قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج15- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 5322
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج15- رشيد جبر الأسعد
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج15- رشيد جبر الأسعد

ثورة القائد الرمز الشيخ عز الدين القسام الشيخ الأزهري ابن اللاذقية الشامي المعمم محمد عز الدين القسام ( أبو محمد )

 

دخل فلسطين يوم 22 /2 / 1922 م واستأجر شقه صغيره في حيفا ليسكن بها هو وزوجته وأمه وبناته وأولاده [1]، بعد أن غادر سوريا لكونه محكوم بالإعدام من قبل الاحتلال الفرنسي ، لكونه شارك في الثورة والمقاومة السورية ، وبعد أن عرضت عليه المناصب والمغريات فرفضها رفضاً قاطعاً .

عرف القسام وأيقن بنظرته الإسلاميةالثاقبةإن معركة الإسلام هي معركة واحده سواء في سوريا أو في فلسطين ، بل إن الجهاد والمقاومة في سبيل الله في فلسطين أفضل من غيره لوجود الخطر المزدوج البريطاني والصهيوني ولأهمية فلسطين الدينية والقدس التي تحتضن المسجد الأقصى المبارك مسرى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأولى القبلتين واحد المساجد الثلاث التي لا تشد الرحال إلا إليها ارض المحشر والمنشر .. كما جاء بالأحاديث الشريفة .

فقام الشيخ القسام بتأسيس نواة الخلايا التنظيمية المقاومة الأولى على غرار حلقات بيت الصحابي الأرقم بن الأرقم ( رضي الله عنه ). وضم هذا التنظيم السري وهذه الحركة الجهادية في عناصرها بعض الأخوة من مصر وسوريا ومن غيرها وعماد التنظيم أهل حيفا وأهل كل فلسطين وكل القرى والمدن ، من كل الشرائح ، في فلسطين .. ساند القسام في حركته عدداً من أهل اجزم وغيرها من القرى منهم الحاج حسين حمادة من اجزم المقيم في حيفا وغيره من المقاومين فيما بعد بل معظم الشعب الفلسطيني احتضن هذه الحركة الفتيه الطلائعية الرائدة .

أعلن الشيخ القسام مبادئ حركته وأفكار التنظيم داعياً ألامه بأنه لا بد من اعتماد الكفاح المسلح المقاوم المدروس المنظم لمقاتلة جيش الاحتلال الغازي البريطاني ومع عصابات الصهاينة المسلحة وان الانكليز هم أساس البلاء والمصائب والنكبات ، وما عصابات الصهاينة إلا إفرازات الانكليز المحتل للبلاد والعباد كان نواة أعضاء حركة القسام في معظمهم يؤدون فرائض الصلاة والصوم يحملون المصاحف في جيوبهم لقراءة القران الكريم كل ما وجدوا الى ذلك سبيلا . او متسعاً من الوقت ، يطلقون لحاهم كسنة نبوية ، يكتمون عملهم عن الناس والأعين ، يتدبرون أمر السلاح بأنفسهم وهم من الشباب والرجال التقاه يتدربون على السلاح ويجرون مناورات صغيرة في بعض المناطق الجبلية ، لقد ثبت تاريخياً من خلال الحقائق والوثائق ان أفضل وأول حركه جهادية عربيه إسلاميه منظمه مسلحه رائده سليمه معاصره في فلسطين ، هي حركة الشيخ القائد المربي عز الدين القسام ( رحمه الله ).

حركة الشيخ القسام ، حركه مقاومة تعتمد في فكرها وعقيدتها على الكتاب والسنة ومنهاج سيرة السلف الصالح . قام الشيخ المؤسس بتشكيل أربع لجان سريه عامله هي عماد التنظيم والحركة ترأس مسؤولية وعمل هذه اللجان أكفأ العناصر ، وإحياء شعيرة وفريضة الجهاد الغائبةأو ألمغيبه ضد العدوان والظلم والاغتصاب والمهانة .

التف حول القسام المئات بل الآلاف من أبناء الشعب العربي الفلسطيني اعضاءاً و انصاراً وداعمين . حتى لم تحضى شخصية ما بفلسطين في تلك الفترة بالحب والشعبية والتقدير مثل شخصية القسام بل هو الشخصية البطلة والرمز خلال القرن العشرين كله [2] .

صدرت دراسات علمية موضوعيه وثائقية محكمه عديدة حول شخصية هذا الرجل الثائر والتي أنصفته تقريباً ولا زلنا بحاجه للمزيد من الاستشراف والدراسات الجادة الرصينة حول شخصية هذا العلم [3] .

وليعرف كل باحث أو مؤرخ منصف أن حركة الشيخ القسام وعملية انطلاق حركته ، ثم استشهاده في 20 / 11 / 1935 م هي التي ولدت ، هي التي أدت بعد شهور قلائل إلى انطلاق ثورة 1936 م – 1939 م التحريرية الرائدة الكبرى في فلسطين و الإضراب الشعبي البطولي الشهير الذي دام ستة أشهر انه أطول إضراب شعبي في العالم هذه حقيقة تاريخيه علميه مسلم بها إن ثورة نيسان 1936 م وما سبقها من استشهاد القسام في 20 / 11 / 1935 م هذه الفترة الزمنية القصيرة بين التاريخين كانت بمثابة الهدوء الذي يسبق العاصفة ، وان الذي فجر الثورة والحركة المسلحة وخاض المعارك وألهب الأرض حمماً وناراً وغضباً ضد الغاصب هم تلاميذ القسام وإخوته وأنصاره وإتباعه والذين ساروا على نهجه .

هؤلاء الفتيه العاملون الذين نزلوا للميدان يحملون سلاحهم وهم يتذكرون توجيهات القسام وخطبه المثيرة والاستفزازية والمعبرة والمحرضة . أهل فلسطين والمقاومون جزء من هذه الحالة يتذكرون خطب الشيخ القسام من على منبر رسول الله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في جامع الاستقلال في مدينة حيفا .

بعض فقرات من بعض خطب القسام الموجهة والتاريخية .

انه يحث العرب والمسلمين ، وأهل فلسطين خاصة في ألمقدمه يحثهم على النهوض من سباتهم والإفاقة من نومهم ومن غفلتهم وجمودهم وترددهم والتأسي بالسلف بالصحابة الكرام وقادة الفتح والجهاد العربي والإسلامي وقادة الفتوحات والبناء والحضارة . خطب الشيخ عز الدين القسام عام 1935 م قبل استشهاده بأشهر يحث في هذا الخطاب التاريخي التحريضي المثير ، يحث كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين على تحمل مسؤولياتهم ومقاومة الاحتلال ، مما قال في خطبته :- -

إيها المصلون ، أيها العرب والمسلمون ، إن الجهاد في سبيل الله هو فرض عين على كل مسلم وعلى كل مسلمه في إرجاء الوطن العربي والإسلامي ، الجهاد فرض عين متى ما ديس ودنس شبر من ارض الإسلام .. في هذه الحالة ، اجل انتبه أيها المسلم في هذه الحالة على كل مسلم إن يبادر إلى حمل السلاح والقتال لدفع خطر هذا العدوان ، الولد يخرج بدون إذن أباه ، وعلى المرأة أن تخرج بدون إذن زوجها . قال الشيخ القسام رحمه الله أيضا :- -

يا أهل حيفا يا مسلمون ألا تعرفون فؤاد حجازي ؟ الم يكن فؤاد حجازي وعطا المصري ( يقصد عطا الزير ) ومحمد جمجوم إخوانكم ؟ الم يجلسوا معكم في دروس جامع الاستقلال .. !؟ أنهم ألان على أعواد المشانق ، حكم عليهم الانكليز بالإعدام من اجل الصهاينة ... ! أيها المسلمون .. أيها العرب .. أيها المؤمنون .. أين نخوتكم .. ؟ أين إيمانكم .. ؟ أين هي مرؤتكم وغيرتكم .. ؟ إن الصليبية الغربية الانكليزية والصهيونية الفاجرة اليهودية تريد ذبحكم كما ذبحوا الهنود الحمر في أمريكيا ، أمريكيا والصهيونية تريدان إبادتكم أيها العرب المسلمون حتى يحتلوا أرضكم من النيل إلى الفرات . ويأخذون القدس الشريف قدس الإسراء والمعراج أولى القبلتين وثالث الحرمين أنهم يريدون الاستيلاء على المدينة المنورة ويحرقون قبر الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لا سمح الله .

اجل أنهم يريدون اللعب بأمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وتحويلهن إلى خدم وسبايا . يا ويلكم ألا تفهمون [4] ؟رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)يقول إذا ديس شبر من ارض المسلمين فعلى المرأة إن تخرج بغير إذن زوجها وعلى الولد إن يخرج بغير إذن أبيه ، وعلى المدين أن يخرج بدون إذن غريمه والعبد أن يخرج بدون إذن سيده ، أيها المسلمون ألا تفهمون أيها المؤمنون فرض الله علينا الجهاد ليحمينا به ليحمي أرضنا وعرضنا . قال تعالى ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظه [5] ) خرج القسام ومعه لفيف من المقاومين في خطه حربيه مدروسة لإعلان التمرد والعصيان . لإعلان الثورة والمقاومة المسلحة حالا أن عنصر المفاجأ لم يكن لصالحه أو معه واكتشف الجيش البريطاني مكانه فتم تطويق هذه العصبة بعشرات الدبابات والآليات والأسلحة ألرشاشه واستخدمت طائرات لتستمر المعركة من الصباح إلى المساء .

فكان الاستشهاد الكبير للقسام، استشهاد العملاق وبعض إخوته وان الشعب الفلسطيني خرج يحمل السلاح ويفجر الثورة والمقاومة كرد فعل لهذا الشهيد والسير على خطاه وعلى منهجه وعلى دربه فكان الشهيد القسام بحق ذلك القائد والبطل الرمز الذي زلزل الأرض غضباً وناراً تحت عساكر الانكليز ، اجل أن الشيخ عز الدين القسام البطل القائد المربي الشهيد يعتبر بحق ، يعتبر بجدارة هو رائد فقه الجهاد العملي المعاصر.

 

ابن قرية إجزم

الكاتب

رشيد جبر الأسعد

2012م

                                                                

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] راجع في ملاحق الكتاب مقابله مع العائلة مالكة العمارة التي استأجر الشيخ القسام شقته منها.

[2] في العام 1970 م أصدرت كراساً بعنوان ( الشيخ القائد عز الدين القسام ) وتم طبع 3000 نسخه منه.

[3] صدرت دراسات علميه عديدة حول شخصية البطل القائد الداعية محمد عز الدين القسام كمؤلفات وكتب ودراسات وبحوث ، فضلاً عن أقراص ألسيدي والكاسيتات والأفلام والمسلسلات عن هذا الشيخ الشهيد إن شاء الله تعالى .. وخلال نصف قرن مرت .. كذلك قائد قوات الجهاد المقدس عبد القادر موسى الكاظم الحسيني الذي استشهد في منطقة القسطل يوم 9 نيسان في حرب فلسطين عام 1948 م .. وما أكثر الدراسات الجادة عنه ..ولكن هناك قاده أبطال أفذاذ كثيرون لم تسلط الأضواء عليهم بعد او توضع عنهم المؤلفات والدراسات والبحوث كما ينبغي .. على سبيل المثال – وليس الحصر – شهداء الثلاثاء في ثورة البراق 1929 م واعدموا في تموز 1930 م هم ( محمد جمجوم – عطا الزير – وفؤاد حجازي ) والقائد موسى كاظم الحسيني شيخ مجاهدي فلسطين وخليفة القسام القائد فرحان السعدي وعبد الرحيم الحاج محمد سرور برهم وخليل عيسى ويوسف سعيد أبو دره وسعيد العاص وإبراهيم أبو دية والشيخ قاسم الشايب والشيخ عبد الفتاح الفيلات والشيخ عارف الحمدان وعارف عبد الرزاق ومحمد صالح الحمد أبو خالد وإبراهيم أبو دية وحسن سلامة وعشرات أمثالهم قاده أوفياء أبرار ،وكذلك عمر علي ومحمد محمود الصواف من العراق ، ومصطفى السباعي من سوريه والقائد المقدام احمد عبد العزيز من مصر .. وغيرهم الذين لم يسلط عليهم الإعلام والدراسات وظلال التاريخ بعد.

[4] شوقي أبو خليل: الإسلام وحركات التحرر العربية: نشر دار الفكر، صفحه (128) وسميح حمودة: دراسة في حياة وجهاد الشيخ عز الدين القسام، عمان، صفحه: (46).

[5] سورة التوبة : الآية : (123).