منذ ستة اشهر ولحد الان ما زالت عدد من العوائل الفلسطينية النازحة من العراق بسبب الوضع الامني الصعب,تفترش قارعة الطريق في البرازيل معتصمة ومضربه عن كل شيء من اجل الحصول على حقوقها.
وترجع قصة هذه العوائل عندما تم جلبها من مخيم الوليد في العراق عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الى البرازيل من اجل اعادة توطنيهم ضمن مشروع اعادة تاهيل واندماج لمدة سنتين,تفاجأت العوائل خلالها ان البلد المضيف لا يملك أي مقومات اعادة تاهيل اللاجيء بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة جدا.
وهذه العوائل لا تعلم شيئا عن برنامج التاهيل ومدته واوضاع البلد وهناك من يعلم منهم واضطر للقبول بمثل هذا البلد نتيجة لدوافع عديدة وظروف صعبه لا تخولهم حرية اختيار القرار.
عانت هذه العوائل كغيرها من العوائل الفلسطينية التي اضطرت لمغادرة العراق طلبا للجوء في بلدان الشتات من الإضطهاد والخوف على أرواح ابنائها من القتل والتعذيب والخطف ، عانت في المخيمات الذُل والمهانة وسوء الأوضاع المعيشية ، وتعاني اليوم في البرازيل من الإضطهاد والخوف وسوء الأوضاع ، عدا ذلك الذل والمهانة التي تعيشها في بلد يفتقر إلى كل مقومات الحياة الآمنة الكريمة.
إن هذا البلد فيه ما يكفيه وليس بحاجة لجلب أُناس إليه من خارجه لتنام في الشوارع ومآوي المتشردين فيه ، فهناك المئات من شتى الأشكال والأعمار والأصناف في مآوي المتشردين ، وهناك الكثير ممن يتخذون من الشوارع وتحت الجسور في صناديق كارتونية بجوار المجاري وبين الأشجار وفي أحط الأماكن مآوي لهم ليناموا فيها ، وهناك الكثير ممن يجمعون طعامهم من حاويات وأكياس القمامة ومن بقايا الطعام الذي يخلفه ورائهم من يأكلون في المطاعم ، وهناك من التسول شتى الأشكال وشتى الأنواع والطُرق.
من ضمن البنود التي اطلع عليها اللاجئين بعد ستة اشهر من لجوئهم تتكلم عن ضمان إحترام عادات وتقاليد والمعتقدات الدينية للاجئين ،فأين إحترام هذه الأُمور عندما قالوا لهم شغلوا نسائكم في البارات لزيادة دخلكم ، هل هذا الكلام فيه إحترام ، للتقاليد ، للعادات ، للمعتقدات الدينية ، هل فيه إحترام لهم كأشخاص يحاولون الحفاظ على دينهم وأخلاقهم وكرامتهم .
هل فيه إحترام لنسائنا كنساء مسلمات محترمات لا تسمح لهم عاداتهم ودينهم وأخلاقهم وتربيتهم العمل في مثل هذه الأماكن في أي بلد ، ، أين الإحترام في هذا ؟
إن المطلوب من هذه العوائل أن تفقد كل القيم الأخلاقية والدينية لتسهل عليها عملية الإندماج في المجتمع البرازيلي بطريقته.
لم يمر اللاجئ الفلسطيني بمرحلة من القساوة و التشرد بمثل ما يمر به في هذه الأيام ، فرغم اللجوء و النزوح ، و رغم إتساع الجرح و عمقه كانت تلك الجراح تستصرخ المسؤولين الفلسطينيين على مدى واحد وستون عاما من النكبة المؤلمة للشعب الفلسطيني، فان الجراح ازدادت وبقي اللاجئ الفلسطيني بين تقاعس مفوضية اللاجئين عن تحمل مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين اللاجئين في البرازيل من حيث التقليص الكبير لخدماتها وانتشار الفساد الفادح في شؤونها في رفع المعاناة عنهم، وبين تجاهل المسؤولين الفلسطينيين.
سنوات التشرد والاقتلاع من الوطن و اللجوء القسري تزداد مرارة يوما بعد يوم، وتلقي بظلالها حرمانا و قهرا،و ظلما، وألما على كاهل اللاجئين الفلسطينيين في مناطق البرازيل بشكل عام خاصة وفي مناطق الشتات الاخرى بصورة عامة .وفي ظل ظروف قاسية وصعبة في كافة نواحي الحياة، حياة بؤس وحرمان وظلم لا يراعى فيها الحد الادنى من مقومات الحياة الانسانية.
وفي ظل هذا الوضع الماساوي على اللاجئين أن يتدبروا أمورهم الآن، ان يستخلصوا الدروس والعبر من المرحلة السابقة بكل ايجابياتها وسلبياتها، رغم كل المعاناة والألم، فما زال المستقبل أمامهم، وما زال المستقبل يبشرهم بحياة افضل، فالبرازيل دولة اقتصادية قوية، وتعتبر القوة الاقتصادية الخامسة بالعالم بعد الولايات المتحدة والصين والهند واليابان، والمجتمع البرازيلي رغم الفروقات الشاسعة بينه والمجتمع العربي الاسلامي، إلا أن المجتمع البرازيلي يوجد بداخله من يتعاطف مع اللاجئين وقضاياهم ويعمل على تخفيف المعاناة عنهم، وهذا ما يحصل معهم من قبل منظمة (موجي داس كروزيس)، حيث المتطوعين البرازيليين يقدمون للعديد منهم كافة أنواع المساعدة والدعم من خلال مرافقة العديد من اللاجئين الى المؤسسات الحكومية والصحية وغيرها التي يحتاجوا لها.
وعلى المنظمات الانسانية والحكومية ان تاخذ دورها في تخفيف المعاناة عن هذه العوائل وترفع عنهم كاهل التشرد والضياع من اجل مستقبل اطفالهم والذين لا حول ولا قوة لهم ولا ذنب لهم سوى انهم جاءوا لاجئين ومازالو ...
علي السلبود
11/8/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"