عائلة منقسمة بين السويد ومخيم التنف ( محرقة ديجيتال ) ؟!

بواسطة قراءة 8623
عائلة منقسمة بين السويد ومخيم التنف ( محرقة ديجيتال ) ؟!
عائلة منقسمة بين السويد ومخيم التنف ( محرقة ديجيتال ) ؟!

إن من أخطر الآثار السلبية التي خلفها الاحتلال الأمريكي للعراق ونتجت عن استهداف الفلسطينيين في العراق وملاحقتهم من قبل الميليشيات الطائفية هي تفسخ النسيج الاجتماعي لهم ، وما سنذكره ونرويه في هذه القصة الحقيقة المؤلمة التي كتبها من رحم المعاناة وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة .

يبدأ نهاد الكلام بمناشدة الضمير الإنساني أيا كان دينه أو مذهبه أو عرقه ، حيث يكتب وقلبه مملوء بالحزن والأسى ، فيقول : إلى كل شريف شرقيا كان أو غربيا ، مسلما كان أو قبطيا ، على دين أو علماني ، مثقفا أو أميا ...ونداءه ووصيته هي نشر كلماته وعباراته وأحزانه وتساؤلاته ...

فيقول : فلسطيني ... نعم أنا فلسطيني ... لا تتململ فالقصة اليوم مختلفة ... أعلم أنك تعلم أني ضحية ، ومن كان الجاني ، انتظر قليلا فأنا مشوش بعض الشئ وأحتاج لبعض الإجابات .ثم يفيض نهاد بذكر قصته ومعاناته قائلا : لجأت إلى السويد قبل عدة أشهر هربا من العراق وبحثا عن هوية جديدة قد أكون مخطئا أم مصيبا هذا ليس مهما ، تركت زوجتي وطفلتي في سوريا تحضيرا لسحبهم بعد الحصول على الإقامة .

بعد دخولي السويد ذهبت مباشرة إلى دائرة الهجرة حتى أسلم نفسي للسلطات السويدية ، كان ذلك صباحا وأثناء انتظاري في صالة الانتظار دخل بعض الموظفين هناك وبشكل روتيني معهم طعام إفطار لكل فرد موجود في هذه الصالة ، وبعدها استقبلني المحقق بكل احترام وتقدير وسألني بعض الأسئلة وصرف لي كارت بنكي لسحب مرتب شهري وعين لي محامي ليتولى عني طلب اللجوء ، وبعد انتهاء الدوام أرسلونا إلى فندق في نفس المدينة فيه كل سبل الراحة وبعد يومين أرسلونا إلى شقق في مدن وقرى السويد وأدخلونا مدارس لتعلم اللغة السويدية وصرفوا لنا كارتات للتنقل بالباصات أو بالقطارات من وإلى المدارس ناهيك عن العناية الطبية والصحية .ثم يقول : في الحقيقة استغربت فمقدمي طلب اللجوء من عدة دول ومنهم من يعرف أنه مرفوض مسبقا وبالتالي يعامل معاملة حسنة ؟! أقل ما يقال عنها أنها إنسانية ، وعندها تسائلت : أهي مؤامرة ؟! أم ألاعيب سياسية ؟! أم أن هؤلاء الموظفون مرغمون والشارع مختلف ؟؟.

وبعد إجراءات معينة يعطى حق اللجوء الإنساني من يستحق ذلك ضمن ضوابط معينة لديهم ، ويصبح بعدها مواطن سويدي له كامل الحقوق ويجنس بعد مدة سنوات معينة .

ثم يقول وبمرارة وحسرة : وعلى نفس الكوكب في الطرف الآخر من هذا العالم يختلف التعامل مع ذاك الفلسطيني المهجر اللاجئ المشرد ومن قبل دول تدعي العروبة والقومية وغيرها من الشعارات البالية ؟!!! يتم فيها طرد للعوائل الفلسطينية إلى الصحراء ، وقد طردت الحكومة السورية زوجتي وطفلتي التي لا تبلغ من العمر سوى سبعة شهور كونهم لا يملكون تصريح إقامة في سوريا ، ويتم نقلهم بسيارة خاصة بالسجن مغلقة بالقضبان مضللة سوداء كباقي المجرمين ، وكذلك بعض العوائل الفارين من جحيم العراق والذين دخلوا الأراضي السورية مضطرين بطريقة أو بأخرى كون سوريا كباقي الدول العربية لا تسمح بدخول الفلسطيني القادم من العراق وخصوصا بعد الاحتلال وتردي الأوضاع الأمنية .

لتبدأ معاناة تلك العائلة حيث أصبحت في العراء ليفترشوا الصحراء في الأرض الحرام بين الحدود السورية العراقية ( في مخيم التنف ) حيث يسكن أكثر من 700 فلسطيني الآن في خيم وحالة يرثى لها ، وكأن شعار الفلسطيني في هذه الدنيا الخيمة !!!.

والآن هم عالقون بين الحدين في برد لا يرحم ، شتاء تغطيهم رحمة الله ورمال لا تهدأ وشمس لا تفرق بين طفل صغير أو كهل ولا حياة لمن تنادي ؟!!! فالعودة إلى العراق شبه انتحار في حال كان مسموحا والدخول إلى الدول العربية كمن أشرك بالله ويريد أن يدخل الجنة .

ثم يقول نهاد : فبدأت أسأل هنا في السويد بعض الأخوة أكرر وأقول لمن أجدهم من العرب ومنهم من يحمل جنسية سويدية لكن بالعقلية العربية وأسألهم بعض الأسئلة : لماذا يحصل للفلسطيني هذه الأمور والأمة تتغنى بفلسطين ؟؟؟!!! وتكون الإجابة بأن على الفلسطيني أن يعيش في فقر وحرمان كما في لبنان ، حيث ممنوع أن تدخل مواد البناء إلى المخيمات وممنوع أن يعمل كي لا ينسى فلسطينيته وقضيته ؟!!! لأنه لا يحمل السلاح إلا الفقراء !!!.

فما البديل إذا ستملأ المخيمات فقرا وجوعا وجهلا ومخدرات وفساد كبير و .... و .... فشكرا للبنان يبدو لديهم من المشاكل الكبيرة التي تجعلهم لبناء جيش مخيماتي يحرر الأرض ، لكن غفلوا بأن الأرض تتحرر بسواعد الشرفاء الأحرار وليس الفقراء ( فكيف ومتى سنحرر العقول ؟! ) .

فمنهم من قال : سوريا تأوي الفلسطينيين والفلسطيني معزز أكثر من السوري ولم يبقى لفلسطينيين جدد مجال ؟! لكن ألم يزاحمكم الأخوة العراقيين ؟!!!! ولن تستقبل الفلسطيني العراقي ليبقى ورقة ضغط على المجتمع الدولي ومفاوضات السلام مع إسرائيل ؟؟!!! وحق العودة ؟؟!!! .

ونجيب أصحاب ( أمة عربية واحدة ) : أترمون أبناء ونساء الأمة العربية الواحدة في الصحراء لتأتي الدول الغربية وأمريكا اللاتينية لتزايد عليهم وتستقبلهم في أحضانها كما حصل في مخيم الرويشد وكذلك مخيم التنف ؟!.

فإذا نفذت أوراق اللعب ( الضغط ) بماذا سيلعب العرب ؟!!! أيصطاد صيادوا الأسماك بلحوم أبنائهم طعوما ؟! فهل تخفون الفلسطينيين القادمين من العراق كما يخفي لاعب البوكر المحترف الورقة البيضاء الرابحة من طاولة اللعب لليوم الأسود ؟!!! أم أن الدول الخليجية من الصعب عليها استقبال لاجئ فلسطيني من العراق لأن هموم الأمة الإسلامية فوق رأسها وقد يضر وجودهم بالبوارج الأمريكية ، كما أن حجمها كبير ولا مجال للضيوف الجدد ؟!!! .

وهل تعلم بأن قطر قد منحت الجنسية لثلاث لاعبين لكرة القدم أجانب ليتمكنوا من اللعب ضمن فريقها !!! فعلى جميع الفلسطينيين الذين يريدون دخول الدول العربية لاسيما قطر تشجيع أبنائهم وحثهم وتعليمهم كرة القدم حتى يصبحوا من أصحاب الجنسيات !!! ثم ماذا يضير الفلسطيني الذي يقطن الصحراء الآن فهو أفضل حالا بقليل من الأمريكي فهو في قاعدة في الصحراء في قطر !!! عذرا أيها العرب خصوصا الخليج فأسعار النفط أنستكم إسلامكم وعروبتكم  وكذلك البورصات .

أما مصر فإنها تخاف على عذرية أم الدنيا من المهاجرين الجدد وثمانين مليون مصري من الخطر وأن يصبحوا وكم ألف من الفلسطينيين قد يعملون أزمة في الخبز !!!ثم قد يزاحم هؤلاء السواح اليهود الذين يسرحون ويمرحون في مصر ولن ننسى الأردن التي وقفت موقف المتفرج على الفلسطينيين في مخيم الرويشد وتمنع منعا باتا دخول أي فلسطيني إليها !!!.

أما اليهود فلا عتب عليهم لأنهم أصبحوا بمثابة طلقة الرحمة لفلسطينيي الداخل لو أردنا حساب الأمور بحسب نظرية رياضيات فهكذا تكون المعادلة .يقول نهاد : وأخيرا وليس آخرا اتصلت بزوجتي مؤخرا وقلت لها أن تصبر فقالت : إن شاء الله نصبر ، لكن برد الصحراء صبرنا عليه فكيف بالصيف ؟! فمن الممكن أن نحتمي من الشمس لكن كيف بالعقارب والأفاعي والحردان ؟!!! إذا إلى الجحيم أيها الفلسطيني حتى الصحراء ترفضنا لأنها مسيسة بعقاربها وأفاعيها وجرذانها ضدنا ... حتى وصل الحال بنا أن نكون من الأقليات التي اضطهدت والمليار مسلم والعرب يتفرجون علينا وعلى محرقتنا التي أصبحت محرقة عصرية وقد يصح عليها لفظ ( محرقة ديجيتال ) لأننا غي عصر العولمة في كل شيء إلا في مأساتنا !!!.

ويختم نهاد تلك القصة المؤلمة وهذا الجرح النازف بكلمات موجهة لزوجته في تلك الصحراء القاحلة بعنوان ( عروس الصحراء ) فيقول :

ثوري وانتفضي مولاتي وانفضي عنكِ غبارك

ثوري ولا تستنجدي وابني لك في الرمال وطن

وحيكي من خيوط خيمتك علم

وكساءا تسترين به عورات أهل الذمم

وقدمي الطفلة قربانا لهم

واصنعي من عظامها سورا وقلم

تخطين به للتاريخ وقت وزمن

واجمعي من بالصحراء كلابا وعقاربا

واجعليهم من أخبار الأمم