قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج10- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 6685
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج10- رشيد جبر الأسعد
قرية إجزم ومقاومة المشروع الصهيوني ج10- رشيد جبر الأسعد

من تاريخ منطقة قرية اجزم:

-         اجزم .. حيفا التاريخ العريق .. وموطن إنسان الكرمل الأول والمنطقة الأثرية القديمة..

-         القبائل العربية تتدفق على اجزم ومنطقتها منذ ألاف السنين قبل الميلاد.

-         منطقة اجزم قبل 20000 عشرين إلف سنة.

-         منطقة اجزم قبل 12500 سنة .. قبل الميلاد.

-         منطقة اجزم قبل 7000 سنة .. قبل الميلاد.

-         منطقة اجزم قبل 6000 سنة .. قبل الميلاد.

-         قرية اجزم في الفتح الحضاري العربي الإسلامي المبارك.

-         قرية اجزم قبل 800 عام.

-         قرية اجزم قبل 400 عام.

-         قرية اجزم قبل 200 عام.

-         قرية اجزم قبل 150 عام .

-         قرية اجزم قبل عام 1932م ..

-         اجزم كما ذكرها وليد ألخالدي في ربقة الأسر.

 

قال المؤرخ والشاعر المصري الدكتور لطفي عبد الوهاب في التاريخ :

يا رفقة التـاريخ قـد انطـقتموا ... شواهد الأحداث نصا وحجـر

يا إخوة التاريخ قـد انطقتموا ... تواتر الأزمان طولا او قصر

يا عصبة التاريخ قد خبرتموا ... حقيقـة الأيـام علمـا والعصر

 

اجزم .. حيف التاريخ العريق:

ان ارض قرية اجزم والمنارة الواسعة , بسهولها الخضراء , بأرضها الخصبة , بجبالها الشامخة , بوديانها بمغورها بكهوفها وآثارها وادي المغارة وجبل الكرمل .. وكل هذه المنطقة القريبة على الساحل التابعة إداريا إلى قضاء حيفا , في الشمال الغربي الفلسطيني .. قبل أربعة قرون كانت قرية اجزم من أعمال قضاء اللجون ...

هذه المنطقة الكبيرة, واجزم جزء منها , كلها قد شهدت على ثراها الطاهر اقدم وأعرق الحياة البشرية والحضارية في كل العالم على مدى التاريخ ..

بل كل فلسطين وبلاد الشام ( الهلال الخصيب ) ووادي الرافدين ووادي النيل .. هذه المناطق الواسعة الثلاث : العرق والشام ومصر , شهدت منذ القدم نشاط الإنسان القديم الأول , وتفاعله مع الحياة , وتكيّفه مع الظروف , واستعماله الأدوات البدائية التي تعينه على الحياة , وتدجينه الحيوانات الأليفة والاستفادة منها , ومعرفة الزراعة وتكوين العائلة , وبناء البيوت وعمل السياج والأسوار .. حينما شهدت هذه المناطق أيضا هجرة القبائل العربية القادمة من الجزيرة العربية واليمن والحجاز الى فلسطين وبلاد الشام , ثم الهجرة باتجاه العراق وباتجاه مصر وغيرها .

لابد من الحديث عن قرية اجزم و تاريخها ولو إن اسمها اسم حديث لم يمضي عليه سوى قرون قلائل , ولكن التاريخ يحدثنا عن أرضها ومنطقتها وتاريخها .. وكل قرى حيفا في منطقة الساحل الفلسطيني .. إنها كانت مسرحا للتفاعل البشري والحضارة والأحداث ..

انها منطقة موغلة في الحياة والقدم كما احمّد علماء التاريخ في العالم ..

 ( يشير علماء الجيولوجيا ان الحياة قد بدأت في فلسطين منذ حوالي سبعين مليون سنة . لقد كانت مغطاة بالمياه , ومن ثم انحسرت فبان سطحها . ومنذ حوالي مليوني سنة فقط , حدث شق ارضي كبير , فتكون بذلك مرتفعات فلسطين , ونهر الأردن , وبحيرة طبريا , والحولة , والبحر الميّت .

ويعتقد الجيولوجيون إن كان هناك اتصال بين البحر الميت ووادي الأردن على شكل بحيرة أو خليج , ثم انقطع منذ حوالي نصف مليون سنه قبل الميلاد , فتكوّن البحر الميت ).[1]

 

في اجزم كان إنسان الكرمل :

أمدتنا البحوث التاريخية على إن هذه المناطق وفي حوالي 230000ـ 80000 ق.م أمدتنا بمعلومات حول تلك المناطق الأثرية : فأمدتنا مغارة الصخور و الطابون  في وادي المغارة ببقايا إحدى عشر ميلا وجدت أربعة منها كاملة دفنت بشتى الأوضاع ــ مما يدل على تنوع في الاعتقادات بالعالم لديهم . وحمل احد الهياكل بثنية ذراعه عظم مثل خنزير وحشي ربما كان جزء من ضحية قدمت له عند دفنه . إلى جانب خمس هياكل غير كاملة من جبل القفزة غرب الناصرة . وقد أطلق على إنسان فلسطين الأول هذا اسم إنسان الكرمل[2]  الذي لايمكن على وجه التأكيد تصنيفه في الوقت الحاضر وهو في الغالب يمثل جنساً وسطاً بين إنسان ( النيا ندر تال ) والحديث ولو إن هناك اختلافات فردية كبيرة وواضحة جعلت البعض يعتقد بون إنسان الكرمل يرجع لجنس بشري مختلط ... وكان الدفن جمعياً على شكل عائلات مما يل على تماسك الأسر و العوائل الفلسطينية القديمة ..[3] ـ[4]

وقد اجمع العلماء على إن الإنسان الذي عاش عل مقربة من هف الطابون كان حلقة اتصال بين الإنسان البدائي والإنسان الحالي وأطلق عليه إنسان فلسطين إذ وجدوه في الصخر المتحجر , وقل إلى المتحف البريطاني وقد وجدت أدوات مصقولة بدرجة عالية لتكون جاهزة الاستعمال كرؤوس الرماح والسكاكين وأطلق على هذه المرحلة : العصر الحجري القديم ويعود إلى ( 100ــ 400 ) ألف سنة .[5]

     يضف الباحث مروان الماضي عن تاريخ قرية اجزم العريق وما حولها :

( إن الأدوات الصيوانية العديدة التي وضعها إنسان مغارة الطابون ( كباره ) في وادي فلاح قرب قرية عتليت , انتشر على منطق واسعة من بلاد الشام ووصلت مصر ودعيت بالمرحلة الكباريه , وقد مارس الإنسان في هذه الحقبة حياة الاستقرار وأصبح منتجاً للقوت , زرع الأرض واخذ بتربية الحيوانات فدجّن الكلاب في المرحلة الأولى ثم الأغنام والأبقار والخيول , يدل على ذلك أنواع الفؤوس و المكاشط والأجران و المدقات البازلتية , و الصحون الحجرية والمناجل الصوانية المثبتة في مقابض خشبية يظن انها كانت تستعمل لحصاد المزروعات , ويستدل من استخدام هذه الأدوات إن الإنسان في هذه المنطقة هو أول من مارس الزراعة في العالم .[6]

 

منطقة اجزم .. أثرية قديمة:

أكد وذكر علماء الآثار انه من المتعارف عليه , إن قرية اجزم هي بلدة أثرية تاريخية قديمة , ودلت الحفريات الأثرية المتخصصة التي جرت فيها في منطقة وادي المغارة على وجود الحياة هناك منذ العصر الحجري القديم لفترة تمتد لأكثر من (20000 ) عشرين ألف سنة , وهذه البلدة قرية اجزم مشهورة بوجود آثار بشرية منحوتة في ارض المنارة وفي القرية الآبار القديمة والكهوف والآثار الرومانية وشجر الزيتون (المعمر ) ومعاصر زيت الزيتون و صهاريج منقورة في الصخر وعيون الماء بعضها من بقايا عهد الرومان .[7]

    سكن البشر قضاء حيفا وفي جوارها وقرب عتليت والتي تعود إلى العصر الحجري القديم الذي يعود إلى نحو ( 150000) مائة وخمسين ألف سنة . وكذلك عثروا على آثار تعود إلى العصر الحجري الوسيط الذي يرجع إلى 12500ــ 6000 سنة قبل الميلاد حيث وجدوا في مغارة الوادي رسوماً منحوته في الحجارة والعظام مما يدل على إن الفن الفلسطيني كان موجوداً في بلاد حيفا منذ القدم , كما عثروا أيضا عل جمجمة كلب يستدل منها إن هؤلاء السكان هم أول من دجّن الكلب الذي تخذوه رفيقاً لهم يحرس قطعاتهم وحاجاتهم ويساعدهم على اقتناص فريستهم , ذلك عثر في مغارة السخول و الطابون على بعد ( 3 كم ) جنوب شرق   عتليت وفي مغارة وادي فلاح شرقيها وفي مغارة العميان في المزار على آثار تعدل إن هذه المناطق سكنها الإنسان في عصور ما قبل التاريخ .[8]

         قليلون نسبيا الذين يدركون ان فلسطين موطن حضارة مزدهرة منذ عشرة آلاف سنة حيث اكتشف الأثريون هيكلا لإنسان تلك الحضارة في شمال فلسطين وتحديدا في جبل الكرمل بحيفا وفي مجرى نهر الأردن).[9]

      أجمعت كثير من المصادر والمراجع التاريخية على ان الكنعانيين العرب قد توطنوا وسكنوا ارض فلسطين بحوالي أكثر من (7000) عام قبل ميلاد السيد عيسى المسيح عليه السلام . كما قال المؤرخ الدكتور احمد سوسة والدكتورة بيان ندسيف الحوت – والمؤرخ جيمس فريزر)، ومئات من المؤرخين العرب والمسلمين والأجانب .

 اجل ا ناول من سكن فلسطين هم الكنعانيون والعرب اللذين ينسبون إلى الساميون الذين لجئوا إلى بلاد الشام في الألف الرابع قبل الميلاد وقد تم ذلك على شكل موجات سامية توجهت من الجزيرة العربية إلى كل من بلاد الشام وبلاد الرافدين ومصر .[10]

 

تحت حكم الرومان:

قال المؤرخ البريطاني ( ارنولد تيجيل ) في كتابة ــ تاريخ مصر القديم ــ المطبوع عام 1935م :

( إن العرب قبل الأسرة الفرعونية الأولى ظهر منهم قرابة ستون ملكاً في مصر وطال حكمهم أكثر من 200 سنة و هؤلاء قدموا إليها من فلسطين , أظهرت الكشوف الأثرية في شبه جزيرة سيناء . )

قبل الميلاد بأربعة آلاف سنة , زرع الإنسان في هذه المنطقة زرع الحبوب , وزرع العنب والزيتون والتين وفواكه وخضار أخرى , وان الصهاريج والبرك المنحوتة في صخور شنه واجزم القديمة تدل على إن هذه الحفر كانت مخصصة لعصر العنب وتحويله إلى نبيذ .

وفي العصر الحجري المتوسط ولد الفن في المنطقة , فقد عثروا في كهوف الكرمل على رسم ثور محفور في العظم , كما عثروا على قطعة من حجر الكلس منحوتة على صورة إنسان .

وقد ترك هذا الإنسان الكهوف والمغاور وبدأ ببناء البيوت وانشأ تجمعات بشرية من قرى وخرائب ومدن ومعابد وذلك قبل 3000-2700 ق.م واخذ بصناعة الفخار , ثم دخل عصر البرونز .[11]

جاء عصر الإمبراطورية اليونانية والرومانية وأصبحت بلاد الشام محل صراعات وأطماع تلك الإمبراطوريات وفلسطين بالذات لموقعها الاستراتيجي الجيد غدت مسرحا للغزاة وللأحداث .. وبقيت فلسطين تحت حكم الرومان .. الحكم النصراني الممزوج بالوثنية والمظالم والتعسف .. حتى جاء الفتح العربي _ الإسلامي السلمي التحرري الحضاري عام 15/16للهجرة الموافق عام 634-635 م في يوم الخميس 2 أيار .. دخل الخليفة عمر بن الخطاب القدس وفلسطين ونشر في ربوعها الأمن والأمان والسلام .. نشر العدل والمحبة والتسامح وثقافة الحوار والقبول بالآخر .. وإعزاز كرامة الإنسان ..

 

الفتح الإسلامي الحضاري السلمي :

قد يسال سائل , كائنا من يكون , عن تسميتي بالفتح الإسلامي بالحضاري ويقول هذه وجهة نظرك أنت كمسلم .. ! ولكني أقول له لنرى سلوك المسلمين وقادتهم وجنودهم وخلفائهم في الفتوح الإسلامي خاصة الأولى نراها تمثل منتهى الفروسية والغيرة والشهامة وحسن الأداء وحسن التعامل , فلم تزهق الأرواح , ولم تنتهك الحرمات , ولم يكره احد في الدين والمعتقد , ولم  تنهب الأموال والممتلكات , ولم تغتصب الأعراض , وتم نشر قيم العدل والخبر والإخوة والمحبة والتسامح .. وهذه تفرد بها الجندي المسلم والمدرسة الإسلامية عن سواها على مدى تاريخ الإنسانية الطويل .. وخلال أكثر من مدة 1400سنة ..!

ففي صدر الإسلام تحركت موجات من القبائل العربية ترافق الجيوش الإسلامية في فتح فلسطين وتحريرها والشام ومصر والعراق والمغرب .. ومما يذكر إن معركة دارت بين المسلمين وقوات الروم على ارض الساحل الممتد بين عتليت وقيسارية , إذ خرجت قوات الروم الهائلة المدججة بالأسلحة خرجت من هذين الحصنين وحاصرت قوات المسلمين .. وكانت ارض الساحل والسهل الساحلي آنذاك مغمورة بالمياه مما أدى إلى إعاقة حركة قطعات المسلمين , فخسروا عدداً كبيرا من المجاهدين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بينهم ثلاثة أخوه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ودفن كل منهم في الموقع الذي أستشهد فيه في تلك المنطقة القريبة من حيفا وهم :

1-    الشيخ يحيى : دفن في قرية المزار , حيفا .

2-    الشيخ عمير : دفن في قرية جبع , حيفا

3-    الشيخ براق : دفن في قرية الشيخ براق , حيفا وسميت القرية باسمه ( شيخ برياق)[12]

وهذه المواقع الثلاثة تشكل رؤوس مثلث متساوي الأضلاع تقريباً ويبلغ طول ضلعه ثلاثة كيلو مترات.

وجدير بالذكر ان في قرية الشيخ براق موقعاً يقال له نخلة الأربعين حيث يعتقد أهل المنطقة إن أربعين شهيداً من شهداء تلك المعركة دفنوا معاً في ذلك الموضع.

ويرجح هذا ما يذكره المؤرخون من إن عدد القتلى المسلمين كان كبيرا مما اضطرهم إلى دفن شهدائهم في مدافن جماعية .

وقد لقيت القبائل العربية الإسلامية أثناء قدومهم ،أبناء عمومتهم فاستأنسوا بهم فانصهروا في بودقة الحب والوفاء والإخلاص والعروبة ، من أراميين او سريان لقرب لغتهم من لسان لغة العرب[13].

 

ابن قرية إجزم

الكاتب

رشيد جبر الأسعد

2012م

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] تأليف عبد الرحمن المزين : تاريخ فلسطين (العصر القديم) , طبع ونشر دار النورس, صفحة : (14).

[2] هذا الجبل يمتد من حيفا الساحل إلى العمق الفلسطيني فيخترق ويمر في محاذاة عدة قرى منها قرية اجزم وخربة المنارة.

[3] دكتور سامي سعيد الأحمد : تاريخ فلسطين القديم , بغداد , 1979 م , ص : (55).

[4] عالمة الآثار البريطانية (كاثلين كينون) قامت بالتنقيب في موقع (مغارة الوأد) قرب قرية جبع والمنارة عام 1935م وكان اهل جبع يسمون هذه الباحثة باسم ( الست زبيدة) من قبل التحبب ..

[5] مروان الماضي : قرية اجزم .. الحمامة البيضاء , صفحة : (59).

[6] الموسوعة الفلسطينية : معاوية إبراهيم , مجلد2 , ص : (25) . والنص عن الأستاذ مروان الماضي :قرية اجزم .. الحمامة البيضاء , ص : (60) .

[7] إعداد الباحث عباس نمر : صحيفة (القدس) , يوم الاثنين 24/7/2000م , قرية اجزم .. حيفا , من قرانا المدمرة , ص: (27).

[8] محمد راجح جدعان : عين غزال كفاح قرية فلسطينية , صفحة : (40).

[9] تأليف عبد الرحمن المزين : تاريخ فلسطين (العصر القديم) , مصدر سبق ذكره.

[10] المؤرخ مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين , الجزء الأول , ص (391).

[11] مروان الماضي: قرية اجزم .. الحمامة البيضاء , ص (60).

[12] مروان الماضي: قرية اجزم .. الحمامة البيضاء ,ص(64).

[13] مروان الماضي: قرية اجزم.. الحمامة البيضاء , ص (65) .