لاجئ فلسطيني يواجه الموت في اندونيسيا

بواسطة قراءة 2664
لاجئ فلسطيني يواجه الموت في اندونيسيا
لاجئ فلسطيني يواجه الموت في اندونيسيا

الرحله في كانون الثاني من عام 2012، غادر طارق عودة (39 عاماً) دمشق باتجاه تايلند، 'التي كانت البلد الوحيد الذي يسمح للفلسطيني السوري بالدخول إليه ويمنحه تأشيرة الدخول. كنت أنوي الذهاب إلى أميركا. في تايلند عملت في مهن عدة كي أرسل المال لزوجتي وطفلتي اللتين غادرتا إلى العراق، وكذلك لآبي ولأمي في سوريا. قدمت طلب الهجرة للسفارة الأميركية، وانتظرت الرد بعد مقابلتين أجريتهما في السفارة'. ثلاث سنوات انتظر طارق الرد على طلبه، ووصلته رسالة من أميركا تطلب منه الانتظار، ليأتيه بعد ذلك الجواب بالرفض. كان قد سجل طلبه في المفوضية الدولية للاجئين التي يرى اليوم أنها أضاعت من عمره ثلاث سنوات من الانتظار، ثم أهملته تماماً.

حين رُفض طلب طارق بالهجرة إلى أميركا، قرر أن يسلك الطريقة غير الشرعية للوصول إلى هدفه. 'تعرفت على مهرب يعمل في نقل البشر، مقابل 6 آلاف دولار، أصدر لي جواز سفر بلغاري يحمل ذات اسمي. في مطار بانكوك كانت السلطات الأمنية على وشك إلقاء القبض علي بعد أن اكتشفت أمر أوراقي المزورة. هربت من المطار وصرت مطلوباً للعدالة'. اكتمل حظ طارق العاثر في الفترة التي بات فيها مطلوبا للسلطات بعد محاولة سفره الفاشلة، وعاش متخفياً وبعيداً عن الحي العربي، وما لبث أن فقد جواز سفره السوري حين تعرض للتلف الكامل بالماء، وحينها قرر طارق من جديد أن يعاود الكرة وهذه المرة بجواز سفر ايطالي ليصل به إلى لندن.

استدان طارق من كل معارفه في العالم مبلغ سبعة آلاف دولار كي يعطيها للمهرب الجديد. تسأله، ألم تسلك أنت بنفسك طريقاً خطراً؟ ألم تكن تملك خياراً؟ ويقول طارق: 'لا. لم يكن أمامي إلا الاستمرار في رحلتي التي بدأتها. لم يكن من حل لي إلا الوصول بأي طريقة وبأي ثمن إلى أي بلد'.

جواً، وبالأوراق المزورة غادر طارق تايلند عبر كمبوديا ثم اندونيسيا في رحلة كان من المفترض أن توصله إلى لندن، وحط في سيرلانكا، التي كان من المفترض أن يبقى فيها لتسع ساعات فقط، لكن أمره كُشف في مطارها وأعيد إلى اندونيسيا. 'ألقي القبض علي في جاكرتا وأودعت لسبعة أيام في سجن المطار. اتصلت بمفوضية اللاجئين التي نقلتني إلى السجن الحالي وتركتني هنا'.

السفير وصل : بعد أيام من سجنه في جاكرتا، استقبل طارق زيارة من السفير الفلسطيني في جاكرتا فريز مهداوي. 'عرف السفير قصتي من وسائل التواصل الاجتماعي، وقال لي صحيح أنه لا يستطيع أن يعيدني لفلسطين، لكن من الواجب مساعدتي للوصل إلى بلد آمن في العالم. وعدني السفير باستصدار جواز سفر فلسطيني لي، سيساعدني على التوجه إلى تركيا بعد أن يساعدني أيضاً في الحصول على تأشيرة دخول إليها'. كان هذا اللقاء في نهاية شهر آذار الماضي ولم يصدر الجواز بعد.

منذ أيام قليلة عرف طارق عن طريق عائلته التي قابلت السفير الفلسطيني في دمشق أنور عبد الهادي، أن الأوراق الخاصة بجواز سفره الجديد وصلت متأخرة جداً إلى وزارة الخارجية في رام الله، فيما نقلت له الناشطة السياسية فاطمة جابر أن أوراقه وصلت رام الله في السابع من هذا الشهر.

الإضراب : في السجن، يقول طارق إنه يتعامل مع مجرمين يحكمهم قانون غريب عنه. 'حتى الماء هناك من يتحكم به، مواعيد الدخول إلى الحمام ليست كمشيئتي، بل بإذن من سجين ذي سطوة على الجميع. كل ما حدث حتى اليوم يترك بي آثاراً نفسية تحولت لأمراض جديدة تنتشر في جسمي كله'. يخشى طارق أن يمتد البهاق المنتشر في جسده حتى وجهه، فيما أجريت له ست عمليات جراحية في الكولون نتيجة الطعام السيئ الذي يُجبر على تناوله، وفيما تقدم وجبات خاصة بسجناء الهجرة في ذات السجن، ترفض المنظمة المسؤولة عن ذلك احتسابه بين مستحقي الطعام الخاص.

يعاني طارق من التهاب المفاصل والقرحة المعدية وحساسية جلدية يقول إنها جميعاً نتجت عن حالته النفسية السيئة. 'أنا سجين بلا أي تهمة. أدفع الرشوة كي أحصل على أبسط الحقوق. صرفت أكثر من 650 دولار في ثلاثة أشهر وليس منها أي فلس من أجل الطعام. حتى الدواء الذي يوزع مجاناً على السجناء. دفعت ثمنه بنفسي'. منذ أيام، في 6 حزيران، بدأ طارق إضرابا مفتوحاً عن الطعام علّ أي جهة مسؤولة تنتبه لوضعه وتقدم له المساعدة.

شعر أبيض : كل ما يحلم به طارق اليوم هو ما يسميه حريته حتى لو كان هذا يعني أن يكون 'مشرداً في أي مكان في العالم'. ويصف حاله اليوم بأنه موت يومي في السجن، فيما يستمر قلقه على ابنته وزوجته في العراق، وينتظر حصوله على جواز السفر. وفيما لا يجد بلدا يستقبله حتى الآن، لا يفكر بالعودة لسوريا لأن 'أبنائها الذين أنا منهم يتركونها' ثم أن مفوضية اللاجئين رفضت فكرة إعادته لسوريا لأنها تصنف بالبلد غير الآمن.

يناشد طارق كل شريف لتخليصه مما هو فيه. آخر من ناشدهم هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويراقب طارق شعره الذي تحول لونه إلى الأبيض ولم يكن كذلك حين غادر مخيمه في سوريا. كان يتابع عمله كموسيقي ابن عائلة موسيقية، لحّن كثيراً لفلسطين والوطن وحلم العودة حين كان لاجئاً فقط، وليس لاجئاً وأسيراً يؤلمه 'فقدان الحرية'.