في الخمسينات من القرن الماضي كان قسم من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في منطقة يقال لها (الزوراء) وهي وسط بغداد بالقرب من شارع السعدون وكانوا يعيشون في بيوت من كارتون أو قماش ويفصل بين البيت والبيت إن جاز التعبير خرقة قماش لا تكاد تستر العورات وكان للفلسطينيين جيران من الأرمن وكانت إحدى الجارات تدعى بياتريس وكانت تقول لبيت جدي ما بال النساء الفلسطينيات يلبسن الذهب والأساور في رقابهن وأيديهن وهن يعشن في هذا الحال ألا تخشون كره العراقيين لكم وحقدهم عليكم وهم يعيشون قسم منهم في الصرائف أي بيوت الطين ألا تريننا نحن الأرمن نملك الأموال والذهب ونحن مثلكم هجرنا من بلادنا وبيوتنا وأراضينا ولكننا لا نلبس الذهب مثلكم لكي تبقى الشعوب تتعاطف معنا وبالفعل حقق الأرمن ما يريدون وحصلوا على جنسية البلاد التي كانوا فيها وكانت لهم نواديهم الخاصة بهم وحافظوا على لغتهم وتراثهم وأصبحوا وزراء وقادة أحزاب وأخيرا حقق الأرمن تحرير بلادهم ولم يقدموا ولو واحد بالمليون من التضحيات التي قدمناها وبعد المصيبة الكبرى في عام 2003 في العراق وفتح الله على الناس أرض قبرص وأراضي عدة وبدأت الناس تصل إلى قبرص من كل كل مكان وهم يدعون ويستغيثون اللهم نجنا وارحمنا وانصرنا على من ظلمنا فنحن عبادك المقهورين اللهم نجنا من هياج البحر إلى أمان البر فاستجاب الله لهم ونجاهم ووصلوا بسلام بالآلاف وما ان حطت أرجلهم ارض قبرص وحصلوا على بعض من الأمان والمال حتى نسوا الحال التي كانوا فيها بأسرع مما نتصور وبدأنا نرى حفلات "الدك والرقص" والأعراس في الشوارع والسيارات والملابس الفاخرة والذهب حتى حقد عليهم أهل البلاد الأصليين وقالوا هل يعقل هؤلاء كانوا مضطهدين ومعذبين ان هؤلاء يأكلون ويمرحون ويرقصون أكثر من أهل البلاد الأصليين وقد يقول البعض أليس من حقنا أن نفرح ونرقص كباقي الشعوب أقول نعم ولكن العافية درجات وعلينا أولا أن نثبت أنفسنا وان نكسب الأصدقاء والمتعاطفين ثم هل يكون الفرح إلا في الشوارع ألا يمكن أن يكون الفرح في الأبواب المغلقة والطامة الكبرى ما نراه الآن من بعض الشباب وصورهم المقززة والمخزية على صفحات الفيس بوك فأين الآباء وقد يقول الآباء انهم شباب ونحن في بلاد الغربة ولا نقدر عليهم أولم تكن تعلم انك ذاهب إلى بلاد الغربة وقد نسيت المثل القائل (يا غريب كن أديب) وأوجه تحياتي إلى العوائل والشباب الكثيرة التي حافظت على توازنها وبقيت محافظة على تراثها وأخلاقها ، والله من وراء القصد .
بقلم الكاتب د.محمد خيري عثمان الماضي
21/11/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"