وغزة بقيّة الصوت ، قصة حياة أو موت ، دم يُبلّل زهر
البرتقال ، إنها من برج الحصار ومن مواليد "عواصف النار" . أبلغ من جميع
الأوصاف ، وأرفع من كل الأوسمة ، وأعلى من منابر الخطابة ، وأشجع من دواوين
الحماسة .
غزة المكتظة بأوجاع المخيمات والخيبات والكآبات
والثكنات ، وأحلام الجياع والفقراء وقبائل اليائسين ، وعيون الشهداء ، وبكاء
الأمهات ، ومناديل الوداع ، ومقابر لا تنام ، ومخيلات الأطفال ، وقواميس العذاب ،
والجثث الموزعة على الأرصفة ، ومصانع الفدائيين والقبضات والقنابل ، والعصافير
والغيوم .
اليوم وبينما يغرق فلاسفة الهزيمة في بحر من العدم تغرق
غزة في بحر من الدم ولا تطلب النجدة ، فإنها تعرف أن ألف ألف صرخة انطلقت من
أشلائها لم تعد تلامس صرخة المعتصم !.
تستطيع "إسرائيل" أن تغتال أجسادا كثيرة
لكنها لا تستطيع أن تغتال شعبا .
تستطيع أن تقتل زنبقة في حديقة . أن تقتلع شجرة من
بستان ، أن تنقل جبلا من الخريطة ، لكنها لا تستطيع اغتيال الخريطة .
ستبقى القدس عربية إسلامية طاهرة الثرى مهما حاول
الرئيس الأميركي ترامب تدنيس مهبطها بسفارة بلاده الظالمة . وسيبقى الأقصى أولى
القبلتين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم مهما كان الضمير العالمي نائما ،
وسيعلم أن الحياة في الحصار انتحار . لذلك تقضي الحكاية أن تكون على موعد يومي مع
الانفجار .
مجدا "للشهداء" الذين تصغر في عيونهم الحياة
لتكبر حياتنا .
والله أكبر على الظالمين .
الشيخ الدكتور
عبداللطيف الهميم
رئيس ديوان الوقف السني
المصدر : أخبار الآن
28/8/1439
14/5/2018