ج13: وسيط الأمم المتحدة برنادوت يأمر بأعادة أهالي جبع عين غزال أجزم الى قراهم .. فيرفض الصهاينة نداءه ويقتلوه بعد 4 أيام ..!!؟؟
الباحث الأكاديمي الفلسطيني وليد الخالدي كتب في مؤلفه الضخم : كي لا ننسى – قُرانا المدمرة ) تطرق الى تدمير قرية اجزم و كيف ان عصابات الصهاينة الماكرين نفذوا هجوم حربي مكثف اثناء الهدنة تحت ستار هجوم بوليسي ضد ما يسمى ( متمردين ) اي المقاومين و المجاهدين في نظر الغزاة هم ( متمردين ) كتب الأستاذ الخالدي يقول :
( كانت اجزم ، الى جانب عين غزال و جبع ، جزءاً من منطقة مثلثة جنوبي حيفا ، صمدت في وجه الهجوم الإسرائيلي حتى أواخر تموز / يوليو 1948 ، و يذكر ( تاريخ حرب الاستقلال ) ان تلك القُرى العنيدة ( او الجريئة و العنيدة ) .. لم تصمد فحسب ، و إنما واصلت ايضاً منع حركة مواصلاتنا على الطريق الساحلي و تشير هذه الرواية الى محاولتين أوليين ( فاشلتين ) لاحتلال القرية ، جرتا في 18 حزيران / يونيو و 8 تموز / يوليو 1948م ، كما وُضعت خطة ثالثة على اساس ( عملية بوليسية ضد سكان متمردين على الدولة يرفضون الاعتراف بالسلطة الشرعية صاحبة السيادة ، و قد اعُتمدت هذه الصيغة لإخفاء حقيقة كون العملية خرقاً واضحاً لاتفاقية الهدنة الثانية في الحرب ، و وسُمت بعملية ( شوتير ) اي ( الشرطة ) لكن تاريخ ما يسمى ( بحرب الاستقلال ) يذكر أنها كانت من الناحية التنفيذية عملية عسكرية .. و هذا اعتراف صهيوني صريح .. و لو متأخر ..
يُشير المؤرخ ( الإسرائيلي ) – بني موريس – الى ان الهجوم بدأ في 24 /تموز و ادى بعد يومين الى احتلال القُرى الثلاث في اثر قصف مدفعي و جوي عنيف .
وقد أطلع وسيط الأمم المتحدة ( الكونت فولك برنا دوت Folke Bernadotte )[1] اطلع مجلس الأمن لاحقاً على ان القوات الإسرائيلية هاجمت هذه القرى في 18 تموز / يوليو ، مع بداية الهدنة الثانية ، و ان الهجوم الجوي و البحري استغرق سبعة ايام كاملة . و ذكرت وكالة ( اسيوشيتدبرس ) في 26 تموز / يوليو، ان الهدنة الفلسطينية خرقت نتيجة هجوم قامت به الطائرات الإسرائيلية و مشاة الجيش الإسرائيلي على ثلاث قُرى عربية و غي 30 تموز / يوليو ، لاحظ مراسل ( نيويورك تايمز ) بطريقة غامضة ان الوضع (هدأ) فيما يبدو ، بفضل المساعي العاجلة التي بذلها مراقب الامم المتحدة ، بينما صرح هؤلاء ان الوضع (خطر) و يذكر بني موريس ان وحدات من ألوية غولاني و كرملي و الكسندروني احتلن القرى الثلاث ، و ان معظم من بقي من السكان اكره او اجُبر على الرحيل او نزح تلقائياً في اتجاه الشرق نتيجة نشر الدمار و القتل و القصف ، و روى سكان هذه القرى لاحقاً إنهم تعرضوا مراراً لنيران الجنود و الطائرات ، في اثناء فرارهم من قراهم ، و قال برنا دوت ، في ايلول 1948م قبل مصرعه بأيام ان السكان ( حاولوا التفاوض مع الجيش اليهودي ) و قد نقلت صحيفة ( نيويورك تايمز ) عنه قوله ان 8000 شخص طُردوا من منازلهم في القرى الثلاث ، و علم أنهم يبحثون عن ملاذ في منطقة جنين ، كما صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية يومها ان 4000 شخص حوّلوا الى لاجئين ، و ان 10000 الاف غيرهم اسُروا ، بينما قتل الكثيرون في اثناء الهجوم ، و جاء في تحقيق أولي للأمم المتحدة ان عدد القتلى و المفقودين بمائة و ثلاثين شخصاً .
وفي يوم 13 ايلول ،قبل مقتله بأربعة أيام أصدر الوسيط الدولي برنا دوت أمراً رسمياً دولياً الى ( إسرائيل ) تضمن النقاط و المطالب التالية :
1- إعادة اللاجئين الى القرى الثلاث اجزم جبع عين غزال .
2- ترميم منازلهم المدمرة ، او إعادة بنائها .
فرفض الصهاينة الإذعان لأمره [2] .
هذا بعض ما كتبه الباحث وليد ألخالدي عن ظروف و عن مأساة سقوط و احتلال هذه القرى الثلاث الأبية بعد إبداء مقاومة محمودة خلاقة سطرها لهم التاريخ بأحرف من نور بل تكتب بماء الذهب ، لقد رفض الصهاينة أوامر و نداءات الوسيط الدولي برنا دوت عودة اهل هذه القرى ، رفضوا عودة اللاجئين الى قراهم و الذين أرغموا على تركها و ما احتواه سجل الرواية الصهيونية الرسمية عن حرب 1948م ، و خدمة للقارئ ، أورد ما كتبه الصهاينة في ( الرواية الرسمية الإسرائيلية ) حول معارك قرى حيفا و منها القرى الثلاث اجزم جبع عين غزال و المعارك التي خاضها أبناء قرى فلسطين و سقوط قرى فلسطين الواحدة تلو الاخرى .
جاء في رواية العدو الصهيوني الرواية الرسمية :
( القوات العربية المحلية كانت لا تزال تسيطر على ( المثلث الصغير ) في الكرمل و كانت عين غزال و اجزم و جبع هي القرى التي تشكل رؤوس ( المثلث ) .
و كان هؤلاء العرب ، سكان الكرمل ، يضايقون حركة المواصلات العبرية ، و خصوصاً على الطريق الساحلي منذ بداية الأحداث و نتيجة هذه المضايقات لم نستطع استخدام القسم من الطريق الواقع بين زخرون يعقوب و حيفا ، و حولت حركة المواصلات ، المتجهة من تل ابيب الى وادي الملك . مروراً بيكنعام ، ومن هناك عبر طريق مشمار هعيمك – باجور الى حيفا .
و في أعقاب احتلال حيفا ضاقت حدود سيطرة العرب في الكرمل ، احتلت بلد الشيخ ، فتحت عسفيا الدرزية ، ودالية الكرمل ، التي تقطنها أكثرية درزية ، أبوابها امام جيش الدفاع الإسرائيلي .[3] ( وهذا كذب وأفتراء )
و احتلت الكتيبة 4 التابعة للواء ( غولاني ) في 15 /5 قرية أم الزينات الواقعة في وادي الملح ، و احتلت الطنطورة الواقعة على شاطئ البحر[4] ، قبالة بداية طريق وادي الملك في 23 /5 .
و سقطت الطيرة الواقعة في جنوبي حيفا في أيدينا ، خلال معارك ( الايام العشرة ) في 16 /7 و استعانت القوات البرية في هذا الهجوم للمرة الاولى بنيران من البحر ، إذ شاركت السفينة ( ايلات )[5] في قصف المكان تمهيداً لاحتلاله . و في اليوم نفسه شاركت ( حانة سانش ) و ( تكفا ) بنيران موجهة من اسلحة خفيفة في العمليات ضد قريتي صرفند و كفر لام ، الواقعتين بالقرب من شاطئ البحر بين الطنطورة وعتليت ..
و في اليوم التالي شاركت ايضاً (ديغوود ) في قصف عين غزال .
لكن لم يلبهم احد و كانت النتيجة ان هام الناس على وجوههم طُعمة للوحوش ، و بقي ن بقي طعمة للذبح و النار ) .[6] و لا بد في هذه الوقفة الأليمة وضياع فلسطين العزيزة التي أصبحت أندلسا ثانية ان أستذكر قول الشاعر حين سقطت الأندلس أقولها حين سقطت فلسطين اهديها الى ابناء فلسطين و الشعوب العربية و الأمة الإسلامية و الى أحرار العالم :
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة *** كأنها في مجال السبق عقبان
وحاملين سيوف الهند مرهفة *** كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراء البحر في دعة *** لهم بأوطانهم عز وسلطان
أعندكم نبأمن أهل أندلس *** فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قتلى وأسرى فما يهتز أنسان
بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم *** واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
يارب أم وطفل حيل بينهما *** كما تفرق أرواح وأبدان
وطفلة مثل حسن الشمس أذ طلعت *** كأنما هي ياقوت ومرجان
يقودها العلوج للمكروه مكرهة *** والعين باكية والقلب حيــــــران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** أن كان في القلب أسلام وأيمــان
رشيد جبر الأسعد
كاتب فلسطيني
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"
[1] - عصابات الصهاينة اتهموا هذا الوسيط الدولي المحايد انه منحاز للعرب وفق إعداد الخرائط و تنفيذ قرار التقسيم الجائر .. فقامت عصاباتهم الإجرامية بقتله في وضح النهار يوم الجمعة في 17 ايلول 1948م و هو يمارس واجبه .. قتلوه دون مراعاة للقوانين و الأعراف و الأخلاق ، انه إحدى ضحايا الشر و الإرهاب و الإجرام الصهيوني المبرمج ..و عصابات الصهاينة في فلسطين و في العالم اجمع و كذلك ( همرشولد ) في أفريقيا و ( جون كندي ) و مئات غيرهم قتلهم الصهاينة / راجع نص مقترحات برنا دوت في ملاحق الكتاب .. راجع اللواء الركن خليل سعيد : تاريخ حرب الجيش العراقي في فلسطين ج 3 ، ص (5).
[2] - الأستاذ وليد الخالدي : لكي لا ننسى ، صفحة ( 70 ) ، نيقوسيا ، قبرص .
[3] - نشك في صحة هذه الفرية الصهيونية فان اهل فلسطين المسلمين و منهم الدروز و النصارى و غيرهم بشكل عام كلهم دافعوا عن فلسطين وقدموا التضحيات و تلاحموا و انصهروا في بودقة الوحدة الوطنية .
[4] - ارتكبت عصابات الصهاينة مذابح خطيرة وقتل جماعي و عشوائي في اهل قرية الطنطورة لا تقل فضاعة و بشاعة عن مجزرة دير ياسين ، و بقيت هذه الجريمة بعيدة عن وسائل الإعلام العربية و العالمية حتى تقدم احد اليهود في التسعينات بأطروحة دراسية معترفاً بجرائم الطنطورة و التي تفوق في بشاعتها مجزرة دير ياسين .
[5] - السفينة ايلات مدمرة حربية صهيونية مقاتلة ضخمة .
[6] - تأليف : محمد نمر الخطيب : من اثر النكبة ، 1370هـ الموافق 1951م ، الطبعة الاولى ، طبع في المطبعة العمومية بدمشق ، صفحة (120).