كشف مسؤول “إسرائيلي“ كبير، مساعي "تل أبيب"
لتشجيع هجرة سكان غزة عبر تمويل رحلات هجرة طوعية، في محاولة منها للتخفيف من
تهديد أزمات القطاع، وتجنب الانفجار السكاني الذي يمكن أن يشكل خطرا أمنيا
واقتصاديا وسياسيا استراتيجيا عليها.
ونقلت هيئة البث “الإسرائيلي“ "مكان"،
الثلاثاء، عمن أسمته مصدر سياسي كبير في حاشية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن “إسرائيل”
سعت لتهجير سكان قطاع غزة من خلال فتح باب الهجرة الطوعية لهم.
وأضاف المصدر أن “إسرائيل” اقترحت على عدة دول استيعاب
فلسطينيين يرغبون في الهجرة طوعا من غزة دون رجعة، لكن هذه المحاولات "لم
تنجح".
وأشار أن “إسرائيل” مستعدة لتمويل رحلات الهجرة على أن
تنطلق من مطارات سلاح الجو جنوب البلاد.
** قنبلة
موقوتة
يقول المختص في الشأن “الإسرائيلي“ حاتم أبو زايدة
لأناضول: "هناك تفكير في “إسرائيل” منذ سنوات بشأن التهديد الذي يشكله قطاع
غزة فهو بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة بسبب الأزمات الاقتصادية
والمعيشية التي يعاني منها والزيادة المتسارعة بأعداد السكان".
ويضيف أبو زايدة: "لم تفلح “إسرائيل” طوال السنوات
الماضية في إنهاء تهديد غزة عبر حصارها على مدار 13 عاما، ومن خلال الوسائل
السياسية والعسكرية لذلك قررت العمل على تسهيل هجرة الفلسطينيين من القطاع".
ويتابع: "“إسرائيل” تدرك أن قطاع غزة يتضخم من
الناحية السكانية بشكل متسارع وكبير وهذا ستسبب بتفجر الأوضاع الأمنية في المستقبل
القريب حال استمرت الأزمات الاقتصادية والمعيشية بالقطاع".
ويشير أنه حسب التفكير “الإسرائيلي“ فإن فتح الباب أمام
سكان القطاع للهجرة إلى دول أوروبية وأمريكية سيساهم في تقليص عدد سكان غزة
وبالتالي معالجة الأزمة الاقتصادية والديمغرافية لبقية السكان.
ويعتقد أبو زايدة أن الكثافة السكانية في غزة المتزامنة
مع الأوضاع المعيشية الصعبة تشكل تهديدا كبيرا على الأمن “الإسرائيلي“، فعدم توفير
احتياجات وخدمات السكان وعدم منحهم فرصة للحياة الكريمة سيتسبب بلا شك خلال سنوات
قليلة، بزعزعة لأمن المنطقة وخاصة “إسرائيل”.
ويرى أن تخفيف عدد سكان القطاع يخفف من الضغط على
الموارد وبالتالي يقلل من أزمات البطالة والفقر وعند ذلك تنتهي الأزمة الاقتصادية
ويتحقق الاستقرار.
ويوضح المختص السياسي الفلسطيني أن تهجير الفلسطينيين
من غزة مخطط دولي ستشترك فيه أي دولة تقبل باستقبال سكان القطاع.
ويقدر عدد سكان قطاع غزة بحوالي 1.99 مليون نسمة، منهم
1.01 مليون ذكر، و980 ألف أنثى، حتى نهاية النصف الأول من العام 2019، حسب بيان
للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.
ويعاني نحو 56.6% من سكان قطاع غزة من انعدام الأمن
الغذائي، فيما يعيش نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، حسب بيانات أممية.
**الكثافة السكانية تهدد “إسرائيل”
في السياق نفسه، يقول الكاتب السياسي فايز أبو شمالة،
إن "مساعي دولة الاحتلال لتشجيع هجرة سكان القطاع تأتي لحل مشكلة الكثافة
السكانية العالية في القطاع التي تشكل تهديدا استراتيجيا كبيرا لها".
ويضيف أبو شمالة للأناضول: "“إسرائيل” ربما تفتح
مطارا في منطقة النقب (جنوب) لتسهيل هجرة الفلسطينيين من غزة وتمول هذه الرحلات
(..) هناك جدية كبيرة لدى "تل أبيب" بالتعامل مع هذا الملف وحاولت خلال
السنة الماضية إقناع العديد من الدول الغربية والشرق أوسطية بهذا الحل".
ويشير أن ما يعزز الفكرة لدى “إسرائيل” رغبة آلاف
الشبان بالهجرة من القطاع والبحث عن مستقبل أفضل، لافتا أنه في العام الماضي وحده
غادر 35 ألف فلسطيني غزة رغم صعوبات السفر.
ويرى أبو شمالة أن الكثافة السكانية العالية في غزة
تهدد بشكل خاص المستوطنات والتجمعات السكنية “الإسرائيلية“ القريبة من القطاع.
ويبين أن "الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي
عندما تخنقهم المساحة الجغرافية الضيقة لغزة ولا يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم
الأساسية".
وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2017 توقع بأن
تصبح غزة "غير قابلة للعيش فيها" بحلول عام 2020.
ووفقًا لأحدث إحصائية صادرة عن سلطة المياه الفلسطينية
(حكومية)، فإن "نسبة التلوث بالمياه الجوفية في غزة وصلت 98 بالمائة".
كما يعاني قطاع غزة من أزمة كهرباء كبيرة، جراء نقص
الإمدادات الواردة من “إسرائيل”، ومن محطة توليد الكهرباء بغزة، التي تعمل تقريبا
بنصف طاقتها.
** "تل أبيب" في مأزق
على ذات الصعيد، يقول رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية
المحلية (أسبوعية/ خاصة)، محمد أبو جياب للأناضول: "مساعي “إسرائيل” لتشجيع
هجرة الفلسطينيين من غزة ترتبط بمحاولاتها لتجنب أزمات مستقبلية ستنتج عن ضيق جغرافية
القطاع وقلة الموارد والإمكانيات".
ويضيف أن ""تل أبيب" ستكون في مأزق كبير
خلال سنوات قليلة فقط لأن هناك فجوة هائلة بين أعداد السكان في غزة والموارد
والطاقة والمياه والجغرافية المتاحة، وهذه الفجوة ستجعل من المستحيل السيطرة أمنيا
على هؤلاء السكان".
ويذكر أبو جياب أنه بدلا من البحث عن تأمين متطلبات
البقاء للفلسطينيين في غزة تعمل “إسرائيل” من أجل تشجيع هجرتهم، وعندما تنجح في
ذلك فإنها ستتخلص من كابوس يهدد أمنها ووجودها.
وارتفعت نسبة الفقر في قطاع غزة العام الماضي إلى 53%،
فيما تخطت معدلات البطالة الـ80%، وفق بيانات المركز الفلسطيني للإحصاء (حكومي)،
واللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة (غير حكومية).
المصدر : وكالة أنباء الأناضول
21/12/1440
22/8/2019