أصبح لا يخفى على الجميع الاحتقان الطائفي والاستهداف العشوائي للأبرياء في الساحة العراقية ، مما ألجأ بعض العوائل السنية والشيعية الاستجارة من الرمضاء بالنار ، الذين لا ناقة لهم ولا جمل مما يحدث .
الفلسطيني محي توفيق الحلاق يسكن في مدينة الحرية الأولى ومتزوج من عراقية ، وابنته كذلك متزوجة من عراقي ، في دلالة لعمق الروابط والأواصر بين الفلسطينيين والعراقيين والتعايش المسالم إلا أن الميليشيا الصفوية في زمن الحكومة الطائفية تأبى ذلك التعايش .
بسبب الأحداث والاحتقان الطائفي والعنصري في بعض المناطق مما اضطر الأهالي الانتقال إلى أماكن أخرى يحسبون أنها أقل خطرا واستهدافا لهم ، حيث قدم بعض أقارب زوجة محي العراقيين من منطقة الدورة حفاظا على أنفسهم مما يجري هنالك ، وبينما هم مجتمعون في المنزل وهم كل من شقيق زوجة محي وهو عراقي شيعي ، وزوج ابنته وهو عراقي سني ، وابن شقيقة زوجته ، حيث يستعدون للسفر في اليوم التالي ، إلا أن أحد المنافقين المغرضين الشعوبيين اتصل بمكتب الصدر وقال لهم : توجد حركة غريبة في بيت محي وحقائب ، كان ذلك مساء الأربعاء الموافق 27/9/2006 ، فما كان من هذه الميليشيا إلا سرعة الاستجابة وجاءت ثلاث سيارات مدنية تابعة لمكتب الصدر في الحرية الأولى وتم اعتقال كل من محي توفيق وولده علي ( 20 عام ) وزوج ابنته وشقيق زوجته وابن شقيق زوجته ، وفي تلك الأثناء خرج بعض أهالي المنطقة وقالوا لهم : ماذا تريدون منهم ؟ فأجابوهم : يوجد استفسار بسيط ويرجعون فنحن نعرف بأن محي الفلسطيني وولده ليس عليهم أي شيء أما اليقية فسوف يبقون ، واقتادوهم إلى مكتب الصدر في المنطقة ، ويذكر أن سمير وعلي جنجوني هما من قام بعملية الاعتقال وهم معروف عنهم الانتماء للتيار الصدري !!!!
ثم بعد ذلك تدخل أهالي المنطقة وساطات من أناس معروفين في المنطقة ومن ضمنهم ينتمون للتيار الصدري فأجابوهم : بأنهم موجودين في المكتب ووعدوهم وعدا غليظا بأنهم سيطلقون سراحهم لأعدم وجود أي شيء عليهم ، طبعا التجربة أثبتت بأنهم لا عهد ولا وعد ولا كلمة لديهم .
ثم شاء القدر ليمتحن هؤلاء في وعودهم وليعلم القاصي والداني غدرهم وشرورهم ، حيث حدثت اضطرابات طائفية واشتباكات في المنطقة واعتداءات على أهل السنة فيها ذاع صيتها عبر الفضائيات والإذاعات ، وتم فرض حظر التجوال .
فما كان من سمير الذي اعتقلهم إلا أن ينقلهم الخمسة من مكتب الصدر في الحرية الأولى إلى مكتب الصدر في الحرية الثانية وهذا المكتب بدوره نقلهم إلى مكتب الصدر في مدينة الشعلة ، وما أدراك ما مكتب الصدر في الشعلة ؟!!!!! فهو يعتبر أكبر وكر لجيش المهدي لتصفية النواصب والإرهابيين والتكفيريين والبعثيين والصداميين و .... و ..... !!! طبعا أهل السنة والفلسطينيين المعنيين بكل هذه الأوصاف والله المستعان !!!!وفي صباح يوم الجمعة 29 / 9 / 2006 اتصل بذويهم مكتب الصدر في الشعلة يقول لهم اذهبوا واستلموا جثثهم من مشرحة الطب العدلي ، حيث قاموا بتعذيبهم وقتلهم جميعا محيي توفيق وولده علي وأخو زوجته وابن اختها الشيعة وزوج بنته السني .
الأمر الغريب في هذه الجريمة الهمجية هو استهداف شخص شيعي من قبلهم ، وعندما تم الاستفسار وإعطاء مبرر لذلك من قبل أحد أهالي المنطقة حيث قيل له المعروف عن جيش المهدي بأنه يستهدف السنة والفلسطينيين ، فلماذا يقتل ذلك الشيعي ؟!!! كان الجواب : نعم يقتلونهم لأنهم ليسوا من جماعة الصدر بل من جماعة السيستاني ؟!! وهذه ليست أول حالة في الحرية وفي غيرها من المناطق حيث يقوم شيعة صدريون بقتل شيعة من أتباع ومقلدي السيستاني ، وهذا مصداق قول ربنا ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) .
الفقيد محي توفيق الحلاق رحمه الله يعرف عنه بحسن السيرة والسلوك ، وقد ضرب مثلا في هذه الأواصر الاجتماعية لتدلل بأن الفلسطيني تعايش مع معظم شرائح المجتمع العراقي وبأنه تعامل مع الجميع بحيادية ، ويعرف عن الفقيد كذلك بأنه قام بتدريب الفرق الشعبية لكرة القدم في المنطقة ولديه شعبية كبيرة ومحبين من قبل الفلسطينيين والعراقيين .
فهل عرف التاريخ إجرام وبشاعة وقتل على الشبهة والظن مساوي أو مقارب لهؤلاء ؟!!! حيث فاقوا هولاكو ومحاكم التفتيش في الهمجية والانتهاكات ، فإن ابنته فقدت في لحظة واحدة والدها وشقيقها وزوجها !!! فمن ينصف هؤلاء المستضعفين ؟!!!!
وإظهارا لحسن نية مكتب الصدر في الحرية ، جراء هذه الجريمة البشعة قاموا بفصل وإنهاء خدمات المدعو سمير لأنه كان سببا في حتف هؤلاء الأبرياء بسبب إهماله كما أخبروا ، وأعلنوا ذلك أمام الناس ؟!!! فيا سبحان الله عذر أقبح من ذنب .
فالقوم يشتهرون بالمراوغة والتقية والكذب وإظهار خلاف ما يبطنون ، فالقرائن والشواهد تدل وتثبت بأنهم وباحتمالية كبيرة قاموا بترقية المدعو سمير ومكافئته ونقله لمكان آخر ، لأن أحسن التصرف ، ولا يستبعد أن يكون دوامه الجديد في مكتبهم في الشعلة أو مدينة الصدر وهي بؤرة الإجرام والإرهاب ضد الأبرياء ؟!! وإذا كان لديهم ذرة من العدالة والإنصاف فلماذا لا يقيمون الحد عليه وعلى كل من قام بهذه الجريمة ؟!!! وهيهات لهم ذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه .