معطيات
وحقائق
اللافت
أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق لم تتوقف البتة منذ احتلاله من قبل
الجيش الأمريكي في "نيسان / ابريل" 2003، ووصلت تلك المعاناة ذروتهـا
بعد مقتل (400) من اللاجئين على يد قوى عراقية تعتبرهـم موالين للنظام العراقي
السابق.
وقد أكدت دراسات أن المجازر التي ارتكبتها ميليشيات طائفية موتورة إلى تهجير (20)
ألفا من فلسطينيي العراق إلى أربعين دولة في العالم، يمثلون (83) في المائة مجموع
اللاجئين، وتنحدر غالبيتهم من مثلث حيفا، أجزم وجبع وعين غزال، ولم يتبق سوى
(4000) لاجئ فلسطيني في العراق ويتمركزون بشكل أساسي في حي البلديات في وسط
العاصمة بغداد .
ويمكن الجزم بأن معاناة من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في العراق ستكون مركبة
والتغريبة ستلاحقهم يومياً، خاصة بعد إصدار العراق قانونا مثيرا للقلق يحرم
الفلسطينيين على أراضيه من امتيازات تمتعوا بها منذ بداية الخمسينيات؛ ويلغي
قانونا سابقا صدر عام 2001 ومنحهم تلك الامتيازات، حيث تم اعتبار اللاجئ الفلسطيني
في العراق مقيما أجنبيا وبلا أي امتيازات كان يتمتع بها ومنها.
ويمس القرار الجديد الحقوق المختلفة لنحو (4000) لاجئ فلسطيني في العراق والذين
أمضوا عقوداً طويلة على أراضيه منذ عام 1948، من بينها سلب حقهم في التعليم والصحة
المجانية، وكذلك السكن ووثائق السفر والبطاقة الغذائية إضافة إلى إبعاد الموظفين
منهم من دوائر الدولة ومؤسساتها.
وكان القرار العراقي السابق المرقم 202 ينص على معاملة الفلسطيني كالعراقي في جميع
الامتيازات وحقوق المواطنة باستثناء حصوله على الجنسية العراقية حيث منحه الحق في
التوظيف والعمل في إدارات ومؤسسات الدولة.. وكذلك منحه حق التعليم والصحة والعمل
والتقاعد والبطاقة الغذائية الشهرية والسكن المجاني والإعفاء الضريبي وحق الاقتراض
والمعاملات البنكية المختلفة .. إضافة إلى منحه وثائق سفر تمكنه من السفر إلى خارج
العراق وإلزام السفارات العراقية بمختلف دول العالم بمعاملته حال مراجعتهم لها
كمواطن عراقي.
من الأهمية القول أنه كان في حسابات وكالة الاونروا نشر خدماتهـا بين (4000) لاجئ
فلسطيني في العراق في العشرين من "حزيران/ يونيو" من عام 1950 بيد أن
الحكومة العراقية آنذاك رفضت ذلك ووعدت وكالة الغوث بتقديم الخدمات والاحتياجات
الضرورية للاجئين الفلسطينيين.
ولسنا بصدد التحولات التي شهـدهـا التجمع الفلسطيني في العراق من جراء القوانين
التي صدرت خلال الفترة (1948-2003) لكن لابد من الإشارة إلى أن الوجود الفلسطيني
في العراق هـو تواجد قسري فرضته ظروف نكبة عام 1948، حيث رفض اللاجئون التوجه
بداية إلى العراق رغم محبتهـم له ظناً منهـم أن الإقامة المؤقتة بعد النكبة والتي
ستستمر إلى أسابيع معدودة تحتم عليهـم الإقامة في دول الجوار الجغرافي العربي
وبالتحديد سوريا والأردن ولبنان.
علاقة
"نضالية"
وقد
ارتبط اللاجئون الفلسطينيون بعلاقة "نضالية" قوية مع الجيش العراقي الذي
كان متمركزاً ومدافعاً عن الساحل الفلسطيني وخاصة قرى جبع وأجزم وعين غزال التي
دفعت بهـم المجازر "الإسرائيلية" بعد ثلاثة شهور من سقوط حيفا عروس
الساحل الفلسطيني إلى العراق والدول العربية الأخرى، حيث تم ترحيلهـم في سيارات
الجيش العراقي عبر مدينة جنين إلى العراق بقيادة قائد الفرقة العراقية التي كانت
متمركزة في الساحل الفلسطيني الضابط عمر علي.
وبعد عدة شهور من وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق أسكنتهم الحكومة العراقية
آنذاك في الكليات والمعاهـد والمدارس والفنـادق وغيرهـا، وعندما انتهـت العطلة
الصيفية، اضطرت الحكومة إلى نقل قسم كبير منهـم إلى البصرة، حيث تم إسكانهـم في
معسكر الشعيبية، كما نقلت بعض العائلات إلى مدينــة الموصل.
وأعيد إسكان العائلات المتبقية في بغداد في عدة نوادي منهـا : نادي الرافدين،
ونادي العلوية، ونادي الزوراء، ونادي الرشيد وغيرهـا، وظل اللاجئون الفلسطينيون
يتلقون المساعدات العينية من وزارة الدفاع العراقية حتى عام 1950، حيث أصبحت
مسؤوليتهـم على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، و التي أسست بدورهـا شعبة خاصة
لرعايتهـم والإشراف عليهـم.
سميت مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وكانت تشرف المديرية على شؤون
اللاجئين الفلسطينيين فقط، وليست لهـا علاقة بباقي الفلسطينيين الذين وفدوا إلى
العراق للإقامة فيه، وقد حددت المديرية تعريف اللاجئ الفلسطيني إلى العراق، أنه
(الإنسان الفلسطيني الذي هـاجر من بلده المحتل عام 1948 و دخل إلى العراق و أقام
قبل تاريخ 25-9-1958).
ولاعتبارات إنسانية فقد أجيز ضم الزوجة إلى زوجهـا الفلسطيني المسجل في المديرية
قبل عام 1961 و لا يجوز ضم الزوج إلى الزوجة . كما منحت المديرية صفة اللجوء إلى
من لهـم أقرباء في العراق من اللاجئين الفلسطينيين، ممن دخلوا إلى العراق قبل عام
1961 و يمنح اللاجئ الفلسطيني المسجل في العراق بطاقة شخصية إضافة إلى وثيقة سفر
تمكنه من السـفر إلى البلاد العربية والأجنبية، أما اللاجئون الفلسطينيون الآخرون
الذين يقيمون في العراق، فإنهـم يحملون جوازات سفر عربية غير عراقية أو وثائق سفر
فلسطينية كانت تصرف للفلسطينيين في سوريا و لبنان و غزة، وكانوا يقيمون في العراق
بموجب إقامة سنوية تتجدد حسب الطلب ويتبعون في معاملاتهـم إلى مكتب شؤون العرب.
كاتب
فلسطيني مقيم في هولندا
المصدر
: "القدس العربي"
14/12/1441
4/8/2020