منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 والفلسطينيون في العراق تتوالى عليهم النكبات والالام فمن فَقدِ الاحبة وتوريتهم الثرى من والد او اخ او ابن او زوجة او جد او حتى رضيع تقاطرت دماؤهم باغتيال او قتل بعد خطف وتعذيب او قصف بقذائف الهاون ، الى صفحة الخيام في الصحاري والتعايش مع الافاعي والعقارب والمياه المكبرته والبرد القارص والحر الشديد وشحة مياه الشرب والطعام المعلب وبكاء طفل يريد ان يلعب في مكان ليس فيه تراب او تململ رجل مسن يريد ان يمشي على ارض مستوية لا يسقط وتدمى قدمه فالاحجار والصخور تعيق مشيه ، الى صفحة الاستجداء والتذلل للمنظمات الاممية التي تقتات على الام الناس في المخيمات وتبقيهم فترات طويلة في الخيام تهددهم باغلاق الملف ان اعترضوا على توزيع مواد غذائية معلبة انتهت مدة صلاحيتها او حتى ان رفضوا استلام حصة من خضروات متعفنه ، اما من تجرأ وتكلم في الاعلام عن سوء اداء هذه المنظمة الاممية فقد حل عليه الغضب ووضع ملفه جانبا فهو شخص غير مؤهل لاستيعابه في دولة مضيفة جديدة ،علما ان هذه الدولة كانت هي المسبب الرئيسي لمعاناة ابيه او جده في فلسطين وهي اليوم المسبب الرئيسي لمحنته في العراق ليس هو وحده او عائلته بل لشعبه الفلسطيني في كل الشتات .ثم الى صفحة تشتيت العائلة الواحدة فالاب في مكان والابن في مكان اخر والابن الاخر في دولة اخرى والمسافة بينهما الاف الاميال ، والغريب ان المنظمات الاممية تصرح بان احد اهم اهدافها هو تجميع العائلات ، والفعل عكس ذلك تمام ، اما من لجئ الى دول الجوار العراقي مستنكرا الخيمة ورافضا لممارسات المنظمة الاممية فهو يعيش دوامة التفكير والخوف من المجهول . اما من رفض الخيمة او اللجوء الى دول الجوار العراقي وآثر القبض على الجمر فهو في محنة الشعور بالاضطهاد ومرارة الظلم وقسوة الوقوف بوجه العاصفة .
اصبحنا نشك في كل ما حولنا ونحن نجتاز ظروف حياتنا الصعبة ليس لان طموحنا كبير و يحتاج الى جهد عال لتحقيقه بل للاسف لاننا هبطنا الى واد سحيق مليء بالاشواك والعقبات ، وبرغم الوخزات والتقيحات فقد احتملنا الالم ،فالامل عند الشعب الفلسطين لا ينتهي وان تلونة المناظر من حوله وتحول لونها الى احمر ثم الى اسود فربما يأتي اليوم الذي تتحول فيه الى الاخضر ثم الى الابيض .
اصبحنا نشك حتى في المسميات ، فاخوة الدم اصبحت عندنا بلا معنى و اخوة الدين صار معناها يحتاج الى توضيح اكثر ، و التعاطف صار معناه استثمار الظروف الصعبة لمجموعة من الناس لمصالح شخصية ، اما الانقاذ فمعناه تشتيت العائلة .
غريب ما يحصل لنا
قبلنا ان نمحوا تاريخنا ونترك الديار التي تربينا فيها بحلوها ومرها ،واختلاط الحلو والمر هو معنى الحياة الدنيا وهو ما يفرقها عن الجنة ، وهدمنا ما بنيناه في نصف قرن، واقنعنا انفسنا بان وجودنا في هذه الظروف خطيئة ويجب ان ننهي ذلك،وابدينا الاستعداد ان نصبر الى حدود الجزع ،واظهرنا قبولنا بالمغامرة الى حد الجنون ، فما وجدنا الا سد قريب بمضمونه بالسد الذي بناه ذو القرنين .
الى اين نتجه ؟ بالله عليكم ... دلونا ...كيف السبيل ؟
محمد المحمدي
3/10/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"