انتهى مؤتمر ما يعرف دعم الانتفاضة الفلسطينية أعماله في طهران يوم الأحد الماضي من هذا الأسبوع وحتى لا تكون القضية الفلسطينية كقميص عثمان يحاول ركوبها كل مدعي ومنتفع للحصول من دعوى نصرة قضية فلسطين على مكاسب تحقق له امتيازات على ارض الواقع فنوجه كلمة مختصرة للمؤتمر المزعوم ونقف مع اهلنا وقفات هادئة هادفة نستذكر حقيقة الامر.
لقد مل شعبنا الفلسطيني المزايدات على حساب معاناته ومآسيه ومل الاجتماعات والمؤتمرات التي تتحدث باسمه ومنذ أكثر من ستين عاما والتي لا يجني منها الحضور في تلك المؤتمرات إلا النوم في افخر الفنادق والتمتع بألذ الأطعمة بينما لا يجني منها شعبنا المسكين إلا زيادة معاناته وشتاته وافتراشه للأرض والتحافه بالسماء.
إن تكاليف مؤتمر واحد من تلك المؤتمرات كفيلة بحل مشاكل فئة من شعبنا العزيز فعلى سبيل المثال لو صرفت الملايين التي صرفت على هذا المؤتمر حيث دعي له ممثلين عن أكثر من سبعين بلدا تكفلت الدولة المضيفة بنقلهم ونومهم وطعامهم وشرابهم الفاخر طبعا !!! لو صرفت تلك الملايين لبناء مساكن لشعبنا الفسطيني المهجر من العراق في أي دولة وإنهاء مشكلتهم التي لها عدد من السنين ألا يكون هذا حلا عمليا !! لكن:
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب
لكن القائمون على تلك المؤتمرات يصرون على أن تكون نتائج مؤتمراتهم عبارة عن خطب رنانة وتمجيد بالدولة الممانعة المضيفة للمؤتمر وهذا يلقي ضلالا من الشك عن الهدف من وراء إقامة مثل تلك المؤتمرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع .
العجيب من أمر هذا المؤتمر هو أن كثير من المحاضرين فيه ومن بحت حناجرهم لنصرة قضية فلسطين ممن تتواجد في البلاد التي يمثلونها جالية فلسطينية تضطهد وفي وقت قيام هذا المؤتمر, بل من ألقى بعض الكلمات ممن تلطخت أيديهم بدماء الفلسطينيين فعلى من يضحكون وبدم من يتاجرون؟!!
فعلى سبيل المثال إخواننا الفلسطينيين في العراق ومنذ دخول الاحتلال الأمريكي ذلك البلد ومسكت زمام الامور فيه أحزاب موالية لإيران ومنهم من تربى في حضنها وهي الدولة الراعية لهذا المؤتمر طبعا . لم يهنأ أهلنا الفلسطينيين بالعيش الكريم فقد ارتكبت بحقهم أبشع المجازر التي تذكرنا بمحاكم التفتيش ويعرف كل إخواننا الفلسطينيين في العراق من هو المتهم .
فقد اخرج بعض المختطفين الفلسطينيين من الحسينيات المجاورة ويعرف إخواننا من أين كانت تلقى قذائف الهاون التي كانت تستهدف الأبرياء بالمجمع الفلسطيني في البلديات . والى الآن يتم اعتقال الإخوة الفلسطينيين بدون جرم أو تهمة ولو تغير الأسلوب من لباس الميليشيات إلى لباس القوات الحكومية .
إن هذا المؤتمر لم يشر من قريب أو بعيد إلى حل معاناة الفلسطينيين أو تقديم يد العون لإخواننا في المخيمات على الحدود السورية العراقية أو داخل سوريا أو داخل بغداد من باب أولى .
وكمثال آخر لحالة الازدواجية والنفاق الذي نعيشه مشاركة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بالمؤتمر ونبيه بري كما يعرف الجميع هو رئيس حركة أمل التي عاثت الفساد بدماء إخواننا الفلسطينيين في مخيمات بيروت فحاصرتهم حتى اضطروا لأكل الكلاب والقطط فيما لم تصدر الدولة المضيفة لمؤتمر نصرة فلسطين أي بيان استنكار لهذا الفعل الشنيع . علما إن إخواننا في لبنان يعيشون في مخيمات مزرية ويحرمون من ابسط وسائل العيش حيث يحرمون من مزاولة قرابة سبعين وظيفة في ذلك البلد فهل من ينصرهم في فلسطين – بالمؤتمرات طبعا والصراخ والعويل- يقمعهم ويضطهدهم في لبنان والعراق؟!!! فاعتبروا يا اولي الابصار.
هذان مثالان صارخان للعب بالورقة الفلسطينيية وإلا فالأمثلة كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها .
لقد أصبحت اللعبة مكشوفة وقد وعى شعبنا الفلسطيني الدرس ولن تمر عليه مثل تلك المزايدات حيث يسمع كلاما جميلا ويرى على ارض الواقع الدماء والأشلاء فنقول لمن يعقد مثل تلك المؤتمرات وفروا نفقاتكم على أنفسكم وقدموها لشعوبكم الجائعة .
ثم سؤال يطرح نفسه للحضور من الساسة الفلسطينيين وغيرهم ممن بحت اصواتهم ليل نهار هل طلبتم خطوات عملية من حليفكم ايران لوقف المداهمات والاعتقالات والتهجير القائم على قدم وساق ضد الفلسطينيين في العراق؟!! هل تكلمتم بلهجة قوية مع القادة الايرانيين بضرورة وضع حد من خلال الضغط على الساسة العراقيين؟!! وهل .. وهل ... ؟!
العجيب انكم جزأتم قضية فلسطين فمن هم في غزة والضفة وفي بعض البلدان فلسطينيون ومن في لبنان والعراق ودول اخرى ليسوا كذلك!! والا ما هو تفسيركم لهذا التناقض من خلال التصفيق الحار والتطبيل لجانب من الجراحات واهمال ونسيان جوانب اخرى؟!!
كان الاولى بالمؤتمرين ايجاد حلول عاجلة والمطالبة باطلاق سراح المعتقلين الابرياء في سجون الحكومة العراقية وقد حضر ممثلون عنها!! كان الاولى بالقيادات الفلسطينية التي حضرت طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في العراق وايجاد مأوى لأولئك الذين يعيشون في الصحراء!! كفاكم صراح وجعجعات وعويل ومؤتمرات وشعارات سئما كل ذلك حتى صار حالكم ينطبق عليه المقولة ( أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ).
عبد العزيز المحمود
كاتب فلسطيني
5-10-2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"