تقول أمل صقر - وهي إعلامية فلسطينية تعيش في العراق
منذ عقود، وتسعى للحصول على جنسيته - إن مخاوف "مجلس النواب" العراقي
بشأن منح الجنسية للاجئين من دول أخرى "غير مبررة"، وهذا التزام دولي
على الدولة العراقية.
وتُعلق صقر على رفض "المجلس" "قانون
اللاجئين" وإعادته للحكومة بأن "لدينا مخاوف من ألا يشملنا القانون
بالتجنيس. نحن سُجنا داخل حدود لا يُسمح لنا بالتحرك، ولا نستطيع السفر. أتمنى أن
يتيح القانون لنا التجنيس في العراق".
رفض كامل
وقبل أيام، رفض "مجلس النواب" العراقي مسودة
مشروع "قانون اللاجئين"، ولم يطلب "المجلس" التعديل عليه من
قبل "اللجان البرلمانية" المختصة، بل رفضه بشكل كامل وأعاده للحكومة، في
مؤشر على عدم وجود الرغبة في "تشريعه".
وتنص المادة (14) من مسودة مشروع القانون على أن
"للوزير احتساب مدة اللجوء التي يقضيها اللاجئ في جمهورية العراق التي تزيد
على 10 سنوات إقامة متصلة لأغراض التجنيس بالجنسية العراقية ويعد قبول لجوئه دخولا
مشروعا إلى العراق".
قانون ملغم
وتؤيد "عضو البرلمان" عالية نصيف رفض الفقرة
التي تسمح بتجنيس غير العراقيين، وتعتبر هذا القانون "ملغما"، وليس في
صالح العراقيين، وتؤكد أنه سيُرفض بصيغته هذه.
وتقول للجزيرة نت إن "من الأولى أن نهتم
بالعراقيين، ونوفر لهم فرص العمل ومستقبلا يليق بهم، فموضوع تجنيس غير العراقيين
له آثار سلبية مستقبلا ستؤثر على حياة المجتمع العراقي، ونجاحه في أوروبا لا يعني
نجاحه في العراق أو أنه سينفعنا، على العكس سيضر مجتمعنا".
وتضيف أن "مشروع القانون بصيغته الحالية يُهدد
السلم المجتمعي والنسيج الاجتماعي، ولن تكون له أي نتائج إيجابية لصالح العراق
والعراقيين".
ومن المعروف أن العراقيين يطلبون اللجوء في دول أخرى،
مثل أميركا وأوروبا وكندا وأستراليا، لكن لم يُعرف عن العراق أنه بلد يُعطي اللجوء
نتيجة للظروف التي يمر بها منذ نحو 40 عاما، بدءا من الحرب العراقية الإيرانية،
مرورا بغزو الكويت، ووصولا إلى أوضاعه الحالية.
ومع ذلك، سعى مجلس الوزراء العراقي السابق إلى "تشريع
قانون" يسمح باللجوء في العراق، لكن هناك "مخاوف" من استغلال فقرة
التجنيس فيه لأغراض سياسية، وهو ما دفع أغلب الأعضاء إلى إعادته للحكومة، في
محاولة لمنع "تشريعه".
مخاوف السياسيين
يقول عضو مفوضية "حقوق الإنسان" في العراق
(مؤسسة مرتبطة بـ"البرلمان") أنس العزاوي للجزيرة نت إن أحد المخاوف هو
منح الجنسية. ويضيف أن بعض السياسيين يخافون مزاحمة بعض الحاصلين على الجنسية
العراقية، وتأثير ثقافة مجتمعات أخرى، ومن ثم يصبحون منافسين لهم في العمل
السياسي، وهو تخوف يأتي من سياسيين حصلوا على جنسيات دول أخرى في أوقات سابقة
وكانوا فيها لاجئين هناك.
عدد كبير من السياسيين العراقيين -منهم رئيس الوزراء
مصطفى الكاظمي، و"رئيس الجمهورية" برهم صالح، ورؤساء الحكومات و"الجمهورية"
منذ عام 2003 وحتى الآن- كانوا لاجئين في دول أخرى، وحصل بعضهم على جنسيات تلك
الدول، ومن بينهم أغلب وزراء الحكومات العراقية أيضا، بمن فيهم وزير المالية علي "عبد
الأمير" علاوي الذي يحمل الجنسية البريطانية.
وتشترط مسودة القانون على طالبي اللجوء من "جمهورية"
العراق عدم التورط في "الأعمال الإرهابية"، أو ارتكاب جرائم دولية أو
ممارسة أي نشاط سياسي ضد العراق.
وحسب مصدر حكومي عراقي تحدث للجزيرة نت، فإن "هناك
طلبات لجوء قُدمت للحكومة العراقية في السنوات العشر الأخيرة، من باكستان والبحرين
وسوريا، وكذلك من إيران وأفغانستان".
ويضيف المصدر أن "أغلب طلبات اللجوء تأتي من "الدارسين
في مدينة النجف"، الذين يرغبون في البقاء بالمدينة لـ"إكمال دراساتهم"
والحصول على الجنسية العراقية، لكن الحكومة العراقية لم تبت في تلك الطلبات".
وتبقى مخاوف السياسيين العراقيين من منح الجنسية لأشخاص
غير عراقيين العامل الأساسي في منع تشريع هذا القانون، فما زالت الثقافة العامة في
العراق تخشى "الغريب"، وتُفكر بنظرية المؤامرة من احتمال استغلال
"الجنسية" سياسيًّا.
المصدر : الجزيرة
11/5/1442
26/12/2020