كل عام وشعبي بألف خير ,, كل عام والفلسطينيون يرفلوا رغم جراحهم بالعافيةِ ,, كل عام وأهلي يلبسون الفخرِ ثياب عزِ وكبرياء ,, ,, كل عام والوفاق والوئام عنواناً لهم ,, كل عام والوحدة رداءهم ,, كل عام والتوحد تاجٍ على رؤوسهم ,, يرتطم بسقف السماء ,, كل عام وأيامهم حبلى بالخير ,, للبنات فيهم قبل البنين ,, كل عام ولم يبقى فرداً فيهم ,, لم يحج البيت العتيق ,, كل عام والكل فيهم يسبق اسمه فخراً ب ( يا حاج ) ,, ليكون هو العنوان ,, للذكور والإناث لمن فيكم مسلمين .
كل عام وحقولك يا وطني السليب خضراء ,, والأرض الجرداء فيك يا بلدي فيحاء ,, وروابيك منحنية فيها السنابل السمراء ,, من ثقلاً في بطونها بإباء ,, ليكون دقيقك ناعمُ ناصع بياضه ,, لكعك عيدك وأنت وأبناءكم في غمرة اللقاء ,, كل عام والأمن والأمان والوئام والسلام ,, صرخةً تطلقها للكون كله لمن كان البقاء .
وعذرا أن جئتكم هذا العيد ,, وقد ناء جسدي ,, من سلة أحزان ودموع ,, حملني إياها أناس كانوا من أهلكم ,, من عراقٍ كان فيه فلسطينيون ,, جئت لأنثرها هداياه ,, ليس لكم ,, إنما لمن ضيفونا في مرابعهم ,, وأسكنونا حيث كان يسكن الفؤاد لسنين ,, فلا يخافوا لأني لم أبقي في السلةِ قطرة من دموعهم ,, وان عفرت بتراب بلدانكم يا عرب ويا مسلمين .
الدمعة الأولى من طفلٍ قال ,, خرج أبي من قبل العيد بيوم ,, ليأتي لي ببدلة جديدة ,, وبعض الحلوى ,, لكنه لم يعد ,, فقد مضى عليه ثمانية سنين ,, لم يرجع ,, لذا اسألوا أزلامكم لعلهم يرشدوني إليه ,, فأظن قد تاه أبي عن عتبة بابنا ,, في زحمة مدنكم العامرة بالأمن والأمان ,, أو لعله ضل طريق العودة لدارنا منذ سنين ؟؟ .
الدمعة الثانية من زوجة قالت ,, ذهب زوجي صبيحة العيد ليأتي لنا بلحمة العيد ,, وأرغفة خبزٍ ,, وطلب مني أن أزين أبتنا بحلة العيد ,, وأن لا أنسى إعداد الشاي الذي يحبه كثيراً ,, لنجمتع على ما قسمه البار لنا فطارً للعيد ,, وللآن مازال إبريق الشاي يغلي على نار قلبي ,, وأنا بانتظاره لكي أسكبه ,, بما تبقى في قلبي ,, من أقداح شوقاً ,, وفناجين لهفةً وخوفاً عليه وحنين ؟؟ .
الدمعة الثالثة من أم قالت ,, لم يأتي ولدي لمعايدتي هذا العيد ,, وهو البار بي مذ شب ,, وعند سؤالي عنه ,, قالوا هو في الطريق إليك ,, لكنه لم يأتي ,, فمن يعرف ليدلني أين حل به الدهر ,, أو فليقل له لم كل هذا ألتأخر عن أمك ,, فبالله عليكم أن أتى ووجدني نائمة ,, لا يقلق ولا يفيقني ,, ولا يحزن ,, لأنه سيجد قلبي عند عتبة الباب بانتظاره ,, فمنذ غبت عني عمري يأبي قلبي ,, المكوث في صدري ,, لا تقلق يا روحي فلم يعد قلبي ,, يطيق انتظارك لكثرة شوقي ,, ففر خوفاً من أن يقتله في بعدك عنه الحنين ؟؟ .
الدمعة الرابعة من أخت قالت ,, أخي ما زال زوجي يحلو له مشاكستي ,, فلم يهدأ ما لم يراك ليقول خجلاً ,, أختك يا خال أولادي في عينيه ,, فلم أسمعه يقلها من ثمانية سنين ,, وبات كلما نظر إليَّ ,, وأنا قبل فكري شاردةً ,, وعيوني ترنو لثقب الباب ,, لعلي أسمع وقع قدميك خلفه ,, أو أرى بعض خيالك ,, يتسلل لغرفتي من تحت عتبته ,, لينير عتمة صدري قبل بيتي ,, فكلما وجدني على حالي هذا ,, يتبسم قائلاً لي ,, لا عليك فأنتِ مذ غاب أخيك ,, أصبحتي بقلبي وعيوني ,, فلأخيك طلةُ أنا وليس أنتِ ,, أشتهيها منذ سنين ؟؟
.الدمعة الخامسة من 2008 عين أدماها طول الانتظار في صحراء الوليد ,, في أرضٍ راق لها ابتلاع أعمارهم قبل دموعهم ,, ويأبى أهلها اليوم أن تبتلعهم ,, بحجة أنها لم تعد تطيقهم ,, فرمالها لفضتهم لملوحة دمعهم ,, وهي أرض غناء تنبت ذئاب وثعابين ,, واليوم لم تعد تطيق دمع أطفال فلسطين ,, فرحمة بهم اجتمع عليهم ,, كل من في الأرض أجمعين ,, ليردوهم إلى حيث الموت المبين ؟؟ .
الدمعة السادسة والأخيرة هي من حامل تلك السلة ,, التي تخر على رأس أحداث الزمان دمً ودمع ُ مكابرٍ على الخدين ,, منذ حملوه هو وسلته ,, ليجوبوا به بقاع الأرض ,, حتى وجدوا له ملاذاً ,, بغير بلاد العرب والمسلمين ,, فلم يعد صوت لأذان ولا تكبيرة الله أكبر يسمعها ,, فراح يرددها سراً ,, والجهر دمعةً على خد غربته ,, وصفعةً بكفيه على قفى الأحداث ,, وركلة بكل ما أوتيَ من عزمٍ ,, على ما تبقى من حياته ؟؟ .
لم يعد في السلة من حزن ودمعٍ ,, فقد خَرت من ثقوبها في غفلةٍ مني ,, لتنسكب على وجنتيً لتغمر وجهي ,, فيصبح الكون كله بلا ملامح ,, والكل من حولي يريدني أن أسامح ,, وبكفيَّ المبتورتين أصافح ,, وقد فاتهم قد ولى عمري وأنا ليس برابح ,, ولم يعد مزغً ما مسها النوى في الجسد ليكافح ,, فالروح مسافرة ,, والعقل في لملت ذكرياته سائح ,, فلا عذراً لي ان قلت لغير أهلي ,, هنيئاً لكم هذا العيد ,, والكل فيكم يحمل فرحته بعيده ,, وان كانت جرحاً ودمعة ,, مسافرة على مر الأزمان ,, تأبى أن تحط إلا على قلب أمٍ وأب وأخت وبنين وبنات ,, شوقه إليهم للآن جامح ,, كل عام تهنئة نرسلها ,, ودمعة نسكبها ,, على من غيبتهم يد المنون ,, كل عام لمن القلب يتمنى لقياهم ,, والروح تتلوى ألماً لفراقهم منذ سنين ,, كل عام وفلسطينيو العراق ,, في كل بقاع الأرض بألف ألف خير ,, كل عام وعيدنا بإذن ربنا سيكون مباركاً ,, يوم لمتنا وعودتنا ,, رغم أنف الأنام ,, وبهذا فلتصمت جراحنا برهةً ,, ليبتدأ كلُ فينا بالتهنئة ليحلو الكلام ,, والسلام ...
بقلم / جمــال أبــو النســــب
الولايات ألمتحدة الأمريكية / كاليفورنيا
31/10/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"