الناشطة التركية نيفين ايدن بعد زيارة التنف: ليس هناك منظرا سوى الرمال

بواسطة قراءة 3758
الناشطة التركية نيفين ايدن بعد زيارة التنف: ليس هناك منظرا سوى الرمال
الناشطة التركية نيفين ايدن بعد زيارة التنف: ليس هناك منظرا سوى الرمال

هي سيدة يصعب توصيفها بكلمات قليلة، فهي مربية من طراز فريد، وهي تعدّ أعمالاً تربوية وفنية موجّهة للأطفال، كما أنها ناشطة اجتماعية ونسائية، ومنخرطة في الحقل الإنساني على نطاق واسع يتجاوز حدود بلاد الأناضول، علاوة على مساهماتها العديدة في مجالات بنّاءة شتى.

إنها بإيجاز إنسانة تحمل قيماً إيجابية تبثّها في مجالات شتى، وهي تنتمي إلى الأمة وفلسطين بقدر ما تنتمي إلى وطنها تركيا.

عندما تتحدث السيدة التركية الفاضلة نيفين نسرين آيدن عن تجربتها فإنها لا بدّ وأن تستذكر الأمة، وعندما تستذكر الأمة فإنّ فلسطين ستبرز مباشرة في حديثها.

التقيناها لنكتشف فيها ارتباطاً وثيقاً بفلسطين، وحياة مبدعة ومفعمة بالحيوية والنشاط لأجل الأمة ولأجل فلسطين. وتؤكد نيفين نسرين آيدن أنّ "فلسطين تحتلّ مكانة خاصة في قلبي دائماً، واعتقد أنّ لها مكانة خاصة لدى الغالبية العظمى من الشعب التركي".

وتشرح آيدن أنّ "وعيي للمسألة الفلسطينية تشكّل بعد قيامنا بجولة تفقدية لأحوال مخيمات اللاجئين"، مضيفة "أعتقد أنني فهمت الجوهر الحقيقي القضية الفلسطينية بشكل أفضل بعد هذه الجولة. القضية الفلسطينية هي قضية تنوء بحملها الجبال"، على حد تعبيرها.

وترى الناشطة التركية أنّ الفلسطينيين قد "نجحوا في الإبقاء على أمل العودة إلى ديارهم قائماً على مدى ثلاثة أجيال. هم يقولون: مضت ستون سنة وها نحن قد اقتربنا قليلاً من العودة إلى الوطن". وشددت آيدن على أنّ "الشعب الفلسطيني لا يناضل باسمه فقط؛ بل إنه يناضل باسم الأمة كلها. هو يحمي استانبول بحمايته للقدس. فالقدس ليست بعيدة عن استانبول بالقدر الذي نظنه.

لذلك دعمنا لهم يعني دعمنا و حمايتنا لأنفسنا في نفس الوقت". وساقت نيفين نسرين آيدين، في سياق الحوار، بعض التصوّرات والمقترحات لتطوير العمل من أجل فلسطين، وكان من بينها اقتراح لافت جاء فيه "أن تضع الشركات السياحية (العربية والتركية) زيارات لبعض مخيمات اللاجئين على جدول جولاتها في سورية.

الناس الذين يفضلون الذهاب إلى سورية وليس إلى البلدان الغربية هم بشكل عام من المحافظين، ومن الممكن أن يفضل الكثير من الأشخاص جولة يتضمّن برنامجها زيارة لمخيم للاجئين الفلسطينيين".

واعتبرت آيدن أنّ "خطوة كهذه تساهم في تطوير العلاقات بين الشعبين التركي والفلسطيني، وتشكل شعاع أمان وأمل بالنسبة للمقيمين في مخيم اللاجئين. أما الأتراك الذين يذهبون إلى هناك فسيتعرفون على أبعاد للحياة لم يعهدوها وسيصلحون من تصرفاتهم"، على حد تقديرها.

مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، التقى السيدة نيفين نسرين آيدن وأجرى معها حواراً كان لابد لفلسطين أن تحضر فيه بقوّة، فكان هذا اللقاء ..

عن نيفين آيدن .. وعن فلسطين

ـ هل لكِ أن تعرّفينا بنفسكِ بشكل مختصر؟.نيفين نسرين آيدن: أنا أُعِدّ أعمالاً دينية تربوية للأطفال تحت اسم "نادي القلوب الصغيرة للأطفال".

كما أنني كاتبة وملحِّنة كلمات فرقة "القلوب الصغيرة"، وهي أول فرقة أناشيد دينية للأطفال، ومخرجة الأناشيد والكليب.

وأنا أيضاً مربية من "مجموعة المرأة وتربية المجتمع". وعلاوة على ذلك أنا عضو في جمعية "مظلوم-در"، ومتطوعة في جمعية المساعدات الإنسانية وجمعية "ياردم إيلي" (يد المساعدة) . 

وما هو السبب في اهتمامكِ وحساسيتكِ تجاه المسألة الفلسطينية؟ وما هي العوامل التي تدعوكِ إلى بذل الجهود في هذا الخصوص؟ .نيفين نسرين آيدن: لقد اهتممتُ دائماً بالقضية الفلسطينية، وحاولتُ أن تكون لي مساهمات فيها.

ففلسطين تحتلّ مكانة خاصة في قلبي دائماً، واعتقد أنّ لها مكانة خاصة لدى الغالبية العظمى من الشعب التركي. يمكنني أن أعرِّف حبي لفلسطين بالمثال التالي: عند الحديث عن عبادة اليهود للعجل ترد في سورة البقرة الآية الكريمة (وأُشرِبوا في قلوبهم العجل).

 لقد أُشرِب في قلبي حبُّ فلسطين. أنا سعيدة جداً بهذا الحب، وأتمنى أن لا أفقده أبداً. لكن في الحقيقة وعيي للمسألة الفلسطينية تشكّل بعد قيامنا بجولة تفقدية لأحوال مخيمات اللاجئين.

أعتقد أنني فهمت الجوهر الحقيقي القضية الفلسطينية بشكل أفضل بعد هذه الجولة. القضية الفلسطينية هي قضية تنوء بحملها الجبال. إنه حقاً لامتحانٌ شديد أن يحيا المرء حياة المنفى ستين سنة في مخيمات اللاجئين أو أن يعيش تحت الحصار. إنها ليست قضية الفلسطينيين وحدهم. أنا أيضاً أتحمّل المسؤولية بالقدر نفسه الذي يتحمّله إخواننا الفلسطينيون. فكما يعيشون في كل لحظة منذ ستين عاماً على أمل العودة، وإصراراً عليها؛ ينبغي عليّ أنا أن أجعل المسألة نفسها دائماً في طليعة اهتماماتي.

 بعد جولة جمعية "ياردم إيلي" (في مخيمات اللاجئين) قمنا بزيارة للشيخ مصطفى إسلام أوغلو لنقل انطباعاتنا. وقد ذكر الشيخ آنذاك حديثاً شريفاً يدلّ على أنّ الناس المقيمين الآن في فلسطين لهم أجرٌ كبير عند الله، وأنهم سيُدخلون من يقدم المساعدة لهم الجنة. قال الشيخ "من المفيد تقديم المساعدة للفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم". أنا أيضاً أملك الأحاسيس نفسها.

أهداف وتطلّعات

ـ ما هي أهدافكم في الأعمال التي ستقومون بها من الآن فصاعداً من أجل فلسطين؟ .نيفين نسرين آيدن: أعمل حالياً مع جمعية "ياردم إيلي" على مشروع صحة الأم والطفل من المرأة التركية إلى المرأة الفلسطينية. كانت هناك في بيروت امرأة شابة اسمها نظمية لم تكن تستطيع الإنجاب وتعيش في مخيم نهر البارد في ظل ظروف عيش قاسية للغاية وتعاني مشكلات كبيرة. رافقتنا نظمية في قسم من جولتنا، وبينما كنّا على وشك الفراق همست في أذني "ادعي الله أن يرزقني ولداً". لقد أثّرت هذه الكلمات فيّ أيّما تأثير.

بعد أن عدت تحدثت مع السيد صادق رئيس جمعية "ياردم إيلي" من أجل إحضار هذه السيدة إلى استانبول ومساعدتها كي تستطيع الإنجاب. وفيما بعد حضر السيد وسام طه مدير تنمية الموارد في جمعية العائلة في بيروت إلى استانبول، في إطار "ليلة التآخي بين العائلات التركية والفلسطينية"، فحصلت على وعد منه بالقيام بالإجراءات اللازمة لتأمين التأشيرة، وأرسلتُ بريداً إلكترونياً بذلك للسيدة نظمية. سألتُها إن كانت تريد المجيء إلى استانبول من أجل العلاج. ولدى إجابتها بأنها ستكون هي وزوجها ممتنّة طوال حياتها لحصولها على مثل هذه الفرصة؛ تحدثتُ مع الدكتورة السيدة سارة داود أوغلو، وهي من أفضل طبيبات التوليد في جمعيتنا.

فلم تُبدِ أيّ تردّد ـ أثابها الله خيراً ـ ووعدت بأن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة. غايتي من ذلك هي جعل نظمية رمزاً، وبدء حملة مساعدة بخصوص صحة الأم والطفل من المرأة التركية إلى المرأة الفلسطينية. أريد الحصول على مدخول جيد، واستخدامه في التعاون مع منظمة أطباء حول العالم، من أجل القيام بأعمال صحية تكون مثمرة على الوجه الأفضل. ومن خلال ذلك نخطِّط لتأمين معدات طبية مستعملة من المستشفيات الخاصة وإرسالها إلى مستشفيات المخيمات الموجودة في دمشق وبيروت.

ولكوني امرأةً فمن الطبيعي أن يحتل الأطفال موقعاً مركزياً في الأعمال التي أريد القيام بها. ومن بين الأعمال التي نرغب بشدة في جمعية "ياردم إيلي" بالقيام بها؛ جعل مسألة التعذيب المطبق على الأطفال المسجونين في السجون الفلسطينية في طليعة اهتمامات الرأي العام العالمي.

كان هذا ما نعتبره أهم عمل بعد العودة من الجولة وأوّل ما كنا نرغب بالقيام به. لكننا لم نستطع التوصل للمعلومات التي نحن بحاجة إليها في هذا الخصوص. وعلاوة على ذلك بما أنّ هذا الموضوع لا يدخل مباشرة في نطاق عمل الجمعيات الخيرية؛ فإننا نعتقد أنه من الأفضل تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني برئاسة جمعية "مظلوم-در"، وأنه لا بد من القيام بذلك.

الناشطة التركية

ـ ما هي الانطباعات التي تشكّلت لديكِ من خلال الجولات التي قمتم بها في مخيمات اللاجئين؟

نيفين نسرين آيدن: لقد رأيتُ في هذه المخيمات قبل كل شيء كم هو من الصعب أن يكون المرء فلسطينياً. بينما كنا نتحدث للشيخ مصطفى إسلام أوغلو عن انطباعاتنا ذكرت بعض النواحي التي أحببتها والتي أعجبتني بشدة في الفلسطينيين. من جهته قدّم أفكاراً صحيحة ساعدت في جعل أفكاري في هذا الموضوع تتخذ المنحى الصحيح.

فقد قال "على الرغم من أنهم يتمتعون بمزايا جيدة جداً بالنسبة لك إلاّ أنه ليس من الواجب عليهم أن يكونوا كذلك.

فمجرد وجودهم، بل حسب الفرد منهم أن يقول أنا فلسطيني وهذا يغنيهم في آخرتهم". هناك الكثير من مغتربينا قد يخجلون بعد فترة قصيرة من قول "أنا تركي". لكنّ الفلسطينيين مستمرّون في قولهم "نحن فلسطينيون"، حتى ولو كان ثمن ذلك حياتهم.

لقد نجحوا (الفلسطينيون) في الإبقاء على أمل العودة إلى ديارهم قائماً على مدى ثلاثة أجيال. يقولون "مضت ستون سنة. ها نحن قد اقتربنا قليلاً من العودة إلى الوطن". هذه العزيمة والقدرة على المقاومة أشعلت فيّ الأمل.

لقد ذهبنا كي نزرع فيهم الأمل ونشدّ من أزرهم؛ فكانوا هم لنا مصدر الأمل والدعم المعنوي. منذ ذلك الحين عندما أواجه أي مشكلة حياتية أفكر كم هي تافهة بالمقارنة مع المشكلات التي يواجهونها وأحمد الله. لقد كانت هذه الجولة التي قمتُ بها في مخيمات اللاجئين نقطة تحوّل في حياتي. لقد أثارت فيّ عزماً كبيراً فسارعت من إيقاع عملي وزادت من قوّة تحملي في مواجهة المصاعب.

وبالإضافة إلى ذلك طبعاً حمّلتني مسؤولية كبيرة، لأنني رأيت الوضع بأمّ عيني ولم يعد لي من عذر بين يدي الله تعالى.

الناشطة التركية

كنّا نقوم في جمعية "ياردم إيلي" بحملة لتقديم حاجيات العيد للأطفال في مخيم التنف (على الحدود العراقية ـ السورية) من أجل عيد الفطر السعيد؛ وعندما تحدثت عن هذه الحملة قالت إحدى السيدات إنها لا توافق على تقديم المساعدات لأطفال البلدان الأخرى بينما هناك الكثير من الفقراء والأطفال الأيتام الأتراك. لكني أعتقد أنه من غير الممكن أن يكون هناك طفل تركي يعيش في الظروف الحياتية نفسها الموجودة في المناطق التي تقدم لها المساعدات ناهيك عن مخيم التنف.

تخيلوا أنكم تعيشون في الخيام بين جدارين وليس هناك أي منظر آخر عدا الرمال. امتلاء معدتكم تحت رحمة أهل الغرب.

لا مستقبل، لا ضمانات؛ ولا أي شيء تملكونه.

وعلاوة على ذلك؛ فهناك خُلُق الإيثار في الإسلام. فتفضيل المؤمن لأخيه على نفسه ولو كانت به خصاصة يُعتبر من الفضائل. فأنتم عبر المساعدات المرسلة إلى خارج البلاد تساهمون في دخول الناس إلى الإسلام أو في بقائهم عليه، وهذا ما يقول عنه النبي عليه الصلاة و السلام "خير من الدنيا وما فيها".

الناشطة التركية

كوني مربِّية؛ فإنّ من أهم المزايا التي أعجبتني في الإخوة الفلسطينيين هي اهتمامهم الشديد بالتربية. وقد أيّد السيد طارق حمود رئيس تجمّع العودة الفلسطيني "واجب" فكرتي هذه أثناء حديث لنا على هامش زيارته إلى اسطنبول من أجل مشروع التآخي بين العائلات.

وفقاً لنتيجة استطلاع أجرته جمعية أمريكية فإنّ نسبة التعليم العالي لدى الفلسطينيين أعلى من المتوسط. يقول طارق حمود إنّ الفلسطينيين لا يفقدون رغبتهم في الدراسة حتى ولو علموا أنهم في النهاية لن يمارسوا المهنة التي اكتسبوها نتيجة تحصيلهم الدراسي. فمثلاً لا يمارس الفلسطينيون مهنهم (التي تأهّلوا لها) في لبنان بل يعملون في أتفه الأعمال. وعلى الرغم من أنّ مليون فلسطيني يعيشون في سورية البالغ عدد سكانها 20 مليون فإنّ 40 في المائة من الناجحين في امتحان الثانوية العامة هم من الفلسطينيين، كما يدرّس مائة أستاذ فلسطيني في جامعة دمشق. عندما نشرت إحدى الصحف البارزة انطباعاتي بخصوص مخيمات اللاجئين استخدمت كلمة لم استخدمها أنا ،ربما لزيادة التأثير حسبما اعتقد، فوضعت عنوان "اللاجئون الفلسطينيون يعيشون في تخلّف". نعم هناك فقر في المخيمات؛ لكن فيما عدا أسوأ حالات التأخر العقلي والإعاقات فليس هناك تخلّف. التخلّف هو مزيج من الجهل والفقر. الإنسان المتعلم المؤدب ليس متخلفاً مهما كان فقيراً.

الناس الذين رأيتُهم في المخيمات كانوا فقراء لكن لم يكونوا متخلفين. حتى في الأماكن التي لا يوجد فيها الماء كانوا على أتم درجة من النظافة والعناية والهندام.

على الرغم من الفقر ونقل المياه في صهاريج صغيرة جداً إلاّ أنّ بيوتهم غاية في النظافة والترتيب. إخوتنا العاملون في الجمعيات التي زرناها كان لملابسهم المكوية بعناية وملابس الفتيات الجميلة في دورة تعليم القرآن التابعة لـ"حماس" ولطفهن ونضجهن أكبر الأثر على نظرتي للحياة. 

هل هناك ذكرى معينة بقيت لديكم من المخيمات؟

نيفين نسرين آيدن: أثناء الجولة كانت هناك الكثير من الذكريات التي تركت أثراً في نفسي، والتي يسعدني استرجاعها. لست أنا وحدي بل إنّ جميع أفراد الفريق المؤلف من ثمانية عشر شخصاً نذكر بحبّ كل لحظة من لحظات الجولة. وسأحدثكم عن واحدة من هذه الذكريات.

بينما كنّا نتجول في أحد أزقة المخيم التي تشبه المتاهة؛ قمنا بتوزيع أغطية الرأس على السيدات اللواتي صادفناهن واللواتي جلسن يتبادلن أطراف الحديث أمام منازلهن عند المساء، كما هو الحال تماماً في بلدات الأناضول. مسحت السيدات وجوههن بأغطية الرأس التي أخذنها بحماس وبكين وهنّ يقلن "اسطنبول، اسطنبول".

وبعد زيارتنا لعائلة فقيرة مررنا مجدداً من الطريق نفسها. كانت هناك سيدة عجوز تجلس وراء نافذة وهي تضع غطاء الرأس الذي وزّعناه فوق غطاء رأسها، لفت انتباهي وجهها المحبّب فتوجهت إليها و أمسكت يدها. قالت لي " I love you ". لشدّ ما أذهلني كلام السيدة العجوز باللغة الإنكليزية آنذاك.

ولم أعرف أبالإنكليزية أجيبها أم بالعربية. إزاء صمتي عيل صبر السيدة العجوز فسألت " Do you love me ? " (هل أنت أيضا تحبينني؟).

انهمرت الدموع من عيني وانطلق لساني يصرح بكل عبارات الحب التي أعرفها. وبعد ذلك أخرجها ابنها وزوجته إلى أمام الباب وهناك تعانقنا.

رؤى لتطوير العمل من أجل فلسطين

ـ ما هي النصائح التي توجهينها لمن يريدون تقديم الدعم لنضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والمساعدة للفلسطينيين المظلومين؟ .نيفين نسرين آيدن: أعتقد أنّ ما قمتُ به من أجل فلسطين يُعتبر شيئاً لا يُذكر في مقابل من يتوجّب عليّ فعله. لذلك لا أرى نفسي أهلاً لإرسال رسالة للناس في هذا الخصوص، ولكن من خبرتي المتواضعة يمكنني تقديم بعض النصائح.

أولاً؛ ليعلم الجميع أنّ الشعب الفلسطيني يستحق كل ما هو خير، وهو عبرة وقدوة تحتذى، ومفخرة للأمة أجمع. من الطبيعي أنّ الحرب الأهلية والنزاعات القائمة فيما بينهم تزعجنا وتؤذينا.

إننا لا نتحمل الأخبار المؤلمة التي تأتينا عن أفاعيل "إسرائيل"؛ لكن الأخبار الواردة عن الاشتباكات التي تقع بين "حماس" و"فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية تجرحنا في الصميم وتغضبنا وتسئمنا. عندما تنشب الفتنة من الصعب إخمادها.

أعتقد أنّ أصعب ما في امتحان الفلسطينيين هو هذه النزاعات الداخلية. الشعب الفلسطيني لا يناضل باسمه فقط؛ بل إنه يناضل باسم الأمة كلها. هو يحمي اسطنبول بحمايته للقدس. فالقدس ليست بعيدة عن اسطنبول بالقدر الذي نظنّه. لذلك دعمنا لهم يعني دعمنا وحمايتنا لأنفسنا في الوقت نفسه. خلال الجولة أيضاً أدركت أنّ عيون المسلمين في الكثير من بقاع الأرض وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني ترنو إلى تركيا. فالفلسطينيون يعتبرون أنّ الأتراك هم أصحاب القضية الفلسطينية الحقيقيون.

خلال برنامج التآخي بين العائلات قال طارق حمود "اليوم هو يوم تاريخي بالنسبة لنا. مشروع التآخي بين العائلات مشروع مهم جداً. لا شيء يمكن أن يفرح الفلسطيني أكثر من أن يعلم أنّ له عائلة ثانية في تركيا". ومن المهم جداً لمن يريد تقديم الدعم للقضية الفلسطينية أن يدرك أهميتها بالنسبة للفلسطيني. وبعد ذلك كما يتوارثون النضال جيلاً بعد جيل يجب علينا أن نخصِّص قبل كل شيء مكانا محدداً لهذه القضية على أجندتنا وأن نعرِّفها لمن لا يعرفونها، وأن نجعل لها نصيباً من دعائنا ومساعداتنا.

 ويمكن اعتبار يوم القدس في الأسبوع الأخير من شهر رمضان وسيلة للتعريف بالقضية الفلسطينية للشباب على وجه الخصوص. فمثلا يوم السبت (الموافق لـ 27 أيلول) كان هناك برنامج يوم القدس تقيمه شعبة جمعية "أوزغور-در" في بيكوز في مركز بيكوز الثقافي.

في بيتنا زاوية مخصصة لفلسطين. وفي المدرسة الصيفية أعددنا زاوية لفلسطين. وتشكل فلسطين – القدس – المسجد الأقصى أحد محاور حديثنا. يتوجب على المربِّين أيضاً بذل الجهود من أجل نقل المسألة الفلسطينية إلى الأجيال الجديدة. وليكن من يريدون تقديم الدعم للقضية على ثقة تامة بأنهم سيأخذون أضعاف ما يعطون. في الجولة التي قمنا بها أخذنا أكثر بكثير مما أعطينا. بعد جولة جمعية "ياردم إيلي" قمنا بزيارة للشيخ مصطفى إسلام أوغلو لنقل انطباعاتنا. وقد ذكر الشيخ آنئذ حديثاً شريفاً يدل على أنّ الناس المقيمين الآن في فلسطين لهم أجر كبير عند الله و أنهم سيُدخلون من يقدم المساعدة لهم الجنة. قال الشيخ "من المفيد تقديم المساعدة للفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم". أنا أيضا أملك الأحاسيس نفسها.

 وأعتقد أيضاً أنه يتوجب على النساء أن يتخذن مواقعهن في الجمعيات الخيرية دون النظر إلى صعوبة العمل أو سهولته. القائمون على المعونات بشكل عام هم من الرجال، ولذلك فمن الطبيعي أن يسيِّروها من وجهة نظرهم هم. غير أنّ ما يعتبره الرجل دون أهمية وحسب منطقه تفصيلاً تافهاً قد يحمل أهمية كبرى بالنسبة للمرأة. أعتقد أنه يتوجب على النساء المشاركة في كافة الأعمال وإبراز وجهات نظرهن من خلالها وإتمام نواقصها، بحيث يمكن الحصول على نتائج مثمرة بشكل أفضل. وختاماً أقترح أن تضع الشركات السياحية زيارات لبعض مخيمات اللاجئين على جدول جولاتها في سورية. الناس الذين يفضلون الذهاب إلى سورية وليس إلى البلدان الغربية هم بشكل عام من المحافظين، ومن الممكن أن يفضل الكثير من الأشخاص جولة يتضمّن برنامجها زيارة لمخيم للاجئين الفلسطينيين. خطوة كهذه تساهم في تطوير العلاقات بين الشعبين التركي والفلسطيني، وتشكل شعاع أمان وأمل بالنسبة للمقيمين في مخيم اللاجئين. أما الأتراك الذين يذهبون إلى هناك فسيتعرفون على أبعاد للحياة لم يعهدوها وسيصلحون من تصرفاتهم .

1/10/2008