سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها ج5 " في غمار حرب فلسطين 1948م و مؤامرة الهدنة "- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 6658
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها  ج5 " في غمار حرب فلسطين 1948م و مؤامرة الهدنة "- رشيد جبر الأسعد
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها ج5 " في غمار حرب فلسطين 1948م و مؤامرة الهدنة "- رشيد جبر الأسعد

ج5: في غمار حرب فلسطين 1948م و مؤامرة الهدنة 

(و كانت الهدنة في صالحنا فاستعددنا و جلبنا الأسلحة و العتاد و المتطوعين و المحاربين من الخارج) (من تصريحات مناحيم بيغن[1] قائد مذبحة دير ياسين .)

    في معارك حرب فلسطين 1948م التي خاضها بأمانة و شرف و شجاعة المواطن الفلسطيني ، و الإنسان الفلسطيني ، خاضها الجندي العربي و الضابط العربي و المتطوعون العرب و المسلمون خاضوها بشرف و بسالة و شجاعة منقطعة النظير ، كان الصهاينة يمارسون ألاعيبهم السياسية من خلف الكواليس ، من خلف الستار و داخل الدهاليز  المظلمة ، فهم وراء عقد الهدنة الاولى ، و هم ايضاً كانوا يعملون على جمع قواهم و جلب و شراء السلاح ، جلب أسلحة حديثة و معدات  و طائرات من الخارج بعد ان كان سلاحهم محدود و معين من حيث الكم و النوعية انه سلاح حديث في كل المقاييس .. اجل كان لدى الصهاينة أسلحة حديثة و كثيرة و ثقيلة .. كلها سخروها في المعركة و استفادوا من الهدنة الأولى و الثانية و استغلوها أيما استغلال ..

   (  كان سلاح اليهود لا في القرى وحدها بل في جميع ميادين القتال ، من حيث الكم و الكيف يدعو للهزأ و السخرية [2] و ما كان لديهم طائرات قتال ، حتى و لا للنقل اما الان و قد قبلت الهدنة و تبدل الوضع فقد استحضروا من السلاح مقادير كبيرة ، معظمه من تشيكوسلوفاكيا .. و راحت الطائرات تطير بانتظام بين براغ و عاقر تحمل السلاح من جميع الأنواع  : بنادق و مدافع و اعتده و دبابات و أتوا من الولايات المتحدة[3] و إقلاع الطائرة من انكلترا بالطائرات المقاتلة و من سائر اوربا بالصواريخ  و القنابل الثقيلة و الرشاشات الألمانية من طراز برن ، و المدافع القوسية ( مورتر ) من عيار ( 6 ) بوصات ، و المدافع الاعتيادية من عيار( 75 ) مليمتر ، و من مدافع الهاون من عيار (3) بوصات ..)[4]

و غيرها من الاسلحة الثقيلة و الخفيفة الحديثة و معدات حربية اخرى .

  يضيف المؤرخ عارف العارف على استفادة و استغلال عصابات الصهاينة من الاستعداد و تجميع قواهم و جلب الاسلحة التي حصلوا عليها جراء الهدنة :

( و لقد قاموا اثناء الهدنة الأولى بإعمال من شأنها ان تحسن موقفهم العسكري منها :  إنهم قاموا بهجمات متكررة على كافة القطاعات للحصول على معلومات عن القطاعات الحربية : مواضعها و مناعتها ، و كانت طائراتهم تقوم باستطلاعات مستمرة فوق هذه المدافع للغرض نفسه ، و تمكنوا من تصوير معظم هذه المدافع ، و معرفة تفاصيلها بدقة ، و يؤكد الأستاذ عارف العارف على قوة و صلابة المقاومة الفلسطينية الجهادية التي أبداها ابناء القرى الفلسطينية و منها على الأخص قرى جبع اجزم و عين غزال و الطيرة و غيرها .. التي قاومت مقاومة خلاقة مشرفة .. حتى سقطت أخيراً لفقدان عنصر تكافؤ القوى) .

  ( و قاموا بتطهير جيوب المقاومة الكائنة ضمن مناطقهم ، و تمكنوا من طرد سكانها بالقوة المسلحة الغاشمة بعد قصف جوي و بحري و مدفعي ارضي مستمر ..فقد هاجموا هذه القرى في 16 حزيران 1948م ( اي اثناء الهدنة )[5] و استمروا يقاتلون اهلها الى ان تغلبوا عليهم )[6]

لقد كذب بن غوريون واعوانه حينما قال انه يوجد عندنا فقط مدفع او مدفعين وننقلها من مكان الى اخر في المعارك جاءت الحقائق والوثائق تكذب هذه الادعاءات بل هناك وثيقة ادلى بها باحث وصحفي يهودي مطلع عمل مع بيغن وبن غوريون وغيرهم كشف فيها عن وجود وكثرة السلاح المنوع والثقيل الموجود بكثرة قبل ايار 1948م ، كتب المفكر والسياسي الهندي ( ر. ك . كرانجيا ) الذي قابل مسوؤلين عديدين منهم عبد الناصر قال هذا السياسي عن حقيقة ودور العصابات الصهيونية المسلحة وكثرة وكثافة السلاح المتوفر لدى عناصرها عكس ادعاءات بن غوريون واعوانة عن قلة السلاح في حرب فلسطين 1948م وكيف تدفق السلاح لعصابات اشتيرن و الارغون والهاجانا الارهابية المسلحة بفترة واشهر قبل ايار مما يدل على ان الادارة البريطانية وفرت لهم الفرصة والظروف لكي يحصلوا على السلاح ويصنعوه ويحسموا امرهم في حربهم وعدوانهم على العرب اذ جاء في هذا الباب ما ذكره كرانجيا :

( وقد روى الصحفي اليهودي جون كيمشة في كتابة ( الاعمدة السبعة المنهارة ) الصادر عام 1952م في نيويورك بأن قادة القوات الصهيونية قالوا لهم بأنهم استطاعوا ان يحصلوا قبل 15 ايار(مايو) 1948م على (10000)عشرة ألاف بندقية و (450) رشاشاً خفيفاً و (180) رشاشاً ثقيلاً و (670) مدفع هاون خفيف و(96) مدفع هاون ثقيل وبطاريتين من المدفعية ... وذكر كيمشه ان الزعماء اليهود قالوا له متفاخرين انهم صنعوا في مستعمراتهم نسبة كبرى من هذه الاسلحة . ) ولا ينسى الكاتب الصهيوني من الاشادة  بمساعدة الادارة البريطانية للعصابات الصهيونية المسلحة حين اضاف : ( ويدين الصهيونييون كذلك لبريطانية في تنظيم قوتهم العسكرية فقد انشأت الهاغانا ــ في ما بعد جيش الدفاع الاسرائيلي – في فلسطين عام 1930م بمساعدة الضابط البريطاني اورد ويفنت – الذي قتل في بورما اثناء الحرب الماضية وهو برتبة جنرال – وقد استطاعت الوكالة اليهودية قبيل التقسيم ان تجند لها (60) الف محارب تحت قيادة كثير من الضباط الاجانب المحترفين ( المرتزقه ) الذين جمعتهم من اقطار اوربا واستطاع عملاء الوكالة اليهودية ان يجمعوا لهذا الجيش كميات هائلة من الاسلحة الحديثة . )(1)

في يوميات سفاح دير ياسين ( منا حيم بيغن ) تطرق الى باخرة ( التلينا ) المحملة بالسلاح يفرد عدة صفحات انها حاولت الابحار والوصول الى تل ابيب او شاطئ فلسطين على ان لا يراها الانكليز او موظفو الامم المتحدة ، لقد رأها الانكليز ، ورأها موظفو الامم المحتده ولم يفعلوا شيئاً ضد الصهاينة والسفينة .. اذ  قال عن ابحارها ووصولها :

(ولكن القدر اراد غير ذلك . فقد كانت - التلينا –برجالها التسعمائة والخمسة ألاف بندقية وثلاثمأئة مدفع ابرن وخمس مصفحات مسلحة وغيرها من المعدات الحربية على اهبة الابحار منذ الاسبوع الثاني من حزيران 1948م ) (2) وبعد ايام من ابحار الباخرة- التلينا – وصلت الى العصابات الصهيونية على شاطئ فلسطين ، قال بيغن :

( ... وقد تحطمت – التلينا – ولكنها اعطت للشعب اليهودي 2000 الفي بندقية حديثة ، 250 مدفع برن ، و مدافع خفيفة واسلحة اخرى . وفي معركة اللد والرملة اعطت هذه الاسلحة نتائج رائعة وكانت عاملاً فعالاً في تقرير مصير حربنا مع الغزاة العرب .) (3)

    في كتاب او موسوعة عارف العارف التاريخية الوثائقية المعروفة ( النكبة ) و هي 7 أجزاء .. خصص منه الجزء الخامس للرسائل و الوثائق و عنوانه : ( النكبة – نكبة بيت المقدس و الفردوس المفقود / الجزء الخامس – ملاحق الكتاب ) جاء في صفحة (1056 ) تحت (عنوان الملحق العاشر) – الفردوس المفقود – أسماء المدن الفلسطينية الكبرى و الشهيرة و أسماء قراها التي سقطت معظمها بأيدي عصابات الصهاينة من جراء اتفاقيات الهدنة التي كانت لصالح الصهاينة .

    في صفحة (1059 ) التسلسل ط ، كتب :

( لقد خسر العرب حيفا كلها ، و مدنها و قراها و قد كان فيها مدينتان هما : حيفا و شفا عمرو ، و إحدى و أربعون قرية و اثنتي عشرة عشيرة .

[وقد تم ذكر تحت تسلسل [16] قرية اجزم ،و تسلسل [10] قرية جبع ،و تسلسل [27] قرية عين غزال ](4)

 

 

رشيد جبر الأسعد

كاتب فلسطيني

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] - موسى العلمي : عبرة فلسطين صفحة ( 28 ) . ( و المجرم السفاح بيغن هو الذي قاد مذبحة دير ياسين  )

[2] -  طبعاً سلاح مجاهدو فلسطين القليل و القديم و الممنوع و الصدأ ، و سلاح جيش الإنقاذ هو الذي يدعو للسخرية و الهزأ ، اما قول المؤرخ الفلسطيني عارف العارف ان تسليح الصهاينة من حيث الرداءة يدعو للسخرية و الهزأ هذا كان نسبياً في عام 1948 مقارنة مع إمكانيات و تسليح الجيوش العربية السبعة مجتمعة .. إننا لا ننسى و طيلة فترة الانتداب  ان معسكرات الانكليز و إمكانياتهم الاقتصادية و خبرتهم الحربية تحت تصرف عصابات الصهاينة  حين انخرطوا في الجيش البريطاني كشرطة بريطانية و كجيش بريطاني . . ثم عصابات يهودية مسلحة بإشراف الانتداب و رضاهم .. لذلك واكبوا كل سلاح حديث .. و متطور و فتاك بفضل تحالفهم مع الانكليز .. في إقامة مشروع الكيان الصهيوني ألاحتلالي الغاصب ..

[3] -  عارف العارف : النكبة ، ج 3 ، ص ( 561 ) ، حول تدفق الأسلحة على الصهاينة بعلم و موافقة الانكليز ذكر المؤرخ و الوزير السابق اكرم زعيتر : ( و تدفقت عليهم في فترة الهدنة من البحر و الجو ، من تشيكوسلوفاكيا و دول اوربا الشرقية و ايطاليا و روسيا و فرنسا و رومانيا و انكلترا و أمريكا  كميات عظيمة من الطائرات و القلاع الطائرة و المدافع و العتاد و الضباط و الجنود المدربين ، و كان هذا يجري على حين كانت أمريكا و انكلترا تطاردان كل مسعى عربي يجري في اوربا و أسيا من اجل التزود بالسلاح و تحبطانه بمختلف الوسائل الدبلوماسية و التهديدية ) راجع تفاصيل أكثر : اكرم زعيتير : القضية الفلسطينية ، صفحة ( 222 ).

[4] - عارف العارف ، النكبة ، ج 3 ، ص ( 562 ).

[5] - و هذه خرق فاضح للقانون الدولي و استغلال تآمري مكشوف للهدنة و دليل للألف مرة أن اليهود لا يراعون ميثاق و لا يحترمون عهد و لا ذمة ، و لا اتفاق هدنة و لا تهدئة كما اخبرنا القرآن الكريم بذلك عبر الكثير من الآيات الكريمة  .. و الله سبحانه خير الصادقين ..

[6] - عارف العارف : النكبة ، ج 3 ، ص (563 ) ، المصدر السابق