ويتنقل أحمد بين الصور المعلقة على جدران المكان والكاميرات القديمة التي وضعت في صناديق زجاجية ووثقت حياة اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم على مدار 66 عاما، مستذكرا الحنين لأرض آبائه وأجداده المحتلة.
ويعرب منصور -وهو من المهتمين بشؤون اللاجئين الفلسطينيين -عن سعادته لتوثيق وحفظ هذه الصور، موضحا لمراسل الجزيرة نت أنها تبرز بشكل واضح معاناة الفلسطينيين وتظهر الوجه القبيح للاحتلال البريطاني ثم الإسرائيلي على أرض فلسطين.
وافتتحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2014 في المعهد الثقافي الفرنسي بقطاع غزة معرض "الرحلة الطويلة" الذي يوثق عملها في الأراضي الفلسطينية ويبرز مختلف جوانب حياة اللاجئين الفلسطينيين، وذلك بحضور عدد من مسؤولي الأونروا والسفراء ومسؤولي قطاعات إنسانية في غزة.
ذاكرة
ويحوي الأرشيف أكثر
من خمسمائة ألف صورة ومئات الساعات من الأفلام، وفي عام 2009 تم إدراج هذه
المجموعة من قبل اليونسكو كجزء من الذاكرة العالمية.
الثمانيني أبو حسام دغيش لا تزال ذاكرته المثقلة بالهموم تحتفظ بالتفاصيل الدقيقة لمشاهد "الدماء" و"الدمار" و"فزع النساء" و"دموع الأطفال" التي عايشها مع أسرته قبل 66 عاما عندما هاجمت "العصابات الصهيونية" قرية "برير" التي تبعد عن قطاع غزة عشرين كلم باتجاه الشمال.
ويقول دغيش للجزيرة نت "عندما اقتحمت العصابات الصهيونية قريتنا حاولنا منعها بكل ما نملك من قوة وحدثت مناوشات مسلحة بيننا، ولكن سرعان ما حاصرت القوات الإسرائيلية القرية واحتلتها في 12 مايو/أيار 1948 أي قبل مغادرة قوات الانتداب البريطانية بثلاثة أيام".
صمت أبو حسام للحظة قبل أن يكمل، وعيناه اللتان أنهكهما الزمن قد اغرورقتا بالدمع، "كان عمري عندما اقتحمت العصابات الصهيونية قريتنا 14 عاما، وقد استخدمت حينها السلاح الأبيض حتى لا يشعر المقاومون بوجودها، وقتلت المئات من النساء والأطفال والرجال كبار السن".
ويضيف "عندما شعر المقاومون بتقدم الإسرائيليين بدأت المعركة الفعلية باستخدام الأسلحة النارية الخفيفة والمدافع، ولكن القوات الإسرائيلية كانت أكثر عددا وسلاحها متطور، قتلت المئات من الرجال والنساء والأطفال وشردت بقية سكان القرية.. لقد كانت أياما صعبة انتهك فيها الصهاينة كل الحرمات".
توثيق الجرائم
وما زال أبو حسام يذكر كيف تركت
القوات اليهودية أحد منافذ القرية مفتوحا وأجبرت من نجا من سكانها من الهلاك على
مغادرتها. ويضيف "غادرت مع والدي قرية برير إلى مدينة المجدل وعدت بعد
ثلاثة أيام لأجد اليهود قد حرقوا منازل القرية بالكامل وقتلوا المئات من
أهلها".
ويتمنى العجوز الفلسطيني -الذي قام بتأليف كتاب عن قريته "برير" ورسم خريطة لها توضح جميع معالمها- أن يعود لتلك القرية الريفية البسيطة لعيش ما بقي من عمره فيها مع أبنائه وأحفاده.
من جهته، قال الناطق باسم الأونروا عدنان أبو حسنة إن مشروع الأرشفة الإلكترونية الذي يجري العمل عليه ويحوي مئات الآلاف من الصور وساعات الفيديو يهدف للحفاظ على الذاكرة الجمعية من التلف والضياع، مشيرا إلى أنه بعد اكتماله ستكون هناك نسخة إلكترونية على الإنترنت لإفادة الباحثين والجامعات يستطع الجميع الوصول إليها.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن هذا المعرض أقيم من قبل في القدس، والآن يقام في غزة ثم في كل عمان وبيروت، وستتم إقامته في عدة دول بالعالم، مؤكدا أن الحضور كانوا فرحين بهذا الأرشيف لأنهم شاهدوا لأول مرة صورا عن تاريخ الفلسطينيين.
وعلى هامش افتتاح المعرض قال القنصل الفرنسي في القدس هيرفيه ماجرو "إن هذه الصور التي لم نرها من قبل تذكرنا بعد عشرات السنين بالمأساة والمعاناة التي عاشها الفلسطينيون منذ عام 1948"
كما قال المفوض العام للأونروا بيير كرينبول إن تحويل أرشيف الصور (النيغاتيف) إلى صور رقمية (ديجيتال) مهم للعالم أجمع وليس فقط للفلسطينيين، مشيرا إلى أن هذا الأرشيف يعطي صورة كاملة عن رحلة المعاناة والأمل في مسيرة وتاريخ اللاجئين الفلسطينيين الحقيقي.
المصدر دار الاخبار