قبل سقوط النظام العراقي السابق تحت وطأة الاجتياح الأميركي للعراق، شنت المعارضة العراقية (والتي هي الآن في السلطة) هجوماً عنيفاً على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في العراق.
وحين نقول المعارضة فنحن لا نميز بين معارضة يمينية ويسارية. لأن الطرفين انخرطا، للأسف، في حفلة شتائم دامت طويلاً ضد الفلسطينيين في العراق، اتهموا خلالها أنهم «عملاء» للنظام العراقي، وأنهم منخرطون في مشاريعه السياسية.
ومما قيل:
إن اللاجئين الفلسطينيين في العراق يزيدون على 250 ألفاً.
إن معظمهم يحمل السلاح إلى جانب النظام ضد خصومه السياسيين.
إن كثيرين منهم انخرطوا في لعبة تغيير التوازنات الديمقراطية في العراق، بحيث انتقل الآلاف منهم إلى كركوك لتصبح ذات أغلبية عربية.
سقط النظام العراقي السابق، ودخل العراق الاحتلال الأميركي، وصارت المعارضة هي السلطة.
وانتهز بعض هؤلاء وصولهم إلى السلطة ليشنوا اعتداءات غير مبررة ضد اللاجئين الفلسطينيين.
وأخذت الأكاذيب تنهار الواحدة تلو الأخرى.
عدد الفلسطينيين في العراق لا يتجاوز في حده الأقصى 30 ألفاً فقط لا غير.
ومع ذلك لم يعتذر الذين ادعوا أنهم يتجاوزون ربع مليون في مشروع توطيني في العراق.
تبين أنهم لا يحملون السلاح.
ولم ينخرطوا في النزاعات الأهلية.
ومع ذلك لم يعتذر الذين ادعوا أن الفلسطينيين كانوا يعملون في خدمة النظام السابق.
انفجرت قضية كركوك.
وتبين أن النزاع يدور بين العراقيين أنفسهم.
لم يتم العثور على فلسطيني واحد في كركوك من ضمن مشروع نقل العرب إلى المدينة لتغيير بنيتها السكانية.
ومع ذلك لم يعتذر الذين ادعوا أن الفلسطينيين ذهبوا للسكن في كركوك في إطار مشروع النظام فرض الأغلبية العربية فيها.
يوماً بعد يوم تنهار أكذوبة.
والفلسطينيون مشتتون ما بين التنف والأنبار، وبغداد.
ومع ذلك لم يعتذر منهم الذين شتتوهم، وفرضوا عليهم أن يعيشوا النكبة أكثر من مرة.
ستبقى قضية اللاجئين في العراق علامة تدين السياسات المذهبية وتدين السياسات الانتهازية، وسياسة كل من يحاول أن يتخذ من القضية الفلسطينية مطية له.
كثيرون اتخذوا من هذه القضية مطية.
ذهبوا وطواهم التاريخ، وبقيت القضية.
وها هي كركوك مرة أخرى، تكشف اللثام عن وجوه عديدة حاولت في نزاعاتها العراقية الداخلية أن تتخذ من القضية الفلسطينية مطية لها.
ولا بد أن التاريخ سيطويهم يوماً.. وستبقى فلسطين...
كما سيبقى العراق أخذت الأكاذيب تنهار واحد تلو الأخرى.
4/8/2008