السلطات تعدم 13 رجلاً عراقياً إثر محاكمات جائرة مشوبة بمزاعم التعذيب

بواسطة قراءة 3613
السلطات تعدم 13 رجلاً عراقياً إثر محاكمات جائرة مشوبة بمزاعم التعذيب
السلطات تعدم 13 رجلاً عراقياً إثر محاكمات جائرة مشوبة بمزاعم التعذيب

وقد تمكَّنت منظمة العفو الدولية اليوم من تأكيد أسماء تسعة من أولئك الرجال، الذين أُعدموا في 22 سبتمبر/أيلول عقب صدور أحكام بالإعدام عليهم إثر محاكمات جائرة استندت إلى "اعترافات" زُعم أنها انتُزعت منهم تحت وطأة التعذيب.كما أُعدم أربعة أشخاص آخرين في ذلك اليوم، مما رفع العدد الإجمالي للمعدومين في العراق إلى ما لا يقل عن 73 شخصاً حتى الآن.

وقالت حسيبة الحاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن السلطات العراقية اختارت أن تتحدى الدعوات المتكررة إلى عدم إعدام السجناء، والاستناد إلى "اعترافات" مشوبة بالمثالب انتُزعت منهم تحت وطأة التعذيب. وإن فرض أحكام بالإعدام بناء على محاكمات جائرة بشكل صارخ أمر لا يُصدَّق."

وقد حثَّت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية على عدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الرجال التسعة، وعلى إجراء تحقيق في مزاعمهم التي تقول إنهم تعرَّضوا للتعذيب بهدف انتزاع "اعترافات" منهم. ويبدو أن المحكمة التي حاكمتهم تجاهلت أدلة طبية دامغة تدعم شكاواهم، واستخدمت "اعترافات" غير مقبولة بموجب القانون الدولي. وقد قصَّرت محاكمتهم كثيراً عن الإيفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

وأضافت حسيبة الحاج صحراوي تقول: "إننا نحث السلطات العراقية، مرة أخرى، على إعلان وقف تنفيذ عمليات الإعدام كخطوة أولى باتجاه إلغاء عقوبة الإعدام كلياً، وعلى تخفيف جميع أحكام الإعدام الصادرة بحقهم. كما يتعين على السلطات التصدي للمثالب التي تشوب نظام العدالة العراقي، والتحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة في الحجز، وإعادة محاكمة المتهمين بما يتسق تماماً مع معايير المحاكمات العادلة."

وكان الرجال التسعة من بين مجموعة تضم 11 شخصاً حُكم عليهم بالإعدام من قبل المحكمة الجنائية الفرعية الأولى في الأنبار في 8 أغسطس/آب 2010 بعد إدانتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005 القمعي. ولا يزال الشخصان الآخران تحت طائلة حكم الإعدام.

وفي أثناء المحاكمة، زعم عدد من المتهمين أن ضباط الاستجواب قد أقدموا على تعذيبهم أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي في مديريتي مكافحة الإرهاب بحديثة وهيت. وقالوا أنهم قد تعرضوا للضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من أذرعهم إلى أن وافقوا على "الاعتراف".  وزُعم أن بعض المتهمين قد عرضوا أمام القاضي آثار بادية على أجسادهم قالوا أنها ناجمة عن التعذيب، وأبرزوا للمحكمة أدلة من تقارير طبية تؤيد ما ورد في مزاعمهم.

ولقد أيدت محكمة التمييز في عام 2011 أحكام الإعدام الصادرة بحقهم.

وفي معرض تقييمها للمحاكمة، عاينت منظمة العفو الدولية نسخاً من وثائق المحكمة، بما في ذلك نص الحكم والتقارير الطبية، وقامت كذلك بإجراء مقابلات مع أقارب المتهمين والمحامين. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2012، دعت المنظمة السلطات العراقية إلى مراجعة القضية ولكنها لم تتلقَ رداً حتى الساعة.

ويُذكر أن منظمة العفو الدولية تعارض فرض عقوبة الإعدام في جميع الأحوال دون استثناء، وذلك بوصفها أشد العقوبات قسوة ولا إنسانية وإهانةً، وتشكل انتهاكاً للحق في الحياة.

خلفية 

تدرك منظمة العفو الدولية التهديد الخطير الذي تشكله الجماعات المسلحة باستمرار على الأمن والنظام العام وسيادة القانون في العراق.  وما انفك مئات الأشخاص يلقون حتفهم شهرياً جراء هجمات واعتداءات عنيفة تشنها الجماعات المسلحة في مختلف أرجاء العراق.  وتدين المنظمة دون أدنى تحفظ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والخروقات التي ما انفكت الجماعات المسلحة ترتكبها بما يخالف القانون الإنساني الدولي.  ومن واجب السلطات العراقية ومسؤوليتها أن تعمل على جلب الجناة للمثول أمام العدالة جراء ما يرتكبونه من انتهاكات لحقوق الإنسان، شريطة عدم اللجوء إلى فرض عقوبة الإعدام بحقهم.  ومع ذلك، فيتعين على السلطات العراقية عندما تسعى لتحقيق ذلك أن تمتثل في جميع الأوقات لمقتضيات التزامات العراق المترتبة عليه وفقاً لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وحماية الحقوق الخاصة بمن يُشتبه بارتكابهم أو تُسند إليهم التهمة ارتكاب حتى أبشع الجرائم وأفظعها.  وفي 21 سبتمبر/ أيلول 2013، قُتل وجُرح عشرات المدنيين جراء تفجيرات استهدفت بيوت عزاء في مدينة الصدر التي تُعد من أحياء الشيعة في بغداد.  كما قُتل آخرون في اليوم التالي جراء تفجير استهدف بيت عزاء سني ببغداد أيضاً.

ويُعد العراق أحد أكثر دول العالم تنفيذاً لعقوبة الإعدام، حيث تزعم الحكومة العراقية أنها تستخدم عقوبة الإعدام كأداة في معركتها ضد المستويات المرتفعة من العنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة.  وثمة مئات من السجناء بانتظار تنفيذ الحكم بالإعدام.  وسجل العراق في عام 2012 زيادة كبيرة في عدد الإعدامات مما جعله ثالث أعلى بلد في العالم من حيث عدد الذين أُعدموا ذلك العام.  فلقد أُعدم 129 شخصاً على الأقل، وهو ما يكاد يعادل ضعف عدد الذين تأكد إعدامهم في عام 2011.  ومنذ بداية العام 2013، اُعدم 73 شخصاً على الأقل، بينهم امرأتان.

ولقد حرصت منظمة العفو الدولية على توثيق وحصر 90 حالة من المحكومين الإعدام في العراق ممن أُدينوا بارتكاب جرائم إرهابية وغيرها من الجرائم بناء على "اعترافات مزعومة" يقرون فيها على أنفسهم بارتكاب الجرم المنسوب إليهم، وقال المتهمون أنهم قد أُجبروا على الإدلاء بها تحت التعذيب أثناء احتجازهم دون السماح لهم الاتصال بالمحامين أو التواصل مع العالم الخارجي وهم في محبسهم.  ولمزيد من المعلومات، يُرجى مراجعة التقرير الصادر بعنوان " العراق: عقد من الانتهاكات"، وشاهدوا الشريط المصور من إعداد منظمة العفو الدولية والذي يحمل العنوان التالي: "تقافة الاعتراف المميتة في العراق" (مشاهدة أولية).

ولقد أُعدم في أبريل/ تيسان 2013 ما لا يقل عن أربعة من السجناء التسعين الذين شملهم التقرير، وأعقب ذلك تنفيذ أحكام الإعدام بتسعة آخرين في 22 سبتمبر/ أيلول الجاري. ومنذ إعادة العمل بعقوبة الإعدام في العراق في أغسطس/ آب من عام 2004، أُعدم ما لا يقل عن 520 شخصاً هناك.  وبحسب تقريرها الصادر في وقت سابق من العام الجاري، قالت وزارة حقوق الإنسان العراقية أن محاكم الجنايات في العراق قد أصدرت أكثر من 2600 حكم بالإعدام ما بين عامي 2004 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2012.

ولطالما تكررت مناشدات بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالإعدامات خارج أطر القضاء، أو الموجزة أو التعسفية من أجل فرض وقف اختياري على العمل بعقوبة الإعدام في العراق.  ورداً على إعدام 21 سجيناً في يوم واحد خلال شهر أبريل/ نيسان 2013، صرحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن "نظام العدالة الجنائية في العراق لا يزال قاصراً عن العمل بالشكل الملائم، خاصة مع صدور العديد من أحكام الإدانة القائمة على اعترافات منتزعة تحت التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وضعف القضاة، واتباع إجراءات محاكمة لا تلبي متطلبات المعايير الدولية.  وعليه فيصبح فرض عقوبة الإعدام في ظل مثل هذه الظروف أمراً غير مقبول جراء عدم إمكانية التراجع عن عقوبة الإعدام الناجمة عن أي ميل في الحكم أو إساءة في تطبيق العدالة".

 

المصدر : موقع منظمة العفو الدولية

25/9/2013