ظاهرة التفرقة في المدارس تحد من طموح الأطفال والشبيبة من ذوي خلفيات أجنبية

بواسطة قراءة 4318
ظاهرة التفرقة في المدارس تحد من طموح الأطفال والشبيبة من ذوي خلفيات أجنبية
ظاهرة التفرقة في المدارس تحد من طموح الأطفال والشبيبة من ذوي خلفيات أجنبية

الإثنولوجي ريني ليون روساليس باحث في علم الثقافات المقارن، قال " ان مسألة التفرقة في المدارس أصبحت كقاعدة بسبب مقارنة مستويات الطلبة، فغالبا ما يتم الحديث عن كون الطلبة من خلفية سويدية يقدمون أداء جيدا في المدارس، مقابل أداء متدني بين صفوف الطلبة من خلفيات أجنبية، وهذه هي الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام في كل مناسبة".

الأسر المثقفة والتي تتوفر على مناصب عمل جيدة، غالبا ما يكون أبنائهم متفوقين في الدراسة، بغض النظر عن خلفية أطفالهم. ويعتقد ليون مورالس أن الشريحة التي ينتمي إليها التلميذ تلعب دورا في مهما في حياة الطفل الدراسية، ومستوى الوالدين الدراسي، أو موقعهم في سوق العمل يذوب الفوارق بين أداء الأطفال في المدرسة ويكون على نفس المستوى، بغض النظر عن خلفية الوالدين.

مورالس قام على مدار سنوات طوليلة بمراقبة بعض تلاميذ المدارس في بلدية بوتشيركا، أغلبهم من المولودين في السويد من خلفيات أجنبية. ومن خلال مجاورته لهؤلاء الأطفال تبينت سلبية كبيرة بين صفوفهم فيما يتعلق بالمستقبل. وأتاي 12 سنة أحد هؤلاء الأطفال الذين قام بمقابلتهم موراليس حيث دار بينهم الحوار التالي "سأل موراليس أتاي عن العمل الذي يتمنى أن يقوم به في المستقبل، فرد أتاي أريد أن أكون ربان طائرة، لكن لن أستطيع أبدا تحقيق ذلك. لماذا؟ فقط يجب أن تهتم بدراستك وستحقق ذلك. هل لديك مخططات أخرى؟ نعم أعمل في محل بيتزا. يقول الطفل أتاي في حوار له مع موراليس". 

ليون موراليس حاور العديد من الأطفال من خلفيات أجنبية في سن الثانية عشرة، ومعظمهم يتحدث عن العمل في إحدى محلات البيزا. وحسب موراليس فالأمر لا يقتصر على هذا الأمر، لأن شرائح المجتمع أيضا لديها حكم مسبق عن ذوي الخلفيات الأجنبية وأنهم يصلحون كعمال نظافة وفي محلات البيتزا أو سائقي سيارات الأجرة الصغيرة.

يقول موراليس " لقد طرحت هذا السؤال عدة مرات من أوميو إلى مالمو، ومن يوتيبروي إلى ستوكهولم على الأخصائيين الإجتماعيين وعلى المدرسين وعلى السياسيين وعلى العاملين في المكتبات. وكل هؤلاء تحدثوا عن تلك المهن الثلاث في وقت لا يتعدى 10 ثوان. الكل يعرف وضعية المجتمع السويدي، بما في ذلك الأطفال الذي يتعلمون ذلك في سن مبكرة، ويتعلمون أن وضعيتهم في المجتمع تشكل عائقا لإختيار المهن التي يحلمون بها".

من المشاكل الأخرى التي تطرق إليها الإثنولوجي ريني ليون موراليس، هي اللكنة التي تميز الأطفال من الخلفيات الأجنبية، وخصوصا الأطفال الذين يعيشون في المدن الضواحي رغم ولادتهم في السويد. ويعتقد العديد من الأطفال أنها تشكل حاجزا أمام إستمرارهم في تحصيل العلم أو الحصول على وظائف جيدة. البحث الذي يقوم به موراليس شمل العديد من الأطفال، وكان له حور مع الطفل حسن الذي سينتقل إلى مدرسة كبيرة السنة المقبل، ويعتقد أن ذلك يسكون جيدا، لكنه متخوف من اللكنة التي تتميز بها منطقة شاربو، ويعتقد أن لغته تختلف بكثير عن لغة الأطفال السويديين، ولن يتخلص منها أبدا. فيما يعتقد غابريال أن لغته تختلف عن الآخرين، ولذلك هم يفهمون أكثر منه، ويتفوقون في الإمتحانات لأن لغتهم الأكاديمية تساعدهم في ذلك، على حد تعبيره

ويعتقد موراليس أن قانون حرية إختيار المدارس وتغييرها، يعتبرعاملا سلبيا في تزايد حدة التفرقة العنصرية في المدارس، وذلك وفقا للدراسات التي أعدها الباحثون في حرية تغيير وإختيار المدارس على مدار 10و 15 سنة الأخيرة، حيث تبين بالفعل أن ذلك يشكل خطرا حقيقيا على المدارس التي يتواجد فيها أطفال من خلفيات أجنبية. حيث يعمل الآباء السويدين على تغيير أبنائهم من تلك المدارس، وبالتالي فالمدرسة كلما فقدت عددا من الطلبة تقل أيضا مواردها، ويقل الأداء والعمال بسبب قلة الموارد.

ويرى ليون موراليس أن ذلك يؤثر بشكل كبير على الأطفال الذين يفقدون في غالب الأحيان أصدقائهم بسبب تغيير المدرسة، لأن الآباء والأمهات من خلفية سويدية يقومون بتغيير أبنائهم من المدارس الممتلئة بالأطفال من خلفيات أجنبية، لكن تلك القرارات ليس لها أي أساس علمي أو منهجي، على حد تعبير ليون موراليس. ويعتقد أن عدد قليل من هؤلاء يقدمون على تغيير أطفالهم من مدرسة لأخرى بسبب المنهجية وطرق التدريس المتبعة في تلك المدارس المتطورة بسبب حداثتها. أما الأغلبية فهي تقوم بتغيير أطفالها لمدارس أخرى فقط لأن أغلبية التلاميذ هناك هم من السويديين.

إقدام العائلات السويدية على تغيير أبنائهم من بعض المدارس بسبب وجود عدد كبير من الأطفال من ذوي الخلفيات الأجنبية، يعتبر في حد ذاته إجراء سلبيا، وربما تتسع دائرة التفرقة وتصبح عنصرية عرقية أكثر مما هي تفرقة. وذلك وفق لما صرح به إحسان كيليسغولو مسؤول عن إحدى المشاريع المتعلقة الأطفال والشبيبة في ستوكهولم. 

ويرى كيليسغولو أن عدم الإستفادة بشكل جيد من الميزانيات المخصصة للعديد من القضايا في هذا المجال، يساهم بشكل أو آخر في إرتفاع العنصرية في السويد. وأضاف بالقول " نقرأ فقط بعض العناوين أن هذا المبلغ مخصص لهذا المجال وملايين أخرى لهذا المجال. لكن دون دراسة المشكل في العمق والعمل على معرفة الجهة التي صرفت فيها تلك الأموال".

وللقضاء على التفرقة العنصرية في المدارس خصوصا في المناطق الآهلة بالسكان الأجانب، ومساعدة الأطفال من المدن الضواحي على تجاوز مثل هذه العقبات، أقدم مجموعة من الشباب سنة 2008 في منطقة هوسبي، على تأسيس منظمة أطلق عليها إسم "ميغافونن لتحقيق العدالة الإجتماعية"، للعمل إلى جانب الأطفال والشبيبة.

بسار غيريتسي أحد الشباب المتطويعن في ميغافونن في منطقة هوسبي، مر من نفس تجربة الأطفال من خلفيات أجنبية، ولخص عمل الجمعية بالقول " نحن نحاول أن نتغلب على تلك العقلية المتواجدة في المدن الضواحي، حيث يعتقد معظم الأطفال أن الوضع في المدن الضواحي سيء وسيظل هكذا. لكن في واقع الأمر لم تكن الوضعية على ما هي عليه الآن ولن يستمر هذا الوضع إلى الأبد. ما يجب فعله هو البحث عن مشوار دراسي وعلمي جيد باللغة التي أتوفر عليها، ويجب ان لا تشكل اللكنة في اللغة السويدية عائقا أمامنا".


سينا أيضا من الشباب الناشطين في ميغافونين، قال أن والديه يشتغلان ربما في قطاع الخدمات المنزلية، لكن هذا الأمر لا يجب أن يتكرر معه وهو يحاول من خلال نشاطه أن يمرر هذا الخطاب لأطفال المدارس في منطقة فالينغبي.

ولتحسين أنشطة المنظمة والعمل على نطاق واسع قال بسار غيريتسي أن الوقت قد حان لتطبيق المخططات والكلام على أرض الواقع، ولأن السياسية لها دور كبير في التأثير في كل القضايا يجب علينا أن نجتهد أكثر للإنخراط في العمل السياسي، للوصول إلى عمق المشكل، لأن منظمة ميغافونن ليست لديها دراية كبيرة بالحقل السياسي في قضايا المدارس إلى حدود الآن".

 

المصدر : راديو السويد باللغة العربية – أرابيسكا

29/11/2012