سمير أبو الهيجاء – لارنكا
التقينا اللاجئة الفلسطينية من بلاد الرافدين حمامة محمد عبد القادر 36 عاما ام لثلاثة اولاد، وتسكن مع زوجها محمد ابو قطيش وابنائها في لارنكا في جزيرة قبرص، وكان لهذا اللقاء وقع خاص في نفوسنا حيث روت ام احمد قصة تهجيرها وزوجها وعائلتها من بلاد الرافدين الى عدة بلدان حتى وصل بهم الامر الى قبرص حيث يسكنون اليوم بامان لكن دون ان يكون لهم حق بالعمل.
تقول ام احمد وهي تذرف الدموع كنا حتى عام 2006 نعيش في منطقة السلايمية في البلديات في العاصمة العراقية وذات يوم سمعنا في الحي ان الامريكان قادمون الينا مع قوات بدر وجيش المهدي الشيعي فكان على الشباب ان يهربوا ومنهم زوجي محمد وكان ذلك الساعة الواحدة ليلا وكنت احضر نفسي لاخلد للنوم، وبينما اهم زوجي بالهروب عاد وطلب ان اخفي الحاسوب لانهم قد يسرقوه وكان من عادة الجنود الامريكان سرقة ونهب كل ما تقع عليه ايديهم وخاصة الاموال والاجهزة الاكترونية, وكان اولادي نائمين وكان في بيتنا كمية كبيرة من النقود التي حضرها زوجي ليدفع رواتب العمال الذين يعملون في مصنع للاوراق كنا نملكه وما هي الا لحظات حتى سمعت ضجيجا فدخلت الى الغرفة مع اولادي وكنا نرجف واذا بقنبلة صوتية تلقى في البيت فارتعبنا واصبت بيدي وما لبث الجنود ان قاموا بخلع الباب والدخول الى الغرفة وهم يبحثون عن زوجي ثم قلبوا البيت رأسا على عقب فوجدوا النقود فسرقوها وعاثوا في البيت فسادا, وعند الانتهاء احضروا شرشفا واخذوا يمزقونه على شكل احزمة ارادوا ان يقيدونا بها فخشينا ان يكون ذلك مقدمة للاعتداء الجسدي علينا ولكن الله قدر ولطف.
وتضيف ام احمد شاهدت شقيق زوجي مكبل وملقى على الارض فجروه معهم واخرجوه من الغرفة وعندها توجه الي احد افراد الشيعة, وكنا نميزهم من غيرهم, نظر الي وقال وهو يهددني اياك ان تخرجي ساعود اليك.
وتضيف أم احمد قائلة في هذه الاثناء كانوا قد كبلوا عمي والد زوجي الشيخ صبحي ابو قطيش ورموه على وجهه, اما زوجي فهرب الى جهة لا اعرفها لكنه اتصل بي هاتفيا في ذات الليلة واطمأن علينا وطمأننا وابلغني انه بخير وبقي على اتصال معنا في الايام التي تلت ذلك الى ان طلب ذات يوم ان احضر امتعتنا للهرب فهربنا الى حي القاهرة في بغداد حيث بيت شقيقي وهناك كنا نختبئ في بيوت متفرقة وبقي هذا حالنا الى أمد ثم هربنا الى عمان وكانت السفرة ميسرة الا انهم لم ياذنوا لنا على الحدود بسبب ان احد ابنائي كان مسجلا في جواز السفر انه فلسطيني ثم اصيب احد ابنائي بذبحة صدرية وكان يجب ان يتلقى علاجا مستعجلا فتم ادخالنا الى الاردن بعد ان مكثنا مدة اسبوعين في خيمة.
وبعدة معاناة شديدة دخلنا الى الاردن وبقينا فيها فترة بسيطة وبعدها عدنا الى العراق أملا منا في استمرار حياتنا وحيث كانت كل املاكنا وسكنا بغداد في منطقة لا يعرف عنواننا احد الا الاقارب ومرت ستة اشهر على اصعب ما يكون حيث لم نعد نـأمن على حياتنا وأولادنا بل ولم نعد نستطيع أن نوفر لقمة العيش فقررنا المغادرة وبشكل نهائي فجئنا الى قبرص بطريق غير مباشرة وبطرق التهريب والخفاء وطالبنا باللجوء ونحن نعيش اليوم بمساعدة الحكومة القبرصية لكن دون أي تحديد لوضعيتنا أو أي اشارة لمستقبلنا فنحن معلقين لم تمنح لنا الموافقة باللجوء ولا نحن نستطيع السفر الى أي مكان حيث لا نملك أي وثائق, وحياتنا هنا عبارة عن سؤال يومي ماذا سيكون حالنا غدا وهل سنبقى ام سيتم طردنا ولا جواب ولا اشارة ولا افق او بادرة امل نعيش في بلد لا نفقه لغته ولا يسمح لنا ان نعمل واولادنا يعانون من مشاكل التعليم والمشاكل اكثر من ان نحصيها.
وتضيف ام احمد تمنيت على الله ان يحرق الفلسطينيين في ديارهم في بغداد وان لا يصلوا الى هذه الدرجة من الاذلال, ثم بكت ام أحمد وهي لا تقصد طبعا أي اذى للفلسطينيين ولكنها زفرة خرجت من صدرها, ثم اضافت كنا نسمى "لاجئين" في العراق واليوم بتنا "طالبي لجوء" وبات هذا اللقب الذي ورثناه ابا عن جد والذي كنا سابقا نحاول ان نتخلص منه هو جل ما نطمح بالحصول عليه.
يذكر ان ام احمد من مواليد بغداد من ام ولدت في طريق الهجرة عام 1948 من قرية اجزم قضاء حيفا .
26/10/2008