فلسطين تبحث في العراق عن بديل الوقود "الإسرائيلي"
وطوال الأعوام الماضية كانت السلطة الفلسطينية تلوح بفك
ارتباطها الاقتصادي عن الاحتلال، إلى أن جاء قرار الحكومة "الإسرائيلية"
باقتطاع عشرات الملايين من أموال السلطة فكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
وبالفعل بدأت السلطة الفلسطينية خطوات للتعاون
الاقتصادي مع الدول العربية المجاورة، على حساب العلاقة الاقتصادية مع "إسرائيل".
ولكن المراقبين يرون أن فك الاترتباط الفعلي عن
الاقتصاد "الإسرائيلي" يتطلب خطة مدروسة، تأخذ طابع الاستراتيجية التي
تبتعد عن الخطوات الانفعالية التكتيكية قصيرة المدى.
وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها فإن معطيات مكتب
الإحصاء الفلسطيني تشير إلى أن الصادرات الفلسطينية لـ"إسرائيل" شكلت في
شهر أبريل/نيسان الماضي 87% من القيمة الإجمالية.
وفي المقابل، فإن الواردات من "إسرائيل" شكلت
58% من القيمة الإجمالية لشهر أبريل/نيسان من عام 2019.
وتشير التقديرات الفلسطينية إلى أن قيمة الواردات
الفلسطينية من "إسرائيل" تزيد قليلا على 3 مليارات دولار سنويا، فيما
تصل صادراتها للاحتلال إلى نحو 800 مليون دولار سنويا.
ومنذ فبراير/شباط 2019، ترفض الحكومة الفلسطينية تسلم
أموال "الضرائب" (المقاصة) من "إسرائيل" بسبب قيام الأخيرة
باقتطاع جزء منها، يمثل رواتب الأسرى وذوي "الشهداء".
وأموال المقاصة هي قيمة "الضرائب" الفلسطينية
على السلع الأجنبية الوافدة، وتقوم "إسرائيل" بجبايتها شهريا، وتحولها
نهاية كل شهر لوزارة المالية الفلسطينية.
وتبلغ قيمة هذه الأموال 200 مليون دولار كل شهر، وتعد
المصدر الأول لفاتورة رواتب الموظفين العموميين، حيث تمثل 70% من إيراداتها
المحلية.
ومع التوجهات الفلسطينية الجديدة، بدأ رئيس الوزراء
الدكتور محمد اشتية، خلال الأيام الماضية، حراكا واسعا باتجاه الدول العربية
لإيجاد أسواق تشكل بديلا لـ"إسرائيل".
ويطرح اشتية استراتيجية الحكومة في الانفكاك التدريجي
عن الاحتلال، وتحقيق التنمية من خلال تعزيز المنتج الوطني والاستثمار في الإنسان.
وبدأت حكومة اشتية بوقف التحويلات الطبية إلى
المستشفيات "الإسرائيلية" واستبدلتها بنظيرتها في الأردن.
فيما يجري البحث في الاعتماد على ميناء العقبة في
عمليات استيراد البضائع من مختلف دول العالم، والاستغناء عن ميناء أسدود الذي
تديره سلطات الاحتلال.
وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز قال، في تصريحات
سابقة، إن بلاده تطمح إلى رفع التبادل التجاري مع فلسطين إلى 500 مليون دولار،
فيما وصل التبادل التجاري بين البلدين في عام 2017 إلى 266 مليون دولار فقط.
وخلال زيارته للعراق، أعلن اشتية عن محاولات فلسطينية
لاستيراد النفط العراقي وتكريره في إحدى الدول العربية، لافتا إلى الاتفاق على
تأسيس شركات مشتركة بين القطاعين الخاص والعام من البلدين.
وقال إبراهيم ملحم المتحدث بلسان الحكومة الفلسطينية،
لـ"العين الإخبارية"، إن هذه خطوات جدية بتوجيهات عليا من الرئيس محمود
عباس لبدء الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، على خلفية الاقتطاع الجائر من أموال
المقاصة ومخصصات الصحة.
ويسمح بروتوكول باريس الاقتصادي للسلطة الفلسطينية
بتنويع استيرادها، ما دفعها لإجراء اتفاقات مع الأردن وتفاهمات في العراق لتوسيع
مجالات الاستيراد والتصدير في الزراعة والصناعة وغيرهما، ومن المرجح أن تتوسع
لتشمل دولا عربية أخرى، حسب ملحم.
ولعل هذه الخطوات تحمل أكثر من رسالة، أساسها أن الرقم
الفلسطيني ليس سهلا رغم كل ما يحدث، وأن الحاضنة العربية، التي راهن البعض أن تعمل
ضد الفلسطينيين، تستقبلهم بكل دفء، وفقا للمتحدث بإسم الحكومة الفلسطينية.
وتابع ملحم "بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود
صار من الواجب أن تقوم السلطة الفلسطينية باتخاذ خطوات لتكريس حالة الدولة بعلاقات
عربية وإقليمية للانفكاك من الاحتلال".
وأشار إلى أن الخطوة تهدف كذلك لتوجيه رسائل إلى كل من
يضغط على السلطة الفلسطينية، بأن الحالة العربية دافئة وتستطيع أن تقدم البدائل في
المجالات كافة.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أنه
"إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية لدى السلطة فإنه من الممكن تحقيق الانفكاك
الاقتصادي عن "إسرائيل"، وإن كان ذلك يتطلب وقتا ولن يكون سهلا".
وقال المصري لـ"العين الإخبارية": "على
سبيل المثال فإن بروتوكول باريس الاقتصادي لا يلزم السلطة الفلسطينية باستيراد
الوقود من "إسرائيل"، والأمر ذاته ينطبق على المنتجات الأخرى".
وأضاف "لا بد أن تكون هناك خطة استراتيجية تقوم
أيضاً على تشجيع الإنتاج المحلي، والتحول أكثر إلى الزراعة والصناعة والاستعداد
لخوض معركة صعبة وطويلة باتجاه تحقيق الانفكاك الاقتصادي الكامل عن "إسرائيل"،
لأن كل هذه الخطوات ليست معزولة".
كما أشار أيضاً إلى أن "إسرائيل" والعديد من
شركات الاحتلال ستسعى جاهدة لمنع أي خطوات جذرية باتجاه فك العلاقة الاقتصادية.
واختتم المصري حديثه، قائلا: "مطلوب خطوات حقيقية
متكاملة وليست جزئية وتكتيكية".
اللاجئون الفلسطينيون بلبنان
وعاد موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الواجهة
الأسبوع الماضي، بعد قرار من وزير العمل اللبناني كميل أبوسليمان يفرض معاملتهم
معاملة مماثلة للعمالة الأجنبية.
وأثار القرار ردود فعل فلسطينية غاضبة دفعت الرئيس
محمود عباس لعقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ لبحث القرار
وفيه تقرر إيفاد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة
"فتح" عزام الأحمد إلى لبنان لإثارة القضية مع المسؤولين هناك.
عباس: هناك قضايا تستدعي الحوار مع لبنان ونرفض التصعيد
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير الفلسطينية، لـ"العين الإخبارية": "نحن نعتبر أن اللاجئين
الفلسطينيين ضيوف على الدولة اللبنانية لحين عودتهم إلى ديارهم ووطنهم، وعليه فإن
قرار وزير العمل اللبناني التعامل معهم كعمالة أجنبية وغرباء لاقى ردود فعل سلبية
من الفلسطينيين ".
وكان الأحمد أثار الأمر مع المسؤولين اللبنانيين قبل أن
يعلن وزير العمل اللبناني "لقد أعطيت تعليماتي لتسريع إعطاء إجازات العمل للفلسطينيين".
وذكر أبويوسف: "زيارة عزام الأحمد إلى لبنان
ولقاءاته أعادت الأمور إلى مسارها وتم التراجع عن القرار، فالوجود الفلسطيني وجود
مؤقت ولا ينطبق عليهم وصف الغرباء".
وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ"العين الإخبارية"
إن الرئيس عباس تعمد سرعة حل هذا الملف للتأكيد مجددا على عدم التدخل الفلسطيني في
الخلافات السياسية الموجودة في لبنان، مشددا على "أننا نتواجد في بيروت كضيوف
وتحت القانون اللبناني ولا نتدخل في الخلافات السياسية".
وكان الإحصاء المركزي اللبناني أعلن أن عدد اللاجئين
الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات بلغ 174.422 فردا خلال عام 2017 يعيشون في 12
مخيما و156 تجمعا فلسطينيا في المحافظات الخمس في لبنان.
مخاوف من الهدم بالقدس
وفي مدينة القدس المحتلة برزت مخاوف من إقدام سلطات
الاحتلال "الإسرائيلي" على هدم عشرات المنازل في وادي الحمد ببلدة
صورباهر بعد انتهاء مهلة "إسرائيلية" لهدم المنازل ذاتيا.
وفي الثامن عشر من يونيو/حزيران، أرسلت سلطات الاحتلال
"إخطاراً بنية الهدم" إلى السكان منحتهم بموجبه مهلة تصل إلى 30 يوماً
وتنقضي اليوم الخميس.
تهجير مئات الفلسطينيين قسريا من القدس .. والأمم
المتحدة تحذر
ويطول القرار 10 بنايات مأهولة أو قيد الإنشاء، تتألف
من 70 شقة، وتنفيذه يلحق أضراراً بأكثر من 350 شخصاً.
وأبلغ وزير شؤون القدس فادي الهدمي "العين
الإخبارية" بأن هناك تسارعا كبيرا في عمليات الهدم والتهديد به والمصادرة
بالتزامن مع زيادة رخص البناء الممنوحة للمستوطنين على الأراضي الفلسطينية.
وحذر الهدمي من تصاعد هذه الإجراءات "الإسرائيلية"
مع قرب الانتخابات العامة المقررة في السابع عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل.
وكانت دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دعت "إسرائيل"
للتراجع عن قرارها.
المصدر : العين الإخبارية
16/11/1440
19/7/2019