إيهاب سليم – السويد :
في الوقت الذي تستعد فيه قوات الاحتلال الأمريكي الانسحاب من العراق, يُفاجئنا مسعود مُلا برزاني رئيس "أقليم كردستان العراق" بافتتاح " القنصلية العامة لدولة فلسطين" بحضور نظمي الحزوري "القنصل العام لدولة فلسطين" في شمال العراق في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني سنة 2011 ميلادية .
الغريب في مثل هذا التوقيت المتوتر هو مُصادفته للذكرى السنوية لخطة تقسيم فلسطين في قرار الأمم المتحدة رقم 181 الصادر في التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني سنة 1947 ميلادية, ليُبرهن هذه المرة حقيقة ثابتة بأن هنالك حكومات عربية وأجنبية إضافة الى الحكومات التركية والإيرانية تعمل معاً عن كثب في دعم المشروع الأمريكي و"الإسرائيلي" لتقسيم العراق إلى أقاليم ضعيفة مُتنازع عليها, والذي بدأ في مُحافظات أربيل والسليمانية ودهوك ووصل إلى مُحافظة صلاح الدين في الوقت الراهن .
وللأسف, يُراد من افتتاح قنصلية بإسم فلسطين في شمال العراق وضع الثقل المعنوي لإسم فلسطين وشعبها في أطار المشروع الأمريكي و"الإسرائيلي" لتقسيم العراق, وبالتالي زج الفلسطينيين إلى مكان موصوم بالعار لحجم التغلغل "الإسرائيلي" والأمريكي فيه .
من الجهل القول بأن جدار برلين الحديث سينجح في العراق, فالعارف بالشأن العراقي المحلي يعلم علم اليقين بأن أهلنا الأكراد والتركمان والعرب يربطهم دم واحد ولحم واحد وتاريخ واحد وحضارة إسلامية وعربية واحدة, إضافة الى الروابط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والنفسية بغض النظر عن أفعال السياسيين وميليشياتهم المتعددة التي لم تتوانى للحظة في سفك الدم العراقي من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه تحقيقاً لمشروع تقسيم العراق .
الوجود العربي الفلسطيني في العراق تعرضَ إلى أعنف مُسلسل في التاريخ الحديث عن طريق الاستهداف والاعتقال والخطف والتعذيب والقتل والاضطهاد لدفعهم إلى الهجرة خارج البلد الذي عاشوا فيه مع أهلهم العراقيين من مختلف فئاتهم القومية والدينية منذُ سنة 1948 ميلادية, والمجرمون هم عساكر وسياسي "منظمة بدر" و"جيش المهدي" و"البشمركة" و"قوات تحرير العراق" و"الشرطة" و"الجيش" و"أطلاعات الحرس الثوري" و"الموساد" و"المخابرات المركزية وقوات احتلالهم الأمريكية والبريطانية", بهدف احتواء الفلسطينيين في البلد ودفع فاتورة مقاومتهم الاحتلالين الصهيوني والإيراني في فلسطين والعراق منذُ سنة 1948 ميلادية وحتى الغزو سنة 2003 ميلادية, وقد قالها علانيةً أحد قوميّ الحاخامات اليهود مطلع السنة الحالية : " المُشكلة ليست بالعراقيين بل بوجود الفلسطينيين في العراق وخبرتهم كافية لاستيقاظ الشعب العراقي" وما يقصده الحاخام "الإسرائيلي" هو السيطرة القومية اليهودية على البلد بعد تفككه وانقسامه .
افتتاح "القنصلية الفلسطينية" وغيرها من القنصليات في شمال العراق لهي كافية على أهلنا العراقيين بان يُعجلوا من المُصالحة العشائرية فهم قادرون برجال دجلة والفرات وحرائر "الكاظمية" والأعظمية أن يجتازوا المرحلة الماضية بالدم الواحد واللحم الواحد تحت سقف شعوب أمتهم الإسلامية والعربية ونبذ التبعية لغير ذلك من السياسيين حتى يجري عزلهم أوتوماتيكياً لما اقترفوه من إباحة الدم العراقي والعربي ضمن مشاريع التقسيم, وما الثورة العربية ضد الاحتلال البريطاني في العراق سنة 1920 ميلادية إلا خير دليل على عراقة العشائر العربية والكُردية في مواجهة التحديات الماضية في أرض الحُسين وأبو حنيفة النعمان .
أما الخاسرون والمنافقون الذين يُقامرون ويراهنون على نقل ما تبقى من الفلسطينيين في بغداد إلى شمال العراق لتحقيق مصالحهم الذاتية وتلميع أنفسهم في كِلا الكيانيّن "الفلسطيني" و"الكُردي" على حساب فاتورة الفاقة والفقر والتهديد الذي يعيشه اللاجئين الفلسطينيين ومحاصرتهم في العراق من قبل حكومات البلدان العربية وعلى حساب ضعف الأطراف الشعبية الكُردية والعربية السُنية والشيعية في البلاد, نقول لهم بأنهم يحلمون أن يعيش يوماً فلسطيني عراقي تحت المضلة "الإسرائيلية" في شمال العراق أو حتى فلسطين طالما الاحتلال الصهيوني فيها, فالحُرة الفلسطينية في بغداد لهي شرف شيوخ العراق وفلسطين وعشائرنا العراقية جميعاً ومقاومتهم العربية والكُردية الباسلة لقوات الغزو وأذنابهم .
إيهاب سليم
السويد
30/11/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"