وأضاف المرصد الحقوقي الدولي -مقرّه جنيف- في بيان صحفي
اليوم أنّ السلطات السويدية بدأت منذ حوالي ثلاثة أشهر حملة منظّمة تقودها دائرة
الهجرة ضد طالبي اللجوء الفلسطينيين، إذ تركزت الحملة على رفض منحهم أذونات إقامة،
ومنع تجديد أذونات الإقامة القديمة لمن شارفت إقامته على الانتهاء، دون إعطاء أيّة
تفسيرات منطقية، أو ارتكاب المستهدفين بالحملة أيّة مخالفات.
وأكّد
الأورومتوسطي أنّ تلك الممارسات تنتهك على نحو غير مبرر "القانون
الدولي"، إذ تستهدف طالبي اللجوء الفلسطينيين بشكل خاص، في حين تتعامل دائر
الهجرة مع طلبات اللجوء من الجنسيات الأخرى بصورة طبيعية، ودون أيّة معوقات تذكر.
وذكر
أنّ طالبي اللجوء الفلسطينيّين بدأوا منذ 8 "يناير/كانون الثاني" 2020
"اعتصامًا" مفتوحًا أمام دائرة الهجرة السويدية للاحتجاج على الإجراءات
الجديدة، ولمطالبة السلطات بمنحهم حقوقهم المكفولة بموجب القوانين المحلية
والأوروبية والدولية ذات العلاقة، ومعاملتهم بشكل متساوٍ مع أقرانهم من الجنسيات
الأخرى.
وأفاد
الناشط الفلسطيني "كنعان حمد" للأورومتوسطي أنّ الإجراءات تضمّنت طرد
بعض طالبي اللجوء من بيت الهجرة (مسكن اللاجئين)، وقطع المعونة الإنسانية عنهم،
والتي كانت توفّر الحد الأدنى من المال لشراء الطعام، الأمر الذي من شأنه أن يعصف
باستقرار وسلامة حياة طالبي اللجوء حال استمرت السلطات السويدية بإجراءاتها.
وبحسب
"حمد"، فإنّ الإجراءات لا تستهدف فقط طالبي اللجوء الجدد، إذ يواجه
فلسطينيّون يقيمون في البلاد منذ أكثر من (10 سنوات) صعوبات كبيرة في الحصول على
الإقامة القانونية طويلة الأمد، ولا تمنحهم السلطات سوى إقامة منزوعة الصلاحيات
مدّتها (12 شهرًا) لا تتيح لهم الاندماج في المجتمع، أو الحصول على عمل أو خدمات
صحية وتعليمية، بالإضافة إلى حظر الخروج من السويد، ما ضاعف من صعوبة الحياة على
أولئك الذين فروا من مناطق الصراع والاقتتال.
وبحسب
المعلومات التي حصل عليها المرصد الأورومتوسطي، فإنّ أكثر المتضررين من قرار دائرة
الهجرة هم المتقدمين بطلبات اللجوء حديثًا، وأصحاب الإقامة المؤقتة (12 شهرًا
منزوعة الحقوق)، والفلسطينيين القادمين من قطاع غزة والضفة الغربية والشتات (دول
الخليج بالإضافة لليمن وليبيا)، حيث يُواجَه القادمون من تلك المناطق بالرفض
المباشر، وتبلغهم السلطات بشكل صريح عدم رغبتها بالاعتراف بهم كلاجئين. وتتركهم
بدون ترحيل أو دمج قانوني رغم إقرار السلطات بصعوبة الأوضاع من المناطق التي قدموا
منها، قطاع غزة بشكل خاص، والذي تذكر في رفضها لطلب اللجوء أنّ الحياة فيه صعبة من
الناحية الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ورغم ذلك ترفض الطلب، وتطلب من المتقدم
العودة إلى القطاع ومحاولة الحصول على عمل وتكوين عائلة هناك.
وبيّن
"حمد" أنّ السلطات رحّلت بعض طالبي اللجوء لكنّ المطار رفض استقبالهم
نظرًا لظرفهم القانوني المعقّد كونهم لا يملكون إقامة قانونية أو حتى جوازات سفر
ليتنقلوا بها، حيث يمكثون حتى اللحظة في فراغ قانوني دون الحصول على إقامة دائمة
أو تنظيم أوضاعهم القانونية.
من
جانبه قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "محمد عماد" إنّ
إجراءات السلطات السويدية بمنع تجديد وإصدار أذونات الإقامة تخالف صريح الاتفاقية
الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة في عام 1951 لا سيما المادة 27 والتي جاء فيها
"تصدر الدول المتعاقدة بطاقة هوية شخصية لكل لاجئ موجود في إقليمها لا يملك
وثيقة سفر صالحة"، بالإضافة لسياسة الترحيل القسري التي تخالف المادة رقم 33
الفقرة 1 والتي جاء فيها "لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده
بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب
عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية".
وفيما
يتعلق بحق اللاجئين في السكن والطعام والإعانة المالية، أوضح "عماد" أنّ
السطات السويدية مجبرة بموجب "القانون الدولي" على توفير المتطلبات
الإنسانية للاجئين، وهذا ما أكدت عليه اتفاقية اللجوء إذ جاء فيها: "تمنح
الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة،
على ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف".
ونبّه
المرصد الحقوقي الدولي إلى أنّ استمرار السلطات السويدية في إجراءاتها التمييزية
ضد طالبي اللجوء من الفلسطينيين سيؤدي إلى تهديد حياتهم، سواء في حال استمرت
بحرمانهم من حقوقهم الأساسية، أو في حال أعادتهم إلى المناطق غير الآمنة التي
هربوا منها، داعيًا السلطات إلى ضرورة احترام التزاماتها التعاقدية القانونية،
وتسوية أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء، وتمكينهم من الاندماج في المجتمع، والتمتع
بالخدمات الأساسية كافة التي كفلها لهم القانون الدولي لا سيما الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان واتفاقية اللاجئين والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية
والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الاتفاقيات.
وطالب
المرصد الأورومتوسطي هيئة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بضرورة التحرك السريع
والجاد للضغط على السلطات السويدية من أجل ضمان حصول طالبي اللجوء واللاجئين
المتواجدين على أراضيها على كافة حقوقهم المكفولة وفق القانون الدولي، وضمان تقديم
الخدمات الأساسية لهم دون تمييز على أساس الجنسية أو غيرها، والعمل على إيجاد
آليات محددة تجبر السلطات السويدية على تطبيق تلك القرارات وعدم تكرار مثل هذه
الممارسات بحق اللاجئين وطالبي اللجوء في المستقبل.
المصدر : الموقع الرسمي للمرصد الأورومتوسطي لـ"حقوق
الإنسان"
12/7/1441
7/3/2020