ولم يصدر تصريح رسمي سوى ما أدلى به رئيس الوزراء مصطفى
الكاظمي لصحيفة "واشنطن بوست" في 22 "آب/ أغسطس" 2020، في
معرض إجابته عن رأيه بتطبيع الإمارات مع "إسرائيل"، إذ أجاب قائلا: إنه
"قرار إماراتي، ولا ينبغي لنا التدخل".
ما أدلى به الكاظمي أثار علامات استفهام عدة حول موضع
العراق في المستقبل في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات استراتيجية، فهل يستطيع
الحفاظ على موقف الحياد الذي أظهره رئيس الحكومة؟ أم أنه قد يسير في ركب الدول
المطبعة؟.
تعليق رسمي
وفي اتصال هاتفي مع "عربي21"، رفض المتحدث
بإسم وزارة الخارجية العراقية، الدكتور أحمد الصحاف، التعليق على موقف العراق من
تطبيع الدول العربية مع "إسرائيل"، واكتفى بالقول: "هذا ليس شأنا
عراقيا، ولا تصريح لدينا بخصوص الموضوع".
لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية في "البرلمان
العراقي"، مختار الموسوي، قال لـ"عربي21" إن "قضية القدس
وفلسطين شأن كل المسلمين، خصوصا دول العالم العربي منهم".
وأبدى "النائب" أسفه من تطبيع الدول العربية
مع "إسرائيل"، بالقول: "للأسف، رغم كل حديث عن "سلام" مع
"إسرائيل"، نرى أن العرب لم يجنوا منه شيئا، وإلا ما الذي جناه العرب من
اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة، حتى تسعى الدول اليوم لعقد "اتفاقيات
سلام" مع "إسرائيل"".
واستدرك الموسوي قائلا: "لكن القادة والحكام العرب
لا يفكرون سوى بالحفاظ على عروشهم وعائلاتهم، أما الشعوب فليس لهم علاقة بهم".
وشدد "النائب العراقي": "نرفض التطبيع
مع "إسرائيل"، ولا تطبيع إلا بعدما يوافق الفلسطينيون ويأخذون حقوقهم،
لأنهم أصحاب الأرض والشأن في هذا الموضوع، ونحن نساند ما يرضي الفلسطينيين".
مبررات التطبيع
أما السياسي العراقي "النائب" السابق
عبدالكريم عبطان، فرأى في حديث لـ"عربي21" أن "رفض
"إسرائيل" أمر تربت عليه الناس؛ لأن فلسطين قضية مركزية، فالقدس أولى
القبلتين وثالث المسجدين الشريفين، وبالنسبة لنا قضية مقدسة".
وتابع عبطان: "لكن أحيانا يتخذ الإنسان قرارات
وقحة غير مألوفة بسبب خطر يداهمه، لذلك فإن أوضاع الوطن العربي الملتهبة، لا سيما
في العراق وسوريا وليبيا واليمن، هي من تدفع البلدان للتطبيع؛ خشية أن يأتيها
الدور في المستقبل".
ورأى أن "التهديد والتدخل في الشأن العربي يدفع
العرب إلى خيارات أتعسها مرة للدفاع عن مصالحهم ومصالح شعوبهم"، لافتا إلى أن
"الشعوب والبلدان لها حرية في موضوع التطبيع، ومن يطبع ليس لنا أي سلطة عليه".
وبخصوص موقف العراق من التطبيع مع "إسرائيل"،
قال عبطان: "أتوقع أن الكل سيتعامل بواقع حال جديد في الشرق الأوسط في ظل رسم
سياسات جديدة بالمنطقة والعالم كله، والسبب هو التدخل الخارجي بالشأن العراقي
والشأن العربي بشكل عام".
حرمة التطبيع
وعلى الرغم من تعدد الفعاليات السياسية في العراق، إلا
أن معظمها التزمت الصمت حيال تطبيع دول عربية مع الاحتلال، إلا "المجمع
الفقهي العراقي" (أعلى مرجعية دينية للسنة) الذي أصدر بيانا، الأربعاء، استنكر
فيه تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
وقال "المجمع"، في بيان صحفي نشره على حسابه
في "فيسبوك"، إن "الغرض من هذا التطبيع هو إعطاء الأمة مكانة
طبيعية بين الشعوب الرافضة له، فالمصلحة فيه للعدو وليست لنا، وتغليب مصلحة العدو
على مصلحة المسلمين".
وأضاف البيان: "لا يصح الاستدلال بصلح النبي صلى
الله عليه وسلم ، مع يهود خيبر على جواز التطبيع؛ لأن يهود خيبر لم يكونوا محتلين
لديار المسلمين ولا مشردين لهم، بل صاروا من رعاية دولة الإسلام بدخولهم في عقد
الذمة".
وبشأن الحكم الشرعي من التطبيع مع "إسرائيل"،
أكد "المجمع" في بيانه أن "قضية فلسطين من مسلمات المسلمين،
والتطبيع مع العدو الصهيوني المحتل لأراضي المسلمين حرام شرعا".
وقبل ذلك، أرسل "المجمع" وفدا يضم مجموعة من
الأئمة والخطباء إلى السفارة الفلسطينية في بغداد، تعبيرا عن تضامنه مع الشعب
الفلسطيني، التقى خلالها السفير الفلسطيني الدكتور أحمد عقل، الذي عبر عن امتنانه
الكبير لتضامن المجمع الفقهي العراقي.
وتجدر
الإشارة إلى أن وزارة خارجية الاحتلال "الإسرائيلي" أعلنت، في 22
"آب/أغسطس" الماضي، عن فتح سفارة افتراضية في العراق، معربة عن أملها
بانضمام بغداد لاتفاقيات التطبيع.
وقال المتحدث العربي بإسم خارجية الاحتلال، حسن كعبية،
إن "اتفاق السلام بين الإمارات و"إسرائيل" نقطة تحول في منطقة
الشرق الأوسط"، معربا عن أمله "بانضمام العراق إلى الدول العربية الأخرى
التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع "إسرائيل"".
وأشار إلى أن "إسرائيل" "فتحت سفارة
افتراضية في العراق تمثل الشعب العراقي"، لافتا إلى أن "العراق يستحق أن
ينعم بالاستقرار، فهو يعاني من التدخلات الخارجية".
عربي 21
28/1/1442
16/9/2020