بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الانام وبدر التمام ومصباح الظلام وعلى آله وصحبه الكرام،أما بعد :
موعظة عن الموت
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله.
كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهادماً للذات، وقاطعاً للأمنيات.
فيا جامع المال!
والمجتهد في البنيان!
ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟
هل أنقذك من الأهوال؟
كلا.. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: ( وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) القصص:77.
هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) القصص:77.
أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
ونحو هذا قال الشاعر:
هي القناعة لا تبـغ بها بدلاً *** فيهــا النعيم وفيها راحــة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل *** راح منها بغير القطن والكفن؟!
أيها الموحدون:
أين استعدادك للموت وسكرته؟
أين استعدادك للقبر وضمته؟
أين استعدادك للمنكر والنكير؟
أين استعدادك للقاء العلي القدير؟
وقال سعيد بن جبير: الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة.
تزود من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
الأسباب الباعثة على ذكر الموت
1-زيارة القبور، قال صلى ألله عليه وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة )أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
2-زيارة مغاسل الأموات ورؤية الموتى حين يغسلون.
3-مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة.
4-تشييع الجنائز والصلاة عليها وحضور دفنها.
5-تلاوة القرآن، ولا سيما الآيات التي تذكر بالموت وسكراته كقوله تعالى: ( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ( ق:19.
6-الشيب والمرض، فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد.
7- الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيراً لعباده بالموت والقدوم عليه سبحانه كالزلازل
والبراكين والفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف المدمرة.
8-مطالعة أخبار الماضين من الأمم والجماعات التي أفناهم الموت وأبادهم البلى.
جمع : ابو قاسم الكبيسي