عمان ـ القدس العربي ـ من هديل غبّون: بلغت أزمة اللاجئين الفلسطينيين الثمانية والثمانين الذين خرجوا من العراق قبل أربعة أيام متوجهين الي الأردن ذروتها أمس، حيث حاصرتهم قوات عراقية في منطقة تواجدهم فيما يعرف بالأرض الحرام علي الحدود الأردنية العراقية أو العازلة ، مجبرة إياهم عنوة وتحت التهديد بالسلاح علي التراجع والعودة الي داخل العراق وفقا لما أفاده المواطن الفلسطيني فراس اليازوري وأحد العالقين هناك في اتصال هاتفي خاص مع القدس العربي .
وأضاف اليازوري المتزوج من أردنية وأب لثلاثة أطفال أقاموا جميعهم في العراء، ان مجموعات من الجيش العراقي حاصرتهم في الأرض الحرام وطلبت منهم العودة الي الداخل معللين ذلك بالقول انهم سببوا أزمة سياسية مع الدولة الأردنية وان عودتهم ستحل الأزمة دون ذكر اية مبررات أخري، رغم ما قدمونه من مساعدات للاجئين وتوفير للماء والغذاء. وتابع اليازوري القول بمناشدة عبر القدس العربي وجهها إلي الدول العربية والمجتمع الدولي والهيئات الإنسانية والأمم المتحدة في العالم والأردن وعلي رأسها الملك عبد الله الثاني التدخل في حل الأزمة دون إعادتهم إلي العراق، والنظر لهم بعين الإنسانية، معلقا علي إجبارهم علي العودة بالقول انها تعني الموت المحتم .
وحتي مساء امس تم حجز المجموعة في أحد المجمعات الحدودي وفقا لليازوري، حتي تتخذ السلطات العراقية إجراءات بحقهم، في انتظار صدور اية تعليمات جديدة لمدة اسبوع حتي تصدر ردود فعل من الجهات المعنية لنداءاتهم، متوقعا ان يتم ترحيلهم إلي بغداد عنوة حيث تركوا ديارهم هربا من التفجيرات وعمليات القتل العشوائية، ولعل ما زاد المشهد حدة تقدم عناصر من القوات الأردنية ودخولها مناطق قريبة جدا من الأراضي العراقية لمحاصرة المنطقة ومنع اية محاولات للدخول الي أراضيها مستخدمة المدرعات والآليات العسكرية وفقا لشاهد عيان من هناك طالبا عدم الكشف عن اسمه.
وقد اغلق الأردن حدوده في خطوة غير مسبوقة في وجه اللاجئين منعا لدخولهم ورافضا لاستقبالهم، وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الاثنين الماضي، كما أشار اليه مدير الدائرة الإعلامية في مديرية الأمن العام بشير الدعجة في تصريح له عبر راديو عمان نت قائلا ان الاردن قام بإغلاق الحدود مع العراق منذ مساء الأحد الماضي وذلك بسبب الأعداد الكبيرة من المسافرين الفلسطينيين إلي الأردن الذين لا يحملون جوازات سفر أو وثائق سارية المفعول رسمية تخولهم من دخول الأراضي الأردنية، مضيفا: قمنا بإغلاق الحدود لغايات تنظيمية وحتي لنتأكد بأن جميع الداخلين للأراضي الأردنية يحملون جوازات سفر ووثائق سارية المفعول .
وفيما علت أصوات صرخات الأطفال البالغ عددهم 35 طفلا اضافة الي 19 امرأة و14 شابا سمعتها شملتهم 16 عائلة ، لم يستطع المواطن ايهاب تيم 30 عاما العالق مع زوجته وطفله ايضا، اخفاء حالة الهلع وخوف الشديد التي انتابت العائلات بعد تهديدها بالعودة، مشيرا الي ان الأطفال قد أصيبوا بحالة من الذعر والتعب والإرهاق وتدهور في الحالة النفسية لهم بسبب الظروف السيئة المحيطة بهم وانعدام الخدمات او مصادر الغذاء والماء، حيث اقتتات العائلات علي ما وفرته قبل رحيلها من العراق الي الحدود وقد بدأت مدخراتهم بالنفاد، مؤكدا في الوقت ذاته ان جميع الخارجين قد أتموا إجراءات السفر حسب الأصول المعمول بها، وتم ختمها جميعها من وزارة الداخلية العراقية، لافتا الي ان هناك نحو اربعة افراد يحملون جوازات سفر السلطة الوطنية الفلسطينية والبعض يحمل وثائق سفر مصرية وعراقية إضافة الي السيدات الأردنيات الست حملة جوازات السفر الأردنية.
في السياق ذاته أوضح عدنان عصفور وهو فلسطيني عايش وضعا مماثلا ويترأس لجنة تتابع الموضوع ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد زارت الموقع وتأكدت من قائمة الأسماء للعائلات دون اتخاذ اية إجراءات تذكر، مضيفا ان من مهمتها مخاطبة الجهات المعنية بالحالات الموجودة لايجاد حل سريع لها، وذكر ان هذه المجموعة هي الدفعة الأولي من بين 800 فلسطيني آخر سجلوا فيما سبق مع إحدي شركات النقل للخروج من العراق.
يذكر ان عدد الذين قتلوا من الفلسطينيين أو وجدوا مقتولين بعد اختطافهم ومنذ احداث سامراء بلغ 16 شخصا... وان العديد من العوائل هجرت المجمع خوفا علي حين قدمت اليه أعداد أخري هربا مما لاقوه في المناطق التي كانوا يسكنون فيها . وعلي اثر هذه الاحداث حاولت خمسين عائلة وقبل ايام معدودة مغادرة العراق وبشكل جماعي الي الاردن لكن السلطات الاردنية رفضت استقبالهم باعتبار ان مشكلتهم هي مشكلة الفلسطينيين اللاجئين في العراق وان حل هذه المشكلة يجب ان يتم من خلال الهيئات الدولية وسلطات البلدين. ومازالت هذه العوائل محشورة الان علي الحدود بين البلدين بانتظار الحل، وهجرتهم هي انعكاس لما وصلت اليه الامور لفلسطينيي العراق .
في سياق ذلك، لم تستجيب حتي مساء أمس أي من الجهات المسؤولة لطلبات ونداءات الاستغاثة التي أطلقتها المجموعة، بما في ذلك انعدام الاتصالات مع أي من الأطراف المعنية سواء من جهة السلطة الوطنية الفلسطينية او من الدولة الأردنية أو من الحكومة العراقية للتدخل أو الأمم المتحدة.
وهو ما أكده في حديث خاص عدنان عصفور المقيم في عمان، مسؤول مخيم الرويشد والمسؤول حاليا عن تلك العائلات، موضحا لـ لقدس العربي بالقول انه حاول الاتصال مرارا خلال الأيام الماضية بعدد من المسؤولين دون جدوي أو تلقي أي جواب، بمن في ذلك المسؤولون في السلطة الفلسطينية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مقرها بعمان وكذلك اللجان الإنسانية بمن فيهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، إضافة الي غياب وسائل الإعلام العربية والعالمية عن موقع الحدث بسبب منع السلطات الأردنية دخولها الي المنطقة وفقا لعصفور.
ويرفض الأردن دخول اللاجئين منعا لفتح الباب أمام هجرات متتالية سواء للاجئين الفلسطينيين أو الأكراد والذي يقيم ما يقارب 198 كرديا في مخيم العازلة والذي لا تعترف به المفوضية في حين تم نقل 150 لاجئا فلسطينيا إلي مخيم الرويشد .