ولقد أعلن الخميني عن مقصده وخططه وعزمه، من أن انتصار
قواته -الذي كان يأمله- سيضم الشعب العراقي المضطهد إلى الشعب الإيراني، ليقيما
معاً -حسب أمانيهما- دولة إسلامية، وإذا توحد البلدان فإن الدول الصغيرة الأخرى في
المنطقة ستنضم إليهم، وقد كان الطريق إلى لبنان يمر عبر العراق .
واعتذر نائب وزير الخارجية
الإيراني محمد عزيزي عن ضعف مشاركة القوات الإيرانية في القتال بلبنان؛ بأن الطريق
إليه «تمر عبر العراق»!! فلا تصبح قوات إيران حرة تماماً في أن تلعب دوراً جوهرياً
في لبنان إلا بعد سقوط النظام العراقي .
وكان العراق طوال التاريخ الحديث
يمثل مانعاً ثقافياً واجتماعياً وسياسياً هو الأهم على الإطلاق أمام تمددات الطموح
الأمبراطوري الإيراني، سواء كان أيام الشاه أو أيام الثورة، ولذلك كان سقوط العراق
الآن يمثل خطورة كبيرة على الأمن القومي العربي، ولهذا السبب عينه تقوم إيران بكل
هذا التخريب الدموي الرهيب في العراق وتعزيز وضعية التقسيم والتمزيق حتى لا يعود
مرة أخرى، ذلك الكيان الاجتماعي والثقافي والسياسي والعسكري الذي يحبس تمددات
المشروع الأمبراطوري الإيراني الذي يمتطي اليوم ظهر الحالة المذهبية، والآن بعد أن
سقط النظام العراقي بيد الشيعة بدأت إيران بلعب دورها الجوهري في لبنان وما بعد
لبنان لتبدأ إيران بتصدير الثورة للعرب من بيروت هذه المرة .
وطموحاتهم يحدثنا عنها حجة الإسلام
فخر روحاني -سفير إيران في لبنان- في مقابلة أجرتـها معه صحيفة اطلاعات الإيرانية
في نـهاية الشهر الأول من عام 1984، يقول روحاني عن لبنان :
"لبنان يشبه الآن إيران عام
1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع
لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى
أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون" .
ونقلت صحيفة النهار اللبنانية
[11/1/1984] عن السفير نفسه -روحاني - قوله: "لبنان يشكل خير أمل لتصدير
الثورة الإسلامية" .
وحزب الله اللبناني عضو في المجلس
الأعلى للثورة الإسلامية، الذي تأسس في طهران عام 1981م، أما بقية الأعضاء فهم:
الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ومنظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة
العربية، حزب الدعوة العراقي، وحركة العمل الإسلامي العراقية .
وإيران لا تزال تصر على تصدير
الثورة، لكنها سلكت طريقاً آخر يختلف عما كان عليه الحال أيام الخميني، فأسلوب
المواجهة الذي اتبعه إمامهم فشل وعاد عليهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، أما
الأسلوب الجديد فليس فيه أي استفزاز للعرب، وعلى العكس فإنه يعتمد على الشعارات
التي يفتقدها جمهورنا، ومن هنا جاءت دعوتـهم إلى تحرير فلسطين والمقدسات
الإسلامية، ورفع راية الجهاد في سبيل الله، ومساعدة الهيئات والجماعات السنية التي
ترفع هذا الشعار، وبالتالي لا تستطيع الحكومات العربية والأجنبية تجاهل إيران
ودورها في معاهدات السلام العربية الإسرائيلية، وسيبقى لبنان بوابة إيران إلى
البلدان العربية، وسيبقى حزب الله الجهة الوحيدة المنتدبة من أجل تحقيق أهداف
إيران وطموحاتـها .
المصدر : مركز التنوير للدراسات الإنسانية