هناك حقيقة مادمنا خارج الوطن لم ولن ينكأ الجرح
المفارقة عندما سافرت أنا وزوجتي قبل شهر إلى القاهرة للعلاج كان اللقاء مع ولدنا فادي القادم من السويد وشقيقي موفق القادم من سويسرا بعد فراق سنين طوال وعند الانتهاء من العلاج بعد شهر من وجودنا بمصر كل قد غادر إلى مكان لجوئه و غربته ، ليس هذا مقصدي من المفارقة ... عندما حان موعد مغادرتنا أنا وزوجتي من القاهرة ذهبنا إلى المطار وأكملنا إجراءات السفر والمغادرة وعند ركوبنا للطائرة التي تقلنا لليمن نبحث عن آماكن مقاعدنا في الطائرة لم نعثر عليها استعنت بكابتن الطائرة ليبحث عن أماكن مقاعدنا فكانت المفاجأة ؟؟؟ انه قد وجد مقاعدنا متباعدة الأولى بمقدمة الطائرة والمقعد الأخر في مؤخرة الطائرة فكان مقعد الجلوس بالطائرة لزوجتي في مقدمة الطائرة ومقعد الجلوس بمؤخرة الطائرة فاغتربنا طيلة رحلة العودة في السماء وعند الهبوط التقينا معا ، فقلت مع نفسي اللاجئ مسخم حيث ما يكون .
بلا شك إن ما تعرض له شعب فلسطين منذ بزوغ معالم التآمر الدولي ضده وتمكين الحركة الصهيونية بولادة كيانها الهجين المسخ العنصري على ارض فلسطين وضياع الحقوق التاريخية للإنسان الفلسطيني في أن يعيش حرا كريما آمنا مستقرا على ارض وطنه كسائر الأمم والشعوب في ارض المعمورة ، كانت البداية للكارثة الوطنية لعموم أبناء شعبنا الفلسطيني والنزف المستمر لكل معانات الأجيال المتعاقبة من لجوء إلى لجوء ومن تشرد إلى تشرد ومن تغريبة إلى تغريبة والأسرة الفلسطينية شرذمتها رياح الأحداث التي عصفت بكل أماكن اللجوء والمخيمات في الوطن العربي بل اجزم إن الإنسان الفلسطيني على امتداد خارطة سايكس بيكو للوطن العربي الممزق لم يجرح بشظايا قوانين الأنظمة السياسية المستبدة بل وامتدت الأيدي بالعصا والهراوات وزج بالمعتقلات والسجون والإبعاد والحرمان من العمل والدراسة والعلاج والسفر والإقامة وحتى الزواج والسكن وكل وسائل التعسف والقهر عبر المطارات والممرات البرية والموانئ البحرية لن يستثنى أي نظام عربي منذ النكبة ولغاية ألان ، كانت الأجهزة الحكومية وخاصة الأمنية مسلطة على رقاب أبناء شعبنا تضيق الخناق وتنكد عيشته لكل تفاصيل حياته وندوب الجروح تتسع الجسدية والنفسية والآهات صدى صوتها تملئ الآفاق ومداها يصل إلى السماء للباري (عز وجل) تحمل أطنان من الصبر والجلد حتى الجمل ناخ عن صبره والفلسطيني ثابت وشامخ بصبره ينتظر الفرج وفك كربته لوقف نزيفه المستمر هذه ليست بكائيات وتظلمات إنما عشناها وعشنا بكل تفاصيل مراراتها وعذاباتها ورثناها من الأجداد إلى الأبناء حتى الأحفاد .
ولا اعتقد إني قد اكتشفت شيئا جديدا لسفر مسيرة حياة اللاجئ الفلسطيني في حله وترحاله وهو بعيد عن وطنه من وجع إلى أوجاع وتتسع مساحة الجرح والنزف مستمر .
هناك حقيقة ما دمنا خارج الوطن لم ولن ينكأ
الجرح لن نهرب من ألاماكن للاماكن
كل الجهات تلاحقنا
كل القارات تلاحقنا
حيث ما نكون ثيابنا اللجوء والاغتراب
وطننا احتل وتمزق ضفة وغزة وأراضي 1948
وأصبحنا فلسطينيو العراق وفلسطينيو لبنان وسوريا ومصر والأردن والكويت وعلى امتداد خارطة سايكس بيكو .
وفلسطينيو العراق تشظوا إلى فلسطينيو قبرص والى فلسطينيو السويد والنرويج وباقي دول أوروبا وأمريكا اللاتينية واسيا وأمريكا واستراليا وكندا والقائمة تطول .
وقد نسمع يوما ان احدنا يقطن القطب الشمالي والجنوبي المتجمدين هربا من الجور والظلم ، فمتى ننزع ثوب اللجوء والاغتراب وان نرتدي ثوب العودة والحرية والكرامة لنزدهي بالوطن فلسطين وان نكون المواطن وليس اللاجئ الفلسطيني المسخم .
أنور الشيخ
29/7/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"