لقد اصدرت
وزارة الداخلية في كل من مصر ولبنان والعراق وسوريا
وثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين لا تصلح للسفر أو حتى المرور في أي قطر عربي
باستثناء سوريا. حتى جاءت السلطة الفلسطينية وأصدرت جواز السفر الفلسطيني، فانتعش
الفلسطينيون المسجلون في الضفة الغربية وقطاع غزة من حملة الهوية الصادرة عن
الإدارة المدنية "الإسرائيلية"، ليظل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان
ومصر وسوريا والعراق وكل بقاع
الأرض محرومين من الحصول على جواز السفر الفلسطيني لعدم امتلاكهم تلك الهوية.
وثيقة
السفر للاجئ الفلسطيني سواء السورية، اللبنانية، العراقية، او المصرية، "وثيقة أصدرتها تلك الدول للاجئين الفلسطينيين على أراضيها لتسهل لهم اجراءات
السفر من دولة لأخرى"، لكن صعوبات السفر للاجئ الفلسطيني تزايدت وارتفعت
وتيرتها في كثير من دول العالم التي لا تعترف بالوثيقة "وبالتالي ترفض
إدخاله، حسب المناخ السياسي في كل دولة فمنهم من يسمح ومنهم من يمنع ومنهم من يسمح
لفترة ويمنع لفترة" مما يدل بما لا يدع مجالا للشك على ان الامر مرتبط
بالقرار السياسي.
الاشقاء
الليبيون بعد الربيع العربي طبعا (حكومة الثورة) عدلت قبل مدة قوائم الجنسيات
الممنوعة من دخول ليبيا وسمحت لجميع الجنسيات العربية بالدخول الى اراضيها ماعدا
الفلسطينيين، "فقد نسوا انهم عرب ومنعوهم من دخول اراضيهم، والانكى من ذلك
لانهم حكومة إسلامية عادلة سرى المنع على الفلسطيني من حملة الجواز والوثيقة لمنع
الحساسية بين كل ما هو فلسطيني، وهذا مدعاة لجعل كل فلسطيني يتفائل بالربيع العربي،
في حين الواقع سيجعلنا نبكي على ايام الشتاء العربي". ناهيك عن وضع الفلسطيني
على الحدود بين ليبيا ومصر، على قاعدة (ستي) رحمها الله ( صحيح لا تقسم ومقسوم لا توكل
وكول لتشبع).
لقد شعر
الفلسطينيون بتفاؤل كبير بعد زوال حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك واستبشروا
خيرا أن القادم الجديد سيكون أفضل وأن وضع المعابر سيتغير إلى الأفضل وأن المعاناة
ستنهي وتحل البسمة بدل الكشرة، ولكن بعد مرور أكثر من عام ونيف على الحكم "الديمقراطي"
تبخر هذا التفاؤل، "حتى قال الفلسطينيون في صدورهم ( راح مبارك جاء المرسي هو
هو نفس الكرسي)"، "فضابط المخابرات في المعابر والحدود هو نفسه قد تغير
شكله ولكن لم يتغير فكره أو ثقافته، وضابط أمن الدولة تغير فيه اسمه ليصبح ضابط
الدفاع الوطني، أما الفكر والثقافة والسلوك فظلت كما هي وهذه هي الأجدر لأن تتغير
وتتبدل."
اكثر ما يعانيه الفلسطينيون حملة وثائق السفر الى جانب منعهم من دخول دول
النفط في الخليج العربي هو اثناء مرورهم عبر الأراضي المصرية ومنها إلى أي بلد
آخر، فانه لا يجد إلا الازدراء والقسوة، أهذه هي أخلاق العرب والمسلمين معا ؟!.
هناك قصص
كثيرة عن الفلسطينيين المارين من مصر او لبنان وغيرهما إلى بلدان أخرى ليس فقط من
حملة وثيقة سفر، بل وحملة جواز سفر السلطة الفلسطينية، إذ معظم الدول التي تمنع
صاحب الوثيقة من الدخول تمنعهم كذلك.
ولكأن
الفلسطيني لم يكن ينقصه الا قرار عربي آخر يحمي له فلسطينيته، فجاء تجديد القرار
الاردني الاخير القاضي بعدم السماح للفلسطينيين من حملة الوثائق السورية بالدخول
إلى أراضي المملكة منذ بدء الصراع في سورية ولغاية الآن، ليزيد من معاناة
الفلسطيني اللاجئ اولا واخيرا. وقد شددت الحكومة الأردنية على تمسكها بالقرار الذي
وصفته "بالاستراتيجي".
"مسؤول في وزارة الداخلية الاردنية: انه لا تغيير
على سياسة الحكومة ولا تغيير على القرار القاضي بعدم إدخال أي فلسطيني من حملة
الوثائق السورية أو غير السورية إلى أراضي المملكة وذلك لمحاربة مشروعات
"الوطن البديل" و"التوطين" وغيرها. وأكد المصدر أن القرار متخذ
من مجلس الأمن القومي أعلى هيئة أردنية، إضافة إلى وجود تفاهمات مع كافة الأطراف
المعنية سواء القيادة الفلسطينية أو المنظمات الدولية والدول المعنية بالقضية
الفلسطينية."
هذه
التفاهمات مرتبطة بقرار الجامعة العربية عام 1955 بمنع الدول العربية من السماح
بالجمع بين جنسيتين عربيتين، وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجئ الفلسطيني حفاظا
على هويته، لذا لم تعط سوريا ولبنان والعراق الجنسية
للاجئين الفلسطينيين لتلافي توطينهم وإغلاق ملف قضية اللاجئين بالتالي. لذلك كانت
وثائق السفر من سوريا ولبنان ومصر والعراق. ومن بين
هذه الوثائق حظيت الوثيقة السورية بالصدارة كونها منحت بعض الامتيازات لحاملها
أكثر من الوثيقة اللبنانية والمصرية. فحامل الوثيقة السورية له حق العودة إلى
سوريا دون تأشيرة عودة، على عكس وثيقة السفر الممنوحة للفلسطينيين من قبل مصر
والتي لا تخول صاحبها العودة إلى مصر دون تأشيرة ، وكذلك وثيقة السفر الممنوحة من
لبنان والتي أصبح على حاملها ضرورة الحصول على تأشيرة عودة أو وضع تأشيرة ذهاب
وعودة قبل السفر من لبنان إلى خارجه.
الان في
ظل "الربيع العربي" وبشكل عام اضحى سفر وتنقل حملة الوثائق بين الدول
أمرا صعبا للغاية وممنوعا في كثير من الأحيان خشية أن يستوطن اللاجئ الفلسطيني
الدول المضيفة ولا يخرج منها. ويستطيع كل من يحمل وثيقة فلسطينية أن يقر بهذه
الصعوبة في السفر ويروي الحكايات العجيبة عن صعوبات السفر، وروى بعض الفلسطينيين
ان هناك عزوفا كبير عن تزويج البنات من الشباب حملة الوثائق بسبب المعاناة والمعوقات
والمشاكل التي تواجه حياتهما فيما بعد.
"الى متى يا عرب تمنعوننا من دخول اراضيكم وانتم
من منحنا هذه الوثيقة وزعمتم اننا نستطيع السفر ؟.
لماذا
حولتم هديتكم الى قيد يفرقنا عن باقي البشر ؟".
اختم
بكلمة الى قادة شعبي في الفصائل الفلسطينية والمنظمة والسلطة في رام الله :
القاصي
والداني يدرك جيدا ان ثمة مؤامرة كونية على الفلسطينيين، فالحالة الفلسطينية في
مشهد الربيع العربي تدفع للشك في ان المشكلة ليست في كلمة جواز او كلمة وثيقة،
وانما في كلمة "فلسطيني". هذه السمة تلاحق اللاجئين الفلسطينيين الان
اينما حلوا، بدليل واقع المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان وغيرهما.
قبل اوسلو
والانقسام والربيع العربي كان الفلسطيني يلقى كل ترحاب ومعاملة حسنة في كل اقطار
العروبة، واليوم وجد الفلسطيني نفسه (مسجل خطر) في الموانئ والحدود والمطارات
العربية، وما عاد يؤمن لا بقادة ولا فصائل ، ولا بأمة العرب والمسلمين. بضعفكم وعجزكم حتى بتأمين
مروره او سفره او ايوائه وهو ابن اعدل قضية في التاريخ القديم والمعاصر.
يا "سادة"
شعبنا .. ضاقت عليكم، وحين تضيق الارض، فقد آن للضيوف ان يرحلوا.
*اعلامي فلسطيني.
29/6/2013
المصدر : صفحة فلسطين ثورة
النصر أو "الشهادة"
30/6/2013