الحمد الله رب العالمين وحده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:
كثير من اهلنا وصلوا إلى بلاد المهجر من عدة طرق وعلى حسابهم الخاص وليس عن طريق الأمم المتحدة ، لطلب الحماية والأمان في تلك البلاد وهروبا من الجحيم والوضع المآساوي للعراق وما يعانيه اهلنا هناك من اضطهاد واعتقالات سائلين الباري عز وجل أن يحفظ أهلنا في العراق وفي كل ارض الشتات.
ومعظمنا يعلم ماذا يواجه الشخص من مصائب وصعاب عندما يقرر الهجرة بواسطة طرق التهريب وكلنا يعلم كم من شخص أو عائلة تعرضت لحوادث واصابات بعضها خطيرة والبعض وكما نقول سلامات ، بل البعض لاقى مصيره ووافاه الأجل وهو في طريقه إلى البلد التي كان ينوي طلب اللجوء والإقامة فيها سائلين الباري عز وجل أن يرحمهم جميعا ويدخلهم فسيح جناته إنه هو السميع المجيب.
وبعد كل هذا وعندما يصل الشخص إلى الدولة التي ينوي الإقامة فيها وطلب اللجوء فيها يتفاجئ وكأنه الآن بدءت المحنة رغم ما عاناه ولاقاه من اخطار وصعاب ، ألا وهي محنة دائرة الهجرة وقوانينها المتضاربة البعيدة كل البعد عن ما يدعونه الإنسانية والعدل والمساواة وإلى غير ذلك.
واليوم نحن في صدد طرح مشكلة من مشاكل كثيرة لأهلنا في ارض المهجر مع دوائر الهجرة وهي قضية أخونا عمار الحردان.
عمار احمد سعيد الحردان أبو الحسن من مواليد بغداد 1969 ، الأخ عمار هو من سكان مجمع البلديات وغادر العراق متوجها إلى سوريا بعد ما احس وشعر بالخطر الذي ينتظره وهو وعائلته ، وفعلا وصل سوريا هو وزوجته وابنيه الحسن مواليد 6 / 7 / 2006 ومصطفى مواليد 16 / 11 / 2007 ووالدته 72 سنة وشقيقه ياسر مواليد 1972 .
ومكثوا في سوريا بعض من الوقت ثم غادروا البلاد في الشهر السابع من عام 2009 باتجاه المصير المجهول ومواجهة الموت ولكنهم توكلوا على الله جميعا وبعد ما استخار الله عز وجل وأشار بعض الأخوة من أصدقاءه والذين يعيشون في بلاد الغرب اوربا وتحديدا السويد والنرويج .
فاشاروا عليه أن يتوجه إلى النرويج على اساس هي الان افضل من السويد في منح الإقامات وخاصة لفلسطينيي العراق ، وعلى اعتبار السويد يوجد فيها اكثر من اربعين شخص بين عائلة وافراد قد منحوا قرار الرفض لثلاث مرات ومع تسفير وارجاع إلى العراق.
وفعلا وصل الأخ عمار النرويج هو وعائلته وامه واخيه جميعا بخير وسلامة وبعد ما كان بينهم وبين الموت وكما يقول القائل شعرة نعم فهم قد وقعوا ضحية لأكاذيب المهربين وخداعهم وتلاعبهم بمصير الأبرياء والناس وخاصة عندما يكون في موقف لا خيار لهم.
حيث هرب المهرب وتركهم في الزورق مطاطي في المياه الأقليمية لليونان بعد ما بدء البحر بالهيجان واصبح الموج عالي فخشي على نفسه وتركهم في عرض البحر يواجهون مصيرهم والله المستعان ، وماذا يفعل المسكين فإنه لا حول له ولا قوة إلا بالله ، وخاصة معه ابنيه وامه المسكينة وزوجته.
ولكن نقول رحمة الله اوسع من كل شيء فبعد البقاء لأكثر من ثلاث ساعات يتصارعون مع امواج البحر الهائج والمتعطش لابتلاعهم هم وقاربهم الصغير المطاطي ، فإذا برحمة ربك كانت قبل كل شيء قد نزلت عليهم وانقذتهم جميعا إذ لا يوجد اي شخص ولا اي يابسة على مرأى النظر ، شاءت الأقدار الإلاهية وفجأة أنه كان على مقربة منهم خفر السواحل اليوناني وبالفعل قاموا مسرعين بإنقاذهم من الموت وانتشالهم وايصالهم إلى اقرب مركز للشرطة ، والحمد الله والشكر على فضله ورحمته ، ولكن هنا بدءت المشكلة.
هذا يعني انهم لابد أن يبصموا بصمتهم وهذا معناه أنهم الآن في بلد من بلدان الاتحاد الأوربي ويعتبر هذا البلد آمن ويمكن العيش فيه ولا يحق لهم بعد طلب اللجوء في بلد أخر من دول الاتحاد الأروبي ، وكلنا يعرف ماذا تعني اليونان فهي ليست افضل حالا من العراق إلا في شيء قليل وليس فيها أي مستقبل خاصة لمن لديه اولاد ويرغب في تعليمهم وتخطيط لهم حياة بسيطة وسهلة وهانئة.
لكن اخونا عمار قرر المضي على ما خرج عليه من العراق والوصول إلى النرويج وبعد معاناة في اليونان غادر عمار وجميع افراد عائلته اليونان متوجها إلى النرويج لعله هناك يجد من ينظر لحاله وحال طفليه وامه المسكينة وزوجته واخيه وفعلا والحمد الله وبفضل من الله وصل النرويج بتأريخ 10 / 9 / 2009 ، وقدم اوراقهم جميعا لدى دائرة اليو دي آي ( UDI ) وهي الدائرة المسؤولة عن طلبات اللاجئين ، وبعد هذا تم تسفيرهم واسكانهم في بيت تابع لمخيم المسؤول على طالبي اللجوء يقع في مدينة ( Raufoss ) 100 كم من شمال العاصمة اوسلو.
وبعد تقريبا اكثر من شهر وصلهم خطاب من دائرة اليو دي آي تبلغهم أنهم لديهم بصمة للأصابع في اليونان وهذا يعني أنه ليس لكم الحق في طلب اللجوء هنا في النرويج وسوف نراسل اليونان لكي تستقبلكم لأننا سوف نرجعكم لليونان حسب قوانين اتفاقية دبلن .
وهنا كانت الصدمة ووقعها عليهم جميعا كمن استلم الحكم بالموت ، والله المستعان وبقي الأخ عمار في حيرة من أمره فهو لم يكن لوحده بل كان مع اطفاله وامه وزوجته واخيه ومصيرهم كلهم هو نفس المصير والكل يعلم أن الذي يكون لديه بصمة في دولة اخرى من دول الاتحاد الأوربي يطلقون عليه اسم دبلن ، وبدء عمار يتفاجئ بقرارات دائرة الهجرة ، وأن لا يحق له كذا وكذا وكثير من الأمور بل حتى اطفاله الذين لا يتجاوز عمرهم الأربع سنوات والثلاث سنوات قد حرموا من كثير من المزايا والحقوق أسوة بأقرانهم بل حتى حرموا من الذهاب للروضة وغيرها من الحقوق الأخرى وحتى زوجته قد حرمت من كثير من الحقوق التي تعطى للنساء.
وكأنهم كمن ينتظر اعدامه ، بل حتى أنه إذا رغب أن يأخذ إذن لكي ينزل إلى أحد المدن القريبة منه لزيارة أحد الأقارب او المعارف فهذا لا يحق لهم ذلك إلا بعد مراسلة الدائرة المعنية بذلك وقد توافق على هذا او لا توافق ، نعم هذه هي الحرية والإنسانية والديمقراطية ولكن على الطريقة الأوربية الغربية ، والله المستعان.
وفعلا بعد تقريبا خمسة اشهر من وصوله النرويج وتحديدا في يوم 19 / 2 / 2010 وصلهم أول رفض وتسفير إلى اليونان له ولعائلته فقط اما امه واخيه لم يصلهم اي شيء وهنا قام الأخ عمار بالاستئناف على القرار هذا وبعد شهر تقريبا وتحديدا في يوم 23 / 3 / 2010 جاءهم الرفض الثاني والتسفير وهذا يعني انه لا محال لابد من السفر والرجوع إلى اليونان هو وعائلته فقط علما أنه امه واخيه قد تم كسر الدبلن عليهم ووافقوا على طلب لجوئهم وقد عملوا المقابلة التي على ضوئها يمنح الشخص قرار الإقامة في بداية الشهر الثالث والحمد الله والشكر وبعد اسبوع من مقابلة امه واخيه يصل إلى عمار قرار الرفض الثاني والتسفير.
علما أنهم كلهم قدموا قضية واحدة وكلهم كانوا في نفس الملف وكلهم ربطوا قضيتهم بقضية عمار وأنهم خرجوا من العراق كله من أجل سلامة عمار لأن عمار هو المقصود وهو المعني ومع هذا فدائرة الهجرة قررت أن تفصل ملفاتهم وتقبل والدته واخيه لديها في النرويج وترفض طلبه وطلب زوجته واطفاله ، ومنذ تلك اللحظة وبعد فشل جميع المحاولات في دمج الملفات كلها في قضية واحدة والأخذ بنظر الاعتبار أنه والدته قد تم قبولها هنا في النرويج ومن قوانين اللجوء أنه يحق للزوجة والوالدين والأبناء بكسر الدبلن لكن وللأسف الشديد كل هذا باء بالفشل والحمد الله والشكر لله على كل شيء.
هذه قضية اخونا عمار نطرحها امام قراءنا الأفاضل ليس من أجل شيء سوى نقل ونشر ومعرفة حال ومعاناة أهلنا في بلاد الشتات. ومن خلال موقعنا نناشد الهيئات والمنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات أن تنظر لحال اهلنا في بلاد الغربة وترأف لحالهم وأن يكون لهم قرار استثنائي فالعالم كله يعلم ما اصابنا من ظلم واضطهاد على مدى اكثر من ستين عاما والله المستعان.
وقد يكون هناك قضايا اكثر مأسآوية من قضية اخينا عمار فعذرا لجميع أهلنا في ارض الشتات مما يعاني او يمر بظروف قد تكون هو في نظره أو بالفعل هي اصعب من ظروف اخونا عمار ، ولكن نقول هذه ليست النهاية فهذه البداية بل والاستمرار بنشر وتوثيق كل ما يعانيه أهلنا أينما تواجدوا، وسوف نقوم بنشرها كلما اتاح لنا الظرف والزمان والمكان في نشرها و نحن على استعداد إلى نشر كل شيء يتعلق بمصير أهلنا في بلاد المهجر.
وفي الختام نقول اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم احفظ أهلنا في العراق وفي جميع ارجاء الأرض من كل مكروه وشر إنك نعم المولى ونعم المجيب
وصلى اللهم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: موقع" فلسطينيو العراق"
26/4/2010
موقع" فلسطينيو العراق" أول موقع ينشر هذه التفاصيل والخبر