إلى حيفا خذني هكذا قالها المرحوم بإذن الله الحاج عارف الملحم قبل وفاته - نبيل ابو كاظم

بواسطة قراءة 6785
إلى حيفا خذني هكذا قالها المرحوم بإذن الله الحاج عارف الملحم قبل وفاته - نبيل ابو كاظم
إلى حيفا خذني هكذا قالها المرحوم بإذن الله الحاج عارف الملحم قبل وفاته - نبيل ابو كاظم

تأتينا ذكريات أيام الطفولة فنشتاق لها ولحديثها  ولكن قصة الحاج عارف الملحم تستحق أن أنشرها وأحببت أن أرويها لكم ..

إني من مواليد 1975 في مدينة الحرية هذه المدينة الشعبية الجميلة بذكرياتها الطفولية والشبابية ، كنا نسكن في مجمع للفلسطينيين وعددنا كان 9 عوائل وهم كل من المرحوم بإذن الله الحاج عارف الملحم . وابنه فريد الملحم (أبو طارق) ، وابنه ابراهيم (أبو عامر) ، وسمير أبو ايمن ، وعبدالرحمن أبو زهرة ، والحاج عبدالخالق الداود والد الشهيد بإذن الله الشيخ توفيق رحمه الله ، وعائد شيبان (أبو محمد) ، وشقيقه سامي شيبان (أبو علي) .

كنا نعيش كعائلة واحدة متماسكين بيننا تربطنا القرابة والجيرة الأخوية كنا كل ليلة الرجال يجتمعون في احدى البيوت للتسامر والحديث عن أمور عدة والنساء يجتمعن أيضا باحدى البيوت .. لم اسمع ابدا بمشكلة حصلت بين العوائل كنا اكثر من اخوة سعداء بحالنا .

كان عمري 13 سنة كان من اصدقائي الجيران هو محمد إبراهيم العارف وأخيه عباس وصباح الملحم وحسين شقيق الشهيد بإذن الله توفيق الداود رئيس الجالية الفلسطينية ، كنا أكثر من اخوة ، كنا دائما نجلس مع الحاج عارف الملحم كان يحدثنا عن فلسطين وخصوصا مدينة حيفا وعن جمال مدينة حيفا وكيف جاء العدو "الإسرائيلي" واحتل مدينة حيفا وكان يحدثنا عن قرية جبع مدينة اجدادنا .

 كان الحاج  بوقتها عمره أكثر من 80 سنة لا يعرف اللهجة العراقية لانه لم يختلط بأي احد غير أولاده وجيرانه وجميع فلسطينيي العراق .

كان مولع بمدينته أحبها مثل ما احبته وأنجبته هذه المدينة التي أنجبت الكثير من الأبطال .

الحاج عارف الملحم كبر اكثر واكثر وكنا نكبر معه مرض الحاج عارف إلى أن وصل بفقدان الذاكرة ولكن ذاكرة حيفا لم ينساها أبدا وكان متمسك بها وكان على أمل العودة لها .

أولاد الحاج كانوا على خوف من والدهم أن يرحل عنهم وكنا نحن لا نفارقه أبدا لانه ما زال يحدثنا القصص عن حيفا وفلسطين رغم كبر سنه وفقدان ذاكرته إلا ذاكرة مدينته لم ينساها .. في احدى الأيام وعند ذهاب اولاده إلى العمل خرج الحاج عارف إلى الشارع القريب منا واستأجر تاكسي وقال إلى صاحب التاكسي :

خذني إلى حيفا .

سائق التاكسي لم يدرك ما كان يقصد الحاج ظن صاحب التاكسي بأن الحاج  يقصد شارع حيفا وركب الحاج السيارة ليتوجه به إلى شارع حيفا .

لينزله هناك وقال صاحب التاكسي هيا يا حجي هذه هية شارع حيفا .. الحاج كان لا يعرف شيئا نزل وهو كله أمل بان هذه هي مدينته حيفا .

وبعد عودة أبي وأولاد الحاج عارف لم نراه في بيته ، رحنا جميعا نحن الجيران نبحث عن الحاج عارف ولم نجده في مدينة الحرية ثم ذهب كل منا الى جميع المراكز والمستشفيات نبحث عن هذا الرجل الذي كانت مدينته في روحه .

وبعدها وجدناه متوفيا باحدى مستشفيات بغداد متأثرا بسقوطه باحدى شوارع بغداد عام 1986 .

إلى رحمة الله يا حاج عارف الملحم

وهنيئا لكم يا ال ملحم على جدكم ، ويستحق لقب شهيد بإذن الله عشق حيفا

يا ترى هل ستحقق امانينا ونرى مدينتا حيفا ؟! .

 

بقلم : نبيل ابوكاظم

19/4/2012


حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"