قطار المطبعين مع "إسرائيل" ينطلق من أبو ظبي .. هل يقفز العراق ؟

بواسطة قراءة 444
قطار المطبعين مع "إسرائيل" ينطلق من أبو ظبي .. هل يقفز العراق ؟
قطار المطبعين مع "إسرائيل" ينطلق من أبو ظبي .. هل يقفز العراق ؟

وفي ما يتعلق بقضية فلسطين، فقد كان العراق دوما رهانا موثوقا يعتد به لدعم الفلسطينيين في مطالبتهم بـ"حقوقهم المشروعة وفق القانون الدولي"، ومع ذلك، فان بإمكان العراق أن يتموضع في مكان مريح له سياسيا، يقيه من احتمالات الاحراج الاميركي له، اذا تسلح بـ"مبادرة السلام العربية" التي رعتها المملكة العربية السعودية وتمكن من تحقيق إجماع عربي عليها خلال القمة العربية في بيروت العام 2002، والتي تنص على "مبدأ مبادلة الأرض بالسلام"، وبمعنى آخر، تعيد "إسرائيل" الاراضي التي احتلتها منذ العام 1967 في الضفة الغربية الى الفلسطينيين، وتساهم في معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين، فتفتح لها أبواب العواصم العربية في مسارات تطبيع جماعية.

عقدة في المنطقة لا بد من حلّها

في هذا الإطار، يرى "النائب في البرلمان العراقي"، محمد الخالدي، أن القضية الفلسطينية، تمثل عقدة للمنطقة، ولا بد من حلّها وفق "الأطر القانونية"، و"القوانين الدولية"، بالإضافة إلى ما يتلائم مع مصالح الفلسطينيين أنفسهم، ومصلحة الدول كلها، وخاصة المحيط العربي الجغرافي.

وأضاف لـ”النور نيوز” أن “العراق يجب أن يكون مع الإجماع العربي، ويبحث عن مصلحته فيما يتعلق بتلك المسألة الحسّاسة، خاصة وأنها ذات طابع شعبي ولها اهتمام لدى العراقيين، وحتى "القوانين العراقية" راعت هذا الأمر، وأوضحت طبيعة التعاطي مع القضية الفلسطينية.

وعلى الرغم من أن مصر والاردن سبقتا الدول العربية بإبرام اتفاقيات سلام مع "إسرائيل"، إلا أن التطبيع على المستوى الشعبي ما زال يواجه رفضاً عاماً، كما أثير احتمال أن تكون السودان الدولة التالية التي توقع اتفاقا مع "إسرائيل" وفق توقعات "إسرائيلية"، عقب البحرين والإمارات، خاصة في ظل المغريات الأميركية، والحاجة إلى الخروج من عنق "الإرهاب".

وفي كل العهود، ظل العراق مع فلسطين في مواجهة العدوان، ففي العهد الملكي "الديموقراطي"، شارك الجيش العراقي في حرب فلسطين، وشارك المتطوّعون بقيادة الشيخ محمد محمود الصوّاف،  أما في عهد “البعث” فقد كانت فلسطين مادة مزاودة مع “البعث” السوري من جهة وخميني في إيران من جهة ثانية.

هل تريد "إسرائيل" عراقاً مزدهراً ؟

ويقول مراقبون، إن "إسرائيل" لا عراقاً مزدهراً، بل تريده كما هو غارقاً في الحروب الداخلية، وليس لديها ما تنفقه على العراق. فهي تأخذ ولا تعطي من وراء التطبيع، أما العراق فهو يحتاج إلى "تطبيع العلاقات بين مكوناته، سنّة وشيعة ومسيحيين وعرباً وكرداً"، وداخل المكوّن الواحد يحتاجون التطبيع بين السلمانية وأربيل، وبين التيارات الشيعية في ما بينها.

من جهته، قال القيادي في جبهة الانقاذ والتنمية العراقية، أثيل النجيفي، إن “هذا التطبيع سوف يسبب عملية انشقاق كبيرة في الوضع العراقي، بين السلطة والشعب، والحكومة العراقية في غنى من احداث هكذا أزمات، خصوصاً بهذا الوقت، ولهذا التطبيع سيكون له ضرر كبير على العراق والعراقيين.

وأضاف في تصريح لـ”النور نيوز”  أن “التطبيع مع "إسرائيل" مضر للعراق اكثر مما هو نافع، لعدة أسباب، منها ان الدول التي طبعت العلاقة مع "إسرائيل"، سواء كانت مصر او الاردن، كانت في حالة حرب مباشرة مع  "إسرائيل"، ولهذا هي كانت بحاجة الى مغادرة حالة الحرب، كما هي كانت تحتاج دعم الولايات المتحدة الامريكية، لغرض تسليح الجيش، وغيرها.

وبين النجيفي، أننا “في العراق، ليس لدينا اي مصلحة مباشرة لتطبيع العلاقة مع "إسرائيل"، بل على العكس، فهذا التطبيع يتسبب في اثارة مشاكل داخلية كبيرة في العراق.

تاريخ العلاقات

نزح يهود العراق بشكل جماعي بعد قيام “دولة إسرائيل” عام 1948، مما دفع الحكومة العراقية إلى إقرار قانون إسقاط الجنسية عمّن غادر دون تنسيق مع الحكومة، كما صدر قانون آخر يقضي بتجميد أموال المغادرين.

وكان العراق من الدول العربية التي شاركت في الحرب ضد "إسرائيل" دفاعا عن أرض فلسطين عام 1948، حيث لا زالت تحتفظ أرض فلسطين بـ”مقبرة” للجنود العراقيين في محافظة جنين.

أما في حرب 1967، شارك العراق مع مصر الحرب ضد "إسرائيل" ، بعدما نقل الفوج الأول من لواء المشاة الأول إلى مصر بـ 5 طائرات نقل اليوشن.

وكان العراق أحد الدول العربية المشاركة في حربي "مارس/ آذار" و"أكتوبر/ تشرين الأول" عام 1973، ضد "إسرائيل" ، ويعد الجيش العراقي ثالث أكبر الجيوش العربية التي شاركت في الحرب بعد مصر وسوريا.

وفي عام 1981، قصفت "إسرائيل"  مفاعل “تموز1” النووي العراقي، اشتركت فيها ثماني طائرات دمرت المفاعل تدميرا كاملا في أول هجوم ضد منشأة نووية بالعالم. وقد بررت "إسرائيل" هجومها بإحباط محاولة العراق استغلال هذا المفاعل لإنتاج أسلحة نووية يستخدمها ضدها.

ويفيد قائد سلاح الجو "الإسرائيلي" خلال عملية قصف المفاعل العراقي الجنرال ديفد عبري، بأن الحديث عن التهديد النووي العراقي بدأ 1976 لكن لم يُتخذ قرار "إسرائيلي" للتخلص منه إلا 1981، وذلك بعد استكمال معلومات أمنية واستخبارية وصلت من داخل العراق عن المفاعل والمراحل التكنولوجية التي وصل إليها، عبر تجنيد عملاء بعضهم خبراء أجانب عملوا في المفاعل العراقي.

وساد التوتر سابقا بين العراق تحت حكم صدام حسين و"إسرائيل"، فقد قصفت بغداد في "يناير/كانون الثاني" 1991، "تل أبيب" بـ 39 صاروخا نوع “سكود”، ردا على الحملات الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في عملية “تحرير الكويت”، التي استمرت لأكثر من شهر إلى أن انتهت في 25 "شباط/فبراير" من العام ذاته

لكن بعد الغزو الأمريكي للعراق تقول أنباء إن العلاقات بين "إسرائيل" وإقليم كردستان توطدت عام 2015 حين أعلن عن إقدام "إسرائيل" على استيراد 19 مليون برميل نفط سنويا من الإقليم.

هل يقفز العراق إلى قطار المطبّعين ؟

ويؤكد "النائب" عن محافظة السليمانية، مثنى أمين، أن “العراق غير محتاج لمثل هذا المسار، فهو مسلك غير مشرّف، وطعن في ظهر الفلسطينيين المشردين المظلومين، الذين احتُلت أراضيهم وانتُهكت حقوقهم، وسُلبوا أبسط مقوّمات المعيشة، وهم يعيشون الآن في سجن.

وأضاف أمين لـ”النور نيوز” أن “الدعوات التي نسمع بها من هنا أو هناك، فهي لا قيمة لها، وغير مسموعة، أبداً، فالعراقيون لديهم مشاكلهم التي يجب عليهم أن يفكروا في حلّها، وأن يبتعدوا عن أسباب النزاع والشقاق سواءً مع "إسرائيل" أو غير "إسرائيل".

ويرى المحلل السياسي عماد محمد، أن “العراق لا يمكن له الانسياق وراء تلك التوجهات، فعلاقته بالخليج عموماً ما زالت تترنح، والمشتركات التي بين الجانبين أصابها الوهن والضعف، لذلك لن يكون لتلك الدول تأثيراً على العراق، خاصة في ظل الرفض الشعبي الحاصل وتجريم القوانين العراقية، مثل هذا المسار.

وأضاف لـ”النور نيوز” أن “الصراع العربي – "الإسرائيلي"، بحاجة إلى إدارة جماعة من قبل الدول العربية، سواءً في الجامعة العربية أو مجلس التعاون الاسلامي، وغيرهما، لاتخاذ القرارات الصائبة بما "يراعي حقوق الفلسطينيين"، و"حقهم في إقامة دولتهم"، وكذلك يأخذ بنظر الاعتبار سلوك "إسرائيل" ، ونكثها الوعود والمواثيق على مر التاريخ، ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية.

 

النور نيوز

12/2/1442

29/9/2020