يجب الالتزام بعدم الاستخدام المفرط للنخوة- أحمد أبو الهيجاء

بواسطة قراءة 2130
يجب الالتزام بعدم الاستخدام المفرط للنخوة- أحمد أبو الهيجاء
يجب الالتزام بعدم الاستخدام المفرط للنخوة- أحمد أبو الهيجاء

عاصرناها قبلا ... وعشناها ... ونحن نتمزق الما ونعتصر قهرا... تابعناها ودخلنا في تفاصيلها ... بالدم ... وبالاعصاب ..

ساعة بساعة ... ولقطة بلقطة ... جثة ..جثة ... انتفاضات شعبنا ضد الاحتلال الاسرائيلي... ومقاومته ضد الصهاينة.. منذ الانتفاضة الاولى 1987 انتفاضة الحجارة .. ثم الانتفاضة الثانية 2000 انتفاضة الاقصى.. حيث توزع الدم الفلسطيني بكل الاتجاهات  وامام كل العالم ...
ولم ينتخ احد.. المشهد ذاته يتكرر منذ اكثر من ستين عاما : القاتل ذاته .. جندي اسرائيلي ... والمقتول ايضا ذاته : منتفض فلسطيني .

 والجلاد :  مستوطن صهيوني اغتصب حق مواطن فلسطيني .. ثم قتله... اكثر من ستين عاما والمشهد يتكرر كل يوم : فصل عنصري في( الداخل) .. وقتل عنصري في الاراضي المحتلة .
لكن ... من ينتخي !!! ولمن ؟!!     

اكثر من فاجعة .. قامت في فلسطين ... واكثر من جحيم ضد الفلسطينيين .. ولم ينتخ احد .. لا عرب ولا عجم .

من اجتياحات الجنوب المتكررة في السبعينات ... الى حصارات بيروت 82 .. الى مجازر صبرا وشاتيلا  ... الى شلالات الدم في الانتفاضتين .. مرورا بسحق مخيم جنين 2002.. وصولا الى طحن غزة 2009 ... ولم نسمع منهم سوى جملة واحدة :( يجب عدم الاستخدام المفرط للقوة.).. جملة خشبية متيبسة لا تعني شيئا ... و(على الطرفين اللجوء
الى اقصى درجات ضبط النفس) !!!! وعليك ان تفك الالغاز التالية وتخرج سالما من مطب الاحجية العجيبة  :

هل تتساوى دبابة الميركافا مع الحجر؟! ... كيف يقارن المدفع مع المقلاع ؟؟!! كيف تنتصر البندقية على طائرة ال ( اف 16) ؟؟!!

هل يمكن ان يتعفن الدمع في الاحداق ؟؟؟ هو احتلال ... فهل تتساوى الحرائق بقطرات الماء؟!! هل تتزاوج النيران مع الثلج ؟؟!

هل تتعادل حصيلة زلزال هائل مع ضربات قضبان من خشب تحاول اسقاط ثمار الزيتون في موسم الحصاد ؟؟!!

الان سأكشف لكم سرا ... قبل ايام ظننت لوهلة ان ساركوزي من اصل عربي ليبي .. وان والده مولود اصلا في بنغازي ... وان ام ساركوزي من مصراته .. ذلك اني لاحظت الصرامة والجدية والتلهف على وجهه.. من اجل  اتخاذ قرار بشأن الملف الليبي الشائك .

نسيت للحظة ... او قلت انه لم يكن في كامل وعيه عندما قال قبل اسابيع : ان اسرائيل معجزة القرن العشرين . .. طبعا بزهو وفخر على الطريقة الفرنسية.. ام انها كانت لحظة  مجتزأة من التاريخ حين صرح قبل شهر فقط : لا اريد مصلين مسلمين في شوارع فرنسا؟؟

وقبلها كان ساركوزي مفتيا لمسلمي فرنسا حين اباح لحم شرب القهوة مع الكرواسان  في الصباح ... ودعاهم لعدم اضاعة ساعتين من حياتهم يوميا في صلاة التراويح الرمضانية .. فهي غير واجبة شرعا .. هكذا قال الشيخ ساركوزي.

اما المتحمس الاخر .. كاميرون .. حفيد بلفور ... الذي انتخى لشعب ليبيا بامتياز انكليزي نادر ... فقد التحق بزميله ساركوزي في التملق لاسرائيل حين قال .. انا افتخر ان اكون يهوديا .. وهو بذلك يبدي  ند مه واعتذاره المخفي لأسرائيل عندما شجب الاعتداء على اسطول الحرية من اجل كسر الحصار على غزة ....بالطبع هو هنا لا يقصد التفاخر باليهودية كدين سماوي.. وانما بانتماءه  للسياسة الاسرائيلية كسلوك ومنهج .

اين كانت انسانيتهم حين طحنت الالة العسكرية الاسرائيلية رؤوس اكثر من ثلاثة الاف فلسطيني في غزة ... اكثر من ثلثهم اطفال ؟

اين شجاعتهم الانسانية حين انتفض الفلسطينيون .. وبلا سلاح غير الحجارة .. فذبحت الة القتل الاسرائيلية الاف الشهداء ؟

اين ضميرهم الحي حين زجت سلطات الاحتلال باكثر من 300 الف فلسطيني في السجون والمعتقلات في الانتفاضة الاولى  فقط ؟؟

هل جئنا نحن الفلسطينيون من كوكب اخر؟!! ام ان دمنا ازرقا ؟؟؟!

هم يقولون باستمرار  :( أمن اسرائيل خط احمر )...  اما حياتنا...  فبلا خطوط ...لا حمراء ولا خضراء ...

هكذا هي الحال اذن ... يعتقد ملك الملوك .. القذافي ان الشعب .. كل الشعب مستعد ان يموت من اجل ان يبقى هو..

واستعاد بجدارة حكاية  : انا .. ومن بعدي الطوفان . .. حكمته تبخرت مع الغازات الخارجة من حقول النفط الليبي .

اربعون عاما من جنون السلطة جعلته يعتقد ان قوانين ... الحرية للشعوب .. لا يمكن ان تصل الى شعبه ولن يخرج عليه احد. قاد  البلاد مع ابناءه التسعة كمن يدير مزرعة دجاج خاصة .... وهكذا كانت النتائج ... بدايات ذ بح الخارجين على سلطته ... كانت ذرائع قوية للمنتخين الجدد. وهكذا صارت ثروات البلاد برمتها اهدافا .. مدنية  وعسكرية واقتصادية .والهدف المعلن انساني جدا ... حد التصفيق اعجابا : حماية الشعب الليبي من القتل والابادة بالاسلحة  ذاتها والامكانيات ذاتها  التي تطلب بناءها حرمان الشعب الليبي من اسباب الحياة الكريمة اكثر من 40 سنة .

هي النخوة الغربية اذن.. نخوة بطعم مختلف ... فهي عبارة عن ميراج وفاتال وتورنادو والشبح.. وهذه بالطبع ليست اسماء زهور... انما هي طائرات مقاتلة .... والنخوة الغربية فيها توماهوك وكروز ... وهذه ليست انواع فواكه .. انما صواريخ (ذكية ) ونحن نعرف مدى ( ذكائها )!!! ... والنخوة الغربية بارجات وغواصات وحاملات طائرات ... وقاصفات.!!

ثمة من العرب من يتحسس رائحة  مؤامرة ... وثمن من يعتقد ان ما يحصل في كل الدول العربية هو مخطط غربي جديد يجري تنفيذه بدقة.... واخرون يذهبون الى ابعد من ذلك ويعتبرون ان ما يحصل هو تنفيذ لبرنامج ( الفوضى الخلاقة )بينما يعتقد البعض الاخر انها اجندات اجنبية اقليمية ودولية ...

لا شك ان قطار التغيير السياسي وصل متأخرا عند العرب ... فالتوق للحرية لدى الشعوب  يمكن تأخيره ... ولكن لا يمكن الغاءه.

لكل شيء ثمن ... وفي السياسة الدولية لا توجد صداقات دائمة .. ولا عداوات دائمة .. كما يقولون .. وانما توجد مصالح دائمة.

يجب ان لا ننسى ان الكثير من الحكام العرب صاغتهم دول الغرب .. وهي لا توفر جهدا من اجل تأمين استمرار وجودهم بصفتهم امتيازات استثمارية فريدة.... 

هي نخوة غربية هذه المرة اذن ... ولصالح من ؟؟؟ الشعوب العربية ...!!! حسنا لكننا ندعوهم الى عدم الاستخدام المفرط للنخوة... ومن حقنا نحن الفلسطينيون .. .. ان نرفع علامة تحفظ على هذه النخوة المفاجئة .... حتى يثبت الغرب العكس ...

فقبل اسبوعين فقط سقط قرار من مجلس الامن .. باعتراض امريكا عليه .. لان في القرار مجرد ادانة لما يسمى الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة..

ان وجود عشرات الحواجز امام الطفل الفلسطيني الذاهب الى مدرسته ... يستوجب ..انسانيا .. بروز اكثر من نخوة غربية ...

اليست هي الدول المدافعة عن الانسانية؟؟!! متى سيصبح دمنا خطا احمرا.... مثلما هو أمن اسرائيل؟؟!!!

 

أحمد أبو الهيجاء

27/3/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"