سارة علي أم لطفلين تعيش في أحد أحياء مدينة الزعفرانية
جنوب شرق بغداد، كل ما تفعله وزوجها هو جمع المال ليتمكنا من اللحاق بعائلاتهما
إلى اليونان حيث لجئوا إثرَ استمرار اعتداءات المليشيات المسلحة عليهم والتي كانَ
دورها رئيسيًا في إفراغ حي المجمع الفلسطيني الذي كانت تسكنه مع عائلتها ببغداد من
ساكنيه عام 2008.
قالت لبوابة الهدف "زوجي موظف حكومي، وسمعنا أن
الحكومة العراقية ستجرد العرب من الوظائف الحكومية ليلتحق بها العاطلينَ عن العمل
من العراقيين مع بداية العام القادم، هذا يعني أن آخر ما يربطنا بهذه الأرض
سينقطع، والأجدر بنا هو البحث عن حياة لأبنائنا بعيدًا عن العراق، ورغم رفضنا
لفكرة اللجوء من الوطن الذي لم نعرف سواه، باتَ وجودنا فيه مُتعب، ويجب أن نخفي
جنسيتنا الفلسطينية حتى يتسنى لنا الهروب من عين الحكومة والميليشيات التي تعتبرنا
إرهابيين ومواليين لصدام حسين".
لم تعلن الحكومة العراقية أي قرار يفيد بنزعها
للامتيازات التي يمنحها القانون العراقي للفلسطينيين كمقيمينَ في العراق حصرًا
دونَ غيرهم من العرب، إذ أن القانون العراقي قبلَ الهجوم الأمريكي على العراق عام 2003
كانَ يعتبر الفلسطيني كالعراقي يحصل على الخدمات الصحية والتعليمية مجانًا، وله
الحق بالسكن في المشاريع الحكومية، والتنافس على الوظائف الحكومية كذلك التي تمنح
راتبًا تقاعديًا للموظف الفلسطيني، أو تورث راتبه لأبنائه.
دكتور العلوم السياسية بجامعة النهرين العراقية قحطان
الخفاجي قالَ لبوابة الهدف إن الحكومة العراقية تعتبر الفلسطينيين أعداء لها في
بلادها، وتمارس سلوكيات طاردة لهم من العراق دونَ تغيير أي قانون، ناهيكَ عن
مباركتها لكل الاضطهاد والإساءة التي يتعرض لها الفلسطينيون من المليشيات المسلحة،
غير أنها تفضل أن تكون كل تلكَ الاجراءات شفهية، خشية من إثارة حفيظة الجهات
الحقوقية الدولية والعراقية والفلسطينية.
وتابع "لا تنصف الحكومة العراقية للأسف أي فلسطيني
تعرضَ للظلم حالهم كحال العراقيين، والكثير من الفلسطينيين لا يشتكونَ لأنهم
يعرفون أن الدولة متواطئة مع المليشيات، وأن الحل الوحيد هو بتجنب الاثنتين
والفرار من المناطق السكنية التي تتعرض للهجوم، أو الاحتماء بالعشائر
العراقية".
وصفً د.الخفاجي الحكومة العراقية الحالية بـ"حكومة
الاحتلال"، فالممارسات الطاردة للفلسطينيين تمارسها كذلك على العراقيين، فلا
تقدم لهم حماية من المسلحين أو خدمات صحية وتعليمية مناسبة.
"أوس" فلسطيني من حيفا، هاجرَ من العراق
حديثًا إلى بريطانيا بعدَ تعرضه للاعتقال أربع مرات متتالية، قالَ لبوابة الهدف
"تعتبرنا الحكومة العراقية إرهابيين، وتعتقلنا بشكلٍ عشوائي، وتجبر بعضنا
بعدَ التعذيب والضرب على الاعتراف بانتسابه لجماعات مسلحة".
"قبلَ 2003 كنا نحصل على دعمٍ غذائي ببطاقة
تموينية كالعراقيين، ولنا الحق في التعليم والخدمات الصحية مجانًا، بعدَ سقوط نظام
صدام حسين توقفت الخدمات بشكلٍ متقطع، ومُؤخرًا لم يعد الفلسطيني يحصل على ذات
الدعم الحكومي".
الناشط الحقوقي العراقي عصام حسين وصفَ الهجمات المسلحة
على الفلسطينيين بالتجمعات السكنية بالحرب الاقتصادية، قائلاً "كانَ هدف
الحكومة العراقية تفريغ التجمعات السكنية المملوكة للفلسطينيين من سكانها
والاستيلاء عليها، وتمكنت من ذلك بمساعدة الميليشيات المسلحة".
وتابع "ورغمَ عدم تغير القوانين العراقية التي
تعطي الفلسطيني امتيازات وتسهيلات حكومية لتملك الأرض، ومجانية التعليم والخدمات
الصحية، توقفَ تطبيقها بالتزامن مع الهجمة الإعلامية التي تعرض لها الفلسطينيون في
عهد حكومة نوري المالكي واتهامهم بدعم الإرهاب ونسب الكثير من التهم للمسجونين
ظلماً منهم في السجون العراقية".
إعلامي عراقي فضلَ عدمَ ذكر اسمه، قالَ لبوابة الهدف إن
الحكومة العراقية الحالية ألغت العام الماضي قانونًا كانَ ينص على أن الفلسطيني في
العراق يتساوى مع العراقي حتى تحرير فلسطين وعودته لوطنه، قائلاً
"القانون كان يحمل رقم 202، ورغمَ انكار الحكومة لتغيره، إلا أنها لم تعد
تعمل فيه، وكل اجراءاتها غير المعلنة ضد الفلسطينيين تُشرعن شفهيًا".
40 ألف فلسطيني كانت العراق مضيفًا عربيًا هو الأفضل
قبل عام 2003، غيرَ أن الاجراءات الحكومية المضطهدة للفلسطينيين جعلتها الأسوأ
حاليًا، فلا شكَ أن بلدًا لا تحمي حكومته مواطنيه سيكون بقاء اللاجئينَ فيه أصعب.
المصدر : بوابة الهدف الإخبارية
21/3/1440
29/11/2018