السياسة الكويتية – 28/7/2009
ملالي طهران يدعون نصرة فلسطين وأتباعهم في بغداد يذبحون اللاجئين منذ تسلم الطائفيون الحكم في العراق, بدأت اعمال العنف الطائفي على ايدي الميليشيات الطائفية وتحديدا ميليشيات ما يسمى
بـ "جيش المهدي" و"فيلق بدر" وكلتيهما تضمان الحثالات من القتلة واللصوص وارباب السوابق, ومن دربتهم ايران على اقذر انواع التصفيات والمجازر, فقد مارست هذه الميليشيات اعمال القتل على الهوية وتشريد المواطنين وتهجيرهم من دورهم, ومناطق سكناهم, وتعرض الفلسطينيون اللاجئون الى العراق (منذ اكثر من 60 عاما) الى شتى حملات التنكيل والتصفيات وهدمت مساجدهم وشردوا من دورهم واغتيل شبابهم وتم تعذيبهم في مراكز شرطة صولاغ والجعفري ورميت جثثهم في الشوارع, وكل هذه الجرائم موثقة ومعروفة, من ايران الملالي (التي تدعي الحرص على تحرير القدس انطلاقا من مقولة الخميني (تحرير القدس يمر ببغداد) ويبدو ان اتباعه نفذوا هذا الشعار بدقة من خلال التصفية الدموية للفلسطينيين في العراق, ولم يتحرك أحد من ملالي طهران (أدعياء تحرير القدس والاحتفال السنوي بيوم القدس) ليستنكر او ليأمر اتباعهم في الميليشيات المؤتمرة باوامر طهران من اجل ايقاف المجزرة الوحشية التي تعرض لها فلسطينيو العراق عام 2006.
وكانت كل جريرة الفلسطينيين في العراق انهم تنعموا بامتيازات في عهد النظام السابق, وهي تهم سخيفة لاتقوى على الثبات.
كان عدد اللاجئين الفلسطينيين عند احتلال العراق نحو 18 ألف نسمة وفق الإحصائية التي اجرتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في سبتمبر 2003, وقد توزعوا على ستة مجمعات في بغداد وواحد في البصرة وآخر في الموصل, وكان التجمع الأساسي لهم في منطقة البلديات ببغداد, وهي عبارة عن عمارات سكنية منحتها الحكومة العراقية للفلسطينيين عام 1970 وتبلغ 16 عمارة سكنية مكونة الواحدة منها ثلاث طبقات وفي كل عمارة 48 شقة. وكذلك ملاجئ الزعفرانية. حيث يضم ملجأ الزعفرانية 185 عائلة وهناك الورشة المحمية أيضا في الزعفرانية وتضم 17 عائلة.
لقد ترك احتلال العراق ومنذ لحظاته الأولي أثرا كبيرا على اللاجئين الفلسطينيين في العراق, تمثل بالعديد من الممارسات السلبية تجاههم, سواء من قوات الاحتلال أو الأطراف العراقية الطائفية الأخرى, تمثلت في قصف المجمعات السكنية في البلديات واستشهاد وجرح البعض منهم, كما تم طرد الفلسطينيين من البيوت التي كانوا يسكنوها, نتيجة لما تقدم فقد تم إنشاء مخيم جديد في منطقة البلديات على أراضي ملعب نادي حيفا لكرة القدم لاستيعاب الفلسطينيين الذين طردوا من مناطق سكناهم وتم إسكان نحو 500 عائلة, كما ان قوات الاحتلال تعاملت مع الفلسطينيين على أنهم "حلفاء" النظام السابق وكانت معاملتها لهم تقوم على هذا الأساس. ناهيك عن الممارسات التي مارستها بعض الميليشيات الشيعية عبر تهديد اللاجئين الفلسطينيين بالقتل, وذلك عبر توزيع بيانات تؤكد هذه التهديدات, وقد قتل فعلا كثير من الفلسطينيين نتيجة ذلك بالإضافة إلى التصريحات التحريضية لبعض الأحزاب التي جاءت مع الاحتلال مثلما صرح بذلك حزب "المؤتمر الوطني" العراقي واصفا مجتمع اللاجئين في العراق بأنهم "يشكلون طابورا خامسا وكريها للنظام السابق".
إن هذا الوصف يشكل قضية خطيرة فهو في ذلك يدعو المجتمع العراقي وخصوصا ممن كان له موقف من النظام السابق إلى التحرك وبكل الوسائل ضد مجتمع اللاجئين في العراق. ان التحريض على الفلسطينيين اتخذ أشكالا أخرى عبر الفضائيات التي افتتحت بعد الاحتلال مثل "المحطة الفضائية العراقية" التي عرضت بعض الفلسطينيين على أساس انهم دبروا عمليات تفجير في أماكن مختلفة من بغداد, وأنهم عناصر يتبعون تنظيم "القاعدة", وقد برأهم القضاء العراقي فيما بعد.
ولقد كان حادث تفجير مرقد الامامين في سامراء نقطة التحول الخطيرة في استهداف الفلسطينيين في العراق, فأصبح هؤلاء هدفا للعديد من الأطراف منها لواء "الذئب" التابع لباقر صولاغ الذي مارس الكثير من الاعتداءات والتعذيب والتصفيات واقتحام المجمعات السكنية واعتقال الكثير من أبناء الجإلة بتهمة الإرهاب. وتبع ذلك قيام ميليشيات "جيش المهدي" التابعة لمقتدى الصدر وميليشيات "بدر" التابعة للحكيم باختطاف الكثير من الفلسطينيين وتعذيبهم بصورة بشعة قبل قتلهم, وتتحدث مصادر الجإلة عن مقتل أكثر من 650 فلسطينيا على أيدي هذه الميليشيات وهو رقم كبير مقارنة بعدد الجالية , وهناك نحو 150 جريحاً, ولا يزال هناك نحو 68 معتقلا لدى القوات الأميركية, والتي أفرجت عن نحو 180 معتقلا, ولا تتوفر أرقام موثوقة عن عدد المعتقلين لدى الحكومة العراقية حيث يعتقد انهم تمت تصفيتهم, ونتيجة لحملات التصفية والتعذيب والتهجير, غادرت اعداد كبيرة من العائلات الفلسطينية بما خف حمله من متاع, وتوجهوا نحو الحدود أملا في أن تسمح دول الجوار العربي لهم بدخول اراضيها حماية لهم من الذبح على ايدي الميليشيات الايرانية, ولكن المهجرين لقوا اشد انواع العنت وبقوا في مخيمات على الحدود, لايستطيعون العودة للعراق لأن الموت والتصفية بانتظارهم, ولا يستطيعون الدخول الى اي بلد عربي, وهناك اكثر من مخيم انشئ لاستيعابهم موقتا منها "مخيم الرويشد" على الحدود الاردنية ويضم ما بين 500و1000 نسمة.
وسمحت الحكومة الأردنية بدخول نحو 400 من المتزوجين بأردنيات. وتم اغلاق المخيم عام 2007 بعد ان تمت اعادة البعض من العائلات الى العراق, وآخرون سمح لهم بالهجرة الى البرازيل وكندا وأميركا ونيوزيلندا. أما مخيم طريبيل: فقد تشكل في البداية مع وجود 89 فلسطينيا خرجوا في مارس عام 2006 بعد أحداث تفجير سامراء, وقد منعوا من دخول الأردن واقاموا في مخيم لهم في منطقة طريبيل داخل الأراضي العراقية ليصبح العدد 178, وقد تم إغلاق المخيم بعد موافقة الحكومة السورية على دخولهم لأراضيها بتاريخ 12 مايو عام 2006. وهناك مخيم الهول: أسس هذا المخيم في المثلث السوري- التركي- العراقي من محافظة الحسكة شمال سورية على بعد نحو كيلو متر من قرية الهول انضمت إليه العائلات التي كانت في مخيم طريبيل بالإضافة إلى عائلات أخرى انضمت إليهم وكان عددهم 304 فلسطينيين ومن قبلهم استقبل هذا المخيم 18 فلسطينيا أيضا نقلوا إلى كندا لاحقا, والآن يضم المخيم نحو 400 فلسطيني ولا يزال مفتوحا, وهناك مخيم التنف: في المنطقة العازلة بين الحدود السورية- العراقية وقرب مركز التنف الحدودي, أنشأ بتاريخ 12 مايو عام 2006 بعد تدفق أعداد من الفلسطينيين على أمل الالتحاق بمخيم الهول, إلا أن السلطات السورية منعتهم من ذلك وقررت انشاء مخيم في هذه المنطقة القاحلة, وصل عددهم مع نهاية عام 2007 الى 354 فلسطينياً, ويبلغ عدد اللاجئين في هذا المخيم نحو 880 لاجئاً. كما أن الظروف المعيشية بالمخيم صعبة جدا. وهناك مخيم الوليد: اقيم هذا المخيم في صحراء الانبار في نوفمبر عام 2006, واعداد اللاجئين في هذا المخيم كما هو الحال في المخيمات الاخرى يزيد وينقص باستمرار وحاليا يبلغ عددهم 1700 لاجئ.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد زار كردستان العراق اخيرا والتقى البارزاني والطالباني, ويقال انه تباحث معهما حول مدى استعداد الاكراد لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين واسكانهم في كردستان, واعرب الاكراد عن استعدادهم لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين ومنحهم هويات للإقامة وتأمين الأمن والسكن والعمل لهم.
ان محنة العذاب التي عاشها ومازال يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في العراق تشكل وصمة عار في جبين من يرفعون شعارات "تحرير القدس", ويحتفلون سنويا بيوم القدس ويدعون نصرة فلسطين, لكنهم لم يمنعوا اتباعهم وموإليهم من ذبح الفلسطينيين في العراق وتشريدهم, فمتى يتم الانتباه الى معاناة الفلسطينيين في العراق؟.
28/7/2009
د أيمن الهاشمي