تمديده إلى نهاية هذا العام في حين عرضت على من لا يريد البقاء إعادته إلى مخيمات اللجوء في سوريا أو العراق أو السودان في حال قبول تلك الدول بعودتهم.
لكنه رفض الخوض فيما أكده بعض اللاجئين للجزيرة نت من أن أحد زملائهم -ويدعى راسم عواد- قد رحل إلى السويد واكتفى بالقول إنه اختفى بين عشية وضحاها وإن المفوضية ليست لديها أي معلومات عنه.
في المقابل اعترف غودينيو بأن وفاة أحد اللاجئين ويدعى حمدان أبو ستة أثناء فترة الاعتصام كانت نتيجة لتفاقم حالته الصحية دون علاج، لكنه حمله المسؤولية عن ذلك برفضه الامتثال لأوامر الأطباء الذين نصحوه بالتوقف عن الاعتصام والعودة إلى مقر إقامته كي يتسنى له العلاج.
غير أن رفاق حمدان يقولون إنه توفي نتيجة للإهمال بعدما ناشد المسؤولين عنه عدة مرات بحمله إلى المستشفى دون جدوى.
المصدر: الجزيرة نت
26/11/2009